من "الشرق الاوسط الكبير" الى "الشرق الاوسط الجديد" ومخططات التقسيم المستمرة لاتثمر امن واستقرار.......!!
من "الشرق الاوسط الكبير" الى "الشرق الاوسط الجديد" ومخططات التقسيم المستمرة لاتثمر امن واستقرار.......!!
منذ بداية الثمانينات، بدأت الدوائر الاستخباراتية الغربية في تسريب عدد من الخرائط والمشروعات المختلفة لإعادة تقسيم الشرق الأوسط، وهي المشروعات التي نالت قدرًا متفاوتًا من الاهتمام، وصاحبها أيضًا قدر لا بأس به من الأساطير والشائعات.
حيث يبدو أن الشرق الأوسط، تلك البقعة المتفردة من العالم، وحده القابل للتقسيم وإعادة التركيب من مكاتب صناع القرار في نيويورك وواشنطن وبروكسل، وربما تل أبيب، الأعجب أن تلك النظريات قابلة للتصديق تمامًا من قبل المجتمعات العربية، بل ربما يتخطى الأمر أحيانًا إلى التعامل معها كأنها أشبه ما تكون بحتمية تاريخية.
ولمَ لا؟ وقد تفردت المنطقة دونًا عن سائر بقاع العالم بالاتفاق التاريخي الذي اقتسمت بموجبه بريطانيا وفرنسا منطقة الهلال الخصيب في شرق المتوسط بإشراف قيصري روسي، حيث تم تقسيم ورسم الحدود في مكاتب مغلقة في القاهرة وبطرسبرغ في روسيا.
(1) اتفاقية سايكس بيكو (1916)
وقعت الاتفاقية بين “جورج بيكو” المندوب السامي الفرنسي لشؤون الشرق الأدنى والسفير الفرنسي السابق لدى بيروت، ونظيره البريطاني “مارك سايكس” بإشراف مندوب روسيا، وأسفر الأمر عن اتفاقية سرية ثلاثية لاقتسام تركة الدولة العثمانية المنهارة. قسمت الاتفاقية الأراضي العربية وبعض الأراضي التركية والكردية، وتم اعتماد التقسيم نهائيًّا في اتفاقية (مؤتمر) سان ريمو في عام 1920، حيث منحت عصبة الأمم موافقتها على الحدود التي خطتها بريطانيا وفرنسا.
بموجب هذه الاتفاقية، تم وضع المنطقة ” أ ” تحت النفوذ الفرنسي، حيث حصلت فرنسا على الجزء الأكبر من بلاد الشام (سوريا ولبنان حاليًا)، وجزء من الأراضي التركية الحالية ومنطقة الموصل في العراق، بينما استولت بريطانيا على المنطقة “ب” من الحدود الجنوبية للشام وشملت معظم أراضي العراق الحالي شاملة بغداد والبصرة وجميع المناطق الواقعة بين الخليج العربي والمنطقة الفرنسية.
وتم اقتطاع جزء من جنوب سوريا (فلسطين) ليتم وضعه تحت الإدارة الدولية، المشتركة بين بريطانيا وفرنسا، وجاء وعد بلفور (القاضي بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين) في فبراير/ شباط من عام 1917، وبعد أشهر قليلة من توقيع اتفاقية سايكس بيكو، وهو ما حدا بالكثيرين، خصوصًا العرب، لاعتبار أن القيام بزرع (إسرائيل) داخل المنطقة العربية هو أحد التفاهمات والتداعيات الرئيسية للاتفاق المثير للجدل.
قسمت هذه الاتفاقية وما تبعها “سوريا الكبرى” إلى دول وكيانات سياسية كرست الحدود المرسومة بموجب هذه الاتفاقية والاتفاقيات الناجمة عنها، حيث استقل العراق فعليًّا عام 1932، بينما استقلت لبنان ككيان مستقل عام 1943 تبعها ما تبقى من سوريا في عام 1946، بينما انضمت المنطقة الشمالية من سوريا إلى تركيا.
وعلى الجانب البريطاني، حصلت الأردن على استقلالها عام 1946، بينما انتهى الانتداب البريطاني على فلسطين يوم 14 مايو/ أيار 1948، وتبعها في اليوم التالي إعلان قيام دولة إسرائيل، فوق أجزاء كبيرة من فلسطين.
تعديلات سايكس بيكو فى ثمانينيات القرن الماضي
ومنذ الثمانينيات من القرن الماضي بدأت دوائر صناع القرار في الغرب تستشعر أهمية إجراء تعديلات في حدود سايكس بيكو على خلفية اضطرابات متعددة ألقت بصداها على المنطقة بدءًا من الثورة الإيرانية ثم حروب الخليج الأولى والثانية والغزو الأمريكي للعراق ثم انتفاضات الربيع العربي، وبخاصة في سوريا، وما تبعها من تنامي النزعات العرقية والطائفية في بلاد الشام والعراق، ثم ظهور تنظيمات مسلحة عابرة للحدود.
ووفقًا لمعهد بروكنجز في مايو/ أيار 2014 فإن محرك البحث في جوجل يعطي حوالي 15 ألف نتيجة (14,700) للبحث حول (نهاية سايكس بيكو)، ففي الوقت الذي تتساءل فيه دوائر صناع القرار الغربية حول تداعيات الانهيار المرتقب أو الذي بدأ بالفعل لحدود (سان ريمو)، ويبحثون في ملفاتهم القديمة، فإن العرب صاروا أكثر اهتمامًا بمثل هذه الخطط، بينما ينتظرون مصيرهم المجهول
(2) إسرائيل الكبرى: خطة “أودد ينون
نشرت خطة “أودد ينون” لأول مرة في فبراير/ شباط 1982 تحت عنوان إستراتيجية لإسرائيل في الثمانينات، ونُشِرت في مجلة “كيفونيم” الإسرائيلية، وقدمها إلى العالم باللغة الإنجليزية الحقوقي وأستاذ الكيمياء العضوية الإسرائيلي الأمريكي “إسرائيل شاهاك”، تحت عنوان “خطة إسرائيل للشرق الأوسط”.
ترتكز خطة ينون على مفتاحين رئيسيين، يتلخصان في أنه على إسرائيل أن تتحول إلى قوة إمبريالية، وأنه يجب إعادة تقسيم العالم العربي إلى دويلات صغيرة غير فعالة وغير قادرة على الوقوف في وجه الإمبريالية الإسرائيلية وتحطيم الدول المركزية مستغلة عدم التجانس العرقي والديني والإثني في سائر الدول العربية.
تقسيم الدول العربية إلى دويلات صغيرة
ويشير “إسرائيل شاهاك” في تقدمته لترجمة الدراسة أن فكرة تقسيم الدول العربية إلى دويلات صغيرة هي إحدى الأفكار التي طرحت مرارًا وتكرارًا في الفكر الإستراتيجي الإسرائيلي، واستشهد بما كتبه الصحفي الإسرائيلي الفرنسي الأصل “زئييف شيف”، (توفي عام 2007)، والذي عمل في صحية “هآرتس” كمتخصص في شؤون الدفاع والإستراتيجية، وكتب في صحيفة هآرتس الإسرائيلية بتاريخ 6 فبراير/ شباط 1982 قائلًا: “إن تفكك العراق إلى دولة شيعية وأخرى سنية وانفصال الجزء الكردي هو ما تأمل إسرائيل حدوثه في العراق”.
“يمثل السنة 60- 65% من المسلمين، بينما يمثل الشيعة 15- 20% والأكراد حوالي 17% معظمهم من السنة”.
130
خطة “أودد ينون”
العراق
ومما جاء في خطة “ينون” عن العراق قوله: “إن تفكيك سوريا والعراق إلى مناطق عرقية وإثنية ودينية متناحرة يجب أن يكون الأولوية الأولى لإسرائيل على جبهتها الشرقية، فغنى هذه المناطق بالنفط من ناحية، والصراعات الداخلية التي تمزقها تجعلها مرشحة بشكل مثالي للأهداف الإسرائيلية”.
سوريا
وتنبأ “ينون” بسقوط سوريا في أتون صراعات عرقية وإثنية شأنها شأن لبنان، كُتبت المقالة إبان الحرب الأهلية اللبنانية وقبل 4 أشهر من الغزو الإسرائيلي للبنان حيث كانت لبنان وقتها مقسمة إلى 5 مناطق إدارية تقف على رأس كل منها سلطة شبه سيادية.
الأولى: مسيحية في الشمال، وتتزعمها أسرة فرنجية، التي تؤيدها سوريا، والثانية: في الشرق وتقع تحت السيطرة السورية المباشرة، والثالثة: مسيحية في الوسط تسيطر عليها “القوات اللبنانية” المسيحية، والرابعة: بمحاذاة نهر الليطاني وتسيطر عليها منظمة التحرير الفلسطينية، والخامسة: في الجنوب المحاذي لإسرائيل وبها أغلبية شيعية.
وتوقع “ينون” أن يؤول مصير سوريا بين دولة علوية على الساحل، ودولة سنية في حلب، ودولة سنية أخرى في دمشق، ودولة للدروز في الجولان (الجولان الإسرائيلي بتعبير ينون) وحوران وشمال الأردن.
مصر
ووصف “ينون” مصر بأنها دولة هشة تتمزق بين عدة مراكز للقوة، وأنها تقع تحت سيطرة نظام بيروقراطي وتخضع لوضع اقتصادي سيئ فهي وفقًا لوصفه دولة (غزيرة السكان شحيحة الموارد)، كما أبدى اهتمامًا خاصًا بمناطق تركز الأقباط في مصر مقدرًا نسبتهم بـ 10% من سكان مصر، وأنهم يمثلون أغلبية في الجنوب.
وشدد على أهمية استعادة إسرائيل لشبه جزيرة سيناء (والذي تقف اتفاقية السلام حائلًا دونه وفقًا لوصفه)، مؤكدًا على أهمية استعادة الأوضاع إلى ما قبل زيارة السادات واتفاقية السلام “الكارثية” وفقًا لوصفه مبديًا اهتمامًا خاصًا بالثروات النفطية في شبه جزيرة سيناء لسببين:
أولهما أنه لا يمكن لإسرائيل الاعتماد كليًّا على المعونة الأمريكية التي تحصل عليها على خلفية اتفاقية السلام، وثانيهما منع مصر من استغلال الثروات في شبه جزيرة سيناء لأجل استعادة عافيتها.
الخليج العربي
وحول المملكة العربية السعودية ودول الخليج، فقد وصفها “ينون” بأنها “قصور مبنية في الرمال”، حيث لا يوجد شيء يذكر سوى النفط. ووصف دول الخليج أنها “دول تتحكم فيها الأقليات بالأغلبية”، فوفقًا لزعمه وقتها، فإن الكويتيين لا يمثلون سوى ربع عدد المقيمين بالكويت بينما توجد أغلبيات شيعية في البحرين والإمارات تحكم بواسطة أقليات سنية، حتى المملكة العربية السعودية فإن حكومة أقلية تحكم أغلبية من الوافدين معظمهم من المصريين واليمنيين.
ووصف الأردن بأنها فلسطينية بالأساس تحكم بواسطة أقلية بدوية عابرة، ووصف عمان بأنها فلسطينية تمامًا كنابلس، ووصف الجيش السوري بأنه جيش سني تتحكم فيه أقلية علوية، أما الجيش العراقي فهو جيش شيعي تحكمه قيادة سنية مما دفعه للحكم بصعوبة الحفاظ على استقرار طويل الأمد في هذه الجيوش.
المغرب العربي
وحول المغرب العربي يرى ينون أن المنطقة تعج بتناقضات عرقية بخاصة بين العرب والبربر طالما تسببت في حروب عدة كما حدث في الجزائر، مع صراعات بينية حول ترسيم الحدود مثل مشكلة الصحراء بين المغرب والجزائر.
(3) خطة برنارد لويس
“برنارد لويس” هو بريطاني أمريكي وهو أستاذ فخري لدراسات الشرق الأوسط في جامعة برينستون، وهو كاتب صحفي عمل في مجلة نيويوركر وغيرها، وله مؤلفات متخصصة حول الشرق الأوسط والإسلام، ويفوق عمره الآن 99 عامًا ببضعة أشهر، فهو من مواليد مايو/ أيار 1916.
تعتمد خطة “لويس” بشكل كبير على اشتعال (إشعال) الحروب الطائفية في المنطقة، وقد نشرت ملامح خطة “لويس” في مقاله الذي نشره في مجلة فورين أفيرز تحت عنوان “إعادة التفكير في الشرق الأوسط” في عام 1992، في أعقاب تفكك الاتحاد السوفيتي ثم الغزو العراقي للكويت.
الشرق الأوسط
بنى “لويس” فلسفته على ما وصفه بأنها “نهاية القومية العربية” وفقدان الدول العربة لوظيفتها ككيانات سياسية، مستشهدًا بالفارق بين الموقف الموحد الذي اتخذته الدول العربية ضد قرار تقسيم فلسطين عام 1948، وبين موقفها الصامت على غزو إسرائيل للبنان وطردها لمنظمة التحرير الفلسطينية في عام 1982 ثم الغارات الجوية الأمريكية على ليبيا في عام 1986 وتزايد المناوشات بين الدول العربية وبعضها البعض انتهاء إلى تلاشي ما وصفه بــ”حلم العروبة”.
141 خريطة برنارد لويس
تنبأ “لويس” كذلك بنهاية عصر استخدام النفط كسلاح فعال في أعقاب حرب الخليج الثانية، وهو ما يعزز من ضمور العرب كقوة سياسية فعالة، كذلك أولت خطة “برنارد لويس” اهتمامًا خاصًا بتفكيك الجمهوريات الإسلامية في شرق آسيا والاتحاد السوفيتي السابق معتبرًا إياها جزءًا من الشرق الأوسط التاريخي، كما أعطى اهتمامًا خاصًا من خطته لتفكيك إيران.
دولة للكرد
الدولة الكردية حضرت بوضوح أيضًا في خطة “برنارد لويس” مقتطعًا جزءًا من تركيا، كما أشار إلى تقسيم العراق بين دولتين سنية وشيعية مع اقتطاع جزء لصالح الدولة الكردية، وبقيت سوريا متماسكة في خطة “لويس” (قبل قيام الحرب في سوريا) باستثناء منطقة خاضعة للسيطرة الكردية، كما أولى “لويس” اهتمامًا خاصًا للأهمية الإستراتيجية لسيناء بالنسبة لإسرائيل.
(4) مشروع الشرق الأوسط الجديد وخرائط “رالف بيتر” و”جيفري جولدبرج
أُطلق مصطلح “الشرق الأوسط الجديد” لأول مرة في عام 2006 على يد “كونداليزا رايس” مستشارة الأمن القومي ووزيرة الخارجية الأمريكية السابقة، في مقابل مصطلح الشرق الأوسط الكبير، وتزامن هذا التحول في مصطلحات السياسة الخارجية الأمريكية مع تدشين خط أنابيب (باكو- تيبلسي- جيهان) في شرق المتوسط.
قدمت مشروع “الشرق الأوسط الجديد” علنًا كل من واشنطن وتل أبيب، مع توقع أن لبنان ستكون نقطة الضغط لإعادة تنظيم الشرق الأوسط كله (حاولت إسرائيل غزو لبنان بعد ذلك بأشهر)، وارتبط ظهور مشروع الشرق الأوسط الجديد بمصطلح كثيرًا من تم تداوله على ألسنة الساسة في الولايات المتحدة في هذا التوقيت، وهو ما يعرف بمصطلح “الفوضى الخلاقة” أو “الفوضى البناءة” والذي يعني ببساطة استغلال ظروف الفوضى والحروب في كل إقليم من أجل إعادة تشكيل وجه الشرق الأوسط لتحقيق الأهداف الجيو- إستراتيجية للحلفاء.
خريطة “رالف بيتر” ظهرت فى 2006
تزامن الحديث عن مشروع “الشرق الأوسط الجديد” مع ظهور خريطة الكولونيل “رالف بيتر” والتي تم نشرها في مجلة القوات المسلحة الأمريكية لأول مرة في يونيو/حزيران من العام نفسه (2006) تحت عنوان “حدود الدم: كيف يمكن للشرق الأوسط أن يبدو بشكل أفضل؟”، جدير بالذكر أن “رالف بيتر” هو كولونيل متقاعد في أكاديمية الحرب الأمريكية، ويعتبر رالف بيتر أحد المحللين العسكريين المقربين من دوائر صناعة القرار في الجيش والاستخبارات.
وعلى الرغم من أن هذه الخريطة لم تصدر عن جهة رسمية أمريكية، فقد تم استخدامها في كلية الدفاع بحلف الناتو لتدريب كبار قادة وضباط الجيش. ومن المرجح وفقًا لــ”جلوبال رريسيرش” أنه قد تم استخدامها في الأكاديمية الوطنية للحرب وفي دوائر أخرى للتخطيط العسكري.
ترتكز هذه الخريطة على خرائط قديمة وضعت للشرق الأوسط منها الخرائط التي وضعت بعد الحرب العالمية الأولى في عهد الرئيس الأمريكي “وودرو ويلسون”، ووصف “بيتر” الحدود الموضوعة في الشرق الأوسط وإفريقيا حاليًا بأنها “حدود مشوهة وضعها الأوربيون لتمرير مصالحهم”.
مؤكدًا أنه لا يمكن الوصول إلى تقسيم حدودي يمكن أن يجعل من الجميع سعداء، واصفًا الحدود الجديدة التي وضعها بأنها عملية “تصحيح للأخطاء بحق تجمعات سكانية شديدة الأهمية مثل الأكراد والبلوش والعرب الشيعة”.
تقسيمات رالف بيتر للشرق الأوسط
النظر إلى خريطة “رالف بيتر” يقودنا إلى تغييرات عدة، لعل أهمها في منطقة مثلث (باكستان وأفغانستان وإيران) عبر اقتطاع (بلوشتان المستقلة) من حدود الدول الثلاث، إضافة إلى دولة كردستان والتي تضم أجزاء من سوريا والعراق وتركيا الحالية وإيران، ثم اقتطاع جزء آخر من إيران لصالح أذربيجان، ثم دولة للسنة في العراق تجمع بين مساحات من العراق وسوريا حيث تتواجد الأغلبية السنية، ودولة للعلويين على الساحل السوري ودولة للشيعة العرب (معظمها على الأراضي العراقية) تحاصر الإمارات الخليجية الصغيرة: الكويت والإمارات والبحرين.
أما السعودية فكان لها نصيب الأسد من رؤية “رالف بيتر” لإعادة الهيكلة، حيث رأى أن ينضم الجزء الشمالي منها إلى “دولة الأردن الكبرى”على أن يتم صناعة دولة مقدسات في مكة والمدينة “أشبه بالفاتيكان” بينما يتم ابتلاع الجزء الجنوبي منها ضمن إطار الحدود اليمنية.
بقي التأكيد أن خريطة “رالف بيتر” لم يتم الاعتراف بها بشكل رسمي من قبل دوائر صناعة القرار الأمريكية، ولاقت احتجاجات واسعة بعد ظهورها، أبرزها ردود فعل غاضبة في تركيا ظهرت في صورة بيانات صحفية يوم 15 سبتمبر/ أيلول 2006 بعد عرض الخريطة في كلية الحرب في حلف الناتو، ما أثار غضب الضباط الأتراك.
وهو ما دفع رئيس الأركان التركي الجنرال “بويوكانيت” لمخاطبة رئيس هيئة الأركان المشتركة للحلف الجنرال “بيتر بيس” احتجاجًا على الخريطة مما دفع البتاجون للتأكيد أن الخريطة لا تعكس السياسة الرسمية للولايات المتحدة وأهدافها في المنطقة.
خريطة «جيفري جولدبرج»
وتعتبر خريطة “جيفري جولدبرج”، التي نشرها للمرة الأولى في مجلة (ذا أتلانتيك) أواخر عام 2007 (أعاد جولدبرج تقديم أطروحته في ذات المجلة في يونيو/ حزيران 2014)، امتدادًا لخرائط “رالف بيتر”، وطرح “جولدبيرج” أطروحته في مقالات له بعنوان “ما بعد العراق” تزامنًا مع طرح مجلس الشيوخ الأمريكي خطة وصفت بأنها غير ملزمة لتقسيم العراق.
أولت خريطة جولدبرج اهتمامًا خاصًا لتقسيم السودان إلى شمالي وجنوبي (حدث التقسيم فعليًّا بعد ذلك بثلاث سنوات)، وتشارك مع “رالف بيتر” ذات الرؤية بالنسبة للمملكة العربية السعودية، ودولة كردستان مع إعادة تقسيم سوريا والعراق والأردن ضمن 4 دول هي (دولة سوريا الكبرى ودولة الأردن الكبرى ودولة العراق السنية ودولة العراق الشيعية)، كما أوصى بوضع شبه جزيرة سيناء تحت سيطرة دولية.
(5) خريطة صحيفة نيويورك تايمز
نشرت الخريطة في 28 سبتمبر/ أيلول من عام 2013، وأثارت جدلًا واسعًا في حينها، وضم المقال الذي كتبته “روبن رايت” مشروعًا أو توقعًا لتقسيم 5 دول في الشرق الأوسط وتفتيتها إلى 14 دولة جديدة، وقد ظلت هذه الخريطة حبيسة لأروقة الصحافة لم ترق إلى حدوث جدل كبير على مستوى رسمي سوى أن الصحافة العربية تلقتها بقدر واسع من الاهتمام.
خلال الخريطة المتوقعة، تم تقسيم سوريا إلى 3 دويلات إحداها للعلوين على الساحل، ودولة للسنة في القلب، ودولة أكراد سوريا المرشحة للانضمام إلى أكراد العراق، أما العراق فقسمت لعراق سنية في الشمال (تلتصق بدولة السنة في سوريا)، مع دولة شيعية في الجنوب، ثم امتداد كردي موازٍ لأكراد سوريا، أما السعودية فقسمت لخمس دول في الشمال والجنوب والشرق والغرب والوسط، بينما قسم اليمن ليمن شمالي، ويمن جنوبي.
وعلى الجانب الإفريقي، قسمت ليبيا على أساس قبلي إلى دولة في الشرق عاصمتها بنغازي، ودولة في الغرب وعاصمتها طرابلس، ودولة في الجنوب وعاصمتها سبها.
في الختام، وبصرف النظر عن مدى جدية هذه المشروعات وفاعلية أصحابها في صناعة القرار، وحول ما إذا كانت فعليًّا تشكل بعضًا من حقيقة رؤية القوى الكبرى للمنطقة، فإن المؤكد للرائي أن الشرق الأوسط هو من يقود نفسه نحو مصير مجهول مليء بهواجس التفتيت والتقسيم وأنه إذا كانت سايكس بيكو قد حدثت في غفلة من عمر الزمان بينما لم تفق دول الشرق الأوسط سوى على وقع الصدمة، فإن التغييرات التي يموج بها الشرق الأوسط الآن ليل نهار تحدث على مرأى ومسمع من الجميع وأنه لا شيء بإمكاننا أن نعده بعد الآن مفاجئًا أو صادمًا.
Comments
Post a Comment