الإمارات في مواجهة الغباء الإعلامي المركب
الأسبوع الماضي كان حافلاً لهواة وممارسي الغباء الإعلامي المركب، وتحديداً ذلك الجزء الموجه ضد دولة الإمارات، كان اللافت فيه دخول الإعلام الإيراني بقوة على خط تلفيق الأخبار والأكاذيب ضد الدولة.
فبعد فشل قناة الجزيرة في تسويق كذبتها حول تصريحات سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية، أطلت علينا وكالة أنباء فارس الناطقة بلسان الحرس الثوري «إياه»، لتزعم أن الإمارات هي من طلب من داعش اغتيال محافظ عدن، وذلك للانتقام من السعودية، نتيجة ما تزعم الوكالة أنه «خلافات شديدة» بين البلدين.
قناة الجزيرة معروفة لديكم ولدى الجميع، لكن ما مشكلة إيران؟
دعوني أخبركم قليلاً عن حجم الصفعة التي وجهتها عاصفة الحزم للإيرانيين، لكي نفهم حجم الصياح الذي حصل والذي سيحصل. إيران تعمل على إحياء ما يعرف بالحوزة الحضارية الإيرانية، وهي عملياً كل شبر من الأرض خضع يوماً للإمبراطورية الفارسية، أو وُجدت فيه القومية الفارسية (ولاحظوا يا أخواننا الشيعة يا عرب، أنتم لستم في الحساب، إلا كأدوات لتنفيذ هذا المشروع).
وهناك أموال طائلة تدفع، سواء لشراء الذمم، أو تحت غطاء تحويل الناس للمذهب الصفوي لخدمة المشروع الإمبراطوري الفارسي، أو لتعليم اللغة الفارسية في بعض البلدان (آسيا الوسطى مثلاً)، وكذلك للتجييش والعسكرة وتكوين الميلشيات وإثارة القلاقل، بل وحتى لإنشاء شبكات تلفزيونية موجهة، حتى إن شبكة آيريب مثلاً تتلقى ميزانية سنوية قاربت 600 مليون درهم في عام 2008، ومن المتوقع أن تكون تضاعفت بحلول هذا العام.
وما كان يحصل في اليمن لم يكن سوى تطبيق عملي بسيط لهذه الأحلام التي يسعى البعض في طهران إلى تحقيقها.
لذلك، عندما تأتي الإمارات والسعودية وتقولان كفى، أمننا القومي لا يمس، فهذا أمر موجع. وصحيح جداً هنا أن القصف كان على صعدة وصنعاء، لكن التألم والوجع والصراخ والعويل كان فعلياً في قم وطهران، وبعض النائحات المستأجرات، مثل حزب اللات ومن شابهه في العراق.
ومن يتابع الإعلام الإيراني بمحاوره المتعددة، ووكالة فارس تحديداً، لكونها ناطقة بلسان الحرس الثوري، يستطيع أن يلاحظ حجم الحقد والغل منذ انطلاق عاصفة الحزم، والذي وصل إلى حد فبركة بيانات يومية بأسماء قبائل سعودية وهمية، أو إلصاق أسماء وجهاء لا وجود لهم على قبائل سعودية، والادعاء أنهم يعارضون الحرب أو يطالبون بالعودة لليمن، وغير ذلك من ترهات.
حتى الخبر المفبرك عن استشهاد محافظ عدن، والادعاء أن الإمارات تقف وراءه، فقد تمت نسبته إلى محلل سياسي وهمي لا وجود له على أرض الواقع، بل إن اسمه لم يستخدم حتى في الوكالة نفسها قبل هذا التقرير.
وكثير من الترهات والأكاذيب التي تسمعونها أو تقرؤونها على الشبكة، يكون مصدرها إما الإعلام الإيراني، أو تمت إعادة تدويرها عبره، ولكن علينا جميعاً أن نتوقع المزيد، مع اقتراب المقاومة الشعبية والتحالف العربي من رأس الأفعى، واقتراب نهاية الانقلاب المشؤوم في اليمن، فالطبيعي هنا، أن الصياح سوف يزيد والألم سيزيد، ولذلك، ستكثر الأكاذيب والفبركات.
وأذكركم بصور احتفالات اليوم الوطني من سنة سابقة، التي تم ترويجها في الإعلام الإيراني على أنها «مظاهرات تطالب بانسحاب الإمارات من اليمن!!!».
لكن علينا أيضاً ألا ننسى الحليف الصامت، وهو إعلام تنظيم الإخوان، الذي أصبح اليوم يضم عشرات القنوات التلفزيونية والمواقع الإلكترونية ومئات الحسابات الوهمية، ببركات وتمويل واستضافة «حريم السلطان»، أو«السلطان الثعبان»، فالدور التكميلي الذي يلعبه هنا، ليس هيناً ولا بسيطاً.
وهم يخدعون البسطاء، من خلال تمرير مواد هنا وهناك تهاجم إيران، بينما المواقف الحقيقية والتحالفات «تحت الطاولة» تخدم إيران، خصوصاً أن التحالف الآثم بين قم والتنظيم الدولي لا يزال في أوجه.
ومن يذكر كيف كان بعض قيادات إخوان الإمارات يستخدمون ورقة الجزر للإساءة للقيادة، وشق الصف الداخلي، يستطيع أن يفهم عن ماذا نتحدث هنا.
والحقيقة أن قائمة أكاذيبهم وفبركات وتلفيقاتهم تجاه الإمارات، قيادة وحكومة وشعباً، طويلة، ويصعب حصرها، فهم قوم لا يملون ولا يتعبون من الكذب. لكن دعوني أقدم لكم نموذجاً بسيطاً، فقد قامت مواقع الصفوية قبل سنوات، بفبركة مقالة تهاجم السعودية الشقيقة، وتمت نسبتها للكاتب الوطني الإماراتي، الزميل سالم حميد.
ومن ذلك الوقت، نجد تبادلاً كاملاً للأدوار، فإذا كتب سالم عن الإخوان، ظهرت هذه المقالة فجأة في مواقع الإخوان، وإذا حضر مؤتمراً لأشقائنا أبناء الأحواز المضطهدين، كما فعل مؤخراً، بادرت المواقع الصفوية حول العالم بإعادة نشر المقالة المفبركة.
أما إذا قام مؤتمر الأحواز بطرد بعض الرموز الإخوانية ومنعهم من المشاركة، بينما استمع باهتمام إلى سالم حميد، يصبح «زواج المتعة» عندها علنياً، ونجد مواقع الإخوان ومواقع الشيعة تتسابق لنشر المقالة التي فبركوها سوياً ونسبوها له.
ثم يأتيك بعد ذلك بعض الصبيان، ليظن أنه إذا فبرك تغريدة ونسبها إلى معالي د. أنور قرقاش، فإنه سيؤذي الإمارات، غافلاً أن هنالك أجهزة سيادية كاملة في «دول وإمبراطورية حريم السلطان»، تسخر مقدراتها لفبركة حسابات وتغريدات، على وهم أنهم يستطيعون إيذاء الدولة، بينما نحن في نهاية اليوم، نجلس في مجالسنا، ونضحك على غبائهم الإعلامي المركب.
أم، كأنكم، لم تسمعوا عن «د. سالم المنهالي»!
Comments
Post a Comment