Skip to main content

عن العرب والعروبة فى اللحظة الراهنة.. عندما تتحول الهوية الجامعة إلى مصدر للخطر! --------- طلال سلمان

رأي في صحيفة "الشروق" المصرية

عن العرب والعروبة فى اللحظة الراهنة.. عندما تتحول الهوية الجامعة إلى مصدر للخطر!


نشر فى : الثلاثاء 17 أكتوبر 2017

يتبدى الوطن العربى، فى هذه اللحظة من تاريخه، أشبه بأرخبيل من الجزر تتنافس فيما بينها على المرتبة الأولى فى البلاد التى تطرد أهلها إلى أى مكان خارجها.. ولو فى أقصى الأرض.
وإذا كان أبناء الدول العربية فى شمالى إفريقيا قد وجدوا الملجأ فى بلاد مستعمرهم القديم، فرنسا، فإن أبناء المشرق العربى يهيمون على وجوههم وهم يقصدون أى مكان يقبلهم، حتى لو تعرضوا للتوقيف قبل نيلهم تأشيرة الدخول إلى جنة الغربة.
وشهيرة هى تظاهرة المليون جزائرى التى استقبلت، ذات يوم مضى، الرئيس الفرنسى جاك شيراك، فى قلب ميادين مدينة الجزائر بهتاف موحد: « فيزا، فيزا، فيزا..»، وكأنها رد مفجع على مذابح المستعمر الفرنسى التى ذهب ضحيتها أكثر من مليون شهيد خلال حرب التحرير.
ولقد بات الاتجار بـ«الفيزا» مصدر رزق لكثيرين فى مختلف أنحاء الوطن العربى..
الموجع أن «الأكفاء» من خريجى الجامعات والمهنيين المميزين يأتون فى طليعة الراغبين فى الهجرة، أما الأسباب فتتجاوز تناقص فرص العمل فى الداخل، وضيق مصادر الحياة، إلى «الرغبة فى التنفس» و«التفكير بحرية» والتخلص من أشباح المطاردات البوليسية والتضييق على حرية الرأى والمعتقد، فضلا عن «البحث عن غد أفضل».
على الضفة الأخرى، ونتيجة التفاقم فى تردى الأوضاع المعيشية وانعدام فرص العمل، والتضييق على الحريات العامة، تعاظمت أعداد الشباب العرب الذين يهربون من بلادهم قاصدين الالتحاق بالتنظيمات الإرهابية مثل «داعش» و«النصرة» وسائر مشتقات «القاعدة».
وليس بين الأسرار أن أعداد الشبان التوانسة، أساسا، والمغاربة عموما، تحتل مكانا بارزا بين الملتحقين بهذه التنظيمات الإرهابية، فى حين ينتشر الليبيون الذين فقدوا دولتهم فى كل اوروبا بعنوان مالطا ــ إيطاليا.
ــ2ــ
أما أبناء المشرق فيتوزعون بين مهجر ــ وهم الأكثرية ــ ومهاجر؛ ويحتل السوريون المرتبة الأولى بين المهجرين (أو النازحين تخفيفا من وقع الكلمات).. ويأتى بعدهم العراقيون، وقد قارب عدد النازحين السوريين، فى ذروة ارتفاعه الثمانية ملايين رجل وامرأة وطفل.. الكثير من الأطفال.
وإذا كان هؤلاء النازحون قد وجدوا الملجأ فى دول الجوار (تركيا، لبنان، الأردن) فإن دول أوروبا، (ما عدا ألمانيا التى تحتاج إلى يد عاملة رخيصة)، قد أقفلت أبوابها فى وجوههم، وكذلك الولايات المتحدة الأمريكية، مع استثناء كندى محدود.
الظاهرة الجديدة هى الجمعيات الأهلية المرتبطة بمصادر تمويل خارجية (N.G. O) والتى انتشرت على نطاق واسع فى العديد من الأقطار العربية، أولها مصر، ومعها لبنان ودول أخرى.. وهذه الجمعيات تشكل جسر عبور إلى بعض أقطار أوروبا فضلا عن الولايات المتحدة الأمريكية، التى «تتساهل» فى منح جنسياتها للمتعاونين من أجل «المجتمع الأفضل» و«حقوق الإنسان» التى يمكن تفريعها إلى «حقوق الطفل» و«حقوق المرأة» وصولا إلى «حقوق الحيوان» الخ..
فأما النخب الفلسطينية فقد وجدت من يشجعها ويسهل رحيلها وتخلصها من وضعية « اللجوء» المهينة، أو من حال الضيق داخل الأرض المحتلة سواء تلك التى يحكمها العدو الإسرائيلى مباشرة أو بواسطة «السلطة».أن النخب العربية تغادر أوطانها فلا تعود.. وعلى هذا فإن الأقطار العربية، مشرقا ومغربا، تخسر نسبة كبرى من أبنائها الأكفاء (أساتذة جامعات، أطباء، مهندسون، علماء، كتاب ومفكرون الخ)...
وهكذا يتسبب هؤلاء فى زيادة الفارق فى نسبة التقدم بين دول الغرب الصناعية وبين بلدانهم التى تحاول الانتقال من الزراعة والحرف والبداوة إلى التصنيع ومكننة الزراعة والتقدم العلمى عامة.لماذا تهرب الكفاءات العربية من أوطانها؟!
ولماذا يخرج الشباب العربى من بلاده إلى أى مكان فى العالم يقبله ويتيح له فرصة عمل توفر له الأمان فى مستقبله ومستقبل أبنائه؟
لماذا تضيق الأرض العربية الفسيحة بأهلها فيرمون أنفسهم فى البحر للخروج منها طلبا للحياة، مجرد الحياة، فى الغربة؟!
ــ3ــ
إن الأسباب عديدة، بعضها يتصل بطبيعة الأنظمة الحاكمة، وبعضها الآخر بالزيادة المطردة فى عدد السكان فى البلاد المكتظة بأهلها (مصر على سبيل المثال)، وبعض ثالث بضيق الحال وتناقص فرص العمل والدخل المقبول فى الدول العربية الفقيرة بثرواتها (تونس، مثلا، لبنان، اليمن، فضلا عن فلسطين التى حرم أهلها من أرضها)..على أن الأسباب السياسية المتصلة بطبيعة الأنظمة الحاكمة فى مجمل الدول العربية تشكل «القوة الطاردة» للأجيال الجديدة.
كذلك فإن الأنظمة الفاسدة التى تسببت فى نهب الثروات الوطنية للدول المعنية تضيق ذرعا بشبهة المعارضة فتطارد كل من يشكو من سوء الأحوال فتحصر خياره بين المقهر والمهجر.
بالمقابل فإن أنظمة «الدول» التى اصطنعها النفط والغاز، والتى لم تكن دولا فى أى يوم، تشترط على الآتين اليها بوصفها «النعيم» أن يتركوا أفكارهم وعقائدهم وطموحهم إلى مستقبل أفضل لأوطانهم خارجها، وأن يدخلوها عراة من الأفكار والعقائد لا هم لهم إلا الدينار.
كانت البداية مع الأفكار والعقائد السياسية، ثم توسعت دائرة المطاردة والقمع لتشمل الأديان والطوائف (الإسلامية خاصة).. وهكذا بات محظورا على « أنواع» من المسلمين أن يعملوا فى معظم أقطار الجزيرة والخليج العربى.
ويذكر من عاش فى أنحاء الخليج فى الخمسينيات والستينيات حتى الثمانينيات أن بناة أقطار تلك المنطقة العربية كانوا يتكونون من الفلسطينيين والمصريين واللبنانيين والسوريين أساسا، إلى جانب العمال من «المهرة» قبل أن تبدأ سياسة إحلال الهنود والباكستانيين والبلوش، ومعهم نسبة من المغاربة الذين هجروا السياسة، مكان تلك الطلائع المشرقية.

*****
إن الوطن العربى يعيش، حاليا، مجموعة من النكبات معا، تضيف أبعادا خطيرة إلى نكبة فلسطين لأنها تتصل بمستقبل الأمة جميعا.
لقد اختفت أو ضربت فحطمت المؤسسات والأحزاب والشعارات القومية والتقدمية، وحل محلها الغرائز الطائفية والعصبيات الجهوية أو التنكر للهوية العربية وكأنها وصمة عار.
ــ4ــ
سادت الإقليمية معززة بالعصبية الطائفية والمذهبية، وصارت «العروبة» تهمة، أو إعلان انتساب إلى الماضى..لقد ضربت لغة القرآن بتهمة التخلف، فهجرها أبناؤها العرب إلى «اللغات الحية» التى غدت، فى الغالب الأعم، لغة العائلة، فضلا عن كونها لغة الغد والعالم الجديد.
أما فى السياسة فقد تم تمزيق الهوية الجامعة، فصارت العروبة تهمة، وتمت فبركة هويات جهوية أو عنصرية أو كيانية أو.. أممية!
إن الأقطار التى حملت مشاعل التنوير والوعى الوطنى والقومى، مثل مصر وسوريا والعراق (فضلا عن لبنان) غارقة الآن فى بؤس وفى تردى واقعها الاجتماعى وفى غربتها عن السياسة أو نفورها منها باعتبارها مصدر خطر على الأفراد والجماعات.
لا حزب حقيقيا فى الوطن العربى.. والتنظيمات السياسية العريقة أشلاء أو نتف من تجمعات كان لها مجدها فى الماضى وهى تعيش الآن على ذكرياتها.. والمسرح يتسع لـ(N.G.O) الممولة من الخارج، والتى يسمح لها أن تتحدث عن الديمقراطية وحقوق الانسان (ولو تحت الرقابة).
بل إن الهوية باتت موضع نقاش، والعروبة صارت تهمة.
ليس سهلا أن يقبل المصرى أو اللبنانى أو الجزائرى أو المغربى أو الخليجى «اتهامه» بأنه عربى.. ذلك أن هويته الكيانية هى الأهم، لأنها غالبا ما تشكل مصدر ثروته أو حمايته.
والعرب الأغنياء يتنصلون من «إخوتهم» العرب الفقراء بل ينظرون بريبة إلى هؤلاء «الحاسدين» الطامعين فى ثرواتهم.. ومن هنا فهم يفضلون عليهم الأجانب مع أفضلية مطلقة للأمريكيين ثم البريطانيين فالألمان فالفرنسيين وسائر الغرب.
من أين يأتى، إذن، المستقبل العربى إذا كان العرب قد غادروا ماضيهم وحاضرهم ومعهما هويتهم الجامعة؟!تلك هى المسألة
نتيجة بحث الصور عن صور للقمة العربية

Comments

Popular posts from this blog

Mona Farouk reveals scenes of "scandalous video"Egyptian actress Mona Farouk appeared on

Mona Farouk reveals scenes of "scandalous video"Egyptian actress Mona Farouk appeared on Monday in a video clip to discuss the details of the case she is currently facing. She recorded the first video and audio statements about the scandalous video that she brings together with Khaled Youssef.Farouk detonated several surprises, on the sidelines of her summons to the Egyptian prosecution, that Khalid Youssef was a friend of her father years ago, when she was a young age, and then collected a love relationship with him when she grew up, and married him in secret with the knowledge of her parents and her father and brother because his social status was not allowed to declare marriage .Muna Farouk revealed that the video was filmed in a drunken state. She and her colleague Shima al-Hajj said that on the same day the video was filmed, she was at odds with Shima, and Khaled Yusuf repaired them and then drank alcohol.She confirmed that Youssef was the one who filmed the clips whil...

الحلقة 20 هنادي المطلقة والمحلل (ماذا قال كتاب العرب في هنادي)-----------Khalid Babiker

• الجنس شعور فوضوي يتحكم في الذات والعقل . وله قوة ذاتية لا تتصالح إلا مع نفسها . هكذا قال أنصار المحلل الحلقة 20 هنادي المطلقة والمحلل (ماذا قال كتاب العرب في هنادي) أول طريق عبره الإنسان هو طريق الذكر . بعدها شهق وصرخ . تمرغ في الزيت المقدس . وجرب نشوة الأرغوس . عاجلا أم آجلا سيبحث عن هذا الطريق ( كالأسماك تعود إلى أرض ميلادها لتبيض وتموت ) . وسيعبره . سيعبره بحثا عن الديمومة . وسيشهق وسيضحك . لقد جاء إليه غريبا . سيظل بين جدرانه الدافئة غريبا . وحالما يدفع تلك الكائنات الحية الصغيرة المضطربة في الهاوية الملعونة سيخرج فقيرا مدحورا يشعر بخيانة ما ( ..... ) . لن ينسى الإنسان أبدا طريق الذكر الذي عبره في البدء . سيتذكره ليس بالذاكرة وإنما بالذكر . سيعود إليه بعد البلوغ أكثر شوقا وتولعا . ولن يدخل فيه بجميع بدنه كما فعل في تلك السنوات التي مضت وإنما سيدخل برأسه . بعد ذلك سيندفع غير مبال بالخطر والفضيحة والقانون والدين . الله هناك خلف الأشياء الصغيرة . خلف كل شهقة . كل صرخة مندفعا في الظلام كالثور في قاعة المسلخ . الله لا يوجد في الأشياء الكبيرة . في الشرانق . في المح . ينشق فمه . تن...

Trusting Liar (#5) Leave a reply

Trusting Liar (#5) Leave a reply Gertruida is the first to recover.  “Klasie… ?” “Ag drop the pretence, Gertruida. You all call me ‘Liar’ behind my back, so why stop now? Might as well be on the same page, yes?” Liar’s face is flushed with anger; the muscles in his thin neck prominently bulging. “That diamond belongs to me. Hand it over.” “What are you doing? Put away the gun…” “No! This…,” Liar sweeps his one hand towards the horizon, “…is my place.  Mine!   I earned it! And you…you have no right to be here!” “Listen, Liar, we’re not the enemy. Whoever is looking for you with the aeroplane and the chopper….well, it isn’t us. In fact, we were worried about you and that’s why we followed you. We’re here to help, man!” Vetfaan’s voice is pleading as he takes a step closer to the distraught man. “Now, put down the gun and let’s chat about all this.” Liar hesitates, taken aback after clearly being convinced that the group  had hostile intentions. “I…I’m ...