رفض رئيس كاتالونيا المُقال كارليس بيغديمونت ضمناً الاعتراف بقرار الحكومة الإسبانية عزله من منصبه بعد إعلانه استقلال الإقليم، وحضّ سكانه على إبداء «اعتراض ديموقراطي» على التدابير التي اتخذتها مدريد، متعهداً متابعة العمل لـ «بناء بلد حرّ».
أتى الخطاب المسجّل لبيغديمونت بعد ساعات على شنّ رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي هجوماً مضاداً، إثر إعلان برلمان كاتالونيا استقلال الإقليم، إذ أقال بيغديمونت وحكومته، وعزل قائد الشرطة في كاتالونيا، وحلّ البرلمان داعياً إلى تنظيم انتخابات عامة في 21 كانون الأول (ديسمبر) المقبل.
وتسعى السلطات المركزية إلى تطبيق إجراءات الحكم المباشر في كاتالونيا، مدعومة بتأييد دولي واسع، لا سيّما من الاتحاد الأوروبي ودول بارزة فيه، مثل فرنسا وألمانيا وبريطانيا، والولايات المتحدة وكندا والمكسيك التي رفضت الاعتراف باستقلال الإقليم، مبدية مساندتها وحدة إسبانيا.
وأعلنت الحكومة الإسبانية أن بيغديمونت والأعضاء الـ12 في حكومته قد يواجهون اتهامات باغتصاب سلطات آخرين، إذا رفضوا إطاعة قرارات مدريد التي تستند إلى المادة 155 من الدستور الإسباني، وتمكّن الحكومة من إخضاع إقليم متمرد لحكم مباشر. كما ذكرت النيابة العامة أن أبرز قياديّي كاتالونيا قد يواجهون غداً اتهامات بالعصيان.
ونظم إسبان تظاهرة وسط مدريد تأييداً لـ «استرجاع» كاتالونيا ودعماً لـ «سجن بيغديمونت» وقادة الانفصاليين، وأعربوا عن استياء من «ليونة» راخوي في التعامل معهم.
تزامن ذلك مع إلقاء رئيس الإقليم خطاباً مسجلاً، ظهر فيه محوطاً بعلم كاتالوني وآخر أوروبي بصفته «رئيساً لكاتالونيا»، في إشارة ضمنية إلى رفضه الاعتراف بقرارات حكومة راخوي.
ووَرَدَ في الخطاب أن إقالة حكومة كاتالونيا وحلّ برلمانها هما «قراران يتنافيان وإرادة مواطني بلادنا التي عُبِّر عنها في صناديق الاقتراع»، في إشارة إلى استفتاء نُظم مطلع الشهر حول استقلال الإقليم. وأضاف أن سكان كاتالونيا «يعلمون تماماً أن البرلمان هو الذي يقيل الرئيس، في مجتمع ديموقراطي»، معتبراً أن تفعيل المادة 155 يشكّل «اعتداءً مخططاً له على إرادة الكاتالونيين».
وتابع: «واضح تماماً أن أفضل دفاع عن المكاسب التي تحققت حتى الآن، هو الاعتراض الديموقراطي على تطبيق المادة 155. إرادتنا هي مواصلة العمل لإنجاز تفويضنا الديموقراطي. سنواصل العمل حتى بناء بلد حرّ».
ورفض مكتب راخوي التعليق على خطاب بيغديمونت، مستدركاً أن أفعاله ستصبح مسألة قضائية منذ الآن، ومعتبراً أن انتخابات 21 كانون الأول ستشكّل وسيلة لـ «إعادة الكرامة إلى المؤسسات الكاتالونية».
أما الناطق باسم الحكومة المركزية إينيغو منديز دي فيغو، فأعلن أن السلطات ستتعامل بـ «ذكاء وبحسّ سليم» مع احتمال رفض بيغديمونت التنحّي عن منصبه. وشدد على أن «لا أحد فوق القانون»، معتبراً أن رئيس كاتالونيا المُقال «قادر على ممارسة معارضة ديموقراطية، إذا شارك في الانتخابات المقبلة».
وأعرب عن ثقته بأن الشرطة في كاتالونيا ستطبّق القانون وتلتزم تعليمات مدريد، بعدما أُثيرت شكوك في هذا الصدد، لا سيّما بعد نشر قرار عزل قائد الشرطة في الإقليم جوزيب لويس ترابيرو في الجريدة الرسمية.
وأفادت وكالة «رويترز» بأن مذكرة داخلية تفيد بأن الشرطة في كاتالونيا حضّت أفرادها على التصرّف في شكل محايد والامتناع عن التحيّز إلى أي طرف، في إطار «مسؤوليتها لضمان أمن الجميع والعمل لكي تمرّ هذه الأحداث بسلام». ونقلت عن ضباط شرطة أن هناك انعدام ثقة بين مؤيّدي الاستقلال ورافضيه داخل شرطة الإقليم.
وأعلنت وزارة الداخلية الإسبانية اتخاذ تدابير في كاتالونيا لحراسة المباني الحكومية ومقار الأحزاب الوطنية والموانئ والمطارات والمحاكم والمصرف المركزي الإسباني. وأشارت إلى إمكان إبدال وحدات الشرطة الإقليمية في حال الضرورة. لكن بعضاً من حوالى 200 ألف موظف في القطاع العام في كاتالونيا، أعلن رفضه الانصياع لأوامر مدريد، وقد يُعاقبون أو يُطردون.
المصدر:
Comments
Post a Comment