سفينة بَوْح – صحيفة الجريدة
نُعيبُ شبابنا والعيبُ فينا .. !! - - هيثم الفضل
(نعيبُ شبابنا والعيبُ فينا **وما لشبابنا عيبٌ سوانا) .. مع كامل الإحترام لحبر الأُمة والإسلام وحُجة الله في أرضه الإمام الشافعي رضي الله عنه ، هذا الجيل الذي وُجد في الحياة بعد العام 89 والذي بدأت بعده الأشياء جميعها تتبدَّل وتتغيِّر بما لا يمكن أن يتصوَّره عقل وما لا يمكن أن يخطر على بال بشر ، نلومه في كل سانحة عبر الكتابات والخطب المنبرية ، ونتهمه بأنه هزيلٌ في وطنيته ، بعيدٌ عن هوية مجتمعه الثقافية ، ومُنجاز إلى ثقافات وأفكار أخرى ومغايرة وربما أضاف البعض أنها مُضاده ومناوئة لموروثاتنا ، غير أن معظمنا لم يكن يلتفت ولو لبُرهة إلى ما أحدثه النظام السياسي الإسلاموي الذي إعتلى سُدة الحكم في السودان على حين غرة من الزمان والمكان من (إسترتيجيات) معظمها مقصودة ومُخطَّطة لتشكيل وجدانيات وعقول هؤلاء الشباب الذين أعتبرهم الجيل الأقل حظاً في نواحي كثيرة منذ تاريخ إستقلال البلاد وربما قبل ذلك ، فالحكم الشمولي الإسلامي بدأ إرهاصات غسيل العقول والوجدانيات لدى شبابنا منذ طفولتهم بما إنتهجه من مؤثرات مهرجانية عبر الشعارات الفضفاضة والخادعة في مضمونها والخاوية والإنتهازية في جوهرها ، كانت أهم نتائجها أن إعتقد بعض هؤلاء الشباب أن الدين والتقوى والقيِّم الإسلامية الفاضلة لا يمكن أن يؤتى منبعها إلا من مصادر حركة الإتجاه الإسلامي الحاكمة في السودان وبذلك (إستشهد) عشرات الآلاف من اليُفع وفاقدي الهوية الفكرية والسياسية في حرب الجنوب وغيرها وتزوَّجوا الحور العين جهاراً نهاراً على أنغام الهتافات والأناشيد والزغاريد ، ثم تم تجنيد بعضهم ليعادوا أهاليهم وجيرانهم وأولي القُربى تحت قيد التنظيم السياسي الذي يُقِر بأن مجرد الحِياد السياسي ليس هو إلا تعبير عن المعاداة السياسية أوالإستعداد المبدئي لخوض غمارها ، ولذات السبب كان أولئك الشباب من أوائل الذين مثَّلوا بدائلاً لأصحاب الكفاءة والخبرة والنزاهة من الذين أُحيلوا للصالح العام بأمر (نهج التمكين السياسي) ، ثم وهم في غمرة ما يتعلمونه من قيَّم وأخلاقيات أساسها الإنتهازية والإحساس المُطلق بالتفوَّق والعُلو على كل من سواهم ، بدأوا يتلمسون سبيلهم في دنيا التناقض بين النظرية والواقع ، فالأمانة والنزاهة مثلاً مكتوبة ومسجَّلة في دفاترهم الفكرية ، لكن الواقع الملموس أساسه الفساد واالتغوَّل اللا شرعي على حق البلاد والعباد ، هؤلاء الشباب حُجب عنهم التاريخ السياسي الحقيقي لهذه البلاد بما فيه من أحداث وأشخاص ومؤشرات ، ثم أُغلقت على عقولهم وأفئدتهم دائرة التواصل مع المد الثقافي والفكري والإبداعي المُغايٍّر ، عبر أدوات عُدة أهمها تطويروتنمية أداوات القمع وتكميم الأفواه والإحتلال الفكري والثقافي والسياسي للأجهزة الإعلامية الرسمية والتوجيه غير المُحايد للغة الخطاب السياسي و النفوذ والثروة وسيادة مبدأ معاداة الآخر وإعتباره على العموم مُهدِّداً إستراتيجياً ، هذا غير ما يُعانيه الشباب من سيادة مبدأ المحسوبية الذي إستشرى ، فضلاً عن العطالة وظلامية المستقبل .. إذا لمناهم على تمردهم على واقعهم المرير ظلمناهم ظلماُ موجعاً .
هيثم الفضل
Comments
Post a Comment