عاد السجال ليحتدم من جديد حول ما ينبغي فعله من جانب إسرائيل لمنع انفجار الوضع في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وقد حذر رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الجنرال هرتسي هاليفي من أن الوضع الاقتصادي المتدهور في القطاع قد ينفجر في وجه إسرائيل. وعلى خلفية مطالبة قيادة الجيش الإسرائيلي بإدخال تسهيلات على التعامل مع القطاع، وحتى النظر في إنشاء ميناء هناك، فإن وزير الدفاع موشي يعلون وقيادة «الشاباك» يرفضان تماماً هذه التوصيات.
وفي عرض للأوضاع أمام لجنة الخارجية والأمن في الكنيست مساء أمس الأول، حذر رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية من أنه رغم الجهود التي تبذلها «حماس» للحفاظ على التهدئة، فإن الوضع الاقتصادي في القطاع قد ينفجر في اتجاه إسرائيل. ونقلت «هآرتس» عن أعضاء كنيست، حضروا الجلسة السرية مع هاليفي، أنه قال أيضاً إن إعادة إعمار القطاع تجري ببطء وهي غير كافية رغم حدوث تقدم فيها. وأشار في الجلسة إلى معطيات الأمم المتحدة التي ترى أنه إذا استمرت الاتجاهات الحالية في القطاع، فإن هذا المكان لن يعود صالحاً للعيش في العام 2020.
وأوضح هاليفي لأعضاء الكنيست أن «حماس» تبذل ما بوسعها لوقف التصعيد في مواجهة إسرائيل في قطاع غزة، وهي تكبح القوى الأخرى وتمنعها من إطلاق الصواريخ، لكن هذا ليس أكثر أهمية من كبح الوضع عن طريق تحسين الواقع الاقتصادي في غزة. وقال أحد أعضاء الكنيست إن «رئيس شعبة الاستخبارات قال إن الوضع في غزة يتدهور، وأن الأمم المتحدة تنذر بكارثة. وهو شدد أمامنا على أنه من دون تحسين الأوضاع، ستكون إسرائيل أول من تنفجر الأمور في وجهها».
وأشار هاليفي أيضاً إلى الوضع في الضفة الغربية ومستقبل السلطة الفلسطينية. ونفى ما نقلته القناة العاشرة في التلفزيون الإسرائيلي عنه قوله أمام المجلس الوزاري الأمني إنه من دون خطوة سياسية فإن العنف سيتسع. وقال، لأعضاء الكنيست، «أنا لم أقل هذا الكلام، لذلك لا نية عندي للتعليق عليه».
وشدد هاليفي أمام مستمعيه على أن الخطوات الاقتصادية يمكنها المساعدة في استقرار الأوضاع في الضفة الغربية، وقال إن قرار الحكومة مواصلة السماح للعمال الفلسطينيين بالعمل في إسرائيل، وزيادة أعدادهم خطوة في الاتجاه الصحيح لكبح التصعيد. واعتبر أن التعاون الأمني مع الأجهزة الأمنية الفلسطينية لا يزال صلباً وثمة حاجة لصيانته، لكنه قال إن وقف التنسيق الأمني سيناريو محتمل، لكنه متطرف ومنخفض الترجيح.
وخلال الجلسة، قال هاليفي عن احتمالات انهيار السلطة الفلسطينية إن خطوة كهذه لن تحدث نتيجة مبادرة فلسطينية. وحسب أحد الحضور فإن «رئيس شعبة الاستخبارات قال لنا إنه ليس للقيادة الفلسطينية مصلحة في دفع السلطة للانهيار». لكن هاليفي أوضح أن انهيار السلطة أمر ممكن الحدوث مستقبلاً نتيجة غياب الرئيس الفلسطيني محمود عباس. وفي وضع كهذا، حسب هاليفي، يمكن أن تحاول «حماس» السيطرة على عدد من المؤسسات السلطوية ومراكز القوة في الضفة الغربية، ليس بفعل انقلاب عسكري بل بوسائل سياسية. وقال عضو كنيست حضر الجلسة إن هاليفي «قال مرات عدة إن الجيش قلق مما سيغدو عليه الحال بعد أبو مازن، خصوصاً لأنه ليس له وريث طبيعي حاليا».
وقال هاليفي إن «الفلسطينيين يبذلون كل ما بوسعهم لجر إسرائيل نحو خطوة دولية من طرف واحد، في مجلس الأمن أو عن طريق المبادرة الفرنسية، التي ستفرض على إسرائيل تسوية سياسية». وأضاف أنه «في نظر الفلسطينيين في الضفة، وضعهم الاقتصادي أفضل من جيرانهم في الدول العربية، لكنهم يقارنون وضعهم بإسرائيل ويريدون أحوالاً اقتصادية أفضل، وهم يريدون دولة ولن يكتفوا بتحسين اقتصادهم».
من جانبه، رأى جهاز «الشاباك»، في تقريره السنوي الذي نشر أمس الأول أيضاً، أن 2015 كان العام الأهدأ على الحدود مع قطاع غزة، لكن هذا هدوء موهوم لأن «حماس» تعمل تحت الأرض في الضفة الغربية. وأشار التقرير إلى أن «حماس» تبذل جهوداً كبيرة لتعظيم قدراتها العسكرية، وهي إلى جانب عملها السري لبناء خلايا في الضفة الغربية تجهد في تطوير قدراتها الصاروخية عبر الإنتاج الذاتي للصواريخ وللطائرات من دون طيار.
من جهة أخرى، نشر المعلق العسكري في «هآرتس» عاموس هارئيل تقريراً عن الخلافات بين قيادة الجيش ووزير الدفاع حول سبل تخفيف الضغط عن غزة، وخصوصاً مسألة إنشاء ميناء. وأشار إلى استئناف المداولات في إسرائيل بشأن بلورة الموقف الإسرائيلي النهائي من احتمال إنشاء ميناء في القطاع للمساعدة في تحسين الأوضاع من ناحية ومنع انفجار مواجهة عسكرية مع «حماس» من ناحية أخرى.
وبحسب هارئيل «يجري في هذا الشأن البحث في خمسة خيارات على الأقل تبدأ بإنشاء ميناء على الأرض المصرية في سيناء قرب العريش، مروراً بإنشاء جزيرة صناعية قبالة غزة وصولاً إلى بناء ميناء في غزة نفسها أو الاكتفاء بإنشاء رصيف لاستقبال البضائع من ميناء في قبرص أو ميناء أسدود وإليهما. وكتب أن قادة الجيش يؤيدون مبدئياً إنشاء ميناء في القطاع، خصوصاً إذا تم ربط ذلك بتعهد «حماس» بهدنة طويلة الأجل. وقال إن وزراء إسرائيليين يؤيدون ذلك، لكن احتمالات تنفيذ الخطوة ضعيفة لأن وزير الدفاع موشي يعلون يعارضها.
وكان المراسل العسكري لموقع «والا» أمير بوحبوط قد كتب ان «وزير الدفاع يعارض إنشاء ميناء في غزة على أساس أن كل خطوة كهذه تمنح «حماس نقاطاً وتشجع الإرهاب». ونقل عن مصادر أمنية مقربة من وزير الدفاع قولها إن «كل ما سيدخل إلى قطاع غزة ينبغي أن يمر بفحص إسرائيلي. وإذا كان أحد متحمساً لإدخال بضائع للقطاع من البحر فهو مدعو للقدوم عبر ميناء أسدود». وأوضح بوحبوط أن «الشاباك» يعارض فكرة الميناء من أساسها، جراء الخشية من أن ذلك سيضر جداً بمكانة عباس، حتى في الضفة الغربية.
وكان مقرراً أن يجتمع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أمس مع ممثلي مستوطنات غلاف غزة الذين يخشون من أنفاق «حماس» الهجومية، ومن احتمالات اندلاع حرب جديدة. وأشارت صحف إسرائيلية إلى أن رؤساء مجالس مستوطنات غلاف غزة أرادوا الاستماع من نتنياهو إلى تفسير لطبيعة سياسته بشأن الحركة والمخاطر التي يمثلها القطاع في هذه المرحلة.
Comments
Post a Comment