نقل العاصمة أم إعادة الحياة الى الاقاليم ؟
محجوب محمد صالح
نشرت صحيفة(السوداني) أمس نبأ بعنوان(الورقة الاقتصادية للمؤتمر الوطني توصي بنقل العاصمة السياسية خارج الخرطوم) وجاء في الخبر ان الورقة اوصت(بالعمل على نقل العاصمة السياسية من الخرطوم الى أي مكان آخر من سوبا الى الدمازين بجانب العمل على قيام عاصمة تجارية في منطقة قري بالخرطوم بحري) واشار النبأ الى ان اعداد سكان العاصمة الآن يتراوحون بين سبعة الى ثمانية ملايين نسمة بسبب الهجرة من الريف.
...
محجوب محمد صالح
نشرت صحيفة(السوداني) أمس نبأ بعنوان(الورقة الاقتصادية للمؤتمر الوطني توصي بنقل العاصمة السياسية خارج الخرطوم) وجاء في الخبر ان الورقة اوصت(بالعمل على نقل العاصمة السياسية من الخرطوم الى أي مكان آخر من سوبا الى الدمازين بجانب العمل على قيام عاصمة تجارية في منطقة قري بالخرطوم بحري) واشار النبأ الى ان اعداد سكان العاصمة الآن يتراوحون بين سبعة الى ثمانية ملايين نسمة بسبب الهجرة من الريف.
...
من صياغة الخبر واضح ان المبرر الاساسي لطرح هذا المقترح هو الزيادة السكانية الرهيبة التي تعاني منها الخرطوم الآن حيث تضاعف عدد سكانها عدة مرات ومازالت مرشحة للزيادة وما عادت المرافق المتوفرة فيها كافية لسد حاجة سكانها واذا كان ذلك هو المبرر للتفكير في نقل العاصمة فقد كان الاجدى بالذين فكروا في هذا الأمر دراسة الاسباب التي جعلت الناس يتكدسون في العاصمة ويهربون من الريف اليها وكيف يمكن ان نوقف هذا الاندفاع الهروبي من الاقاليم للعاصمة بهذه الكثافة.
نمو العاصمة سكانيا وتدافع كل أهل الاقاليم نحوها ظاهرة جديدة فقد كان كل سكان (مديرية الخرطوم) أي المدن الثلاث وكل اريافها عند استقلال السودان عام 1956م يساوي خمسة في المائة من عدد السكان وباقي السكان (خمسة وتسعون في المائة من السكان) مستقرون في باقي مدن وارياف السودان ويعيشون عيشة يرضون عنها اما الآن فقد اصبح الريف طاردا لاننا لم نوفر اسباب كسب العيش لأهله ولم نؤسس لهم مشاريع انتاجية ولم نستثمر في تنمية مواردهم الطبيعية ولم نقدم لهم الخدمات من صحة وتعليم وغيرها فضاقت بهم الياة وضاقوا زرعا بالتهميش وآثروا ان يعيشوا على هامش العاصمة التي استأثرت بكل شئ بدلا من العيش في قلب مناطقم التي لم تجد شيئا.
الحل الطبيعي لازمة تكدس السودان في العاصمة يكمن في تحريك ساكن الريف لا تحريك العاصمة من موقعها. صحيح أن بعض الدول لجأت الى مثل هذا الحل- نيجيريا مثالا- ولكن مبررها الأهم كان أنه لم يتوفر في أرض لاغوس مجال لمزيد من التوسع ثم ان موقفها الاقتصادي كان جيدا بسبب اكتشافات النفط ولذلك فإن واقع الأمر لا ينطبق علينا نحن الذين نعيش الآن تحت وطأة ازمة اقتصادية خانقة.
والمثير للدهشة أن المقترح لم يقف عند حد نقل العاصمة الحكومية وحدها بل (اعترف – ايضا- بابتداع مرحلة تجارية جديدة خارج الخرطوم- ابوجا في نيجيريا كانت ومازالت العاصمة الحكومية ومازالت لاغوس عاصمتها التجارية والاقتصادية ولم يكن من الممكن عمليا واقتصاديا تفيك البنى التحتية الاقتصادية المتوفرة في لاغوس واعادة بنائها خارجها.
وما هي الدراسات التي ارتكز عليها اولئك الذين طرحوا الفكرة لدعم وجهة نظرهم قبل ان يتقدموا بها الى مؤتمر حزب حاكم لعقود ان يفعل ما شاء في هذا البلد- خاصة والبلد تعاني من مثل هذه الأزمة التي أحالت حياة الناس جحيما والحكومة غير قادرة على اكمال مشروعات البنى التحتية في المدن الموجودة- فكيف تشرع من الصفر في بناء عاصمة جديدة بكل مؤسساتها وخدماتها ومرافقها ومنازلها والبنى التحتية وكم من مليارات الدولارات يتكلفها مثل هذا المشروع الهلامي ولو كانت الحكومة تملك مثل هذه الدولارات فالاجدى استثمارها في اعادة الحياة الى الارياف التي هي جميعا في حالة موت سريري- وذلك هو ما تفرضه الأولويات الراشدة في الحكم الراشد- ولا يستحق مثل هذا الاقتراح الا النظر اليه كمجرد تمرين في الهروب الى الأمام
نمو العاصمة سكانيا وتدافع كل أهل الاقاليم نحوها ظاهرة جديدة فقد كان كل سكان (مديرية الخرطوم) أي المدن الثلاث وكل اريافها عند استقلال السودان عام 1956م يساوي خمسة في المائة من عدد السكان وباقي السكان (خمسة وتسعون في المائة من السكان) مستقرون في باقي مدن وارياف السودان ويعيشون عيشة يرضون عنها اما الآن فقد اصبح الريف طاردا لاننا لم نوفر اسباب كسب العيش لأهله ولم نؤسس لهم مشاريع انتاجية ولم نستثمر في تنمية مواردهم الطبيعية ولم نقدم لهم الخدمات من صحة وتعليم وغيرها فضاقت بهم الياة وضاقوا زرعا بالتهميش وآثروا ان يعيشوا على هامش العاصمة التي استأثرت بكل شئ بدلا من العيش في قلب مناطقم التي لم تجد شيئا.
الحل الطبيعي لازمة تكدس السودان في العاصمة يكمن في تحريك ساكن الريف لا تحريك العاصمة من موقعها. صحيح أن بعض الدول لجأت الى مثل هذا الحل- نيجيريا مثالا- ولكن مبررها الأهم كان أنه لم يتوفر في أرض لاغوس مجال لمزيد من التوسع ثم ان موقفها الاقتصادي كان جيدا بسبب اكتشافات النفط ولذلك فإن واقع الأمر لا ينطبق علينا نحن الذين نعيش الآن تحت وطأة ازمة اقتصادية خانقة.
والمثير للدهشة أن المقترح لم يقف عند حد نقل العاصمة الحكومية وحدها بل (اعترف – ايضا- بابتداع مرحلة تجارية جديدة خارج الخرطوم- ابوجا في نيجيريا كانت ومازالت العاصمة الحكومية ومازالت لاغوس عاصمتها التجارية والاقتصادية ولم يكن من الممكن عمليا واقتصاديا تفيك البنى التحتية الاقتصادية المتوفرة في لاغوس واعادة بنائها خارجها.
وما هي الدراسات التي ارتكز عليها اولئك الذين طرحوا الفكرة لدعم وجهة نظرهم قبل ان يتقدموا بها الى مؤتمر حزب حاكم لعقود ان يفعل ما شاء في هذا البلد- خاصة والبلد تعاني من مثل هذه الأزمة التي أحالت حياة الناس جحيما والحكومة غير قادرة على اكمال مشروعات البنى التحتية في المدن الموجودة- فكيف تشرع من الصفر في بناء عاصمة جديدة بكل مؤسساتها وخدماتها ومرافقها ومنازلها والبنى التحتية وكم من مليارات الدولارات يتكلفها مثل هذا المشروع الهلامي ولو كانت الحكومة تملك مثل هذه الدولارات فالاجدى استثمارها في اعادة الحياة الى الارياف التي هي جميعا في حالة موت سريري- وذلك هو ما تفرضه الأولويات الراشدة في الحكم الراشد- ولا يستحق مثل هذا الاقتراح الا النظر اليه كمجرد تمرين في الهروب الى الأمام
Comments
Post a Comment