Skip to main content

ميونخ التي أعرفها جيداً ----------- عائشة سلطان

ميونخ التي أعرفها جيداً

زرت ميونخ للمرة الأولى صيف عام 1999، بعدها وخلال أكثر من 15 عاماً، زرت هذه المدينة مراراً وتكراراً، وبينما فرقت الأيام وظروف العمل بين صديقات السفر والرحلات بعد أن كبرن وتغيرن ودارت بهن الحياة دورتها الطبيعية، فإن ميونخ وفي كل مرة أذهب إليها أجدها كما هي، محطة القطارات الرئيسية، مطاعم الأندرجراوند، عربات بيع الفاكهة في المارين، المقاهي التي لا تجد فيها مكاناً فارغاً، برج الكنيسة الضخم، أسماء المحال الكبرى، محال الموضة في شارع ماكسيميليان، ازدحام المارين بلاتز الدائم، المطر الذي لا ينقطع، كل شيء في ميونخ في مكانه كأنك تركته مساء البارحة.
يوم انقلب العالم رأساً على عقب، إثر تفجيرات نيويورك في سبتمبر من العام 2001 كنت هناك بصحبة والدتي في رحلة علاج طالت بعض الشيء، يومها امتلأت نفوس الناس بالخوف، وزادت وتيرة التحذيرات، وطفحت وسائل الإعلام الألمانية بصور أسامة بن لادن، وبالموقف من الإسلام والمسلمين، لكن شيئاً واحداً لم يتغير، هدوء ميونخ وأمانها وسلاسة الحياة والحركة في كل مكان فيها، حتى هذا الذعر الذي يسيطر على الناس والحكومات اليوم إثر العمليات الإرهابية لم يكن له أي أثر في تلك الأيام!
بعد زيارتي الأولى تلك زرت ميونخ مراراً وتكراراً، للعلاج، ولقضاء إجازات ممتعة، وللانطلاق منها لمدن أخرى، لقد ظل الأمان صفتها الملازمة، حتى حين كان البعض يتحدث عن تعصب الألمان وجديتهم وصرامتهم، كنت أتذكر أنني لم أُسْرَق يوماً هناك، وعندما نسيت كتاباً كنت أقرؤه في أحد المقاهي وجدته مرسلاً إليّ عبر عنوان المكتب الصحي للإمارات الذي كان مسجلاً داخل الكتاب، كنت أنظر للجانب الإيجابي الذي تركته الصرامة والجدية على المجتمع الألماني.
إن الدقة والجدية هي ما أوجد ألمانيا وحافظ عليها، وجعلها أيقونة للصناعة المتقدمة والمتقنة وللحرفية الفائقة وللنظام والشفافية، لقد مر هذا البلد بتطورات تاريخية زلزلت الناس ووضعتهم أمام خيارات وجودية قاسية جداً، خاصة في تلك اللحظة التي هزمت فيها ألمانيا ولم يبق في معظم مدنها حجرا على حجر، وحدها قوة القيم الألمانية وصلابة الإنسان ومشروعات الإعمار الهائلة هي ما نهض بألمانيا من رمادها، لتقف اليوم على قمة اقتصادات العالم.
لقد أحببت كل شيء في ميونخ، وحين وقف ذلك المعتوه يصوب رصاص مسدسه على الناس في الشارع، شعرت بالصدمة وبحزن شديد، وبأنني أعرف ذلك المكان جيداً، فلطالما مررت به، وهالني منظر الناس وهم يركضون بهلع بحثاً عن ملجأ من رصاص مجنون لا يعرف معنى وقيمة الأمان، كما تعرفها شعوب دفعت ملايين الضحايا لتصل إلى أمانها الحالي، ولتتشارك ثمار هذا الأمان مع الجميع.

Comments

Popular posts from this blog

Mona Farouk reveals scenes of "scandalous video"Egyptian actress Mona Farouk appeared on

Mona Farouk reveals scenes of "scandalous video"Egyptian actress Mona Farouk appeared on Monday in a video clip to discuss the details of the case she is currently facing. She recorded the first video and audio statements about the scandalous video that she brings together with Khaled Youssef.Farouk detonated several surprises, on the sidelines of her summons to the Egyptian prosecution, that Khalid Youssef was a friend of her father years ago, when she was a young age, and then collected a love relationship with him when she grew up, and married him in secret with the knowledge of her parents and her father and brother because his social status was not allowed to declare marriage .Muna Farouk revealed that the video was filmed in a drunken state. She and her colleague Shima al-Hajj said that on the same day the video was filmed, she was at odds with Shima, and Khaled Yusuf repaired them and then drank alcohol.She confirmed that Youssef was the one who filmed the clips whil

الحلقة 20 هنادي المطلقة والمحلل (ماذا قال كتاب العرب في هنادي)-----------Khalid Babiker

• الجنس شعور فوضوي يتحكم في الذات والعقل . وله قوة ذاتية لا تتصالح إلا مع نفسها . هكذا قال أنصار المحلل الحلقة 20 هنادي المطلقة والمحلل (ماذا قال كتاب العرب في هنادي) أول طريق عبره الإنسان هو طريق الذكر . بعدها شهق وصرخ . تمرغ في الزيت المقدس . وجرب نشوة الأرغوس . عاجلا أم آجلا سيبحث عن هذا الطريق ( كالأسماك تعود إلى أرض ميلادها لتبيض وتموت ) . وسيعبره . سيعبره بحثا عن الديمومة . وسيشهق وسيضحك . لقد جاء إليه غريبا . سيظل بين جدرانه الدافئة غريبا . وحالما يدفع تلك الكائنات الحية الصغيرة المضطربة في الهاوية الملعونة سيخرج فقيرا مدحورا يشعر بخيانة ما ( ..... ) . لن ينسى الإنسان أبدا طريق الذكر الذي عبره في البدء . سيتذكره ليس بالذاكرة وإنما بالذكر . سيعود إليه بعد البلوغ أكثر شوقا وتولعا . ولن يدخل فيه بجميع بدنه كما فعل في تلك السنوات التي مضت وإنما سيدخل برأسه . بعد ذلك سيندفع غير مبال بالخطر والفضيحة والقانون والدين . الله هناك خلف الأشياء الصغيرة . خلف كل شهقة . كل صرخة مندفعا في الظلام كالثور في قاعة المسلخ . الله لا يوجد في الأشياء الكبيرة . في الشرانق . في المح . ينشق فمه . تن

Trusting Liar (#5) Leave a reply

Trusting Liar (#5) Leave a reply Gertruida is the first to recover.  “Klasie… ?” “Ag drop the pretence, Gertruida. You all call me ‘Liar’ behind my back, so why stop now? Might as well be on the same page, yes?” Liar’s face is flushed with anger; the muscles in his thin neck prominently bulging. “That diamond belongs to me. Hand it over.” “What are you doing? Put away the gun…” “No! This…,” Liar sweeps his one hand towards the horizon, “…is my place.  Mine!   I earned it! And you…you have no right to be here!” “Listen, Liar, we’re not the enemy. Whoever is looking for you with the aeroplane and the chopper….well, it isn’t us. In fact, we were worried about you and that’s why we followed you. We’re here to help, man!” Vetfaan’s voice is pleading as he takes a step closer to the distraught man. “Now, put down the gun and let’s chat about all this.” Liar hesitates, taken aback after clearly being convinced that the group  had hostile intentions. “I…I’m not sure I believe