Skip to main content

عالم القهوة -سلمى الشيخ سلامة

Salma Salama
عالم القهوة -سلمى الشيخ سلامة
والقهوة هنا اعنى بها المكان ، ففى بلادنا كانت القهوة وما تزال مكانا ذكوريا صرفا ، وكانت محل عدم رضى من الحكامات "تغنيلو بت عباس ياعينى انا الفى القهوة ما جلاس " كناية عن عدم الرضا عن الخمول ..؟! وهى ربما وفدت الينا مع الاتراك والمصريين واليونانيين ، فلقد عرفت هذه الشعوب القهوة على مدار الحياة ، ومنذ قديم الازمان ، القهوة كائن ذكورى فى عرف السودانيين ، يرتادها الرجال فقط وان حدث ودخلت ناثى فهى فى محل التانيب اللفظى والصامت عبر العيون ورفضها لذلك الوجود الانثوى ، الا ان القهوة بعد ما حدث للسكة الحديد من دمار باتت محل قبول لدى المسافرين بالبصات الان ، يدخل اليها الكل، فى السابق وابان سطوة السكة الحديد كان البوفيه يعادل القهوة ، لكنه ينقل الخدمات للغرف فى القطار ، وتتناثر بائعات الشاى على طول المحطات ، يبعن الشاى لركاب القطار ، ويعادلهن ايضا الرجال الذين يطوفون بكفتيراتهم بين القمرات من خارج القطار يشترى الناس الشاى ويعيدون تعبئته فى الترامس التى كانت من اهم وسائط السفر فى القطار ، فى غياب القطار عادت محطات الباص لتحل محل البوفيه فى القطار ، كنت ذات مرة مسافرة من امدرمان للابيض بالباص فى اواخر الثمانيانات ، وحدث ان كنت ضيفة على الكباشى سيد الاغنية الاشهر "كباشى كان برضى يالليمونى وصلنى ود بنده " ونزلنا فى ودبنده ، وحدث ان اشار كباشى لسيدة كانت تملك قهوة ، ادخلتنى السيدة الى حمام فى الغرفة وجاءت لى بمنشفة وصابونة "لوكس لونها ازرق ايامها كان الاعلان الشهير الذى يقدمه بصوته الكاتب الطيب صالح الاذاعى حينها فى البى بى سى ، يقول الاعلان "كل الجميلات فى انحاء العالم يستعملن لوكس ، تماما مثلك انتى " وكنت مثلهن اللاتى يستحممن بلوكس ، اكملت حمامى فى تلك الغرفة التى كانت نظيفة تماما ، فيها سرير كبير مفروش بمرتبة " قاسية " وملاءة مطرزة بورود لاحد لها ، على الشابيبك تعلقت استار من بقايا ثوب " شيفون قديم " تحممت فى ذلك الطست وبالجردل بطبيعة الحال وحملت ماء"برودى " الى خارج الغرفة ، لكننى تفاجأت بست القهوة تقول لى " مالو كن قعدتى معانا تجيبى لينا الزباين " ومن يومها طرت |كير الريش من الدريش " ولم اعد ارتاد المقاهى فى تلك النواحى مهما بلغت قسوة قعدة المقعد الخشن فى الباص "
القهوة فى اليونان لها خصائص تخصها وحدها ، ربما فى اماكن اخرى لكنى لم اشهدها الا فى اليونان وعلى وجه الدقة كريت، حين تدخل الى القهوة فثمة من يرفع يده محييا مشيرا الى النادل ان هؤلاء الداخلين الان "حسابهم عندى " والعكس يحدث حين يدخل احد وتكون انت فى القهوة بلا من ولا اذى ، ليس لان الامر ملزم بل لانها عادة سارت بها الركبان، ، كان عم اندريا والد الصديقة ماريا زوجة الصديق عبد الرحمن الحشاش يقوم بالدفع لكل من فى القهوة "رجالة " مما يدلل ان الكرم فيهم عادة متاصلة.. عم اندريا له من ملامح زوربا الكثير ، فهو يحب النساء الجميلات بكل ما يعنى الجمال ، تحس الالتطابق فى شخصيته مع زوربا فى كثير من الاحيان ، حدثنى رغم ان اللغة اليوناينة يومها بينى وبينه كانت عائقا لكنه يستيطع بالاشارة ان يحدثنى وافهمه ، قال انه " اختطف زوجته ايام الحرب بينهم والاتراك من قرية مجاورة وعاش معها حتى رحيلها ، كان محبا للحياة والجمال رجل نادر ، رغم انه كان فى سبعينات عمره يومها اوائل التسعينات الا انك تحسه صبيا لفرط الفتوة التى تعتريه ، حين يدخل القهوة تحس ان الكون بات فى متناوله واحده يشاغب الصغار والكبار يحبه الجميع كما لو انه فتى المدينة المدلل ، وكانه ملاك هبط من سماء مغطاة بنجوم وسحب من الحب ، يجلس فيتنادى الكل لخدمته ، وكذا حاله فى البيت يحتفى به الجميع ، لفرط ظرفه وحلاوة حديثه ، قصصه التى لاتنتهى ، حين يحل موعد الغداء يدعونى لكاس من النبيذ فارده بلطف انى لا اتعاطى هذا النوع من الشراب فيضحك قائلا " ساكلم محمد ان يعفو عنك ، اشربى فهو لذيذ " حين جاءت شقيقته لتسالمنا ، قالت وهى كانت ترتدى " طرحة بيضاء وفستان ابيض " تقول انها جاءت قبل ايام من الحج " كنت فى القدس " فتحيلنى للتساؤل ماهى علاقة اللون الابيض بالحج ؟ فلقد كانت جدتى تفعل كلما عادت من ارض الحجاز ؟؟
القهوة فى اليونان فى الصيف لها صخب لاينتهى ، تنتشر المقاعد والمناضد فى الارصفة ، فى الشتاء يدخلون الى جوف المحل ، وكذا تجدها فى القاهرة ، فى لندن ، فى امستردام ، لكنها فى امستردام امر اخر ، حيث يمكنك فيها ان " تعفر سيجار الافيون وتشفط الهروين " بلا رقابة ولاخوف ، فقط "كوتتك اليومية لاتزيد ولاتنقص" ، فى لندن الجلوس خارج المحل فى الصيف ، تنتشر المقاعد فى الارصفة ، لكنها فى القاهرة عالم اخر ، يجتمع الكتاب كل يوم ثلاثاء كل الكتاب بكل انواعهم من الصحفيين الى الروائيين الى كتاب القصة القصة ، الشعراء بمختلف اطيافهم فهم شعراء عامية وشعراء حداثة وما بعد حداثة ، صغارا يستمعون الى الكبار ، يتجادلون ويتماهون مع عالم الكتابة ، يشربون القهوة والحلبة والنعناع واليانسون ، والليمون والبرتقال ، ويدخنون الشيشة والتبغ ،تدفعك رائحة التبغ والدخان للخروج ملتمسا هواء صافيا ونقيا ، فهم اى المصريون
واليونانيون شعوب من المدخنين بشراهة ، تحس باشفاق عليهم لفرط التدخين فهم يشعلون واحدة بالاخرى
فى اسكندرية ثمة حب متبادل بين الشعبين اليونانى والمصرى فى الاسكندرية ، فيوم راس السنة يمارسون نفس الافعال التى تحدث فى اليونان يكسرون الصحون والكبايات فى المقاهى تماما كما يفعل اليونانيون حتى طراز المبانى تجده متشابه بين اسكندرية واثينا .. ربما لانها كانت تحوى العديد من المهاجرين اليها من قديم الازمان .. ربما
القهوة ، لدينا مرتبطة باهل الشرق يدمنون شرابها لكنى لم اشهد مقهى فى الشرق ربما كان موجودا لكنى لم ادخل الى رباه ، لكنى شهدت " لافتة مكتوب عليها قهوة ود الاغا فى سوق امدرمان ، وفى الخرطم كان مقهى الخواجة لويزو هو الاشهر كما حدثنا التاريخ من خلال ما كتبه التاريخ انه كان مقهى يمتلكه يونانى اسمه الخواجة لويزو وكان فى المقهى مسرح ونادى واماكن للتزحلق واماكن لعروض المسرح كان احد روادها البطل على عبداللطيف حين عرضوا مسرحية " صلاح الدين الايوبى " فى العشرينات من القرن المنصرم " وكان يومها على عبد اللطيف طالبا فى الكلية الحربية

Comments

Popular posts from this blog

Mona Farouk reveals scenes of "scandalous video"Egyptian actress Mona Farouk appeared on

Mona Farouk reveals scenes of "scandalous video"Egyptian actress Mona Farouk appeared on Monday in a video clip to discuss the details of the case she is currently facing. She recorded the first video and audio statements about the scandalous video that she brings together with Khaled Youssef.Farouk detonated several surprises, on the sidelines of her summons to the Egyptian prosecution, that Khalid Youssef was a friend of her father years ago, when she was a young age, and then collected a love relationship with him when she grew up, and married him in secret with the knowledge of her parents and her father and brother because his social status was not allowed to declare marriage .Muna Farouk revealed that the video was filmed in a drunken state. She and her colleague Shima al-Hajj said that on the same day the video was filmed, she was at odds with Shima, and Khaled Yusuf repaired them and then drank alcohol.She confirmed that Youssef was the one who filmed the clips whil

الحلقة 20 هنادي المطلقة والمحلل (ماذا قال كتاب العرب في هنادي)-----------Khalid Babiker

• الجنس شعور فوضوي يتحكم في الذات والعقل . وله قوة ذاتية لا تتصالح إلا مع نفسها . هكذا قال أنصار المحلل الحلقة 20 هنادي المطلقة والمحلل (ماذا قال كتاب العرب في هنادي) أول طريق عبره الإنسان هو طريق الذكر . بعدها شهق وصرخ . تمرغ في الزيت المقدس . وجرب نشوة الأرغوس . عاجلا أم آجلا سيبحث عن هذا الطريق ( كالأسماك تعود إلى أرض ميلادها لتبيض وتموت ) . وسيعبره . سيعبره بحثا عن الديمومة . وسيشهق وسيضحك . لقد جاء إليه غريبا . سيظل بين جدرانه الدافئة غريبا . وحالما يدفع تلك الكائنات الحية الصغيرة المضطربة في الهاوية الملعونة سيخرج فقيرا مدحورا يشعر بخيانة ما ( ..... ) . لن ينسى الإنسان أبدا طريق الذكر الذي عبره في البدء . سيتذكره ليس بالذاكرة وإنما بالذكر . سيعود إليه بعد البلوغ أكثر شوقا وتولعا . ولن يدخل فيه بجميع بدنه كما فعل في تلك السنوات التي مضت وإنما سيدخل برأسه . بعد ذلك سيندفع غير مبال بالخطر والفضيحة والقانون والدين . الله هناك خلف الأشياء الصغيرة . خلف كل شهقة . كل صرخة مندفعا في الظلام كالثور في قاعة المسلخ . الله لا يوجد في الأشياء الكبيرة . في الشرانق . في المح . ينشق فمه . تن

Trusting Liar (#5) Leave a reply

Trusting Liar (#5) Leave a reply Gertruida is the first to recover.  “Klasie… ?” “Ag drop the pretence, Gertruida. You all call me ‘Liar’ behind my back, so why stop now? Might as well be on the same page, yes?” Liar’s face is flushed with anger; the muscles in his thin neck prominently bulging. “That diamond belongs to me. Hand it over.” “What are you doing? Put away the gun…” “No! This…,” Liar sweeps his one hand towards the horizon, “…is my place.  Mine!   I earned it! And you…you have no right to be here!” “Listen, Liar, we’re not the enemy. Whoever is looking for you with the aeroplane and the chopper….well, it isn’t us. In fact, we were worried about you and that’s why we followed you. We’re here to help, man!” Vetfaan’s voice is pleading as he takes a step closer to the distraught man. “Now, put down the gun and let’s chat about all this.” Liar hesitates, taken aback after clearly being convinced that the group  had hostile intentions. “I…I’m not sure I believe