Skip to main content

"جرداق للمطر": ميلادها في ظهيرة ندية العيون بنيالا------د.عبد الله علي إبراهيم

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏2‏ شخصان‏، و‏‏‏لحية‏ و‏نظارة‏‏‏‏
"جرداق للمطر": ميلادها في ظهيرة ندية العيون بنيالا
عبد الله علي إبراهيم
كنت من شهود الظهيرة "ندية العيون" التي صورها علي عبد القيوم
بعبارات استثنائية في قصيدته "جرداق للمطر". بل كنت في المجلس الذي ربما علم علي منه أول ما علم ب"جرداق" التي جعلها عنواناً للقصيدة.
كنت عند مشهد ميلاد القصيدة في رحلة لجمعية الثقافة الوطنية بجامعة الخرطوم لنيالا في نحو أبريل 1965. والجمعية ذراع من أذرع الجبهة الديمقراطية. وكنا صحبة أذكر منها علي عبد القيوم والمرحوم محمد عبد الحي، وجلال الطيب، ومحمد فائق وسهوت عن آخر. وكنا أردنا من الرحلة التعرف على ضروب الثقافة في جنوب دارفور. والتقط علي كلمة "جرداق"، الذي هو جنس غناء دارفوري، من لقاءاتنا الباكرة مع أهل الاختصاص. ونزلنا في منزل من بيوت المجلس الريفي بنيالا مفتوح على السوق. وجاءنا يوماً من نقل لنا خبر فوز الشيوعيين بغالب دوائر الخريجين. ولربما لم يصدق ليومه أن يلقى خبره منا تلك البهجة العريضة لا تستثني أحدا.
كانت ظهيرة يوم حين جلدت الأمطار نيالا. دخلت علينا امرأة شيخة استأذنتنا بأن تحتمي بمضيفتنا حتى تكف السماء مدرارها. وما كفت حتى تأهبت العجوز لمواصلة مشوارها ولكن ليس قبل أن تقول: "أرقدوا عافية". وهي دعوة توقف عندها الدكتور حسن بلة الأمين في كتابه "أطباء السودان الحفاة". ففرق فيه بين الصحة كخلو من المرض والعافية وهي الصحة كأمن بدني ونفسي وحياتي. وضرب من كلام الله تعالى مثلاً: "لم يؤت أحد بعد اليقين خيراً من العافية". وقال د. حسن إن دعاء السودانيين لبعضهم بالعافية لأبعد شأو من الثورة الصحية. إنه أمن أوسع نطاقاً.
وخرجنا بعد المطر نتكرف ابتلال المدينة بالقطر الرباني. ووقفنا عند الباب. جف الماء تشربته "فوهة الرمال". وأخذنا ننظر إلى سوق بدا لي أنه سوق نساء من رواكيب. وتخطر لي إلى يومي هذا هدومهن المشرورة بأعالي الرواكيب:
وانتشرت ثياب العاملات في الأسواق
كالشباك
تصطاد كل نسمة وكل وهجة شمسية
تشعب بنا خطاب المركز والهامش. بل ضل بنا حين لم ير الهامش ناشطو الهامش من المركز سوى ما جاءت رشاقة اللغة عند علي:
وهذه الخرطوم، ـ بنت دار الصبح.
لصة الذراع
وبنو استراتيجيتهم على عمليات "الذراع الطويل" يريدون احتلال بنت دار الصبح هذه. وما قضوا منها وطراً لأنهم لم يتواضعوا أمام الحكمة القائلة: "البلد بشقوها بولدها". وولدها هو القوى السودانية المدينية الحية التي "تبينت" في الحركة الوطنية والنقابية وفي أكتوبر 1964 وأبريل 1985. فاستبخس ثوريو الجبل ثوريّ السهل وأحالوهم للاستيداع فرحاً بالسلاح. والأدهى أن طاقم السهل في الخرطوم، لصة الذراع، الذي منتهى خبرته تنظيم قوى المدينة وتثويرها، قبل بكسل عجيب أن يعمل مستكيناً تحت ظل بندقية الهامش وبوعودها الجريئة المرتدة. وصارت رحلاتهم إلى تخوم الهامش في التحالفات والمؤتمرات حيلة عجز.
واستغشوا عن قول علي:
لكنما ربيعنا ... ربيعكم
لو تبغضونه، يجيئكم
مزدهر الكفين، راقص الشهاب
بعد الخريف الواعد السحاب
لأن لصوصية الخرطوم، التي تسرق نداوة رذاذ تلك الظهيرة الندية، قد عرّفها الشاعر طبقياً. فمتى سرقت الخرطوم رذاذ تلك الظهيرة استقرت:
في بيوت السادة الكبار
بعد الخريف، ذهباً وجلنار
ومركبات حافلات بالعوين والخدم.
وعين الشاعر "طلائع الصباح" فانوس الحقيقة:
ونميط عن زيف الغموض خمارها
يا علي المعلى.
صورة لشخصي وعبد الحي وجلال الطيب في قطار الرحلة إلى نيالا، 1965

Comments

Popular posts from this blog

Mona Farouk reveals scenes of "scandalous video"Egyptian actress Mona Farouk appeared on

Mona Farouk reveals scenes of "scandalous video"Egyptian actress Mona Farouk appeared on Monday in a video clip to discuss the details of the case she is currently facing. She recorded the first video and audio statements about the scandalous video that she brings together with Khaled Youssef.Farouk detonated several surprises, on the sidelines of her summons to the Egyptian prosecution, that Khalid Youssef was a friend of her father years ago, when she was a young age, and then collected a love relationship with him when she grew up, and married him in secret with the knowledge of her parents and her father and brother because his social status was not allowed to declare marriage .Muna Farouk revealed that the video was filmed in a drunken state. She and her colleague Shima al-Hajj said that on the same day the video was filmed, she was at odds with Shima, and Khaled Yusuf repaired them and then drank alcohol.She confirmed that Youssef was the one who filmed the clips whil

الحلقة 20 هنادي المطلقة والمحلل (ماذا قال كتاب العرب في هنادي)-----------Khalid Babiker

• الجنس شعور فوضوي يتحكم في الذات والعقل . وله قوة ذاتية لا تتصالح إلا مع نفسها . هكذا قال أنصار المحلل الحلقة 20 هنادي المطلقة والمحلل (ماذا قال كتاب العرب في هنادي) أول طريق عبره الإنسان هو طريق الذكر . بعدها شهق وصرخ . تمرغ في الزيت المقدس . وجرب نشوة الأرغوس . عاجلا أم آجلا سيبحث عن هذا الطريق ( كالأسماك تعود إلى أرض ميلادها لتبيض وتموت ) . وسيعبره . سيعبره بحثا عن الديمومة . وسيشهق وسيضحك . لقد جاء إليه غريبا . سيظل بين جدرانه الدافئة غريبا . وحالما يدفع تلك الكائنات الحية الصغيرة المضطربة في الهاوية الملعونة سيخرج فقيرا مدحورا يشعر بخيانة ما ( ..... ) . لن ينسى الإنسان أبدا طريق الذكر الذي عبره في البدء . سيتذكره ليس بالذاكرة وإنما بالذكر . سيعود إليه بعد البلوغ أكثر شوقا وتولعا . ولن يدخل فيه بجميع بدنه كما فعل في تلك السنوات التي مضت وإنما سيدخل برأسه . بعد ذلك سيندفع غير مبال بالخطر والفضيحة والقانون والدين . الله هناك خلف الأشياء الصغيرة . خلف كل شهقة . كل صرخة مندفعا في الظلام كالثور في قاعة المسلخ . الله لا يوجد في الأشياء الكبيرة . في الشرانق . في المح . ينشق فمه . تن

Trusting Liar (#5) Leave a reply

Trusting Liar (#5) Leave a reply Gertruida is the first to recover.  “Klasie… ?” “Ag drop the pretence, Gertruida. You all call me ‘Liar’ behind my back, so why stop now? Might as well be on the same page, yes?” Liar’s face is flushed with anger; the muscles in his thin neck prominently bulging. “That diamond belongs to me. Hand it over.” “What are you doing? Put away the gun…” “No! This…,” Liar sweeps his one hand towards the horizon, “…is my place.  Mine!   I earned it! And you…you have no right to be here!” “Listen, Liar, we’re not the enemy. Whoever is looking for you with the aeroplane and the chopper….well, it isn’t us. In fact, we were worried about you and that’s why we followed you. We’re here to help, man!” Vetfaan’s voice is pleading as he takes a step closer to the distraught man. “Now, put down the gun and let’s chat about all this.” Liar hesitates, taken aback after clearly being convinced that the group  had hostile intentions. “I…I’m not sure I believe