من بين الفصائل الفلسطينية الكبرى الثلاثة، أي حركات «فتح» و «حماس» و «الجهاد الإسلامي»، لم تخرج سوى الأخيرة بموقف معارض للغالبية الرسمية العربية التي صنفت «حزب الله» بالمنظمة الإرهابية.
وإذا كان الامر ليس بتلك الغرابة بالنسبة الى «فتح» التي لا تحتفظ بتلك العلاقة الوثيقة مع الحزب وتختلف معه في استراتيجية مواجهة إسرائيل، فإن الامر المستغرب تمثل في موقف «حماس» التي تتماهى مع «حزب الله» في موضوع المقاومة وتشترك معه عقائديا.
لا يود مسؤولو «حماس» الحديث علنا حول موقفهم بعدم استنكار اعتبار «حزب الله» إرهابيا، وهم لا يودون الدخول في سجال مع الحزب ويلفتون النظر الى ان لديهم اعتباراتهم التي دفعتهم الى هذا الموقف، خاصة انهم لا يؤيدون «تدخل» الحزب في الشؤون الداخلية للدول العربية..
من ناحية «الجهاد» التي تحتفظ بعلاقة «ممتازة» مع «حزب الله»، حسب قيادي فيها، فإن الإحراج لا يخالجها في الخروج بموقف مؤيد لـ «حزب الله» في ظل غالبية رسمية عربية كبيرة صنفته إرهابيا.
بالنسبة الى الحركة، فإن «حزب الله» يمثل حركة مقاومة مشهود لها انها هزمت الاحتلال ملحقة به الهزيمة الأكبر في تاريخ الصراع. من هنا، فإنها تستهجن هذا القرار الظالم بحق المقاومة. ولعل هذا التنديد يعود الى اعتبار الحركة نفسها في خندق واحد مع الحزب، واذا كان حزب الله قد استهدف اليوم، فإن الجهاد قد تكون التالية على اللائحة».
لكن لماذا لم تندد حركتا «فتح» و «حماس» بهذا التصنيف؟
يشير القيادي في «الجهاد» الى ان هذا القرار، بالنسبة الى الشارع العربي، ومنه الفلسطيني، ظالم بحق «حزب الله»، اما على الصعيد الرسمي، فإن الامر مغاير. ويتابع: كلنا يعلم ان السلطة الفلسطينية هي جزء من النظام العربي ولا يمكن القياس على موقفها لاستبيان نبض الفلسطينيين.
أما موقف «حماس» فهو لا يختلف، داخليا وفي اطار الانصار، عن نبض الشارع العربي في رفض اعتبار «حزب الله» ارهابيا، وهي لديها ظروفها ورؤيتها للتحديات، ما يحول دون الإعلان عن موقفها «وليعذر بعضنا بعضا، سواء بالنسبة الى حماس او إلى فتح التي ترفض شرائح واسعة منها القرار».
ويشير القيادي الى ان موقف الفصائل الفلسطينية الأخرى هو رافض لتصنيف «حزب الله» إرهابيا، «وبذلك فإن الطيف الفلسطيني بغالبيته يعد رافضا لذلك». ويلفت النظر الى ان «موقف الجهاد شكل انعكاسا لموقف الشارع العربي ونحن نتحمل كامل المسؤولية عن قراراتنا».
لا شك ان القرار خضع، حسب القيادي، لتجاذبات عربية وإسلامية، وشكل انعكاسا للصراع في ما بينها، وخاصة على الخط السعودي الإيراني، ولا علاقة له بالبعد الأمني. وبينما يلفت القيادي النظر الى ضرورة ابعاد تلك الصراعات عن قضية المقاومة التي يجب ان تستمر على قدسيتها في ظل استراتيجيتها في مجابهة العدو، يقول ان القرار يعد إشارة الى حجم التداعيات السلبية في المستقبل على المقاومة.
وترى الحركة ان استهداف «حزب الله» يخدم العدو الإسرائيلي لكي يستمر في عدوانيته وتجاوزاته وتخطيه للخطوط الحمر، لا بل ان العدو قد يستخدم هذا الامر للعدوان على المقاومة وغيرها من الحركات المقاومة التي تشترك معها في الخندق نفسه.
إذا، هل ثمة حرب مقبلة على المقاومة في لبنان في ظل الظروف الداخلية الهشة؟
«دعونا لا نبالغ بهذه التداعيات»، يجيب القيادي في «الجهاد»، مضيفا: يجب عدم التسرع الى استخلاص ان حربا ستشن على المقاومة، إذ ان الإسرائيلي غير قادر على شن حرب على المقاومة في الظروف الحالية، ذلك سيعد حماقة من قبل العدو.
ويخلص الى ان الإسرائيلي ليس بوارد شن الحرب على المقاومة اليوم لأسباب عديدة، يأتي على رأسها انه لا يضمن نتيجة أية حرب على المقاومة في ظل القدرات المتعاظمة للمقاومة اليوم وقدرتها على استهداف كامل الجغرافيا الفلسطينية. ويشير الى ان ثمة تنسيقا كاملا وشراكة بين «الجهاد» و «حزب الله» تحسبا لأي عدوان على لبنان قد يلجأ اليه الإسرائيلي.
Comments
Post a Comment