في ظل هيمنة تكتلات التقراي الإقتصادية الإقتصاد الإثيوبي تحت فك التطوُّر الرأسمالي والمحسوبية تقرير:---- عادل كلر
#تقرأ_بـ(الأيام)
في ظل هيمنة تكتلات التقراي الإقتصادية
الإقتصاد الإثيوبي تحت فك التطوُّر الرأسمالي والمحسوبية
تقرير: عادل كلر
أنجزت الجارة إثيوبيا طوال العقدين الماضيين تقدماً ملحوظاً على الصعيد الإقتصادي والتنموي، تحت قيادة الزعيم الراحل ميليس زيناوي، غير أن أندلاع الحرب الأرتيرية الأثيوبية في 1998-2000، أرهق ميزانية البلاد وعطَّل المسيرة التنموية لفترة، ولا يزال دخل الفرد الأثيوبي من بين أدنى المداخيل على مستوى العالم.
ويعتمد قوام الاقتصاد الاثيوبي على الزراعة التي تسهم بحوالي (46%) من الناتج المحلي وتستوعب (85%) من القوة العاملة، بيد أن مواسم الجفاف والتغيرات المناخية الأخيرة أثرت على القطاع الزراعي بشكل كبير. ودخلت الحكومة الأثيوبية في صراعات أخذت تتطور لتأخذ شكل المظاهرات الأخيرة التي قامت بها قوميتي الأرومو والأمهرا، حيث عمدت الحكومة إلى بيع الأراضي المملوكة محلياً للشركات الكبيرة متعددة الجنسيات، فضلاً عن تعتيمها أعلامياً على قيمة تلك الصفقات، ومسائلتها للصحفيين الذين ينتقدون هذا المسلك من الإستثمار. وفي الجانب الصناعي، جذبت إثيوبيا رؤوس أموال أجنبية كبيرة للإستثمار في مجالات المنسوجات والجلود والزراعة التجارية والتصنيع.
وتحظى الحكومة الأثيوبية بتشجيع غربي لجهة كونها الحليف الأبرز للولايات المتحدة الأمريكية في منطقة القرن الأفريقي، وقد لعبت دوراً أمنياً لصالح أمريكا في مواجهة حركة الشباب في الصومال، حيث قامت بإرسال قوات عسكرية تحت مظلة الأمم المتحدة والإتحاد الأفريقي في 2006 إلى مقديشو لحماية الحكومة الأنتقالية هناك، فيما يرى غالب المحللون الإستراتيجيون أن الصومال ما هي إلا ساحة أخرى للصراع بين أرتيريا وإثيوبيا. وقد وفر الدعم الأمريكي والغربي للنظام الأثيوبي غطاءاً كبيراً إزاك وضع الحريات والقمع وإنتهاكات حقوق الإنسان، والتي وصلت درجة قتل أكثر من (400) متظاهر خلال إحتجاجات الأرومو والأمهرا الأخيرة، وفقاً لمنظمة هيومان رايتس ووتش.
وبالنسبة لعلاقة المجموعة الأوروبية مع إثيوبيا، تؤكد أستاذة العلاقات الدولية بجامعة مولود معمري الجزائرية د. "رتيبة برد" أن هدفها الرئيسي إستعادة الهيمنة على أفريقيا، وتشرح ذلك في دراستها المعنونة (استراتيجية الاتحاد الأوروبي لاستعادة الهيمنة على القارة الإفريقية) بالقول أن الاتحاد الأوروبي تكمن مصلحته في التصدي ومواجهة التنافس الآسيوي، وبخاصّة الصيني، فالصين تمثّل ثالث أكبر شريكٍ لإفريقيا، أضف إلى ذلك الرغبة في فتح الأسواق الإفريقية أمام المنتجات الأوروبية، خصوصاً أنّ حجم السوق الإفريقية يبلغ (20%) من إجمالي السوق العالمية، كذلك التصدي للاهتمام الأمريكي بإفريقيا.
وتضيف د. "رتيبة برد" أن إقرار الاتحاد الأوروبي بناءَ سياسةٍ خارجيةٍ وأمنيةٍ مشتركة ودعمها؛ لا يمكن تحقيقه إلا من خلال الربط بين القوة الاقتصادية الأوروبية والبعد السياسي لهذه التجربة الوحدوية الرائدة، مما يساعد في معرفة المصالح الأوروبية في القارة الإفريقية وفَهْمها، والتي تتلخص في: البحث عن أسواق لتصريف المنتجات الأوروبية، والحصول على المواد الأولية، وكذا الوصول إلى الموارد الطبيعية الاستراتيجية التي تمتلكها إفريقيا، واستغلال المواد الخامّ التي تزخر بها، ولاسيما: (النفط، اليورانيوم، الذهب، الماس)، وتشير إلى أن الحكومة الأثيوبية تطمح إلى جذب المزيد من الإستثمارات الأجنبية إلى بلادها. وهو الجانب الذي يصوِّب عليه الخبير الاقتصادي د. "ج. بونسا" سهام نقده الكثيف في مقاله المعنون (الاستثمار الأجنبي في إثيوبيا: نعمة أم نقمة؟)، حيث يقول أن حكومة الجبهة الثورية الديمقراطية الشعبية الإثيوبية (ERPDF) الحاكمة هي ائتلاف من أربعة أحزاب، لكنها في الحقيقة نظام "حكم استعماري داخلي" بقيادة حزبٍ قويّ، وهو جبهة تحرير شعب تيقراي (TPLF). ويؤكد أن ولاء الجهاز العسكري والأمني الإثيوبي تجاه "جبهة تحرير شعب تيقراي" هو مصدر القوة الوحيد لـ "الجبهة الشعبية الثورية الديمقراطية" وتحكّم قبضتها على السلطة. ويرى د. "ج. بونسا" أن عدم تكافؤ القوة العسكرية والسياسية لصالح حزب واحد نجمت عنه انحرافات في الفرص الاستثمارية الاقتصادية والمحلية. وأدى ذلك إلى ظهور أبشع نوع من الرأسمالية المحسوبية المحلية. فـ"الصندوق الوقفي لتأهيل تيقراي" (EFFORT) الذي يوجد تحت سيطرته أكثر من 50 شركة، له وجوده وهيمنته على الاتجاه المتنامي للرأسمالية المحسوبية المحلية. ويذهب موضحاً في ثنايا المقال، أن السنوات الـ(25) الماضية شهدت بروز "الصندوق الوقفي لتأهيل تيقراي" كأقوى تكتل للأعمال التجارية المحلية في إثيوبيا، مسيطراً على صروح الاقتصاد الإثيوبي الشامخة. ويتراوح احتكاره على الاقتصاد الاثيوبي بين الهندسية الثقيلة والبناء والاستيراد والتصدير (لرأس المال الرئيسي والمواد الخام بما في ذلك الأسمدة التي يعتمد عليها جميع المزارعين الإثيوبيين) إلى الشحن ونقل الركاب، والتجارة بالجملة والتجزئة. ومع ذلك، فإن القليل من المعلومات هو المتاح لعامة الناس حول "الصندوق الوقفي لتأهيل تيقراي" (EFFORT). وينبِّه د. "بونسا" بأنه من الخطأ وصف "الصندوق الوقفي لتأهيل تيقراي" كمجموعة الأعمال " التابعة للحكومة " لأن جميع الأثيوبيين يعلمون أن أفراد المجموعات الذين يشغلون مناصب حكومية هم أنفسهم أصحاب الشركات الموجودة تحت (EFFORT).
وفي الآونة الأخيرة، يقول د. "بونسا" ظهر احتمال آخر لاحتكار الأعمال في صورة المؤسسة العسكرية، نفس العسكريين والذين قيادتهم العليا موالية لجبهة تحرير شعب تيقراي أو تحت سيطرتها غير المباشرة، فشركة المعادن والهندسة الإثيوبية (METEC) وهي شركة يديرها الجيش الوطني، تمتلك مصلحة تجارية متطورة، بدءاً من إنتاج أجهزة الكمبيوتر وشاشات تلفزيون المسطحة، إلى المعادن الثقيلة كتجميع السيارات والفنادق، وفي هذه المرة أيضاً، لا يتاح للجمهور سوى القليل من المعلومات حول الطبيعة الدقيقة لإمبراطورية (METEC) التجارية.
في ظل هيمنة تكتلات التقراي الإقتصادية
الإقتصاد الإثيوبي تحت فك التطوُّر الرأسمالي والمحسوبية
تقرير: عادل كلر
أنجزت الجارة إثيوبيا طوال العقدين الماضيين تقدماً ملحوظاً على الصعيد الإقتصادي والتنموي، تحت قيادة الزعيم الراحل ميليس زيناوي، غير أن أندلاع الحرب الأرتيرية الأثيوبية في 1998-2000، أرهق ميزانية البلاد وعطَّل المسيرة التنموية لفترة، ولا يزال دخل الفرد الأثيوبي من بين أدنى المداخيل على مستوى العالم.
ويعتمد قوام الاقتصاد الاثيوبي على الزراعة التي تسهم بحوالي (46%) من الناتج المحلي وتستوعب (85%) من القوة العاملة، بيد أن مواسم الجفاف والتغيرات المناخية الأخيرة أثرت على القطاع الزراعي بشكل كبير. ودخلت الحكومة الأثيوبية في صراعات أخذت تتطور لتأخذ شكل المظاهرات الأخيرة التي قامت بها قوميتي الأرومو والأمهرا، حيث عمدت الحكومة إلى بيع الأراضي المملوكة محلياً للشركات الكبيرة متعددة الجنسيات، فضلاً عن تعتيمها أعلامياً على قيمة تلك الصفقات، ومسائلتها للصحفيين الذين ينتقدون هذا المسلك من الإستثمار. وفي الجانب الصناعي، جذبت إثيوبيا رؤوس أموال أجنبية كبيرة للإستثمار في مجالات المنسوجات والجلود والزراعة التجارية والتصنيع.
وتحظى الحكومة الأثيوبية بتشجيع غربي لجهة كونها الحليف الأبرز للولايات المتحدة الأمريكية في منطقة القرن الأفريقي، وقد لعبت دوراً أمنياً لصالح أمريكا في مواجهة حركة الشباب في الصومال، حيث قامت بإرسال قوات عسكرية تحت مظلة الأمم المتحدة والإتحاد الأفريقي في 2006 إلى مقديشو لحماية الحكومة الأنتقالية هناك، فيما يرى غالب المحللون الإستراتيجيون أن الصومال ما هي إلا ساحة أخرى للصراع بين أرتيريا وإثيوبيا. وقد وفر الدعم الأمريكي والغربي للنظام الأثيوبي غطاءاً كبيراً إزاك وضع الحريات والقمع وإنتهاكات حقوق الإنسان، والتي وصلت درجة قتل أكثر من (400) متظاهر خلال إحتجاجات الأرومو والأمهرا الأخيرة، وفقاً لمنظمة هيومان رايتس ووتش.
وبالنسبة لعلاقة المجموعة الأوروبية مع إثيوبيا، تؤكد أستاذة العلاقات الدولية بجامعة مولود معمري الجزائرية د. "رتيبة برد" أن هدفها الرئيسي إستعادة الهيمنة على أفريقيا، وتشرح ذلك في دراستها المعنونة (استراتيجية الاتحاد الأوروبي لاستعادة الهيمنة على القارة الإفريقية) بالقول أن الاتحاد الأوروبي تكمن مصلحته في التصدي ومواجهة التنافس الآسيوي، وبخاصّة الصيني، فالصين تمثّل ثالث أكبر شريكٍ لإفريقيا، أضف إلى ذلك الرغبة في فتح الأسواق الإفريقية أمام المنتجات الأوروبية، خصوصاً أنّ حجم السوق الإفريقية يبلغ (20%) من إجمالي السوق العالمية، كذلك التصدي للاهتمام الأمريكي بإفريقيا.
وتضيف د. "رتيبة برد" أن إقرار الاتحاد الأوروبي بناءَ سياسةٍ خارجيةٍ وأمنيةٍ مشتركة ودعمها؛ لا يمكن تحقيقه إلا من خلال الربط بين القوة الاقتصادية الأوروبية والبعد السياسي لهذه التجربة الوحدوية الرائدة، مما يساعد في معرفة المصالح الأوروبية في القارة الإفريقية وفَهْمها، والتي تتلخص في: البحث عن أسواق لتصريف المنتجات الأوروبية، والحصول على المواد الأولية، وكذا الوصول إلى الموارد الطبيعية الاستراتيجية التي تمتلكها إفريقيا، واستغلال المواد الخامّ التي تزخر بها، ولاسيما: (النفط، اليورانيوم، الذهب، الماس)، وتشير إلى أن الحكومة الأثيوبية تطمح إلى جذب المزيد من الإستثمارات الأجنبية إلى بلادها. وهو الجانب الذي يصوِّب عليه الخبير الاقتصادي د. "ج. بونسا" سهام نقده الكثيف في مقاله المعنون (الاستثمار الأجنبي في إثيوبيا: نعمة أم نقمة؟)، حيث يقول أن حكومة الجبهة الثورية الديمقراطية الشعبية الإثيوبية (ERPDF) الحاكمة هي ائتلاف من أربعة أحزاب، لكنها في الحقيقة نظام "حكم استعماري داخلي" بقيادة حزبٍ قويّ، وهو جبهة تحرير شعب تيقراي (TPLF). ويؤكد أن ولاء الجهاز العسكري والأمني الإثيوبي تجاه "جبهة تحرير شعب تيقراي" هو مصدر القوة الوحيد لـ "الجبهة الشعبية الثورية الديمقراطية" وتحكّم قبضتها على السلطة. ويرى د. "ج. بونسا" أن عدم تكافؤ القوة العسكرية والسياسية لصالح حزب واحد نجمت عنه انحرافات في الفرص الاستثمارية الاقتصادية والمحلية. وأدى ذلك إلى ظهور أبشع نوع من الرأسمالية المحسوبية المحلية. فـ"الصندوق الوقفي لتأهيل تيقراي" (EFFORT) الذي يوجد تحت سيطرته أكثر من 50 شركة، له وجوده وهيمنته على الاتجاه المتنامي للرأسمالية المحسوبية المحلية. ويذهب موضحاً في ثنايا المقال، أن السنوات الـ(25) الماضية شهدت بروز "الصندوق الوقفي لتأهيل تيقراي" كأقوى تكتل للأعمال التجارية المحلية في إثيوبيا، مسيطراً على صروح الاقتصاد الإثيوبي الشامخة. ويتراوح احتكاره على الاقتصاد الاثيوبي بين الهندسية الثقيلة والبناء والاستيراد والتصدير (لرأس المال الرئيسي والمواد الخام بما في ذلك الأسمدة التي يعتمد عليها جميع المزارعين الإثيوبيين) إلى الشحن ونقل الركاب، والتجارة بالجملة والتجزئة. ومع ذلك، فإن القليل من المعلومات هو المتاح لعامة الناس حول "الصندوق الوقفي لتأهيل تيقراي" (EFFORT). وينبِّه د. "بونسا" بأنه من الخطأ وصف "الصندوق الوقفي لتأهيل تيقراي" كمجموعة الأعمال " التابعة للحكومة " لأن جميع الأثيوبيين يعلمون أن أفراد المجموعات الذين يشغلون مناصب حكومية هم أنفسهم أصحاب الشركات الموجودة تحت (EFFORT).
وفي الآونة الأخيرة، يقول د. "بونسا" ظهر احتمال آخر لاحتكار الأعمال في صورة المؤسسة العسكرية، نفس العسكريين والذين قيادتهم العليا موالية لجبهة تحرير شعب تيقراي أو تحت سيطرتها غير المباشرة، فشركة المعادن والهندسة الإثيوبية (METEC) وهي شركة يديرها الجيش الوطني، تمتلك مصلحة تجارية متطورة، بدءاً من إنتاج أجهزة الكمبيوتر وشاشات تلفزيون المسطحة، إلى المعادن الثقيلة كتجميع السيارات والفنادق، وفي هذه المرة أيضاً، لا يتاح للجمهور سوى القليل من المعلومات حول الطبيعة الدقيقة لإمبراطورية (METEC) التجارية.
Comments
Post a Comment