بعد تدمير الجيش الإسرائيلي نفق هجومي عابر للحدود، ما ادى الى مقتل اعضاء في الحركة، يواجه الجهاد الإسلامي الضغوطات من حماس الحاكمة في القطاع لتجنب النزاع
كان المفترض أن يكون هذا اسبوع هادئ واحتفال في قطاع غزة. من المفترض أن تسلم حركة حماس يوم الاربعاء السيطرة على المعابر الحدودية للسلطة الفلسطينية التي تحكمها حركة فتح ضمن اتفاق المصالحة.
ومع الزيارة المتوقعة لمسؤولين مصريين الى قطاع غزة في الأيام القريبة، من المفترض أن يتم تسليم معابر ايريز وكرم ابو سالم رسميا الى اشراف السلطة الفلسطينية في أول خطوة فعلية في اتفاق المصالحة بين حركتي حماس وفتح.
وبالرغم من كون تسليم السيطرة خطوة ليست كبيرة، نظرا لإدارة قوات السلطة الفلسطينية، وليس قوات حماس، المعبرين اصلا، لكن الخطوة الرمزية إشارة لعهد جديد في غزة.
ولكن تغيرت الأمور بعد تدمير اسرائيل لنفق فعال يمتد من القطاع الساحلي الى جنوب اسرائيل، وقتلت بذلك عضوان رفيعان في الجهاد الإسلامي وخمسة أشخاص آخرين على الأقل.
قرار اسرائيل تفجير النفق بالقرب من كيبوتس كيسوفيم المجاور للحدود غير المحادثة في غزة فورا. بدلا من تباحث الوحدة، المصالحة، وتحسين الاوضاع الاقتصادية، يتحدث سكان غزة مرة اخرى عن الشهداء، تصعيد العداء، والانفاق.
يبدو أن القطاع الساحلي يرفض التخلي عن اساليبه – غزة سوف تبقى غزة.
العملية الإسرائيلية مبررة بالتأكيد. هدم النفق تم من داخل الأراضي الإسرائيلية – ما يظهر بشكل واضح ان النفق هو عمل عدائي من قبل حركة الجهاد الإسلامي، الذي حفر داخل الاراضي الإسرائيلية بهدف تنفيذ هجوم في وقت ما.
من الصعب تخيل سبب أفضل وشرعي اكثر لاتخاذ اسرائيل خطوات كهذه.
ولكن نتيجة تدمير النفق، قُتل سبعة اشخاص، واصيب 12 غيرهم، ما يعزز احتمال رد الجهاد الإسلامي بإطلاق الصواريخ ضد اسرائيل. ورد اسرائيل على اي اطلاق صواريخ سيكون سريعا، وعلى الارجح ان تتدخل حماس حينها.
من جهة، يبدو أن الجهاد الإسلامي اسباب كافية للسعي للانتقام على الهجوم؛ نتج الهجوم بأكبر عدد ضحايا فلسطينيين منذ انتهاء عملية الرف الصامد عام 2014.
ومن جهة أخرى، لدى الحركة العديد من الأسباب لتجنب الرد، واول الضغوطات من قبل حماس.
المصالحة أم الحرب؟
لا تريد حركة حماس التي تحكم غزة التصعيد في الوقت الحالي. إنها تريد المصالحة مع السلطة الفلسطينية.
ولا يخفي يحيى السنوار، قائد حماس في قطاع غزة، وزملائه ارادتهم تحقيق ثلاثة اهداف في المستقبل القريب – الهدوء، الهدوء، والمزيد من الهدوء. وبدون دعم حماس وسبب حقيقي للحرب، من المستبعد أن يسارع الجهاد الإسلامي لجر مليونين من سكان غزة لحرب اخرى.
وبالرغم من الغضب نتيجة مقتل المقاتلين، سكان القطاع الساحلي، مثل قادة الجهاد الإسلامي، يدركون أنه لا يوجد أي سبب حقيقي للتصرف الان، غير التنفيس بعض الشيء. انهم يدركون ان اسرائيل تصرفت داخل حدودها، وكانت تعمل لمنع هجوم من قبل الجهاد الإسلامي. الحركة تدفع ثمن نشاطاتها.
وهناك عامل اخر يجعل الحرب مستبعدة ويجعل العديد من الاشخاص في اسرائيل وغزة يتنفسون الصعداء: كون النفق غير تابع لحماس، بالرغم من مقتل اثنين من اعضائها في التفجير.
ووفقا لحماس، حاول الرجلان انقاذ العالقين في النفق، واختنقوا نتيجة استنشاق الغازات السامة التي انتشرت في النفق.
ولكن مع ذلك، لا تواجه حماس، التي تحكم قطاع غزة، الضغوطات من سكان القطاع للرد. بالعكس تماما – سكان غزة يريدون الهدوء، تحسين اوضاعهم الاقتصادية، والوحدة. هجوم من قبل الجهاد الإسلامي الآن لن يخدم هذا الهدف.
ماذا كان الجيش يعلم؟
والرد الغامض من قبل اسرائيل أيضا يثير التساؤلات. ما هي التطورات التكنولوجية الجديدة التي لمح اليها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والتي مكنت اسرائيل كشف النفق؟ إن كان هذا نفق بناه الجهاد الإسلامي، اذا ما هو عدد انفاق حماس التي تعلم اسرائيل يأمرها؟
هل كانت العملية محاولة لتوصيل رسالة للفلسطينيين وحماس بأن ذلك ما سيحدث لكل من يحاول التسلل الى اسرائيل عبر الانفاق؟
وما كان عضوان من حماس، الأعضاء في وحدة خاصة، يفعلون هناك؟
هل كان تدمير النفق بهدف عرقلة خطة محددة، ام استباقا للأحداث؟
هل كانت اسرائيل تعلم ان هناك مقاتلين داخلين النفق، من ضمنهم عرفات ابو مرشد، قائد الجهاد الإسلامي في مركز غزة، ونائبه حسن ابو حسنين؟
قال ناطق بإسم الجيش الإسرائيلي أن الجيش لم يكن يعلم بوجود أي شخص داخل النفق.
وفي هذه المرحلة، يبدو أن مقتل المقاتلين الرفيعين مجرد صدفة. وهذه لن تكون المرة الأولى التي تتواجد اسرائيل والفلسطينيين في موقف كهذا، وسط مفاوضات وحدة فلسطينية.
في يونيو 2006، قصف سلاح الجو الإسرائيلي مخيم تدريب للجان المقاومة الشعبية، الحركة التي قادها العضو السابق في فتح والتنظيم جمال ابو سمهدانة. وكان سمهدانة متواجدا عن طريق الصدفة في المخيم وقُتل جراء القصف الإسرائيلي. وادى هذا الحادث الى مباحثات حول وحدة فلسطينية بناء على وثيقة الاسرى الفلسطينيين للوفاق الوطني التي اصدرها مروان البرغوثي.
وبعد بضعة ايام، تم تنفيذ الهجوم الذي أدى إلى اختطاف الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط. وانتهت بذلك مفاوضات الوحدة.
هل سيكون مصير اتفاق المصالحة مشابها؟ ام سيتمكن الجهاد الإسلامي من ضبط نفسه؟
على الأرجح أن نعرف الإجابة في الأيام القريبة.
Comments
Post a Comment