سفينة بَوْح – صحيفة الجريدة
ثورة التلفيق الُكبرى .. !! - - هيثم الفضل
على ما يبدو أن هذه البلاد في عهد الإنقاذ القسري تعيش ما يمكن أن أسمية (ثورة التلفيق الكبرى) ، فكل ما يخطر وما لا يخطر على بال هو أسير التلفيق والقتامة والمواراة ، أنظُر إلى الحقيقة التي لا يكاد يختلف عليها إثنان في أن لدى كل شركة من شركات القطاع الخاص ملف مالي حقيقي لأغراض حساباتها الداخلية وملف آخر وهمي للضرائب وذلك لأن السلطات الضرائبية أوالمالية في السودان لم تستوعب القاعدة التي تقول (كلما قلت قيمة الضريبة كل ما إتسع الوعاء الجبائي وقل التهرب الضريبي) ما يحدث في هذا المجال ليس سوى (تلفيق) ، ثم أنظر إلى المبرِّرات التي يضعها بين يديك معظم موظفي الخدمة المدنية في القطاع العام والتي ينتج عنها تأخير المعاملات والحقوق ومن شاكلتها الموضوع تحت الدراسة واللجنة لم تجتمع وبوستة المدير العام لم تُفتح بعد والشبكة (طاشه) ، كل ذلك لا يعني عندي سوى (التلفيق) ، ثم أنظر إلى سيارات الإسعاف التي تكاد تصم آذاننا بصراخها وتعرِّض حياتنا للخطر في الشوارع على إثر تجاوزاتها ومجازفاتها ومزاحماتها وهي في كثير من الأحيان فارغة بلا مريض وربما كان سائقها في طريقة لجلب الفطور لزملائه أو لم تكن الحالة التي ينقلها حرجة بالقدر الذي يدفع بسائقها إلى إثارة الهلع والإرتباك في الشارع العام ، ذلك عندي أيضاً صورة من صور(التلفيق) ، ثم أنظر أيضاً إلى شرطة النظام العام وشركائها في المحليات وهم يختصرون دورهم الهام في إرساء النظام بالشارع العام في مجرد مطاردة أطفال الدرداقات وغسالي العربات وستات الشاي والتفحُص في ملابس الفتيات وزينتهن في ذات الوقت الذي يُسرق فيه المال العام علانية وسراً بدءاً بالتماسيح الكبار في كراسي النفوذ ونهايةً بسرقة أغطية منهولات الشوارع الكبرى وقوالب الأسمنت على الأرصفة ، ذلك أيضاً ليس له مسمى عندي سوى (التلفيق) ، أضف إلى ذلك الجشع التجاري الذي أصاب البلاد والعباد في مقتل والزيادات غير المُبرَّرة في الأسعار تحت طائلة تقصير الدولة ووقوفها بعيداً عن مسرح الصراع والوجع الذي ألم بالبسطاء ، في حين لا يخلو خطاب أو تصريح لنافذي هذه الدولة عن كونهم يدعمون الشرائح الضعيفة ، هذا أيضاً سادتي هو عين (التلفيق) ، ثم أنظروا إلى المهرجان الذي أعلنت فيه حكومة المؤتمر الوطني أن رفع الحظر الإقتصادي ستكون أولى بشرياته إنخفاض سعر الدولار وإنتعاش الجنيه السوداني وهم يعلمون أن الوقائع المنطقية تجعل ذلك من المستحيلات في ظل شبكة الفساد التي طغت على مؤسسية الدولة وفي ذلك أيضاً نموذج لا تخطئه عين (للتلفيق) ، ووزارة التربية تُحذَر في بداية كل عام المدارس الخاصة عن إقرار أيي زيادات في الرسوم إلا بنسبة مُحدَّدة يتم الإتفاق عليها كل عامين ، والمدارس الخاصة تضرب بهذا التحذير عرض الحائط والوزارة مُكبَّلة بما تتحصَّل عليه من جبايات وأتاوات مُقدَّرة تدفعها المدارس الخاصة ذلك أيضاً هو عين (التلفيق) ، أنظر إلى ما ظلت تعلنهُ هيئة مواصلات العاصمة القومية وغرفة سائقي المركبات العامة من تسعيرات للخطوط الداخلية بالعاصمة وعلاقتها بالواقع المعاش الذي يجابهه المواطن يومياً ، فقوائم الأسعار في وادي وما يفرضه أصحاب المركبات من زيادات في وادي آخر وهذا أيضاً بابٌ من أبواب (التلفيق) ، والمواضيع تطول في أمر غول التلفيق العام الذي ألم بهذه البلاد وإستشرى ، ثم من بعد كل هذا يأتيك من يسأل ويقول (ياخي الحصل علينا شنو) .. بكل بساطة الحصل علينا تلفيق .
هيثم الفضل
Comments
Post a Comment