سفينة بَوْح – صحيفة الجريدة
إنتبهوا هذه ليست حربكم .. !! - - هيثم الفضل
من المضحكات المبكيات ، ما جرى من صراع سلطوي في ولاية الجزيرة وحاضرتها مدني الخضراء ، فقد تمثلت فيها فكرة (التمويه) المصطنع لمجريات حقيقة الصراع السياسي والإنساني والأخلاقي ، والذي لا بطل له في حقيقية الأمر غير إنسان الجزيرة وحده ، هذا الإنسان الضائع في متاهات التضليل السياسي والفكري والثقافي لطغمة المؤتمر الوطني التي إستلبت مدني والجزيرة وكل السودان ، وها هم ينجحون في جر إنسان الجزيرة المُفعم بالعطاء نحو فكرة أن ما يعانيه محصورٌ فقط في موقفه المتعلَّق بين خيارين لا ثالث لهما ، هما إما يكون مع إيلا أو يكون مع أعدائه أو المجلس التشريعي الذي تم حله بمباركة من رئيس الجمهورية ، تُوَّجت بالأمس بإعلان الرئيس لتأييده وحمايته اللا المشروطة لإيلا إبان زيارته الجزيرة لإفتتاح منشآت معظمها لم يُفتتح للمرة الأولى ، والآخرى منشآت لا ترتفع قيمتها على المستوى التنموي والإجتماعي والإقتصادي لمقام (تلتلة) رئيس الجمهورية للقيام بعبء إفتتاحها ، ولكن ما يهمني في هذا المقام أن أقول أن باب الأمل ما زال موارباً وقابلاً للفتح في كون إنسان الجزيرة ومدني الفتية ما زال على فطنة بأن صراعه الحقيقي ضد شظف العيش وعدم توفر سبل الإنتاج والعمل الشريف وسائر ما يعانيه بقية الشعب السوداني جراء التدهور الإقتصادي العام و إلتهاء السلطات الحاكمة في المركز بالصرف على ما يُبقي حكمها ويُثبِّت أقدام نافذيها نهشاً وإستلاباً في المال العام ، فالصراع الذي يستهدف إسترجاع كرامة إنسان الجزيرة وعودة دِعة عيشه وإنتعاش إقتصادياته يجب أن يكون صراعاً شاملاً ضد (منظورات ومخططات) حزب المؤتمر الوطني الحاكم و حت أيي مُسمىً كان ، فلا الوالي ولا المجلس التشريعي يستهدفون (بالأولوية) المصلحة العامة لإنسان الجزيرة ، ولا يمكنهم عبر ما تواثقوا عليه في عُرى تنظيمهم الشمولي أن يقدموها على مصلحة الحزب والإستراتيجية العامة التي تستهدفها الدولة والتي لم ولن تخرج من دائرة التمكين للموالين والمنتمين ومن ثم إقصاء الذين يختلفون معها فكرياً وسياسياً ، أو حتى أولئك الذين يقفون فقط على حافة جسور الحِياد ، يا أهل الجزيرة عهدي فيكم فطنتكم الخلّاقة وإبداعكم المتناثر في شتى بقاع الوطن لا تأخذكم الموجة وتهيموا في حالة الوهم الذي (يختصر) وجهات نظركم التي تحتاجها الجزيرة في مجرد صراعات داخل حزب كان له يد السبق في هدم مصالح إنسان الجزيرة ، فيوم أن تم تكريس آفة التمكين السياسي في أروقة الخدمة المدنية وأضابير الهياكل الفنية والإدارية لمشروع الجزيرة وحدوث الكارثة التي لم تترنح لها أقدام الجزيرة فقط بل سقط على إسرها وطنٌ بأكمله ، ما زالت المشاريع التنموية تتساقط الواحدة تلو الأخرى في الجزيرة الخضراء ، ومنذ أن تشرد مزارعي مشروع الجزيرة وتوقفت محالج مارنجان وسككها الحديدية ومصانع النسيج ونُهبت شركة الأقطان ، لم يعُد أي صراع آخر ذا جدوى دون إرجاع الجزيرة سيرتها الأولى بمشروعها الجبار وإنسانها المعطاء الذي طالما مد يد العون لسائر ولايات السودان فكراً ومالاً ومساندة ، إنتبهوا يا أهل الجزيرة هذا ليس صراعكم الحقيقي وهذه ليست حربكم ، حربكم الحقيقية هي ضد الإنفراد بالسلطة وضد الجور والإقصاء والفساد والفقر والمرض والجهل والعطالة.
صحيفة الجريدة - عدد اليوم الإثنين 20 نوفمبر 2017
Comments
Post a Comment