يوسف الشريف -
تواجه المدارس الدينية الخاصة ومدارس الأوقاف الدينية في تركيا حملة كبيرة تنظّمها أحزاب المعارضة وإعلامها، بعد كشف فضيحة اعتداء أحد المدرّسين جنسياً على عشرة أطفال في مدرسة تابعة لوقف الأنصار الإسلامي. وظل الموضوع طي الكتمان ثلاث سنوات حتى تجرّأ أحد المُعتدى عليهم بالشكوى لعائلته التي سارعت إلى إبلاغ الشرطة. وظهر في التحقيق أن الطفل لم يكن الوحيد الذي تعرّض لاعتداء جنسي من المعلم الخمسيني مستغلاً إقامة التلامذة في سكن المدرسة.
ومع أن وقف الأنصار يتمتّع بسمعة طيبة في تركيا لما يقدّمه من خدمات تعليمية مجانية ومساعدات اجتماعية منذ نحو 20 عاماً، فإن محاولة الحكومة التغطية على الموضوع من خلال منع النشر، ودفاع وزيرة شؤون الأسرة عن الوقف بطريقة خاطئة، أجَّجا الاحتجاجات والحملات، التي انتهت إلى تشكيل لجنة تحقيق برلمانية على رغم رفض حزب «العدالة والتنمية» الحاكم هذا الإجراء في البداية.
وكانت وزيرة شؤون العائلة سما رمضان أوغلو، أثارت عاصفة احتجاجات بعد تصريح لها جاء فيه أنه «لا يمكن تشويه سمعة وقف أو مؤسسة تعليمية لمجرّد أن أستاذاً اعتدى فيها جنسياً على تلامذة»، محاولة تقزيم حجم الجريمة، ومتهمة الحملة التي بدأت ضد وقف الأنصار بالمبالغة والعمل السياسي.
وتوعّد رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو بأشد العقاب لذلك المدرس الذي أقر بذنبه، محاولاً القول إنه مريض نفسياً، وقال داود أوغلو: «لن يرى ذلك المجرم النور ثانية»، غير أنه في الوقت عينه رفض تعميم الاتهامات والنيل من سمعة مدارس وقف الأنصار الإسلامي.
لكن حزب «الشعب الجمهوري» أشار في تقرير كان أعده سلفاً عما سمّاه «دور المدارس والأوقاف الدينية الخاصة وتواطؤ وزارة التعليم»، إلى أن وزارة التعليم بدأت في شكل مدروس ومنظّم تسليم قطاع التعليم إلى الأوقاف الإسلامية والمدارس الدينية الخاصة التي تحظى بدعم مالي من الحكومة وتغيب عنها الرقابة في شكل كامل. وورد في التقرير أنه خلال العامين الماضيين تم تغيير 54 ألف مدير مدرسة ومدير إدارة تعليمية في البلاد، وأن 75 في المئة من المدارس الحكومية يديرها الآن منتسبون إلى الحزب الحاكم، ويشارك في إدارة البقية مسؤولون من اتحادات تعليمية إسلامية.
كما أغلقت مئات المدارس في القرى ومنطقة الأناضول، ودفع التلامذة الصغار هناك إلى اللجوء إلى المدارس الدينية الخاصة كبديل وحيد، فيما تدعمها الوزارة مالياً، على رغم فرضها دروس تحفيظ القرآن ومنهاجاً إسلامياً بعيداً تماماً من الحكومي المعتمد. وتساءل التقرير: «لماذا عهدت وزارة التعليم إلى وزارة شؤون الأوقاف الإسلامية مراقبة المدارس الابتدائية الخاصة على اختلاف أنواعها؟ أليس لفرض شروط دينية عليها؟».
كما أشار التقرير إلى أنه على رغم موازنة وزارة التعليم الضخمة، تذهب غالبية أموالها لدعم القطاع الخاص الديني بدلاً من بناء مدارس جديدة أو مساكن لتلامذة، ما يدفع الفقراء منهم للجوء إلى المدارس والمساكن التابعة للأوقاف الدينية المجانية.
وتستهدف مدارس الأوقاف الإسلامية والطرق الدينية المختلفة الأطفال بين سن 3 و8 سنوات في مدارس داخلية، وتعتمد التعليم الديني بديلاً. وتعتبر المعارضة إن الأوقاف الإسلامية تحوّلت خلال السنوات الأربع الماضية إلى تجارة رابحة ومشاريع دينية تجارية، لأنها تحظى بدعم مالي كبير من الحكومة ورقابة شبه معدومة، وذلك على حساب أوقاف ومؤسسات تعليمية أخرى علمانية أو أجنبية تعاني من التضييق والرقابة المفرطة.
على صعيد آخر (أ ف ب)، استاء الرئيس رجب طيب أردوغان من حضور ديبلوماسيين أجانب محاكمة رئيس تحرير صحيفة «جمهورييت» جان دوندار ومدير مكتبها في أنقرة أردم غول، المتهمين بالتجسس ومحاولة انقلاب، في ملف يعتبر اختباراً لحرية الصحافة في هذا البلد. واتهمهم في خطاب بالقيام بـ «استعراض قوة»، مؤكّداً أنهم يستطيعون التصرّف ضمن قنصلياتهم. وتابع: «في أي مكان آخر، فإن طلب الإذن ضروري».
Comments
Post a Comment