الحزب الديمقراطي الكوردستاني وذكرى تأسيسه-------Ahmad Goran

الحزب الديمقراطي الكوردستاني وذكرى تأسيسه

Ahmad Goran

يصادف يوم (16/8/2016) الذكرى الـ70 لتأسيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني الذي تأسس في وقت كان شعبنا يواجه العديد من التهديدات الخطيرة، ويعيش مرحلة في غاية الصعوبة عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية، كانت التهديدات متنوعة ومختلفة المديات، والآثار المحتملة لها كانت تهدد المجتمع الكوردستاني ومستقبل الاجيال اللاحقة، في تلك الأثناء، دعا البارزاني الخالد، ببصيرة وحكمة متناهية، واسلوب حضاري جديد في العمل السياسي، وشكل مختلف عن الاشكال السائدة في الساحات السياسية في منطقة الشرق الاوسط، الى تأسيس حزب سياسي كوردستاني يتكفل مهمة النهوض والدفاع عن حقوق شعبنا المناضل وبناء الانسان الكوردستاني الذي يرفض الاستسلام لرغبات الاعداء الطامعين في ارضنا، ولاشك أن تأسيس حزب سياسي يجتمع حوله كافة الشرائح الكوردستانية، لم يكن بالأمر الهين والبسيط، حيث كان الأعداء يتربصون نخبنا السياسية والثقافية الثورية، ويعتبرون تجمعهم في حزب سياسي ذي قاعدة جماهيرية عريضة أمراً مستحيلاً، ولكن البارزاني الخالد ورفاقه الأوفياء لنهجه الحكيم، جعلوا من المستحيل واقعاً، وأسسوا الحزب، وعقد الكوردستانيون الأمل بذلك التنظيم الناهض، وآمنوا بإرادة الشعب وأهدافه المشروعة، وتجمعوا حوله بالآلاف، وأصبح البارتي قنديلاً يضيء طريق الكوردايتي... مر الحزب الديمقراطي الكوردستاني، منذ يوم تأسيسه الى يومنا الحالي، بالعديد من المراحل، وواجه التهديدات والعقبات والمخاطر الكثيرة والمتعددة، لكنه لم يتخل عن النضال والعمل الدؤوب من أجل الكورد وكوردستان، وقاد على مدى ثلاثة عقود متتالية ثورتين عظيمتين، هما ثورة ايلول التحررية، وثورة كولان التقدمية، ولم يخش أو يستسلم لليأس ولو للحظة، لانه كان يدرك بواقعية ووضوح مهام ومتطلبات المراحل، ويواجه المشكلات والمصائب بالمنطق والعقلانية، وقاد بنجاح، مع الاحزاب السياسية الكوردستانية الاخرى، انتفاضة شعبنا في آذار 1991، وأرسى المبادىء والقيم الديمقراطية في الاقليم، ودعا الرئيس مسعود بارزاني، الى حكم الشعب، واجراء انتخابات برلمانية مبكرة، في وقت كانت المنطقة تعاني بشدة من المشكلات وآثار الويلات والكوارث، وتمت في عملية ديمقراطية منقطعة النظير، شهد على نجاحها الاعداء قبل الاصدقاء، انتخاب أول برلمان كوردستاني، وتم تشكيل حكومة لادارة الاقليم بعيداً عن سيطرة حكام بغداد، ورفع الاقليم شعار الفدرالية لشكل العلاقة مع حكومة بغداد، وفيما بعد، وبعد سقوط الطاغية (صدام) وتحرير العراق، تغير الشعار وحسب متطلبات المرحلة ومستجدات الاحداث الى حق تقرير المصير والاتحاد الاختياري في العراق الفدرالي التعددي الديمقراطي.. والحرية والكرامة التي نعيشها اليوم، والمكاسب الكثيرة المتحققة في كافة مناحي الحياة، وتقدم قضية شعبنا في المحافل الدولية والاقليمية، ومسيرة الإعمار الكبيرة، وترسيخ مبادئ الديمقراطية وحقوق الانسان، والسير نحو بلوغ الحكم الرشيد والصائب، كلها تحققت بالنضال الدؤوب للبارتي والقوى السياسية الكوردستانية الاخرى الفاعلة على ارض كوردستان، ودماء الشهداء والمؤنفلين، لذلك يعتبر الحريصون المخلصون من ابناء شعبنا، الحفاظ على هذه المكاسب واجباً وطنياً وقومياً وديمقراطياً وانسانياً، وحماية هذه المكتسبات وتطويرها تتحقق بوحدة صف القوى السياسية الكوردستانية والخطاب الوطني والقومي الموحد، وتحمل المسؤوليات المشتركة والتضحية في سبيلها لاتقل أهمية عن تحقيقها، وفي ظلها تتمكن جميع القوى السياسية، وفي هذه المرحلة المفصلية المهمة في تاريخ شعبنا، من مواصلة النضال لأداء المهام التاريخية والوطنية والقومية، وايصال قضيتنا العادلة الى بر الأمان وتحقيق أهدافنا المشروعة، والتمكن من مواجهة التهديدات والتحديات، واستغلال الفرص المؤاتية لصالح استراتيجية حقنا الطبيعي في تقرير المصير، ولابد من الاستفادة من التحولات الدراماتيكية الأخيرة والأحداث المتسارعة والمتغيرات الحاصلة في المنطقة التي هيأت لنا وضعاً يمكننا أن نكون فاعلين متميزين، ومبادرين أقوياء، في إعادة رسم خارطة المنطقة، . في هذه الايام ونحن نحتفل بهذه الذكرى العزيزة الزاخرة بالأمجاد لحزبنا، نستذكر قائد شعبنا البارزاني الخالد ونهجه القويم في النضال الدؤوب، وتوجهاته الانسانية، ونحيي أرواح شهداءنا الخالدين وذويهم الأماجد، بيشمركة كوردستان الأبطال، ونقول: أن مشاكلنا مع بغداد، والتوترات في المناطق الكوردستانية وحربها ضد تنظيم داعش الارهابي وينظر الى المرحلة الحالية كمرحلة تحول، ويؤكد على ضرورة استعداد شعب كوردستان لكل الاحتمالات على ضوء المستجدات الدولية والاقليمية، ويدرك أن هذا الاستعداد الضروري يتحقق بالتفاهم والمرونة والتوافق الوطني، وخاصة في هذا الوقت الذي يتجه فيه الاقليم نحو اختيار الرئيس، وتعمق أسس التفاهم والتصرف الديمقراطي، هذه الذكرى المجيدة بطبائعها التنظيمية، أكبر من أية ذكرى، لذلك يقف عندها الكورد ليستذكروا عقلانية مؤسس الحزب ورئيسه، البارزاني مصطفى، وجرأة قيادته، وعظمة مسيرته، وجسامة تضحيات بيشمركته، وغزارة دماء شهدائه، واننا لا نبالغ حينما نقول بأن المرحلة الحالية والمستقبلية تستمدان الشرعية ومعاني النضال من المرحلة البارزانية التي كانت أعظم مرحلة في التاريخ الحديث والمعاصر للأمة الكوردية فمؤسس البارتي (البارزاني الأب) الحاضر بيننا والذي لم يغب أبداً، جعل بيت الأمان الكوردستاني حصناً منيعاً في وجه أعداء الكورد، وأسس مدرسة تعلّمنا كيف نسالم من يسالمنا، ونعادي من يعادينا ونصفح عند المقدرة عن الذي يطلب العفو منا، ونحترم الجوار ونبادلهم السلام، ولا نعتدي على أحد ولا نقبل اعتداءات الآخرين، وكيف نصنع العزة والكرامة لأمتنا، وكيف نضحي بمصالحنا الخاصة من أجل المصلحة العامة، وكيف نعمل من أجل استعادة شخصيتنا القومية والوطنية بوحدتنا وإرادة شعبنا، وكيف نوفر أسس ومقومات وديمومة نضالنا حتى الحصول على حقوقنا القومية المشروعة إسوة بباقي الشعوب الأخرى... وأخيراً ينبغي التأكيد على حقيقة مفادها: أن منتسبي الحزب الديمقراطي الكوردستاني كانوا ومازالوا، بيشمركة كوردستان، كما يؤكد على ذلك دوماً الرئيس المناضل مسعود بارزاني، وكوردستان مازالت تعتبر البارتيين جميعاً ابناءها الاوفياء المستعدين للتضحية والفداء...