· محمود درويش - جدارية
هذا هُوَ اسمُكَ /
قالتِ امرأةٌ ،
وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ…
أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي .
ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ
طُفُولَةٍ أَخرى . ولم أَحلُمْ بأني
كنتُ أَحلُمُ . كُلُّ شيءٍ واقعيٌّ . كُنْتُ
أَعلَمُ أَنني أُلْقي بنفسي جانباً…
وأَطيرُ . سوف أكونُ ما سأَصيرُ في
الفَلَك الأَخيرِ .
..
وكُلُّ شيء أَبيضُ ،
البحرُ المُعَلَّقُ فوق سقف غمامةٍ
بيضاءَ . والَّلا شيء أَبيضُ في
سماء المُطْلَق البيضاءِ . كُنْتُ ، ولم
أَكُنْ . فأنا وحيدٌ في نواحي هذه
الأَبديَّة البيضاء . جئتُ قُبَيْل ميعادي
فلم يَظْهَرْ ملاكٌ واحدٌ ليقول لي :
(( ماذا فعلتَ ، هناك ، في الدنيا ؟ ))
ولم أَسمع هُتَافَ الطيِّبينَ ، ولا
أَنينَ الخاطئينَ ، أَنا وحيدٌ في البياض ،
أَنا وحيدُ …
..
قالتِ امرأةٌ ،
وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ…
أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي .
ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ
طُفُولَةٍ أَخرى . ولم أَحلُمْ بأني
كنتُ أَحلُمُ . كُلُّ شيءٍ واقعيٌّ . كُنْتُ
أَعلَمُ أَنني أُلْقي بنفسي جانباً…
وأَطيرُ . سوف أكونُ ما سأَصيرُ في
الفَلَك الأَخيرِ .
..
وكُلُّ شيء أَبيضُ ،
البحرُ المُعَلَّقُ فوق سقف غمامةٍ
بيضاءَ . والَّلا شيء أَبيضُ في
سماء المُطْلَق البيضاءِ . كُنْتُ ، ولم
أَكُنْ . فأنا وحيدٌ في نواحي هذه
الأَبديَّة البيضاء . جئتُ قُبَيْل ميعادي
فلم يَظْهَرْ ملاكٌ واحدٌ ليقول لي :
(( ماذا فعلتَ ، هناك ، في الدنيا ؟ ))
ولم أَسمع هُتَافَ الطيِّبينَ ، ولا
أَنينَ الخاطئينَ ، أَنا وحيدٌ في البياض ،
أَنا وحيدُ …
..
ولا وُجُودُ
سأصيرُ يوماً ما أُريدُ
..
سأَصيرُ يوماً فكرةً . لا سَيْفَ يحملُها
إلى الأرضِ اليبابِ ، ولا كتابَ …
كأنَّها مَطَرٌ على جَبَلٍ تَصَدَّعَ من
تَفَتُّح عُشْبَةٍ ،
لا القُوَّةُ انتصرتْ
ولا العَدْلُ الشريدُ
..
سأَصير يوماً ما أُريدُ
..
سأصير يوماً طائراً ، وأَسُلُّ من عَدَمي
وجودي . كُلَّما احتَرقَ الجناحانِ
اقتربتُ من الحقيقةِ ، وانبعثتُ من
الرمادِ . أَنا حوارُ الحالمين ، عَزَفْتُ
عن جَسَدي وعن نفسي لأُكْمِلَ
رحلتي الأولى إلى المعنى ، فأَحْرَقَني
وغاب . أَنا الغيابُ . أَنا السماويُّ
الطريدُ .
..
سأصير يوماً ما أُريدُ
..
هذا هُوَ اسمُكَ /
قالتِ امرأةٌ ،
وغابتْ في مَمَرِّ بياضها .
هذا هُوَ اسمُكَ ، فاحفظِ اسْمَكَ جَيِّداً !
لا تختلفْ مَعَهُ على حَرْفٍ
ولا تَعْبَأْ براياتِ القبائلِ ،
كُنْ صديقاً لاسمك الأُفُقِيِّ
جَرِّبْهُ مع الأحياء والموتى
ودَرِّبْهُ على النُطْق الصحيح برفقة الغرباء
واكتُبْهُ على إحدى صُخُور الكهف ،
يااسمي : سوف تكبَرُ حين أَكبَرُ
سوف تحمِلُني وأَحملُكَ
الغريبُ أَخُ الغريب
سنأخُذُ الأُنثى بحرف العِلَّة المنذور للنايات
يا اسمي: أَين نحن الآن ؟
قل : ما الآن ، ما الغَدُ ؟
ما الزمانُ وما المكانُ
وما القديمُ وما الجديدُ ؟
..
سنكون يوماً ما نريدُ
..
لا الرحلةُ ابتدأتْ ، ولا الدربُ انتهى
لم يَبْلُغِ الحكماءُ غربتَهُمْ
كما لم يَبْلُغ الغرباءُ حكمتَهمْ
ولم نعرف من الأزهار غيرَ شقائقِ النعمانِ ،
فلنذهب إلى أَعلى الجداريات :
أَرضُ قصيدتي خضراءُ ، عاليةُ ،
خُذي (( أَنا )) كِ . سأُكْملُ المنفى
بما تركَتْ يداكِ من الرسائل لليمامِ .
فأيُّنا منا (( أَنا )) لأكون آخرَها ؟
ستسقطُ نجمةٌ بين الكتابة والكلامِ
وتَنْشُرُ الذكرى خواطرها : وُلِدْنا
في زمان السيف والمزمار بين
التين والصُبَّار . كان الموتُ أَبطأَ .
كان أَوْضَح . كان هُدْنَةَ عابرين
على مَصَبِّ النهر . أَما الآن ،
فالزرُّ الإلكترونيُّ يعمل وَحْدَهُ . لا
قاتلٌ يُصْغي إلى قتلى . ولا يتلو
وصيَّتَهُ شهيدُ
..
من أَيِّ ريح جئتِ ؟
قولي ما اسمُ جُرْحِكِ أَعرفِ
الطُرُقَ التي سنضيع فيها مَرّتيْنِ !
وكُلُّ نَبْضٍ فيكِ يُوجعُني ، ويُرْجِعُني
إلى زَمَنٍ خرافيّ . ويوجعني دمي
والملحُ يوجعني … ويوجعني الوريدُ
>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>
محمود درويش - جدارية
سأصيرُ يوماً ما أُريدُ
..
سأَصيرُ يوماً فكرةً . لا سَيْفَ يحملُها
إلى الأرضِ اليبابِ ، ولا كتابَ …
كأنَّها مَطَرٌ على جَبَلٍ تَصَدَّعَ من
تَفَتُّح عُشْبَةٍ ،
لا القُوَّةُ انتصرتْ
ولا العَدْلُ الشريدُ
..
سأَصير يوماً ما أُريدُ
..
سأصير يوماً طائراً ، وأَسُلُّ من عَدَمي
وجودي . كُلَّما احتَرقَ الجناحانِ
اقتربتُ من الحقيقةِ ، وانبعثتُ من
الرمادِ . أَنا حوارُ الحالمين ، عَزَفْتُ
عن جَسَدي وعن نفسي لأُكْمِلَ
رحلتي الأولى إلى المعنى ، فأَحْرَقَني
وغاب . أَنا الغيابُ . أَنا السماويُّ
الطريدُ .
..
سأصير يوماً ما أُريدُ
..
هذا هُوَ اسمُكَ /
قالتِ امرأةٌ ،
وغابتْ في مَمَرِّ بياضها .
هذا هُوَ اسمُكَ ، فاحفظِ اسْمَكَ جَيِّداً !
لا تختلفْ مَعَهُ على حَرْفٍ
ولا تَعْبَأْ براياتِ القبائلِ ،
كُنْ صديقاً لاسمك الأُفُقِيِّ
جَرِّبْهُ مع الأحياء والموتى
ودَرِّبْهُ على النُطْق الصحيح برفقة الغرباء
واكتُبْهُ على إحدى صُخُور الكهف ،
يااسمي : سوف تكبَرُ حين أَكبَرُ
سوف تحمِلُني وأَحملُكَ
الغريبُ أَخُ الغريب
سنأخُذُ الأُنثى بحرف العِلَّة المنذور للنايات
يا اسمي: أَين نحن الآن ؟
قل : ما الآن ، ما الغَدُ ؟
ما الزمانُ وما المكانُ
وما القديمُ وما الجديدُ ؟
..
سنكون يوماً ما نريدُ
..
لا الرحلةُ ابتدأتْ ، ولا الدربُ انتهى
لم يَبْلُغِ الحكماءُ غربتَهُمْ
كما لم يَبْلُغ الغرباءُ حكمتَهمْ
ولم نعرف من الأزهار غيرَ شقائقِ النعمانِ ،
فلنذهب إلى أَعلى الجداريات :
أَرضُ قصيدتي خضراءُ ، عاليةُ ،
خُذي (( أَنا )) كِ . سأُكْملُ المنفى
بما تركَتْ يداكِ من الرسائل لليمامِ .
فأيُّنا منا (( أَنا )) لأكون آخرَها ؟
ستسقطُ نجمةٌ بين الكتابة والكلامِ
وتَنْشُرُ الذكرى خواطرها : وُلِدْنا
في زمان السيف والمزمار بين
التين والصُبَّار . كان الموتُ أَبطأَ .
كان أَوْضَح . كان هُدْنَةَ عابرين
على مَصَبِّ النهر . أَما الآن ،
فالزرُّ الإلكترونيُّ يعمل وَحْدَهُ . لا
قاتلٌ يُصْغي إلى قتلى . ولا يتلو
وصيَّتَهُ شهيدُ
..
من أَيِّ ريح جئتِ ؟
قولي ما اسمُ جُرْحِكِ أَعرفِ
الطُرُقَ التي سنضيع فيها مَرّتيْنِ !
وكُلُّ نَبْضٍ فيكِ يُوجعُني ، ويُرْجِعُني
إلى زَمَنٍ خرافيّ . ويوجعني دمي
والملحُ يوجعني … ويوجعني الوريدُ
>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>
محمود درويش - جدارية
Comments
Post a Comment