دراستي النقدية للمجموعة القصصية اوبرا الاتان للقاص سامي المطيري المنشورة في جريدة الحقيقة الاثنين 15-8-2016
تخييل المتخيل في ...أوبرا الأتان
تخييل المتخيل في ...أوبرا الأتان
دراسة نقدية / للقاص والناقد
يوسف عبود جويعد
عندما تحظى بنصوص سردية خالية من المقدمة , أو الاهداءات التي تحدد انطلاقها فهذا يعني بأننا سنكون مع بنية نصية تقدم مضمونها دون تدخل ، وسرعان ما نبحر بعالمها ، ونمخر عبابها ، ونسبر اغوارها ، تاركين لمخيلتنا الطواف داخل عالم السرد واكتشاف كُناه ، هذا ما إتضح لي وانا أُتابع نصوص المجموعة القصصية ( اوبرا الأتان ) للقاص سامي المطيري ، كونها تميّزت بتداخل خبرة ممارسة فن صناعة القصة من خلال الخزين الثقافي ، و الفكري ، والتراثي وإتصالها بالجذور، حيث امتدت لتتصل بالحاضر ، كما استخدم لغة سردية تعتمد على المفردة النثرية الشعرية التي تنطلق من اعماق الذات فتتصل في متن النص إذ أن ذلك إنعكس بشكل متقن ليشكل البُنية النصية ، وهي توليفة متداخلة متمازجة منصهرة بشكل متناغم مع السياق الفني لحركة المسيرة السردية ، اضافة الى ذلك راعى القاص اظهار جانب الوعي المعرفي للحياة لتكون ادانة ضد الجهل والتخلف ابتداءاً من بُنية العنونة التي تحمل دلالات رمزية تنحى هذا المنحى ، فالاوبرا هي شكل من أشكال المسرح حيث تعرض الدراما كليًا أو بشكل رئيسي بالموسيقى والغناء، وقد نشأت في إيطاليا عام 1600 ،الأوبرا جزء من الموسيقى الغربية الكلاسيكية في أي أداء أوبروي ، تُعرض عدة عناصر من عناصر المسرح الكلامي مثل التمثيل " المشاهد والأزياء" والرقص بعضًا من الأحيان" عادة ما تكون عروض الأوبرا في دار أوبرا مصحوبةً بأوركسترا أو فرقة موسيقية أصغر قليلاً ، اما الأتان فهي انثى الحمار الوحشي وهي ترى الأشعة تحت الحمراء وحليبها يصنع من أفضل انواع الاجبان ، وهكذا فأن الاشارة الدلالية لبنية العنونة تكشف الاتجاه الرئيسي لبنية النص ، وما أن ندخل في فضاء النص القصصي (المواءمات ) حتى نكتشف هذا الصراع الازلي بين ، العلم والجهل ، الوعي والخرافات ، وهي رسالة غاية في الاهمية ، تعكس ضرورة مواجهة الوعي بالوعي ، وليس بالخرافات ، اذ أن القاص وظف الاسطورة والتراث الشعبي وكشف مواطن الجهل في تلك المواجهة ، اذ لا يمكن ان نواجه هذا المدٍّ من الوعي التسليحي من قبل العدو بما نملكه من جهل ( الطوب احسن لو مكواري ) وعلينا ان نتحلى باقصى حالات الوعي في هذه المواجهة ، اما قصة (اوبرا الأتان ) التي حملت المجموعة اسمها ، فأنها تضعنا في اوج احتدام الحدث السردي ، اذ إن انثى الحمار الوحشي الأتان ، تساق الى مملكة الاسود ( - رأيتها تساق، تخرج من الحظيرة، تدخل مملكة الاسود وقد استقبلت بفرح جائع ، عانقتها اللبوءة احتضان غريزي ، عرس دموي ، مخالب تغرس / انياب تقضم / دماء تشخب / هرهرة اللبوءة / نهيق خافت يستعطف آلهة الموت تدفقت مسار دماء ، تمشت على خطوط الوجه البيضاء والسوداء ) ص23 أن بؤرة النص المحتدمة التي زجنا القاص في اوتونها من خلال بطل القصة ، الذي يعمل في حديقة الحيوانات، تؤكد أن في انساقها المضمرة دلالات عميقة ، تعني افتراس الانثى واسقاطها ، وكسر شوكتها وتهميشها ، لأن ثيمة هذا النص تنحى منحاً شمولياً، لضعف الانثى وسهولة افتراسها ( - عندما أيقن بالافتراض، أنه غضنفر مقدس برأس رجل شديد البأس من العصر البابلي الأول، وأن مقاتلاً من مملكة الشروك مرّ سريعاً بمشعوف الفجر يطارد أشباح الموتى وفي جعبته رماح ونبال سحرية من القصب الغض والبردي السيال ، وما أوبرا الأتان الا حكاية تروى عن معتوه ، استؤصلت من شأفة هذيان السرد دونت لتؤكل علفاً كالتاريخ الحافي في حظائر الحمير وزرائب الأغنام. ) ص 25...في قصة (الأيائل ) نكون مع رؤية فلسفية، بين الثقافة والادب والكتابة والكتب وهي تتمرغ بغبار المتناقضات التي فرضتها فوضى الحياة بهمجيتها فهمشت هذه الحركة النزيهة وشوهّت صورتها، حيث الذبائح ، والازبال، والدماء والانفجارات، والموت ،أن القاص في هذه المجموعة لايعتمد على الحدث النصي كنقطة انطلاق ، بل يجعله المحور الذي يوالف من خلاله المحاور التي تشكل الوعي الفلسفي للنص ، فيقدمها وكأنها لوحة تشكيلية تداخل خلالها الصور السردية المفعمة بهذا الخزين الثر من المعرفة ( - ثمة انفجار فوّض المكان وقذيفة اخرى قضمت موجة راكبة ظهر دجلة الكسول – قال شاب وهو ينش الدخان من وجهه المحتقن المترب ويسعل الى حد القيء والاختناق – اوه مات المخرج.) ص 37 وفي قصة ( ملوك الغبار) يقدم لنا لوحة تشكيلية جديدة من تلك التوليفة الا انها هذه المرة تحاكي الموروث الحضاري ، قصة ( رؤيا الدير ) يطوف بنا القاص في عالم السرد المتخيل في ناحية الحيرة وعوالمها الأثرية والتاريخية ، ويقدم لنا رؤياه في فن صناعة القصة حيث يقول في نهاية القصة :- ان كل ما في الكون خاضع لسلطة السرد ، وان المسلك الذي يسلكه النص يعتمد على خصوصية المؤلف وقدرته التخيلية ( تخييل المتخيل ) الذي يصوغ وفقها عالمه السردي, واقامة نسق فكري واجتماعي ، وتأسيس واقع جديد للحدث ؟ في تقولات بواعث الاشياء . ص 60 ضمت المجموعة القصصية تسعة قصص ، المواءمات ، اوبرا الأتان ، الايائل ملوك الغبار رؤيا الدير، غزلان البوادي ، قيامة ، كمون الاعصار، فوبيا الارتياد وهي عوالم سردية استطاع القاص سامي المطيري ان يقدم لنا وجه جديد من وجوه السرد الذي لا يكتفي بالاحداث النصية نقطة انطلاق ، انما يمزج معها التراث بكل انواعه ، والمخيلة الخصبة ، والمعلومات المهمة التي تنتمي لثيمة النص ، واخيراً فأن المجموعة القصصية ( اوبرا الأتان) للقاص سامي المطيري هي عالم من الوعي الثقافي ضد الجهل والتخلف والاساطير الخرافية التي أجتاحت حياتنا.
عندما تحظى بنصوص سردية خالية من المقدمة , أو الاهداءات التي تحدد انطلاقها فهذا يعني بأننا سنكون مع بنية نصية تقدم مضمونها دون تدخل ، وسرعان ما نبحر بعالمها ، ونمخر عبابها ، ونسبر اغوارها ، تاركين لمخيلتنا الطواف داخل عالم السرد واكتشاف كُناه ، هذا ما إتضح لي وانا أُتابع نصوص المجموعة القصصية ( اوبرا الأتان ) للقاص سامي المطيري ، كونها تميّزت بتداخل خبرة ممارسة فن صناعة القصة من خلال الخزين الثقافي ، و الفكري ، والتراثي وإتصالها بالجذور، حيث امتدت لتتصل بالحاضر ، كما استخدم لغة سردية تعتمد على المفردة النثرية الشعرية التي تنطلق من اعماق الذات فتتصل في متن النص إذ أن ذلك إنعكس بشكل متقن ليشكل البُنية النصية ، وهي توليفة متداخلة متمازجة منصهرة بشكل متناغم مع السياق الفني لحركة المسيرة السردية ، اضافة الى ذلك راعى القاص اظهار جانب الوعي المعرفي للحياة لتكون ادانة ضد الجهل والتخلف ابتداءاً من بُنية العنونة التي تحمل دلالات رمزية تنحى هذا المنحى ، فالاوبرا هي شكل من أشكال المسرح حيث تعرض الدراما كليًا أو بشكل رئيسي بالموسيقى والغناء، وقد نشأت في إيطاليا عام 1600 ،الأوبرا جزء من الموسيقى الغربية الكلاسيكية في أي أداء أوبروي ، تُعرض عدة عناصر من عناصر المسرح الكلامي مثل التمثيل " المشاهد والأزياء" والرقص بعضًا من الأحيان" عادة ما تكون عروض الأوبرا في دار أوبرا مصحوبةً بأوركسترا أو فرقة موسيقية أصغر قليلاً ، اما الأتان فهي انثى الحمار الوحشي وهي ترى الأشعة تحت الحمراء وحليبها يصنع من أفضل انواع الاجبان ، وهكذا فأن الاشارة الدلالية لبنية العنونة تكشف الاتجاه الرئيسي لبنية النص ، وما أن ندخل في فضاء النص القصصي (المواءمات ) حتى نكتشف هذا الصراع الازلي بين ، العلم والجهل ، الوعي والخرافات ، وهي رسالة غاية في الاهمية ، تعكس ضرورة مواجهة الوعي بالوعي ، وليس بالخرافات ، اذ أن القاص وظف الاسطورة والتراث الشعبي وكشف مواطن الجهل في تلك المواجهة ، اذ لا يمكن ان نواجه هذا المدٍّ من الوعي التسليحي من قبل العدو بما نملكه من جهل ( الطوب احسن لو مكواري ) وعلينا ان نتحلى باقصى حالات الوعي في هذه المواجهة ، اما قصة (اوبرا الأتان ) التي حملت المجموعة اسمها ، فأنها تضعنا في اوج احتدام الحدث السردي ، اذ إن انثى الحمار الوحشي الأتان ، تساق الى مملكة الاسود ( - رأيتها تساق، تخرج من الحظيرة، تدخل مملكة الاسود وقد استقبلت بفرح جائع ، عانقتها اللبوءة احتضان غريزي ، عرس دموي ، مخالب تغرس / انياب تقضم / دماء تشخب / هرهرة اللبوءة / نهيق خافت يستعطف آلهة الموت تدفقت مسار دماء ، تمشت على خطوط الوجه البيضاء والسوداء ) ص23 أن بؤرة النص المحتدمة التي زجنا القاص في اوتونها من خلال بطل القصة ، الذي يعمل في حديقة الحيوانات، تؤكد أن في انساقها المضمرة دلالات عميقة ، تعني افتراس الانثى واسقاطها ، وكسر شوكتها وتهميشها ، لأن ثيمة هذا النص تنحى منحاً شمولياً، لضعف الانثى وسهولة افتراسها ( - عندما أيقن بالافتراض، أنه غضنفر مقدس برأس رجل شديد البأس من العصر البابلي الأول، وأن مقاتلاً من مملكة الشروك مرّ سريعاً بمشعوف الفجر يطارد أشباح الموتى وفي جعبته رماح ونبال سحرية من القصب الغض والبردي السيال ، وما أوبرا الأتان الا حكاية تروى عن معتوه ، استؤصلت من شأفة هذيان السرد دونت لتؤكل علفاً كالتاريخ الحافي في حظائر الحمير وزرائب الأغنام. ) ص 25...في قصة (الأيائل ) نكون مع رؤية فلسفية، بين الثقافة والادب والكتابة والكتب وهي تتمرغ بغبار المتناقضات التي فرضتها فوضى الحياة بهمجيتها فهمشت هذه الحركة النزيهة وشوهّت صورتها، حيث الذبائح ، والازبال، والدماء والانفجارات، والموت ،أن القاص في هذه المجموعة لايعتمد على الحدث النصي كنقطة انطلاق ، بل يجعله المحور الذي يوالف من خلاله المحاور التي تشكل الوعي الفلسفي للنص ، فيقدمها وكأنها لوحة تشكيلية تداخل خلالها الصور السردية المفعمة بهذا الخزين الثر من المعرفة ( - ثمة انفجار فوّض المكان وقذيفة اخرى قضمت موجة راكبة ظهر دجلة الكسول – قال شاب وهو ينش الدخان من وجهه المحتقن المترب ويسعل الى حد القيء والاختناق – اوه مات المخرج.) ص 37 وفي قصة ( ملوك الغبار) يقدم لنا لوحة تشكيلية جديدة من تلك التوليفة الا انها هذه المرة تحاكي الموروث الحضاري ، قصة ( رؤيا الدير ) يطوف بنا القاص في عالم السرد المتخيل في ناحية الحيرة وعوالمها الأثرية والتاريخية ، ويقدم لنا رؤياه في فن صناعة القصة حيث يقول في نهاية القصة :- ان كل ما في الكون خاضع لسلطة السرد ، وان المسلك الذي يسلكه النص يعتمد على خصوصية المؤلف وقدرته التخيلية ( تخييل المتخيل ) الذي يصوغ وفقها عالمه السردي, واقامة نسق فكري واجتماعي ، وتأسيس واقع جديد للحدث ؟ في تقولات بواعث الاشياء . ص 60 ضمت المجموعة القصصية تسعة قصص ، المواءمات ، اوبرا الأتان ، الايائل ملوك الغبار رؤيا الدير، غزلان البوادي ، قيامة ، كمون الاعصار، فوبيا الارتياد وهي عوالم سردية استطاع القاص سامي المطيري ان يقدم لنا وجه جديد من وجوه السرد الذي لا يكتفي بالاحداث النصية نقطة انطلاق ، انما يمزج معها التراث بكل انواعه ، والمخيلة الخصبة ، والمعلومات المهمة التي تنتمي لثيمة النص ، واخيراً فأن المجموعة القصصية ( اوبرا الأتان) للقاص سامي المطيري هي عالم من الوعي الثقافي ضد الجهل والتخلف والاساطير الخرافية التي أجتاحت حياتنا.
Comments
Post a Comment