*أساطير صغيرة
منصور الصُويّم
المصنفات الأدبية و"جمجتان" لمنجد باخوس
فوجئت الأوساط الأدبية خلال الأسبوع المنصرم بخبر أورده الشاعر والروائي الشاب منجد باخوس، يفيد فيه أن لجنة المصنفات الأدبية، عارضت نشر روايته الأولى "جمجتان تطفئان الشمس"، وهي الرواية التي بشر بها عدد من الكتاب والنقاد ممن قرأوا مسودتها، بأنها ستمثل إضافة كبيرة للسرد الروائي السوداني لما امتازت به من حيوية فنية وجمالية أسلوب وشعرية لغة أضفت على موضوعها (الحرب وويلاتها) بعدا أسطوريا ساحرا. ومثلما توقع كل من قرأها أعلن باخوس عن تعاقده مع دار نشر من (جنوب السودان) وافقت على نشرها، وأنه فقط بانتظار موافقة الجهات المعنية (المصنفات الأدبية – السودان)، حتى يتم الشروع في طباعة وتوزيع الرواية داخل السودان وخارجه؛ وهذا ما لم يحدث بالطبع.
من الواضح أن دور المصنفات الأدبية، هو دور إجرائي يتكون من شقين؛ الشق الأول يتعلق بذائقة نقدية مهمتها قراءة الأعمال المقدمة وتقيمها فنيا وأدبيا وفقا للمعايير النقدية المتعارف عليها بحسب الجنس الأدبي المتناول (اللجان)، أما الشق الثاني فهو إداري – نظامي يتعلق بمنح رقم الإيداع والسماح بطباعة ونشر وتداول العمل داخل السودان؛ والشقان بالطبع متلازمان ويكمل كل منهما الآخر، إذْ لا يمكن لأي (مصنف أدبي) تم تقديمه للإجازة في المصنفات أن يعبر دون قبول (اللجنة) التي بدورها تمرره للجهة الإدارية التي تمنح الموافقة بالنشر.. لكن ما هي اللجنة، ومن هم أعضاؤها؟ وما هي الآليات التي يستندون عليها في مراجعتهم للنصوص المقدمة؟ وهل هناك (موجهات) خارج السياق الأدبي (تحكمهم) أم أن الحكم النهائي يعود للأدبي والنقدي وحده؟
لنرى نموذجاً من التقرير الذي أرفق مع خطاب المنع بخصوص رواية " جمجتان تطفئان الشمس" للروائي الشاب منجد باخوس، يقول التقرير: "هذا الكاتب استثنائي! يملك قلما مضيئا، ويتدفق فوق السطور حروفا مشتعلة، موضوع الرواية برمته حافل.. حافل..حافل.. واللغة تعبر عن مكنونات كاتبها.. وفوق ذلك الأهداف موصولة، ولا أشك مطلقا أن الكاتب سبر غور الحقائق. واستفاد كثيرا من مكنوناته. منجد باخوس كان حالما.. وأحيانا واهما وأحيانا يدري حقيقة ما يفعل إلا أن بعض المواطن جرفته.. ولم يجد بدا من الانحناء لها.. ففعل. أتوقف لأقول قولتي الأخيرة: مواقف تمنعنا من الإجازة" بتاريخ 24/2/2015. ما هذا؟! أي تناقض وارتباك وضعف موقف هذا، فالتقرير يشيد بالرواية وكاتبها ويحدثنا عن عمل متفرد، وفي ذات الوقت يعتذر عن نشر الرواية لأسباب يبدو أنها (خارج الأدبي) ولا تمت بصلة للذائقة النقدية.
ما هي مشكلة (المصنفات الأدبية) مع النصوص الأدبية؟
لأي غاية شُكلت لجان هذه المصنفات وبأي (عين) تُقيم الأعمال.
*زاوية يومية بصحيفة (اليوم التالي)
Comments
Post a Comment