سفينة بَوْح – صحيفة الجريدة
إحصائيات في الفشخرة العلاجية .. !! - - هيثم الفضل
سعادة وزير الصحة لولاية الخرطوم يُطلُ من برجهُ العاجي ، ويأبى إلا أن يرفع من مستوى أسهمهُ المتداوله في سوق الإستفزاز المتواصل لهذا الشعب المغلوب على أمره ، قائلاً أن 70% من الذين يسافرون خارج الوطن يتعلَّق سفرهم بأسباب إجتماعية ، يعني بالدارجي الفصيح (فشخرة) وبوبار ، وقبل أن نلِج إلى لُب الموضوع أدعو القاريء الكريم إلى التأمل في مهزلة إدراج الرقم البادي في النسبة وكأن وزارة الصحة والتي هي جزء لا يتجزأ من حالة الأداء البائس لحكومة المؤتمر الوطني التي عجزت عن أساسيات ما يمكن أن تتطلبه قضية الصحة في السودان ، لتشير (من باب الضحك على الذقون) أن أدواتنا الإحصائية والإستقصائية في أعلى مستوياتها وفعاليتها بالقدر الذي يجعل منها قادرة على إحصاء عدد الذين يسافرون للعلاج ، ثم وبكل بساطة وكفاءة تقوم أيضاً بتحليل الأسباب والتشخيصات التي أفادت بأن 70% ممن يسافرون كانت أسبابهم إجتماعية ، والسؤال المطروح بشدة في هذا التصريح الغريب من نوعه والمجهولة أهدافه ، ما معنى أسباب إجتماعية التي يقصدها أخينا الوزير؟ هل هي على شاكلة زواج ، أم طلاق ، أم أعياد ميلاد .. ألخ ، ثم نعود لنقول لآلة الصلف والتكبُر التي بلغت مداها الأعلى في أوساط النافذين في حكومة الإنقاذ التي على ما يبدو ستترى هرطقات منسوبيها ، إذا كانت القطاعات الإحصائية والتحليلية في السودان والتي يشهد القاصي والداني بعدم مهنيتها وكفاءتها ومقدرتها على تقديم معلومات يمكن الوثوق فيها قد أفلحت من وجهة نظر الوزير ، فالأوجب أن تُستغل فيما يفيد الناس ، لنسأل وزير صحة الخرطوم عن إحصائيات الوزارة الخاصة بما خلَّفته الكوليرا أو الإسهالات المائية كما يحلو له أن يسميها من نسب في إطار آثارها الإجتماعية على الأسر التي فقدت من يعولها ، و عن إحصائياته فيما يتعلَّق بنسب عجز مرضى الفشل الكلوي والسرطان في الحصول على تكاليف الغسيل والجرعات ، وعن تجفيف المستشفيات المركزية الحكومية أو شبه الحكومية لصالح المستشفيات الخاصة ، وغلاء أسعار الدواء والإستشفاء بما يُنبي عن إيمان الوزارة بأن الموت حق والحياة باطلة لفئة الغبُش البسطاء ، وعن نسبة الأخطاء الطبية والقصور الفني والإداري لمستشفيات السودان بالقدر الذي يجعل المرضى يستنجدون بالسفر إلى الخارج (لمن إستطاع سبيلا) ، ثم أقول إن كانت معلوماتكم المُستقاة لإعلان هذه النسبة قد تم الحصول عليها عبر التقارير الطبية (المحلية) التي يُقدّمها المرضى المسافرون ، فلكم أن تعلموا أن نسبتكم ستكون مغلوطة من بابٍ لا تتوقعونه إسمه (التشخيص الخاطيء) والذي تعاني منه معظم المراكز الطبية في السودان والأسباب معروفة ويأتي في مقدمتها ما يعانيه الطبيب السوداني من جراحات مهنية وإنعدام المعدات والأدوات المساعدة ، ثم أخيراً ألفت إنتباه وزير صحة الخرطوم الحالم أن نسبته المذكوره مأخوذه مما يمثل 2% من مجموع سكان هذه الأرض المجيدة ، فـ 98% من سكان السودان هم دون حافة الفقر حسب التقارير الدولية والأممية وهم حين يعجزون عن ملاحقة المرض (في بلادهم) لا يسافرون ولكن بكل بساطة يستسلمون ويوكلون أمرهم للشافي الكريم الحليم الذي لا يظلم أحدا .. عودوا إلى رشدكم وتخيَّروا كلماتكم وإحترموا هذا الشعب المغبون.
صحيفة الجريدة - عدد اليوم الإثنين 27 نوفمبر 20017
Comments
Post a Comment