Skip to main content

ﺃﺑﻮﻗﺮﺟﺔ ﺃﻣﻴﺮ ﺍﻟﺒﺮﻳﻦ ﻭﺍﻟﺒﺤﺮﻳﻦ ﺣﺼﺎﺭ ﻭﺗﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ ---------ﻣﻜﻲ ﺃﺑﻮﻗﺮﺟﺔ

ﺃﺑﻮﻗﺮﺟﺔ ﺃﻣﻴﺮ ﺍﻟﺒﺮﻳﻦ ﻭﺍﻟﺒﺤﺮﻳﻦ
ﺣﺼﺎﺭ ﻭﺗﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ
ﻣﻜﻲ ﺃﺑﻮﻗﺮﺟﺔ
 
mekkihas@hotmail.com
ﺟﺎﺕ ﺃﻧﺼﺎﺭﺍً ﻣﺎ ﺑﺘﺘﻜﻠﻢ
ﻭﺟﻴﺖ ﺃﺑﻘﺮﺟﺔ ﺻﺎﻟﺢ ﺳﻠﻢ
"ﻣﻦ ﺃﻫﺎﺯﻳﺞ ﺍﻷﻧﺼﺎﺭ "
ﻛﺎﻥ ﻣﺸﻬﺪﺍً ﺗﺎﺭﻳﺨﻴﺎً ﻣﺪﻫﺸﺎً ﻭﻣﺆﺛﺮﺍً . ﻳﺠﺴﺪ ﺍﻟﻘﻮﺓ
ﻭﺍﻻﻗﺘﺪﺍﺭ ﻭﺍﻟﺜﻘﺔ ﺑﺎﻟﻨﻔﺲ ﻭﺩﻭﺭ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻴﺔ ﻓﻲ
ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻤﻬﺪﻳﺔ . ﻓﻘﺪ ﻭﻗﻔﺖ ﺳﻴﺪﺓ ﺗﺤﻤﻞ ﺳﻴﻔﺎً ﻋﻠﻰ
ﻛﺘﻔﻬﺎ - ﺃﻣﺎﻡ ﺧﻴﻤﺔ ﺻﻐﻴﺮﺓ ﻧﺼﺒﺖ ﻟﻬﺎ - ﻭﺭﺳﺎﻟﺔ ﻣﻄﻮﻳﺔ
ﻭﻣﻠﻔﻮﻓﺔ ﺑﺎﻟﺠﻠﺪ ﻓﻲ ﻳﺪﻫﺎ ﺍﻟﻴﻤﻨﻰ . ﺗﻮﺳﻄﺖ ﺍﻟﺨﻴﻤﺔ
ﺟﻴﺸﻴﻦ ﻣﺘﻘﺎﺑﻠﻴﻦ ﺃﺣﺪﻫﻤﺎ ﻳﻀﻢ ﺃﻟﻔﻴﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺮﺳﺎﻥ ﻭﻫﻢ
ﻋﻠﻰ ﺻﻬﻮﺍﺕ ﺍﻟﺠﻴﺎﺩ. ﻭﺍﻵﺧﺮ ﺟﻴﺶ ﻳﻘﻒ ﻭﺭﺍﺀ
ﺍﺳﺘﺤﻜﺎﻣﺎﺕ . ﺑﺮﺯ ﺭﺟﻞ ﺿﺨﻢ ﺍﻟﺠﺜﺔ، ﻃﻮﻳﻞ ﺍﻟﻘﺎﻣﺔ،
ﻳﺮﺗﺪﻱ ﺯﻱ ﻛﺒﺎﺭ ﺍﻟﻀﺒﺎﻁ ﺍﻷﺗﺮﺍﻙ، ﻭﺣﻮﻟﻪ ﺛﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻨﺪ .
ﺗﻘﺪﻡ ﻧﺤﻮ ﺍﻟﺴﻴﺪﺓ ﻭﺗﺴﻠﻢ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﻭﺳﻠﻤﻬﺎ ﺭﺳﺎﻟﺔ
ﺃﺧﺮﻯ . ﻓﺾ ﺭﺳﺎﻟﺘﻪ ﺭﺟﻞ ﻛﺎﻥ ﻳﻘﻒ ﺇﻟﻰ ﺟﺎﻧﺒﻬﺎ ﻭﻗﺮﺃﻫﺎ
ﺛﻢ ﺃﺷﺎﺭ ﻟﻠﻀﺎﺑﻂ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﺃﻥ ﻳﺘﻘﺪﻡ ﻣﻌﻪ ﻧﺤﻮ ﺍﻟﻔﺮﺳﺎﻥ
ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻥ ﻳﻘﻒ ﺃﻣﺎﻣﻬﻢ ﺍﻷﻣﻴﺮ ﺃﺑﻮﻗﺮﺟﺔ ﻓﻲ ﻛﺎﻣﻞ ﻫﻴﺌﺘﻪ
ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ. ﺟﺒﺔ ﺍﻷﻧﺼﺎﺭ ﺍﻟﻤﺮﻗﻌﺔ ﻭﺍﻟﺪﺭﻉ ﻣﻦ ﻓﻮﻗﻬﺎ
ﻭﺍﻟﺨﻮﺫﺓ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻪ. ﻣﻤﺴﻜﺎً ﺑﺒﻨﺪﻗﻴﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﻳﻤﻴﻨﻪ
ﻭﺍﻟﺴﻴﻒ ﻳﺘﺪﻟﻰ ﻋﻠﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﺍﻟﺤﺼﺎﻥ . ﺗﺮﺟﻞ ﺍﻷﻣﻴﺮ
ﺃﺑﻮﻗﺮﺟﺔ ﻭﺳﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠﻮﺍﺀ ﺻﺎﻟﺢ ﻭﺩ ﺍﻟﻤﻚ ﺑﺤﺮﺍﺭﺓ
ﻭﺍﺑﺘﺴﻢ ﻓﻲ ﻭﺟﻬﻪ ﻭﺃﻣﻨﻪ . ﻫﻜﺬﺍ ﺳﻠﻢ ﺻﺎﻟﺢ ﻭﺩ ﺍﻟﻤﻚ
ﺣﺎﻣﻴﺔ ﻓﺪﺍﺳﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﻇﻞ ﻳﺤﺎﺻﺮﻫﺎ ﺍﻷﻧﺼﺎﺭ . ﻭﻛﺎﻥ ﻗﺪ
ﺭﻓﺾ ﺗﺴﻠﻴﻤﻬﺎ ﻟﻐﻴﺮ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ. ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﻭﻓﺪ
ﺃﺑﻮﻗﺮﺟﺔ ﻟﻴﻘﻮﻡ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﻤﻬﻤﺔ ﻭﻟﻴﻔﺘﺢ ﻓﺼﻼً ﺟﺪﻳﺪﺍً ﻓﻲ
ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻤﻬﺪﻳﺔ ﺑﺎﻟﺘﻮﺟﻪ ﻧﺤﻮ ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ ﻭﺣﺼﺎﺭﻫﺎ .
ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺴﻴﺪﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺣﻤﻠﺖ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﺤﺎﺟﺔ ﺳﺖ
ﺍﻟﺒﻨﺎﺕ ﺃﻡ ﺳﻴﻒ. ﺍﻟﻤﺠﺎﻫﺪﺓ ﺍﻷﻧﺼﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺩﺃﺑﺖ ﻋﻠﻰ
ﻣﺴﺎﻧﺪﺓ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﻣﻨﺬ ﺍﻧﺪﻻﻋﻬﺎ . ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺼﻨﻊ ﺍﻟﺰﺍﺩ ﻟﻸﻧﺼﺎﺭ
ﻭﺗﺸﺎﺭﻙ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻙ ﻣﺎ ﻭﺳﻌﻬﺎ ﺫﻟﻚ . ﺗﺘﻘﻠﺪ ﺳﻴﻔﻬﺎ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﺪﻭﺍﻡ. ﻭﻟﻘﺪ ﻟﻘﻴﺖ ﻣﺼﺮﻋﻬﺎ ﺷﻬﻴﺪﺓ ﻓﻲ ﻣﻌﺮﻛﺔ ﺍﻟﺠﺮﻳﻒ
ﺃﺛﻨﺎﺀ ﺣﺼﺎﺭ ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ ﻓﻲ ﺃﻏﺴﻄﺲ 1884ﻡ ﻫﻲ ﻭﻋﺪﺩ
ﻣﻦ ﺇﻣﺎﺋﻬﺎ ﺍﻟﻔﺘﻴﺎﺕ ﺍﻟﻼﺋﻲ ﻛﻦ ﻳﺤﻄﻦ ﺑﻬﺎ. ﺃﺻﺎﺑﺘﻬﻦ ﺩﺍﻧﺔ
ﻓﻘﻀﺖ ﻋﻠﻴﻬﻦ . ﻭﻗﺪ ﻧﻌﺎﻫﺎ ﺍﻟﻤﺆﺭﺥ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ ﻓﻲ
ﻣﺨﻄﻮﻃﻪ. ﻭﺃﺷﺎﺭﺕ ﺍﻟﻤﺼﺎﺩﺭ ﺇﻟﻰ ﺃﻧﻬﺎ ﺍﻣﺮﺃﺓ ﺩﻧﻘﻼﻭﻳﺔ
ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻄﻴﻨﺔ. ﻭﻗﺪ ﻭﺭﺩﺕ ﺳﻴﺮﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺏ ﻟﻠﻤﺆﻟﻒ
ﺑﻌﻨﻮﺍﻥ "ﺃﺻﻮﺍﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻴﺔ ."
ﺗﻀﺎﺭﺑﺖ ﺍﻷﻗﻮﺍﻝ ﻓﻲ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﺘﻲ ﺟﻌﻠﺖ ﺃﺑﻮﻗﺮﺟﺔ
ﻳﺄﻣﺮﻫﺎ ﺑﺘﺴﻠﻴﻢ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﻟﺼﺎﻟﺢ ﻭﺩ ﺍﻟﻤﻚ. ﻭﻗﺎﻟﺖ ﺃﺭﺟﺢ
ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺎﺕ ﺃﻥ ﺍﻷﺗﺮﺍﻙ ﺩﺃﺑﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﻗﺘﻞ ﺭﺳﻞ ﺍﻹﻣﺎﻡ
ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ . ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﻨﺎﻓﻰ ﻣﻊ ﺍﻷﻋﺮﺍﻑ ﻭﺍﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ ﻓﻲ
ﺍﻟﺤﺮﻭﺏ . ﻟﺬﺍ ﺭﺃﻯ ﺃﺑﻮﻗﺮﺟﺔ ﺃﻥ ﻳﻜﻠﻒ ﺍﻣﺮﺃﺓ ﺑﻬﺬﻩ
ﺍﻟﻤﻬﻤﺔ. ﻭﻟﺮﺑﻤﺎ ﺃﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻳﺮﻯ ﺃﻥ ﺍﻣﺮﺃﺓ ﻣﻦ ﺍﻷﻧﺼﺎﺭ
ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﺎﻟﻤﻬﻤﺎﺕ ﺍﻟﺠﺴﺎﻡ ﺩﻉ ﻋﻨﻚ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ. ﻭﺭﺑﻤﺎ
ﻛﺎﻥ ﻧﻮﻋﺎً ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻜﺮﻳﻢ ﻟﻠﺪﻭﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻠﻌﺒﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ .
ﻭﻇﻠﺖ ﺍﻟﻤﺼﺎﺩﺭ ﺗﻨﻮﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻭﺍﻡ ﺑﺜﺒﺎﺕ ﺭﺳﻞ ﺍﻹﻣﺎﻡ
ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻭﺍﺳﺘﻬﺎﻧﺘﻬﻢ ﺑﻪ ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ
ﻳﺆﺛﺮ ﺳﻠﺒﺎً ﻋﻠﻰ ﻣﻌﻨﻮﻳﺎﺕ ﺍﻟﻌﺪﻭ.
ﺷﻬﺪﺕ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﺠﺰﻳﺮﺓ ﻋﺒﺮ ﺗﺎﺭﻳﺨﻬﺎ ﺍﻟﻤﻮﻏﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺪﻡ
ﺧﻴﻼً ﻭﺭﺟﻼً ﻭﺟﻴﻮﺷﺎً ﻻ ﺗﺤﺼﻰ. ﻓﻘﺪ ﻏﺰﺍﻫﺎ ﺍﻹﻣﺒﺮﺍﻃﻮﺭ
ﺍﻷﺛﻴﻮﺑﻲ ﻋﻴﺰﺍﻧﺎ ﻳﻘﺎﺗﻞ "ﺍﻟﻨﻮﺑﺔ ﺍﻟﺤﻤﺮ ." ﻭﺩﺧﻞ ﺍﻟﻌﺮﺏ
ﻓﻲ ﺃﻃﺮﺍﻓﻬﺎ ﺃﻓﻮﺍﺟﺎً ﻭﺗﺤﺎﻟﻒ ﻋﺮﺏ ﺍﻟﻘﻮﺍﺳﻤﺔ ﻭﺍﻟﻔﻮﻧﺞ
ﻭﺩﻣﺮﻭﺍ ﺩﻭﻟﺔ ﻋﻠﻮﺓ . ﻭﺣﺸﺪ ﺳﻼﻃﻴﻦ ﺍﻟﻔﻮﻧﺞ ﺧﻼﻝ
ﻋﺸﺮﺍﺕ ﺍﻟﺴﻨﻴﻦ ﺟﻴﻮﺷﺎً ﻓﺤﺎﺭﺑﻮﺍ ﺍﻟﻌﺒﺪﻻﺏ ﻭﺍﻟﻤﺴﺒﻌﺎﺕ
ﻭﺍﻟﻤﺘﻤﺮﺩﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﺳﻠﻄﺎﻧﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﻞ ﺣﺘﻰ ﺷﻤﺎﻝ
ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﻭﺍﻟﺤﺪﻭﺩ ﺍﻷﺛﻴﻮﺑﻴﺔ. ﻭﺍﻧﺪﻟﻌﺖ ﺍﻟﺤﺮﻭﺏ ﺍﻟﻘﺒﻠﻴﺔ
ﻓﻲ ﺃﻧﺤﺎﺋﻬﺎ ( ﺣﺮﺏ ﺍﻟﻘﻴﻤﺎﻥ ) ﺣﺘﻰ ﺩﺧﻞ ﺍﻷﺗﺮﺍﻙ
ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ . ﻭﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻫﻮ ﻣﺎ ﺟﻬﻠﻨﺎﻩ ﻋﻦ ﺗﺎﺭﻳﺨﻬﺎ. ﺇﻻ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ
ﺍﻟﺠﻴﺶ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺪﻡ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺮﺓ ﺃﻣﺮﻩ ﻣﺨﺘﻠﻒ. ﻛﺎﻧﻮﺍ
ﻻ ﻳﺘﺠﺎﻭﺯ ﻋﺪﺩﻫﻢ ﺍﻷﻟﻔﻲ ﻣﻘﺎﺗﻞ ﻭﻟﻜﻨﻬﻢ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻓﺮﺳﺎﻧﺎً
ﻳﻤﺘﻄﻮﻥ ﺻﻬﻮﺍﺕ ﺍﻟﺨﻴﻞ . ﺗﻤﻴﺰﻭﺍ ﺑﺎﻟﻀﺒﻂ ﻭﺍﻟﺮﺑﻂ
ﻭﺍﻟﺘﺼﻤﻴﻢ. ﻻ ﺟﻠﺒﺔ ﻭﻻ ﺿﻮﺿﺎﺀ . ﻻ ﻳﺴﻤﻊ ﻣﻨﻬﻢ ﺍﻟﻨﺎﺱ
ﺳﻮﻯ ﻭﻗﻊ ﺍﻟﺤﻮﺍﻓﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺽ. ﻛﺎﻧﻮﺍ " ﺧﺮﺳﺎً ﺻﺎﻣﺘﻴﻦ
ﻳﺘﻠﻤﻈﻮﻥ ﺗﻠﻤﻆ ﺍﻟﺤﻴﺎﺕ " ﻛﻤﺎ ﻋﺒﺮ ﺍﺑﻦ ﺍﻷﺛﻴﺮ ﻓﻲ ﻭﺻﻔﻪ
ﻟﺰﺣﻒ ﺍﻷﻧﺼﺎﺭ ﻓﻲ ﻣﻮﻗﻌﺔ ﺑﺪﺭ ﻭﻗﺪ ﺃﺟﻤﻞ ﻭﺻﻒ ﻫﺆﻻﺀ
ﺍﻷﻧﺼﺎﺭ ﺍﻷﻭﺍﺧﺮ ﻗﺎﺋﻞ ﻣﺠﻬﻮﻝ :
ﺟﺎﺀﺕ ﺃﻧﺼﺎﺭﺍً ﻣﺎ ﺑﺘﺘﻜﻠﻢ
ﻭﺟﻴﺖ ﺃﺑﻮﻗﺮﺟﺔ ﺻﺎﻟﺢ ﺳﻠﻢ
ﻛﺎﻥ ﺻﺎﻟﺢ ﻭﺩ ﺍﻟﻤﻚ ﺿﺎﺑﻄﺎً ﻋﻈﻴﻤﺎً ﻓﻲ ﺻﻔﻮﻑ ﺍﻟﺠﻴﺶ
ﺍﻟﺘﺮﻛﻲ. ﻭﻗﺪ ﺭﻗﺎﻩ ﻏﺮﺩﻭﻥ ﺇﻟﻰ ﺭﺗﺒﺔ ﺍﻟﻠﻮﺍﺀ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺧﺎﺽ
ﻣﻌﺎﺭﻙ ﻋﻨﻴﻔﺔ ﺿﺪ ﺍﻟﺜﻮﺍﺭ ﺍﻷﻧﺼﺎﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺰﻳﺮﺓ . ﻛﺎﻥ ﻋﺎﺋﺪﺍً
ﻣﻦ ﻓﺎﺯﻭﻏﻠﻲ ﻓﻲ ﻣﻬﻤﺔ ﺭﺳﻤﻴﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺍﻟﻔﻰ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ
ﻭﻫﻲ ﺗﻤﻮﺭ ﻭﺗﻀﻄﺮﺏ . ﻓﻘﺪ ﺃﻓﻠﺢ ﻣﺨﻄﻂ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ ﺑﺈﺷﻌﺎﻝ
ﺍﻟﺤﺮﺍﺋﻖ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ ( ﺭﺏ ﺷﺮﺍﺭﺓ ﺃﺣﺮﻗﺖ ﺍﻟﺴﻬﻞ ) .
ﻭﻛﺎﻥ ﻳﺘﺰﻋﻢ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﻞ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﻧﺨﺮﻃﺖ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ
ﺍﻟﻤﻬﺪﻳﺔ ﻭﻧﻬﻀﺖ ﺗﻘﺎﺗﻞ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺩﻳﻨﻬﺎ ﻭﺣﺮﻳﺘﻬﺎ ﺍﻟﺸﻴﺦ
ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻟﻄﻴﺐ ﺍﻟﺒﺼﻴﺮ . ﻭﻫﻮ ﻣﻦ ﺃﺑﻜﺎﺭ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﺍﻟﻤﻬﺪﻳﺔ .
ﻭﻗﺪ ﺍﺳﺘﻄﺎﻉ ﺃﻥ ﻳﻀﻴﻖ ﻋﻠﻰ ﺻﺎﻟﺢ ﻭﺩ ﺍﻟﻤﻚ ﻭﻳﺤﺎﺻﺮﻩ
ﺑﺠﻴﺸﻪ ﻓﻲ ﻓﺪﺍﺳﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺧﺘﺎﺭﻫﺎ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺩﻓﺎﻋﻴﺔ. ﻓﺎﻧﺸﺄ
ﺍﻻﺳﺘﺤﻜﺎﻣﺎﺕ ﻭﺣﻔﺮ ﺧﻨﺪﻗﺎً. ﻭﻗﻮﺍﺕ ﻭﺩ ﺍﻟﺒﺼﻴﺮ ﺗﺤﻴﻂ ﺑﻪ .
ﻓﺤﺎﻭﻝ ﺃﻥ ﻳﺴﺘﺨﺪﻡ ﺍﻟﺤﻴﻠﺔ ﻭﻳﺴﺘﻘﻄﺐ ﻋﺪﺩﺍً ﻣﻦ ﺯﻋﻤﺎﺀ
ﺍﻟﺠﺰﻳﺮﺓ ﻭﺃﻋﻴﺎﻧﻬﺎ ﻟﻴﺪﺧﻠﻬﻢ ﻣﻌﻪ – ﺭﺑﻤﺎ ﻛﺮﻫﺎﺋﻦ – ﺇﻻ
ﺃﻥ ﺳﻌﻴﻪ ﺑﺎﺀ ﺑﺎﻟﻔﺸﻞ . ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻟﻌﺒﻴﺪ ﻭﺩ
ﺑﺪﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﻋﺒﺮ ﺑﺴﺨﺮﻳﺘﻪ ﺍﻟﻤﻔﻌﻤﺔ ﺑﺎﻟﺤﻜﻤﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻮﻗﻒ
ﺑﻘﻮﻟﻪ -:
ﺃﻧﺎ ﻭﺩ ﺭﻳﺎ ﺍﻟﻤﺎ ﺑﺮﺑﻂ ﺍﻟﻨﻴﺔ
ﺃﻧﺎ ﺗﺮﻥ ﺗﺮﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻴﻒ ﺣﺮﻥ
ﺃﻧﺎ ﻣﺎ ﻓﺎﺭ ﺑﺪﺧﻞ ﺍﻟﺠﺤﺎﺭ
ﻭﺃﻧﺎ ﻣﺎ ﺻﺒﺮ ﺑﺪﺧﻞ ﺍﻟﻘﻘﺮ
ﺑﺠﻴﻜﻢ ﺍﺑﻘﺮﺟﺔ
ﻭﺑﺘﻌﻠﺐ ﺍﻟﻬﺮﺟﺔ
ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺨﻼﻓﺎﺕ ﻗﺪ ﻋﺼﻔﺖ ﺑﺠﻴﺶ ﻭﺩ ﺍﻟﺒﺼﻴﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﻜﻮﻥ
ﻣﻦ ﻋﺪﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﻞ ﺣﺪﻳﺜﺔ ﺍﻟﻌﻬﺪ ﺑﺎﻟﺪﻋﻮﺓ ﺍﻟﻤﻬﺪﻳﺔ .
ﻭﺣﺘﻰ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺤﻴﻦ ﻟﻢ ﺗﻠﺘﻖ ﺑﺎﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ. ﻭﻗﺪ ﻓﺸﻞ
ﻭﺩ ﺍﻟﺒﺼﻴﺮ ﻓﻲ ﺗﺮﻭﻳﻀﻬﺎ ﻭﺍﻟﺤﻴﻠﻮﻟﺔ ﺩﻭﻥ ﺗﻄﻮﺭ ﻧﺰﺍﻋﺎﺗﻬﺎ
ﺑﺘﺮﺑﻴﺘﻬﺎ ﻣﻌﻨﻮﻳﺎً ﺣﺴﺐ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﺍﻟﺘﻲ ﻃﺮﺣﺘﻬﺎ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ. ﻭﻓﻲ
ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﺃﺣﺲَ ﺻﺎﻟﺢ ﻭﺩ ﺍﻟﻤﻚ ﺑﺄﻥ ﻻ ﺃﻣﻞ ﻟﻪ ﻓﻲ
ﻛﺴﺐ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻌﺮﻛﺔ ﻭﻫﻮ ﻣﺤﺎﺻﺮ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﻤﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﻌﻨﻴﻒ .
ﻓﺎﻷﻣﻮﺭ ﻻ ﺗﻔﺘﺄ ﺗﺰﺩﺍﺩ ﺳﻮﺀﺍً ﻳﻮﻣﺎً ﺑﻌﺪ ﻳﻮﻡ . ﻭﻟﻤﺎ ﻛﺎﻥ
ﻳﻌﻠﻢ ﺑﺄﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺑﺤﺮﺍً ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻣﺎﺀ ﺑﻴﻨﻪ ﻭﺑﻴﻦ ﻭﺩ ﺍﻟﺒﺼﻴﺮ
ﺧﺸﻲ ﻣﺂﻻﺕ ﺗﺴﻠﻴﻤﻪ ﺍﻟﺤﺎﻣﻴﺔ . ﻓﻜﺘﺐ ﺇﻟﻰ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ
ﻳﻄﻠﺐ ﻣﻨﻪ ﻣﺒﻌﻮﺛﺎً ﻳﻘﻮﻡ ﻣﻘﺎﻣﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺴﻠﻴﻢ . ﻭﻟﻤﺎ ﻛﺎﻥ
ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ ﺣﺮﻳﺼﺎً ﻋﻠﻰ ﻋﺪﻡ ﺇﺭﺍﻗﺔ ﺍﻟﺪﻣﺎﺀ ﻭﻣﻴﺎﻻً ﺇﻟﻰ
ﺣﻘﻨﻬﺎ ﻓﻘﺪ ﻗﺮﺭ ﻧﺪﺏ ﺍﻷﻣﻴﺮ ﺃﺑﻮﻗﺮﺟﺔ ﻟﻴﻘﻮﻡ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﻤﻬﻤﺔ .
ﻭﺑﻌﺪ ﺍﻟﻔﺮﺍﻍ ﻣﻨﻬﺎ ﻳﺰﺣﻒ ﻧﺤﻮ ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ ﻟﺒﺪﺀ ﺣﺼﺎﺭﻫﺎ
ﺑﺼﻮﺭﺓ ﻛﺎﻣﻠﺔ ﻭﺟﺪﻳﺔ.
ﻛﺘﺐ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ ﺇﻟﻰ ﻭﺩ ﺍﻟﺒﺼﻴﺮ ﻳﻄﻠﺐ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﺘﻨﺤﻲ
ﻷﺑﻮﻗﺮﺟﺔ ﻭﺍﻟﺘﻨﺎﺯﻝ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺰﻳﺮﺓ ﻭﺩﻣﺞ
ﺟﻴﺸﻪ ﻓﻲ ﻗﻮﺍﺕ ﺃﺑﻮﻗﺮﺟﺔ . ﻭﻗﺪ ﺟﺎﺀ ﻓﻲ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ
ﺃﻥ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﻫﺎﻟﻲ ﻣﺎ ﺯﺍﻟﻮﺍ ﻳﺠﻬﻠﻮﻥ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﺪﻋﻮﻯ
ﻓﺘﺒﺎﻃﺄﻭﺍ ﺑﺎﻻﻧﻀﻤﺎﻡ ﺇﻟﻴﻬﺎ. ﻭﻗﺎﻝ ﺇﻧﻪ ﻻ ﻳﻔﻀﻞ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻡ
ﺍﻟﻘﻮﺓ ﺿﺪﻫﻢ ﻟﺬﺍ ﺑﻌﺚ ﺑﺎﻷﻣﻴﺮ ﺃﺑﻮﻗﺮﺟﺔ ﻟﻴﺠﺎﺩﻟﻬﻢ ﺑﺎﻟﻠﺘﻲ
ﻫﻲ ﺍﺣﺴﻦ. ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺭﺑﻤﺎ ﻳﺘﻌﺬﺭ ﻋﻠﻰ ﻭﺩ ﺍﻟﺒﺼﻴﺮ
ﺑﺴﺒﺐ ﻣﺎ ﺳﺒﻖ ﻣﻦ ﻭﻗﻮﻉ ﺍﺷﺘﺒﺎﻛﺎﺕ ﺑﻴﻨﻪ ﻭﺑﻴﻨﻬﻢ ( ). ﻟﻢ
ﻳﺘﻘﺒﻞ ﻭﺩ ﺍﻟﺒﺼﻴﺮ ﻫﺬﻩ ﺍﻹﻗﺎﻟﺔ ﺑﺼﺪﺭ ﺭﺣﺐ ﻭﻏﻀﺐ، ﺇﻻ
ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ ﻫﺪَﺃ ﻣﻦ ﺭﻭﻋﻪ ﻭﺫﻛﺮﻩ ﺑﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﺤﺪﺙ
ﻟﻠﺼﺤﺎﺑﺔ ﻭﺧﺎﺻﺔ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺧﺎﻟﺪ ﺑﻦ ﺍﻟﻮﻟﻴﺪ . ﻭﻗﺮﺭ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ
ﺗﻌﻴﻴﻦ ﺃﺑﻮ ﻗﺮﺟﺔ ﺃﻣﻴﺮﺍً ﻟﻠﺒﺮﻳﻦ ﻭﺍﻟﺒﺤﺮﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺱ ﻗﻮﺍﺕ
ﺣﺼﺎﺭ ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ . ﺍﺳﺘﺒﺸﺮ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺠﺰﻳﺮﺓ ﺧﻴﺮﺍً ﺑﺪﺧﻮﻝ ﺃﺑﻮ
ﻗﺮﺟﺔ ﺇﻟﻰ ﻣﻨﻄﻘﺘﻬﻢ ﻭﺃﻃﻠﻘﻮﺍ ﻗﻮﻟﺘﻬﻢ ﺍﻟﻤﺸﻬﻮﺭﺓ " ﺑﻼﻗﻴﻬﻢ
ﻭﺑﻜﻔﻴﻬﻢ ."
ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺘﺐ ﻭﺩ ﺍﻟﺒﺼﻴﺮ ﻟﻺﻣﺎﻡ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ ﻣﺘﻬﻤﺎً ﺃﺑﻮ ﻗﺮﺟﺔ
ﺑﺎﻟﺘﺴﺎﻫﻞ ﻣﻊ ﺍﻟﻠﻮﺍﺀ ﺻﺎﻟﺢ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺴﻠﻴﻢ ﺭﺩَ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻹﻣﺎﻡ
ﻣﻌﻠﻨﺎً ﺗﺮﺣﻴﺒﻪ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺆﻟﻒ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﻭﻳﺤﻘﻦ
ﺍﻟﺪﻣﺎﺀ.
ﺗﺴﻠﻢ ﺃﺑﻮﻗﺮﺟﺔ ﻋﺪﺓ ﻭﻋﺘﺎﺩ ﺍﻟﺤﺎﻣﻴﺔ ﻭﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﺍﻟﺒﺎﺧﺮﺓ
"ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻲ " ﻭﺃﺭﺳﻞ ﻭﺩ ﺍﻟﻤﻚ ﻣﺨﻔﻮﺭﺍً ﺇﻟﻰ ﻛﺮﺩﻓﺎﻥ
ﻟﻴﻘﺎﺑﻞ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ .. ﻓﺎﻟﺘﻘﻰ ﺑﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﻫﺪ ﻭﻫﻮ ﻳﺘﻬﻴﺄ
ﻟﻠﺰﺣﻒ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ. ﻭﺗﻀﺎﺭﺑﺖ ﺍﻷﻗﻮﺍﻝ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﺣﻮﻝ
ﻣﺼﻴﺮﻩ. ﻓﻘﻴﻞ ﺃﻧﻪ ﺣﺎﻭﻝ ﺃﻥ ﻳﻜﺎﺗﺐ ﻏﺮﺩﻭﻥ ﻓﻀﺒﻄﻪ
ﺍﻷﻧﺼﺎﺭ ﻭﺿﺎﻋﻔﻮﺍ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻘﻴﺪ ﻭﺍﻟﻤﺮﺍﻗﺒﺔ . ﻭﻗﺪ ﺗﻮﻓﺎﻩ ﺍﻟﻠﻪ
" ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺮﺣﻤﺔ " ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻄﻴﻨﺔ ﻓﻲ ﻋﺎﻡ 1890ﻡ . ﻭﻟﻢ
ﻧﺪﺭﻙ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﺘﻲ ﺟﻌﻠﺘﻪ ﻳﻘﻴﻢ ﻓﻲ ﺑﻠﺪﺓ ﺍﻷﻣﻴﺮ ﺃﺑﻮﻗﺮﺟﺔ
ﺁﺧﺮ ﻏﺮﻣﺎﺋﻪ.
ﺗﺤﺮﻙ ﺃﺑﻮﻗﺮﺟﺔ ﻟﺤﺼﺎﺭ ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ ﻳﻘﻮﺩ ﺟﻴﺸﻪ ﻓﻲ ﻭﺳﻂ
ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﺠﺰﻳﺮﺓ ﺣﻴﺚ ﻧﺎﺩﻯ ﺑﺎﻟﺠﻬﺎﺩ ﻭﺩﻋﺎ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ ﻟﻼﻧﻀﻤﺎﻡ
ﺇﻟﻴﻪ ﻓﻬﺮﻋﻮﺍ ﺇﻟﻴﻪ ﻭﻓﻲ ﻣﻘﺪﻣﺘﻬﻢ ﻋﺸﻴﺮﺗﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻄﻴﻨﺔ
ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺍﻗﺒﻠﻮﺍ ﻋﻠﻴﻪ ﺯﺭﺍﻓﺎﺕ ﻭﻭﺣﺪﺍﻧﺎً . ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ
ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻓﻘﺪ ﺑﺎﻳﻊ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮﻳﻦ ﻣﻨﻬﻢ ﻗﺒﻞ
ﺇﻋﻼﻥ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ. ﻭﻗﺪ ﻟﺤﻖ ﺑﻪ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻓﺄﺩﺭﻛﻮﺍ ﻣﻌﺎﺭﻙ
ﻛﺮﺩﻓﺎﻥ. ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻛﺎﻥ ﻏﺮﺩﻭﻥ ﻗﺪ ﺃﺩﺭﻙ ﻓﺸﻞ
ﺳﻴﺎﺳﺘﻪ ﺑﺈﺧﻤﺎﺩ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺑﺼﻮﺭﺓ ﺳﻠﻤﻴﺔ ﻭﺇﺭﺿﺎﺀ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ
ﺑﺘﻨﺼﻴﺒﻪ ﺳﻠﻄﺎﻧﺎً ﻋﻠﻰ ﻛﺮﺩﻓﺎﻥ . ﻛﺎﻥ ﻭﻋﻴﻪ ﺣﺘﻰ ﺫﻟﻚ
ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺑﻄﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺿﻌﻴﻔﺎً ﻳﻐﺬﻳﻪ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﺴﺘﺸﺎﺭﻳﻦ
ﺍﻟﺴﺬﺝ ﺑﺄﻓﻜﺎﺭ ﺗﻨﻄﻠﻖ ﻣﻦ ﻋﻘﻮﻝ ﻣﻐﻠﻘﺔ ﺗﻘﻴﺪﻫﺎ ﻣﻨﻄﻠﻘﺎﺕ
ﻋﺼﺒﻴﺔ ﻗﺒﻠﻴﺔ ﻭﻣﺼﺎﻟﺢ ﺫﺍﺗﻴﺔ ﻣﺤﺪﻭﺩﺓ. ﻓﻠﻢ ﻳﻤﺤﻀﻮﻩ ﻧﺼﺤﺎً
ﻳﻤﻜﻨﻪ ﻣﻦ ﺗﻔﺎﺩﻱ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻘﺎﺭﻋﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺣﺎﻃﺖ ﺑﻪ ﻭﻫﻮ
ﻏﺎﺭﻕ ﻓﻲ ﺃﻭﻫﺎﻣﻪ . ﻭﻗﺪ ﺍﻧﻬﺎﺭﺕ ﺁﺧﺮ ﺁﻣﺎﻟﻪ ﻓﻲ ﺗﻨﻔﻴﺬ
ﺧﻄﻄﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻭﺻﻠﺘﻪ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ ﺍﻟﺘﻲ ﺣﻤﻠﺖ
ﺭﻓﻀﻪ ﻟﺴﻠﻄﻨﺔ ﻛﺮﺩﻓﺎﻥ، ﻭﺃﻧﻪ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻠﻪ ﻟﻠﺰﺣﻒ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ. ﻭﺟﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ " ﻭﺇﻻ ﻓﺈﻥ ﺣﺰﺏ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺍﺻﻞ
ﺇﻟﻴﻚ ﻭﻣﺰﻳﻞ ﻟﻚ ﻋﻤﺎ ﺷﺎﺭﻛﺖ ﺑﻪ ﺧﺎﻟﻘﻚ ﻓﺎﺳﺘﺪﻋﻴﺖ ﻣﻠﻚ
ﻋﺒﺎﺩﻩ ﻭﺃﺭﺿﻪ ﻣﻊ ﺇﻥ ﺍﻷﺭﺽ ﻟﻠﻪ ﻳﻮﺭﺛﻬﺎ ﻋﺒﺎﺩﻩ
ﺍﻟﺼﺎﻟﺤﻴﻦ ". ﻭﺧﺘﻤﻬﺎ ﺑﻘﻮﻟﻪ " ﻭﺑﻌﺪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﻓﺈﻥ
ﺍﻫﺘﺪﻳﺖ ﻭﺳﻠﻤﺖ ﻭﺍﺗﺒﻌﺘﻨﻲ ﺣﺰﺕ ﺷﺮﻑ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺍﻵﺧﺮﺓ
ﻭﻓﺰﺕ ﺑﺄﺟﺮﻙ ﻭﺃﺟﺮ ﺟﻤﻴﻊ ﻣﻦ ﺍﺗﺒﻌﻚ . ﻭﺇﻻ ﻫﻠﻜﺖ ﻓﻜﺎﻥ
ﻋﻠﻴﻚ ﺍﺛﻤﻚ ﻭﺁﺛﺎﻡ ﺟﻤﻴﻊ ﻣﻦ ﺍﺗﺒﻌﻚ ."
ﻛﺎﻥ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ ﻗﺪ ﺑﺪﺃ ﺍﺗﺼﺎﻻﺗﻪ ﻓﻲ ﻭﻗﺖ ﺳﺎﺑﻖ
ﺑﺄﻋﻴﺎﻥ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﻞ ﺍﻟﻘﺎﻃﻨﻴﻦ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ ﺑﻀﺮﻭﺭﺓ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ
ﻟﻨﺼﺮﺓ ﺍﻟﺪﻳﻦ . ﻭﻗﺪ ﺭﻛﺰ ﻓﻲ ﺭﺳﺎﺋﻠﻪ ﻟﻠﺸﻴﺦ ﺍﻟﻌﺒﻴﺪ ﻭﺩ
ﺑﺪﺭ ﻭﺃﺑﻨﺎﺋﻪ ﺑﺎﻟﻮﻗﻮﻑ ﻓﻲ ﻭﺟﻪ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺘﺮﻙ . ﻛﻤﺎ ﻛﺘﺐ
ﻟﺰﻋﻤﺎﺀ ﺍﻟﺸﻜﺮﻳﺔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺍﻧﻘﺴﻤﻮﺍ ﺑﻴﻦ ﻣﺆﻳﺪ ﻟﻠﺪﻋﻮﺓ
ﻭﻣﻌﺎﺭﺽ. ﻭﻗﺪ ﺗﻤﻜﻦ ﺍﻟﻨﺸﻄﺎﺀ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻫﺒﻮﺍ ﻣﺴﺮﻋﻴﻦ ﻣﻦ
ﻋﺰﻝ ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ ﺑﻘﻄﻊ ﺃﺳﻼﻙ
ﺍﻟﺘﻠﻐﺮﺍﻑ ﻭﻧﺰﻉ ﺃﻋﻤﺪﺗﻬﺎ ﻧﻬﺎﺋﻴﺎً. ﻭﺍﺗﻀﺢ ﺍﻻﻧﺤﻴﺎﺯ ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ
ﻟﺸﻴﻮﺥ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﻯ ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﺔ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ
ﻭﺳﻨﺎﺭ ﺇﻟﻰ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ . ﻭﺑﺎﺕ ﺍﻟﺨﻄﺮ ﻳﻬﺪﺩ ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ
ﺑﺎﻧﻘﻄﺎﻉ ﺍﻟﻤﻮﺍﺩ ﺍﻟﻐﺬﺍﺋﻴﺔ ﻋﻨﻬﺎ . ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ ﺣﺮﻳﺼﺎً ﻋﻠﻰ
ﻧﺸﻮﺀ ﺑﺆﺭ ﺛﻮﺭﻳﺔ ﻓﻲ ﺃﻧﺤﺎﺀ ﻣﺘﻔﺮﻗﺔ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ . ﻭﻗﺪ
ﺃﺛﻤﺮﺕ ﺭﺳﺎﺋﻠﻪ ﺑﺎﻗﺘﻨﺎﻉ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻣﺼﻄﻔﻰ ﺍﻷﻣﻴﻦ ﺃﻡ ﺣﻘﻴﻦ
ﺑﺠﺰﻳﺮﺓ ﺍﺳﻼﻧﺞ ﺑﺎﻻﻧﻀﻤﺎﻡ ﺇﻟﻴﻪ ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻡ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺃﺣﻤﺪ ﺃﺑﻮ
ﺿﻔﻴﺮﺓ ﺑﺠﻤﻊ ﻗﺒﺎﺋﻞ ﺍﻟﺠﻤﻮﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﻔﺘﻴﺤﺎﺏ ﻭﻋﺴﻜﺮ ﻓﻲ ﺩﻳﻢ
ﺃﺑﻮ ﺳﻌﺪ، ﺟﻨﻮﺏ ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ . ﺃﻣﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻬﺔ ﺍﻟﺸﺮﻗﻴﺔ ﻓﻘﺪ
ﺍﺳﺘﻨﻔﺮ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻟﻤﻀﻮﻱ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ ﺍﻟﻤﺤﺴﻲ ﺃﺗﺒﺎﻋﻪ
ﻓﺤﺸﺪ ﺣﻮﻟﻪ ﻋﺸﺮﺓ ﺁﻻﻑ ﻣﺠﻨﺪ ﻭﺃﻭﻛﻞ ﻗﻴﺎﺩﺗﻬﺎ ﻷﺣﺪ ﺃﺑﻨﺎﺀ
ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻟﻌﺒﻴﺪ . ﻭﻗﺎﺩ ﺍﻟﺸﻜﺮﻳﺔ ﺍﻟﻘﺪﻭﺭﺍﺏ ﺃﺣﻤﺪ ﻭﺩ ﻋﻤﺎﺭﺓ
ﻭﺍﻟﻤﻐﺎﺭﺑﺔ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻭﺍﻟﺒﻄﺎﺣﻴﻦ ﻃﻪ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺒﺎﻗﻲ،
ﻭﺍﻟﺤﺴﺎﻧﻴﺔ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ ﻭﺩ ﻛﺎﺳﺮ . ﻭﺍﺗﺴﻊ ﻧﻄﺎﻕ ﺍﻟﺘﺄﻫﺐ
ﻟﻠﻤﻘﺎﻭﻣﺔ ﻭﺍﻣﺘﺪ ﺷﻤﺎﻻً ﻓﺘﻤﻜﻦ ﺍﻷﻧﺼﺎﺭ ﻣﻦ ﻗﻄﻊ ﺍﻻﺗﺼﺎﻝ
ﺍﻟﺘﻠﻐﺮﺍﻓﻲ ﺑﺒﺮﺑﺮ . ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﻭﻗﻌﺖ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ
ﺍﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ ﻓﻲ ﻗﺒﻀﺔ ﺍﻷﻧﺼﺎﺭ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻌﺴﻜﺮﺍﺗﻬﻢ ﻗﺪ ﺍﻣﺘﺪﺕ
ﻣﻦ ﺷﻼﻝ ﺍﻟﺴﺒﻠﻮﻗﺔ ﺣﺘﻰ ﻣﺸﺎﺭﻑ ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ. ﻛﻤﺎ ﺃﺧﺬﺕ
ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﻌﺴﻜﺮﺍﺕ ﻓﻲ ﺍﻻﻧﺘﺸﺎﺭ ﺷﻤﺎﻻً ﻭﺟﻨﻮﺑﺎً ﻣﻦ ﺑﺮﺑﺮ
ﻣﻨﺬ ﺃﻭﺍﺧﺮ ﻣﺎﺭﺱ 1884 ﻓﺸﻤﻞ ﻧﺸﺎﻃﻬﻢ ﻛﻞ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ
ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﺔ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ ﺷﻨﺪﻱ ﻭﺑﺮﺑﺮ ﺣﺘﻰ ﻗﻄﻌﻮﺍ ﺍﻻﺗﺼﺎﻝ
ﺍﻟﺘﻠﻐﺮﺍﻓﻲ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺘﻴﻦ. ﻭﺃﺿﺤﺖ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﺷﻤﺎﻝ ﺑﺮﺑﺮ
ﺗﺤﺖ ﺳﻴﻄﺮﺗﻬﻢ ﺗﻤﺎﻣﺎً. ﻭﻟﻤﺎ ﺣﺴﻢ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻟﺨﻴﺮ
ﺃﻣﺮﻩ ﻭﻫﺎﺟﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ ﻋﺎﺩ ﻣﻨﻪ ﻳﻘﻮﺩ ﺟﻴﺸﺎً
ﻗﻮﺍﻣﻪ ﺃﺭﺑﻌﻮﻥ ﺃﻟﻔﺎً ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻌﻠﻴﻴﻦ ﻭﺍﻟﺮﺑﺎﻃﺎﺏ ﻭﺍﻟﺒﺸﺎﺭﻳﻴﻦ
ﻓﺴﻘﻄﺖ ﺑﺮﺑﺮ ﻓﻲ ﻗﺒﻀﺘﻪ ﻭﺗﻼﺷﺖ ﺁﻣﺎﻝ ﻏﺮﺩﻭﻥ ﻓﻲ
ﺇﺟﺮﺍﺀ ﺃﻱ ﺍﺗﺼﺎﻻﺕ ﺗﻠﻐﺮﺍﻓﻴﺔ ﻣﻊ ﻣﺼﺮ .
ﻭﻗﻌﺖ ﺃﻭﻟﻰ ﻣﻌﺎﺭﻙ ﺣﺼﺎﺭ ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ ﻗﺒﻞ ﻭﺻﻮﻝ ﺍﻷﻣﻴﺮ
ﺃﺑﻮﻗﺮﺟﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻠﻔﺎﻳﺔ ﻓﻲ ﻣﻨﺘﺼﻒ ﻣﺎﺭﺱ 1884 ﻡ
ﺑﻘﻴﺎﺩﺓ ﺃﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺑﻦ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻟﻌﺒﻴﺪ ﻭﺃﺧﻮﻩ ﺍﻟﻌﺒﺎﺱ ﻭﺍﻟﺸﻴﺦ
ﺍﻟﻤﻀﻮﻱ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ ﻭﺃﻟﺤﻘﻮﺍ ﺑﻌﺴﺎﻛﺮ ﺍﻟﺒﺎﺷﺒﻮﺯﻕ
ﺍﻟﺸﺎﻳﻘﻴﺔ ﻫﺰﻳﻤﺔ ﻣﻨﻜﺮﺓ ﻭﺃﺳﺮﻭﺍ ﻣﻨﻬﻢ ﻣﺎﺋﺔ ﻭﺧﻤﺴﻴﻦ
ﺟﻨﺪﻳﺎً ﻭﻏﻨﻤﻮﺍ ﺃﺳﻠﺤﺔ ﻭﺫﺧﻴﺮﺓ. ﻭﺣﺎﻭﻝ ﻏﺮﺩﻭﻥ ﺍﺳﺘﻌﺎﺩﺓ
ﺍﻟﺤﻠﻔﺎﻳﺔ ﺑﺤﻤﻠﺔ ﻗﺎﺩﻫﺎ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﻓﻮﺯﻱ ﻓﺎﻧﻬﺰﻡ ﻭﻋﺎﺩ ﻣﺜﺨﻨﺎً
ﺑﺠﺮﺍﺣﻪ. ﻭﺣﺎﻭﻝ ﻏﺮﺩﻭﻥ ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﺍﺳﺘﻌﺎﺩﺓ ﺍﻟﺤﻠﻔﺎﻳﺔ
ﺍﻹﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴﺔ ﺍﻟﻤﻮﻗﻊ ﺑﺈﺭﺳﺎﻝ ﻗﻮﺓ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﻣﻨﻴﺖ ﺑﻬﺰﻳﻤﺔ
ﺃﺷﺪ ﻧﻜﺮﺍً.
ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﺳﺘﻤﺮﺕ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻤﻨﺎﻭﺷﺎﺕ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻔﺮﻳﻘﻴﻦ
ﻭﺻﻞ ﺍﻟﻔﻮﺝ ﺍﻷﻭﻝ ﻣﻦ ﺟﻴﺶ ﺍﻷﻣﻴﺮ ﺃﺑﻮﻗﺮﺟﺔ ﻓﻲ ﻣﺎﻳﻮ
1884 ﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﺻﻄﺤﺐ ﻣﻌﻪ ﺃﺭﺑﻊ ﻓﺮﻕ ﻣﻦ ﺟﻨﻮﺩ
ﻛﺮﺩﻓﺎﻥ ﺑﺄﺳﻠﺤﺘﻬﻢ ﺍﻟﻨﺎﺭﻳﺔ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﺣﻤﻠﺔ ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ
ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺗﺰﺍﻳﺪﺕ ﺃﻋﺪﺍﺩﻫﻢ ﻓﻲ ﺷﻮﺍﻃﺊ ﺍﻟﻨﻴﻞ
ﺍﻷﺑﻴﺾ.
ﺣﻴﻦ ﺭﺃﻯ ﻏﺮﺩﻭﻥ ﺑﻨﻈﺎﺭﺗﻪ ﺍﻟﻤﻜﺒﺮﺓ ﺟﺤﺎﻓﻞ ﺍﻟﺜﻮﺍﺭ ﻳﻘﻮﺩﻫﺎ
ﺍﻷﻣﻴﺮ ﺃﺑﻮﻗﺮﺟﺔ ﺗﺘﻘﺪﻡ ﻧﺤﻮ ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ ﺍﻧﺘﺎﺑﻪ ﺍﻟﻐﻴﻆ
ﻭﺍﻟﻐﻀﺐ . ﻛﺎﻥ ﻳﺘﻤﻨﻰ ﺭﺅﻳﺔ ﺟﻴﺶ ﺁﺧﺮ ﻗﺎﺩﻡ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻤﺎﻝ،
ﺇﻻ ﺃﻥ ﺁﻣﺎﻟﻪ ﺧﺎﺑﺖ. ﻓﺘﺠﺎﻫﻞ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺃﺑﻮﻗﺮﺟﺔ ﺍﻟﺪﺍﻋﻴﺔ
ﻟﻠﺘﺴﻠﻴﻢ .. ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺟﺎﺀ ﻓﻴﻬﺎ:
"ﺇﻧﻲ ﺣﻀﺮﺕ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ ﺃﻣﻴﺮﺍً ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﺮﻳﻦ
ﻭﺍﻟﺒﺤﺮﻳﻦ. ﻭﻗﺪ ﺃﺧﺬﺕ ﻓﺪﺍﺳﻲ ﻭﺟﺌﺖ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ ﺃﻧﺼﺢ
ﺍﻫﻠﻬﺎ ﺑﺎﻟﺘﺴﻠﻴﻢ. ﻓﺈﺫﺍ ﺳﻠَﻤﻮﺍ ﺳﻠﻤﻮﺍ ﻭﺃﻣﻨﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺃﻣﻮﺍﻟﻬﻢ
ﻭﺃﺭﻭﺍﺣﻬﻢ. ﻭﺇﻻ ﻓﻼ ﺑﺪ ﻟﻲ ﻣﻦ ﻣﺤﺎﺭﺑﺘﻬﻢ ﻭﺃﺧﺬ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ
ﻣﻨﻬﻢ ﻋﻨﻮﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ ."
ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻓﻲ ﻭﻗﺖ ﻻﺣﻖ ﺃﻓﺼﺢ ﻏﺮﺩﻭﻥ ﻋﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻐﻴﻆ ﻓﻲ
ﺭﺳﺎﻟﺔ ﻟﻸﻣﻴﺮ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ ﺍﻟﻨﺠﻮﻣﻲ ﻛﺸﻔﺖ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺰﻳﺪ
ﻣﻦ ﺟﻬﻠﻪ ﻭﻋﺪﻡ ﻣﻌﺮﻓﺘﻪ ﺑﻄﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻤﻬﺪﻳﺔ ﻭﻋﻦ
ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ . ﻇﻦ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻋﻤﻞ ﻓﻴﻬﺎ
ﺧﻼﻝ ﺍﻟﺴﺒﻌﻴﻨﺎﺕ . ﻛﺎﻧﺖ ﻛﺴﻴﺮﺓ ﺍﻟﺨﺎﻃﺮ ﻣﻬﺎﻧﺔ ﺫﻟﻴﻠﺔ ﺗﺤﺖ
ﺣﻜﻢ ﺍﻷﺗﺮﺍﻙ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﺳﺘﻤﺮ ﺣﺘﻰ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ
ﺧﻤﺴﻴﻦ ﻋﺎﻣﺎً . ﻟﻢ ﻳﺪﺭﻙ ﻣﺎ ﻃﺮﺃ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ
ﺍﻟﺠﺪﻳﺪﺓ . ﻓﻘﺪ ﺍﻧﺘﻔﻀﺖ ﻭﺃﻟﻘﺖ ﻣﺎ ﺭﺍﻥ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻌﻘﻮﺩ
ﻭﻧﻬﻀﺖ ﺗﻨﺘﺰﻉ ﺣﻘﻮﻗﻬﺎ ﻭﺣﺮﻳﺘﻬﺎ ﺑﺎﻟﺴﻴﻮﻑ. ﻗﺎﻝ ﻓﻲ
ﺭﺳﺎﻟﺘﻪ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﺮﺍﺳﻞ ﺍﻟﻌﺒﻴﺪ ﻭﻗﻄﺎﻉ ﺍﻟﻄﺮﻕ ﺍﻟﺴﻜﺎﺭﻯ .
ﻓﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﺸﺎﺭﻳﻪ ﺃﻥ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺤﺎﺻﺮﻭﻧﻪ ﻣﻦ
ﻣﻌﺎﺩﻥ ﺃﺧﺮﻯ .. ﺃﻣﺜﺎﻝ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻟﻌﺒﻴﺪ ﻭﺩ ﺑﺪﺭ ﻭﺍﻟﺸﻴﺦ
ﺍﻟﻤﻀﻮﻱ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ ﻭﺍﻟﺸﻴﺦ ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻭﺩ ﺍﻷﻣﻴﻦ ﻭﺩ ﺃﻡ
ﺣﻘﻴﻦ . ﻭﻫﺎﻫﻮ ﺍﻷﻣﻴﺮ ﺃﺑﻮﻗﺮﺟﺔ – ﺑﺈﺭﺛﻪ ﺍﻟﺼﻮﻓﻲ
ﺍﻟﺴﻤﺎﻧﻲ – ﺍﻟﻘﺎﺩﻡ ﻟﺘﻮﻩ ﻣﻦ ﺑﻴﺖ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺤﺮﺍﻡ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ
ﻏﺮﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﻘﺪﺡ ﻓﻲ ﺷﺨﺼﻪ ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﻟﺪﻯ ﺍﻟﻘﺎﺻﻲ
ﻭﺍﻟﺪﺍﻧﻲ ﻓﻲ ﻣﻌﻈﻢ ﺃﻧﺤﺎﺀ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ . ﻏﺮﺩﻭﻥ ﻛﺎﻥ ﻏﻴﺮ
ﻣﺆﻫﻞ ﻟﻴﺴﺐ ﻗﻴﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻤﻬﺪﻳﺔ، ﺍﻟﻌﺒَﺎﺩ، ﺍﻟﺰﻫَﺎﺩ،
ﺭﻫﺒﺎﻥ ﺍﻟﻠﻴﻞ، ﻓﺮﺳﺎﻥ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ. ﻓﻔﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ
ﻳﺴﺐ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻛﺎﻥ ﻏﺎﺭﻗﺎً ﻓﻲ ﺩﻧﺎﻥ ﺍﻟﺒﺮﺍﻧﺪﻱ ﺗﻼﺣﻘﻪ
ﺳﻤﻌﺘﻪ ﻛﻘﺎﺋﺪ ﻟﺠﻴﺶ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺮﺗﺰﻗﺔ ﺟﻨﺪﻫﻢ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭ
ﺍﻷﻭﺭﺑﻴﻮﻥ ﻟﺤﻤﺎﻳﺔ ﻣﺼﺎﻟﺤﻬﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻴﻦ. ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ
ﻛﺎﻥ ﺯﻣﺎﻥ ﺍﻟﻌﻬﺪ ﺍﻟﻔﻴﻜﺘﻮﺭﻱ ﻭﻋﺼﻤﺔ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻷﺑﻴﺾ
ﻭﻗﺪﺍﺳﺘﻪ ﻭﻫﻮ ﻳﻨﺸﺮ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ ﻓﻲ ﺃﻧﺤﺎﺀ ﺍﻷﺭﺽ ! ﻛﺎﻥ
ﺍﻟﺪﻓﺎﻉ ﻋﻦ ﺍﻹﻣﺒﺮﺍﻃﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ﻭﺍﺟﺒﺎً ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﺤﺎﻓﺔ
ﻭﺍﻟﺮﺃﻱ ﺍﻟﻌﺎﻡ . ﺭﻓﻌﻮﺍ ﻏﺮﺩﻭﻥ ﺇﻟﻰ ﻣﺼﺎﻑ ﺍﻟﻘﺪﻳﺴﻴﻦ ﻭﻻ
ﺃﺣﺪ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻝ ﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ، ﺣﺘﻰ ﺑﻌﺪ ﻣﺮﻭﺭ ﻭﻗﺖ
ﻃﻮﻳﻞ . ﻭﺣﻴﻨﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﻌﺪ ﺍﻟﺼﻤﺖ ﻣﻤﻜﻨﺎً ﺃﻣﺎﻡ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﺰﺍﺝ
ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﺭﻡ ﺃﺧﺬﺕ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﺗﺘﻜﺸﻒ ﻋﻦ ﺷﺨﺼﻴﺔ
ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺒﻄﻞ ﺍﻟﻔﻴﻜﺘﻮﺭﻱ ﺍﻟﻤﺰﻳﻒ. ﻭﺫﻟﻚ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻇﻞ ﻷﻛﺜﺮ
ﻣﻦ ﺛﻼﺛﻴﻦ ﻋﺎﻣﺎً ﺃﺷﻬﺮ ﺑﻄﻞ ﻗﻮﻣﻲ ﻓﻲ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ . ﻭﻗﺪ
ﻗﺮﺃ ﻳﻮﻣﻴﺎﺗﻪ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺘﺒﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻳﻌﺮﻑ
ﺍﻹﻧﺠﻠﻴﺰﻳﺔ ﺗﻘﺮﻳﺒﺎً .
ﺍﻷﻣﻴﺮ ﺃﺑﻮﻗﺮﺟﺔ ﻭﺇﺧﻮﺗﻪ ﺍﻟﺸﻬﺪﺍﺀ
ﺃﻭ
ﺻﻮﻟﺔ ﺑﻨﻲ ﻋﺜﻤﺎﻥ ﺍﻟﺴﺒﻌﺔ
( ﻛﺘﺎﺏ ﻗﻴﺪ ﺍﻹﻋﺪﺍﺩ ﻭﺍﻟﻄﺒﻊ )
( 2 – 3 )
ﺃﺑﻮﻗﺮﺟﺔ ﺃﻣﻴﺮ ﺍﻟﺒﺮﻳﻦ ﻭﺍﻟﺒﺤﺮﻳﻦ
ﺣﺼﺎﺭ ﻭﺗﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ
ﻣﻜﻲ ﺃﺑﻮﻗﺮﺟﺔ
ﻏﺮﺩﻭﻥ ﺳﻠَﻢ ﻣﺎ ﺗﺮﺟﻰ
ﺩﻱ ﺣﺮﺍﺑﺔ ﺍﻟﺤﺎﺝ ﺃﺑﻘﺮﺟﺔ
"ﻣﻦ ﺃﻫﺎﺯﻳﺞ ﺍﻷﻧﺼﺎﺭ "
ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺍﻟﻤﺸﻬﺪ ﻓﻲ ﻟﻨﺪﻥ ﺧﺎﻟﻴﺎً ﻣﻦ ﺍﻷﺻﻮﺍﺕ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺿﺔ
ﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﻭﻗﺪ ﻃﺎﻟﺐ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻗﺒﻞ
ﻣﻘﺘﻞ ﻏﺮﺩﻭﻥ ﺑﻀﺮﻭﺭﺓ ﺟﻼﺀ ﺍﻟﺤﺎﻣﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺼﺮﻳﺔ ﻣﻦ
ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ، ﻭﺗﺮﺣﻴﻞ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﻴﻦ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﻴﻦ. ﻭﺣﺬﺭﻭﺍ ﻣﻦ
ﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﻓﻲ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﻭﺻﻔﻮﻩ ﺏ " ﺣﺎﻛﻢ ﺍﻟﺒﻼﺩ
ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺍﻟﺸﺮﻋﻲ " ، ﻭﺃﻋﺮﺑﻮﺍ ﻋﻦ ﺗﻮﻗﻌﺎﺗﻬﻢ ﺑﻮﻗﻮﻉ
ﺍﻟﻜﺎﺭﺛﺔ ( ) .
ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻴﺴﺎﺭ ﺍﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ ﻭﺃﻧﺼﺎﺭ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺣﺎﻭﻟﻮﺍ ﻣﻨﻊ
ﻏﺰﻭ ﻭﺍﺣﺘﻼﻝ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﻟﻤﺼﺮ ﻓﻲ ﻋﺎﻡ 1882 ﻡ ﺍﻋﺘﺒﺮﻭﺍ
ﻏﺮﺩﻭﻥ ﻣﺠﺮﺩ ﺣﺼﺎﻥ ﻓﻲ ﻟﻌﺒﺔ ﺍﻟﺘﺪﺧﻞ ﺍﻹﻣﺒﺮﻳﺎﻟﻲ ﻓﻲ
ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ . ﻭﻋﻘﺐ ﺳﻘﻮﻁ ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ ﺍﺑﺘﻬﺞ ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻛﻴﻮﻥ
ﺍﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﻮﻥ "ﺑﻌﻮﺩﺓ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﺇﻟﻰ ﺃﻫﻠﻬﺎ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴﻴﻦ ."
ﻭﻋﺒﺮﻭﺍ ﻋﻦ ﺭﺅﻳﺘﻬﻢ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺑﻘﻮﻟﻬﻢ " ﺇﻥ ﻃﺒﻘﺔ
ﺍﻟﺮﺃﺳﻤﺎﻟﻴﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺷﻌﻠﺖ ﺍﻟﺤﺮﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ .
ﻭﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺯﻳﺎﺩﺓ ﺭﻗﻌﺔ ﺍﻻﺳﺘﻐﻼﻝ، ﻭﺇﻥ ﺍﻟﻨﺼﺮ ﺍﻟﺬﻱ
ﺍﺣﺮﺯﻩ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻴﻮﻥ ﻫﻮ ﺍﻧﺘﺼﺎﺭ ﻟﻠﺤﻖ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﺎﻃﻞ ﺣﻘﻘﻪ
ﺷﻌﺐ ﻳﻨﺎﺿﻞ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺣﺮﻳﺘﻪ " ( ).
ﺃﺻﺪﺭ ﺍﺳﺘﺮﺍﺧﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ " ﻓﻴﻜﺘﻮﺭﻳﻮﻥ ﻣﺘﺄﻟﻘﻮﻥ " ﺍﻟﺬﻱ
ﺍﺳﺘﻤﺪ ﻛﻞ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎﺗﻪ ﻋﻦ ﻏﺮﺩﻭﻥ ﻣﻦ ﺗﺸﺎﻟﻲ ﻟﻮﻧﺞ ﺍﻟﺬﻱ
ﺭﺍﻓﻖ ﻏﺮﺩﻭﻥ ﻓﻲ ﻣﻬﻤﺘﻪ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻭﻛﺸﻒ ﺑﺼﻮﺭﺓ ﺟﻠﻴﺔ
ﻋﻦ ﺍﻟﻨﻘﺎﺋﺺ ﻓﻲ ﺷﺨﺼﻴﺘﻪ. ﻗﺎﻝ ﺇﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻛﺎﺫﺑﺎً ﺗﻌﺘﺮﻳﻪ
ﺣﺎﻻﺕ ﻧﻔﺴﻴﺔ ﺗﺼﻞ ﺇﻟﻰ ﺣﺪ ﺍﻟﺠﻨﻮﻥ . ﻭﺍﺗﺼﻒ ﺑﺎﻟﺴﺮﻗﺔ
ﻭﺍﻟﻘﺴﻮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺼﻞ ﺇﻟﻰ ﺩﺭﺟﺔ ﺍﻟﻮﺣﺸﻴﺔ ﺃﺣﻴﺎﻧﺎً . ﺫﻟﻚ
ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﺻﻔﺎﺕ ﺃﺧﺮﻯ ﺗﺘﺠﺎﻭﺯ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺼﻔﺎﺕ ﻣﻦ
ﻣﻴﻮﻝ ﺍﺳﺘﻌﺮﺍﺿﻴﺔ ﻭﺃﻓﻜﺎﺭ ﺻﺒﻴﺎﻧﻴﺔ ﻭﺗﺼﺮﻓﺎﺕ ﺧﺮﻗﺎﺀ
ﻭﺍﻧﺘﻬﺎﺯﻳﺔ ﻭﺗﺤﻮﻳﺮ ﻟﻠﺤﻘﺎﺋﻖ ﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻟﻜﺬﺏ ﺑﻼ ﻣﻮﺍﺭﺑﺔ
ﺃﺣﻴﺎﻧﺎً . ﻭﺗﻌﺘﺒﺮ ﻣﺜﺎﻻً ﺣﻴﺎً ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺪﺭﺓ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﺮﻳﻒ
ﺍﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﻭﺧﺪﺍﻉ ﻧﻔﺴﻪ ( ). ﻭﻛﺸﻒ ﺍﺳﺘﺮﺍﺧﻲ ﻋﻦ ﺃﻥ
ﺣﻜﻤﺪﺍﺭ ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ ﺃﻗﺎﻡ ﺣﻔﻞ ﺍﺳﺘﻘﺒﺎﻝ ﺑﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ﻭﺻﻮﻝ
ﻏﺮﺩﻭﻥ ﻓﻲ ﺯﻳﺎﺭﺗﻪ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺇﻟﻰ ﺍﻻﺳﺘﻮﺍﺋﻴﺔ . ﻭﻗﺎﻝ ﺃﻧﻪ
ﻋﻘﺐ ﻣﺄﺩﺑﺔ ﺍﻟﻌﺸﺎﺀ ﺃُﻗﻴﻢ ﺣﻔﻞ ﺭﺍﻗﺺ ﻣﺎﺟﻦ ﺍﺧﺘﻠﻂ ﻓﻴﻪ
ﺍﻟﺠﻨﻮﺩ ﺑﺮﺍﻗﺼﺎﺕ ﺷﺎﺑﺎﺕ ﻋﺎﺭﻳﺎﺕ ﺗﻤﺎﻣﺎً ( ). ﻛﻤﺎ ﻛﺘﺐ
ﺁﺧﺮﻭﻥ ﻟﻢ ﻳﺴﺎﻳﺮﻭﺍ ﻣﻮﺟﺔ ﺗﻤﺠﻴﺪﻩ " ﻛﺒﻄﻞ ﻣﺴﻴﺤﻲ ﻭﻗﻒ
ﻭﺣﻴﺪﺍً ﻓﻲ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﺒﺮﺍﺑﺮﺓ ﺍﻟﻘﺴﺎﺓ ﻓﻲ ﻗﻠﺐ ﺃﻓﺮﻳﻘﻴﺎ "!!
ﻓﻜﺸﻔﻮﺍ ﻋﻦ ﺷﺬﻭﺫﻩ ﻭﻣﻘﺎﺭﻓﺎﺗﻪ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﺴﻮﻳﺔ. ﻭﻟﻴﺖ
ﻋﺎﻟﻤﻨﺎ ﺍﻟﺮﺍﺣﻞ ﺍﻟﺒﺮﻭﻓﻴﺴﻮﺭ ﺍﻟﺘﺠﺎﻧﻲ ﺍﻟﻤﺎﺣﻲ ﻟﻢ ﻳﻘﺪﻡ
ﺭﺳﺎﺋﻞ "ﺍﻟﺒﻄﻞ ﺍﻷﺳﻄﻮﺭﻱ "! ﻫﺪﻳﺔ ﻟﻠﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﻴﺰﺍﺑﻴﺚ ﻟﺪﻯ
ﺯﻳﺎﺭﺗﻬﺎ ﻟﻠﺴﻮﺩﺍﻥ ﻓﻲ ﻋﺎﻡ 1965 ﻡ. ﻓﻔﻲ ﺑﻌﺾ ﺗﻠﻚ
ﺍﻟﺮﺳﺎﺋﻞ ﻣﺎ ﻳﻔﻀﺢ ﺑﺠﻼﺀ ﺳﻠﻮﻛﻪ ﺍﻷﺧﻼﻗﻲ.
ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺟﻤﻮﻉ ﺍﻷﻧﺼﺎﺭ ﻏﺎﺋﺒﺔ ﻋﻤﺎ ﻳﺠﺮﻱ ﻭﻳﺪﻭﺭ ﻣﻦ
ﻣﺤﺎﻭﻻﺕ ﻹﻗﻨﺎﻉ ﻏﺮﺩﻭﻥ ﺑﺎﻟﺘﺴﻠﻴﻢ ﻓﺠﺎﺩﺕ ﻗﺮﺍﺋﺤﻬﺎ
ﺑﺎﻷﻫﺎﺯﻳﺞ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺭﺗﺠﻠﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻮﺭ . ﻭﻗﺪ ﻇﻞ ﺑﻌﻀﻬﺎ
ﺣﻴﺎً ﺇﻟﻰ ﻭﻗﺘﻨﺎ ﻫﺬﺍ ﻳﺘﺪﺍﻭﻟﻪ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻴﻮﻥ ﺟﻴﻼً ﺑﻌﺪ ﺟﻴﻞ .
ﻇﻠﺖ ﺗﺮﺩﺩ ﻭﺍﻟﺤﻤﺎﺱ ﻳﻤﻠﺆﻫﺎ ﻃﻴﻠﺔ ﺃﻳﺎﻡ ﺍﻟﺤﺼﺎﺭ ﻭﺣﺘﻰ
ﺑﻌﺪ ﺗﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ.
ﻏﺮﺩﻭﻥ ﺳﻠﻢ ﻣﺎ ﺗﺮﺟﻰ ﻭﺩﻱ ﺣﺮﺍﺑﺔ ﺍﻟﺤﺎﺝ ﺃﺑﻘﺮﺟﺔ
***
ﺃﻣﺎﻧﺔ ﻓﻲ ﻋﻴﻨﻴﻚ ﻗﻠﺒﻚ ﺷﻦ ﻗﺎﻳﻞ ﻟﻴﻚ
ﺿﻮﻕ ﺍﻟﻮﻳﻜﺎﺏ ﻭﺍﻟﻮﻳﻜﺔ ﻭﺃﻣﻸ ﺃﺏ ﺭﻓﺎﺱ ﺗﻤﻠﻴﻜﺔ
***
ﻏﺮﺩﻭﻥ ﺳﻠﻢ ﻣﺎ ﺗﺮﺟﻰ ﻭﺩﻱ ﺣﺮﺍﺑﺔ ﺍﻟﺤﺎﺝ ﺃﺑﻘﺮﺟﺔ
***
ﺃﻣﺎﻧﺔ ﻓﻲ ﺑﻨﻲ ﻋﻤﻚ ﻭﺍﻟﻤﻮﻟﻰ ﺯﺍﻳﺪ ﻫﻤﻚ
ﻭﻛﺖ ﺍﻷﻧﺼﺎﺭ ﺍﺗﻠﻤﺖ ﺍﻟﺠﻠﺔ ﻓﻲ ﻗﻠﺐ ﺃﻣﻚ
***
ﻏﺮﺩﻭﻥ ﺳﻠﻢ ﻣﺎ ﺗﺮﺟﻰ ﺩﻱ ﺣﺮﺍﺑﺔ ﺍﻟﺤﺎﺝ ﺃﺑﻘﺮﺟﺔ
***
ﺃﻡ ﺍﻟﻐﺮﺩﻭﻥ ﻻ ﺗﻨﻮﻣﻲ ﺟﺎﻳﻴﻚ ﻭﺩ ﺍﻟﻨﺠﻮﻣﻲ
ﻭﺍﻟﻤﻬﺪﻱ ﺍﻟﺴﺎﻳﻖ ﺍﻟﻘﻮﻣﻲ ﻳﺨﻠﻮ ﺩﻳﺎﺭﻙ ﺭﻭﻣﻲ
***
ﻏﺮﺩﻭﻥ ﺳﻠﻢ ﻣﺎ ﺗﺮﺟﻰ ﻭﺩﻱ ﺣﺮﺍﺑﺔ ﺍﻟﺤﺎﺝ ﺃﺑﻘﺮﺟﺔ
ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺭﻓﺾ ﻏﺮﺩﻭﻥ ﺍﻟﺮﺩ ﻋﻠﻰ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺃﺑﻮﻗﺮﺟﺔ ﺃﺩﺭﻙ
ﺍﻷﺧﻴﺮ ﺃﻥ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺳﺎﺩﺭ ﻓﻲ ﻏﻴﻪ ﻏﺎﺭﻕ ﻓﻲ ﺃﻭﻫﺎﻣﻪ .
ﻓﺄﻗﺎﻡ ﻣﻌﺴﻜﺮﻩ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﺠﺮﻳﻒ ﺇﻻ ﺃﻥ ﻣﺴﺘﺸﺎﺭﻳﻪ
ﻧﺼﺤﻮﻩ ﺑﺄﻥ ﺑﺮﻱ ﺃﻛﺜﺮ ﺇﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴﺔ ﻓﺎﺭﺗﺤﻞ ﺇﻟﻴﻬﺎ. ﻭﻛﺎﻥ
ﺃﻭﻝ ﻣﻦ ﺷﻴﺪ ﺍﻟﻄﻮﺍﺑﻲ ﺍﻟﻤﻀﺎﺩﺓ ﻟﺤﺼﻮﻥ ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ. ﺛﻢ
ﻭﺿﻊ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﻤﺪﺍﻓﻊ ﻭﺃﻗﺎﻡ ﺍﻷﺑﺮﺍﺝ ﻓﺄﺻﺒﺤﺖ ﻣﺮﺍﻛﺐ
ﻏﺮﺩﻭﻥ ﻫﺪﻓﺎً ﻟﻘﺬﺍﺋﻒ ﺍﻷﻧﺼﺎﺭ ﻳﻄﻠﻘﻮﻧﻬﺎ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻭﺭﺍﺀ
ﺍﻟﺤﺼﻮﻥ ﻭﻫﻲ ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻘﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺳﻨﺎﺭ . ﺑﺎﺗﺖ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻙ
ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺠﺎﻧﺒﻴﻦ ﻣﺤﺪﻭﺩﺓ ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﺃﻛﺜﺮ ﻋﻨﻔﺎً. ﻓﺎﻟﻔﺮﻳﻘﺎﻥ
ﺑﺎﻧﺘﻈﺎﺭ ﺍﻟﺘﻌﺰﻳﺰﺍﺕ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻤﻌﺮﻛﺔ ﺍﻟﻔﺎﺻﻠﺔ. ﻭﺍﻟﻮﺍﺿﺢ
ﺃﻥ ﺗﻌﻠﻴﻤﺎﺕ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ ﻷﺑﻮﻗﺮﺟﺔ ﻫﻲ ﺗﺸﺪﻳﺪ ﺍﻟﺤﺼﺎﺭ ﺣﻮﻝ
ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻭﺍﻻﻧﺘﻈﺎﺭ ﺧﺎﺭﺝ ﺑﻮﺍﺑﺎﺗﻬﺎ ﺣﺘﻰ ﻭﺻﻮﻝ ﺟﻴﻮﺷﻪ
ﺍﻟﻤﺘﻤﺮﻛﺰﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﻫﺪ .
ﻇﻠﺖ ﻣﻌﺎﺭﻙ ﻣﺤﺪﻭﺩﺓ ﺗﺪﻭﺭ ﺑﻴﻦ ﺍﻷﻧﺼﺎﺭ ﻭﻋﺴﺎﻛﺮ ﻏﺮﺩﻭﻥ
ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺨﺮﺟﻮﻥ ﺃﺣﻴﺎﻧﺎً ﻣﻦ ﺍﻟﻄﻮﺍﺑﻲ ﺃﻭ ﻳﺴﺘﻘﻠﻮﻥ ﺍﻟﺒﻮﺍﺧﺮ
ﻟﻤﻮﺍﺟﻬﺔ ﻗﻮﺍﺕ ﺃﺑﻮﻗﺮﺟﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺭﻛﺰﺕ ﻋﻠﻰ ﺗﺸﺪﻳﺪ ﺍﻟﺤﺼﺎﺭ
ﻭﺍﻟﺮﻗﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻮﺍﺩ ﺍﻟﻐﺬﺍﺋﻴﺔ ﻭﻋﺪﻡ ﺩﺧﻮﻟﻬﺎ ﺇﻟﻰ
ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ.
ﺗﻤﺮﻛﺰﺕ ﻗﻮﺍﺕ ﺍﻷﻣﻴﺮ ﺷﻴﺦ ﻓﻀﻠﻮ ﺃﺣﻤﺪ ﻓﻲ ﺍﻟﺰﺍﻭﻳﺔ
ﺍﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻓﺸﻴﺪ ﻃﺎﺑﻴﺔ ﻳﻌﺎﻭﻧﻪ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ
ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ. ﻭﺃﺧﺬﺍ ﻳﻘﺬﻓﺎﻥ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺑﺎﻟﻨﻴﺮﺍﻥ ﻓﻴﺼﻴﺒﺎﻥ ﻓﻴﻬﺎ
ﺃﻫﺪﺍﻓﺎً.
ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺄﻛﺪ ﻟﻐﺮﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺃﻳﺎﻣﺎً ﻋﺼﻴﺒﺔ ﺑﺎﻧﺘﻈﺎﺭﻩ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ
ﺗﻮﺣﺪ ﺍﻟﺜﻮﺍﺭ ﺍﻟﻤﺤﺎﺻﺮﻭﻥ ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ ﺗﺤﺖ ﻗﻴﺎﺩﺓ ﺍﻷﻣﻴﺮ
ﺃﺑﻮﻗﺮﺟﺔ ﻇﻞ ﺑﺎﻧﺘﻈﺎﺭ ﺍﺭﺗﻔﺎﻉ ﻣﻨﺴﻮﺏ ﺍﻟﻨﻴﻞ ﺍﻷﺯﺭﻕ
ﻟﻴﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﻟﻮﺍﺑﻮﺭﺍﺕ ﻓﻲ ﻣﻌﺎﺭﻛﻪ ﺍﻟﻤﻘﺒﻠﺔ ﻟﻔﻚ
ﺍﻟﺤﺼﺎﺭ. ﻭﻓﻲ /27 ﻳﻮﻟﻴﻮ 1884ﻡ ﺟﺮﺩ ﺟﻴﺸﺎً ﺑﻘﻴﺎﺩﺓ
ﺍﻷﻣﻴﺮﺍﻻﻱ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻲ ﺑﺎﺷﺎ ( ) ﻭﺟﻴﺸﺎً ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺎﺯﺑﻮﺯﻕ
ﺑﻘﻴﺎﺩﺓ ﺧﺸﻢ ﺍﻟﻤﻮﺱ ﺑﻚ ﻟﺤﺼﺮ ﺍﺑﻮﻗﺮﺟﺔ ﺑﻴﻦ ﻧﻴﺮﺍﻥ
ﺍﻟﻘﻮﺗﻴﻦ ﻟﻴﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﺇﺧﺮﺍﺟﻪ ﻣﻦ ﻃﺎﺑﻴﺔ ﺑﺮﻱ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻘﺪﻣﺎ
ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻭﺩﻣﺮﺍﻫﺎ ﻭﺩﻣﺮﺍ ﺍﻟﻤﻨﺎﺯﻝ ﺍﻟﺘﻲ ﺑﺠﻮﺍﺭﻫﺎ . ﺇﻻ ﺃﻥ
ﺍﻷﻧﺼﺎﺭ ﺻﻤﺪﻭﺍ ﻟﻤﺪﺓ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﻳﺎﻡ ﺃﺑﺪﻭﺍ ﻓﻴﻬﺎ ﺿﺮﻭﺑﺎً ﻣﻦ
ﺍﻟﺒﺴﺎﻟﺔ ﻭﺍﺣﺘﻘﺎﺭ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻓﺎﺳﺘﺸﻬﺪ ﻣﻨﻬﻢ ﺛﻤﺎﻧﻤﺎﺋﺔ ﺭﺟﻞ
ﻭﺍﻧﺴﺤﺒﻮﺍ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﺮﻳﻒ.
ﻟﻢ ﺗﻔﺖ ﺍﻧﺘﻜﺎﺳﺔ ﺑﺮﻱ ﻓﻲ ﻋﻀﺪ ﺍﻷﻣﻴﺮ ﺃﺑﻮﻗﺮﺟﺔ ﻓﻜﺘﺐ
ﺇﻟﻰ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ ﻳﻄﻠﺐ ﺍﻟﻤﺪﺩ ﻭﺍﺳﺘﻨﻔﺮ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻠﺒﻮﺍ
ﻧﺪﺍﺀﻩ ﻭﻫﺮﻋﻮﺍ ﺇﻟﻴﻪ ﺯﺭﺍﻓﺎﺕ ﻭﻭﺣﺪﺍﻧﺎً ﻣﻦ ﻛﻞ ﻓﺞ. ﻓﺸﺮﻉ
ﻓﻲ ﺑﻨﺎﺀ ﺍﻟﺤﺼﻮﻥ ﻭﺍﻟﻘﻼﻉ ﻟﻤﻨﻊ ﺍﻟﺒﻮﺍﺧﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺮﻭﺭ ﺇﻟﻰ
ﺳﻨﺎﺭ ﻓﺎﻧﺘﺎﺏ ﻏﺮﺩﻭﻥ ﻗﻠﻖ ﻋﻈﻴﻢ ﻭﻗﺮﺭ ﺗﺠﺪﻳﺪ ﺍﻟﻬﺠﻮﻡ
ﻋﻠﻰ ﻗﻮﺍﺕ ﺃﺑﻮﻗﺮﺟﺔ ( ) .
ﺃﻋﺪ ﻏﺮﺩﻭﻥ ﻗﻮﺓ ﺑﺤﺮﻳﺔ ﺑﻘﻴﺎﺩﺓ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻲ ﺑﺎﺷﺎ ﻭﺃﺧﺮﻯ
ﺑﺮﻳﺔ ﺑﻘﻴﺎﺩﺓ ﺧﺸﻢ ﺍﻟﻤﻮﺱ ﺑﻚ . ﺗﻘﺪﻣﺎ ﻋﺒﺮ ﺑﻮﺍﺑﺔ
ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﺔ ﻧﺤﻮ ﺍﻟﺠﺮﻳﻒ ﻣﺼﻤﻤﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﺣﺮﻣﺎﻥ ﺍﻷﻣﻴﺮ
ﺷﻴﺦ ﻓﻀﻠﻮ ﻣﻦ ﻧﺠﺪﺓ ﺃﺑﻮﻗﺮﺟﺔ ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻓﻌﻼ ﻓﻲ ﻣﻌﺮﻛﺔ
ﺑﺮﻱ. ﻭﺩﺍﺭﺕ ﺍﻟﻤﻌﺮﻛﺔ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﺜﻼﺛﺎﺀ /12 ﺃﻏﺴﻄﺲ ﻋﺎﻡ
1884 ﻡ. ﻭﻗﺎﻝ ﻧﻌﻮﻡ ﺷﻘﻴﺮ ( ) ( ﻭﻻ ﻧﻨﻜﺮ ﺑﺄﻥ ﺃﺑﺎﻗﺮﺟﺔ
ﻭﺃﻧﺼﺎﺭﻩ ﻫﺰﻣﻮﺍ ﻓﻲ ﻣﻌﺮﻛﺔ ﺍﻟﺠﺮﻳﻒ ﻏﺮﺏ ﻫﺰﻳﻤﺔ ﻧﻜﺮﺍﺀ
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺍﺳﺘﻤﺎﺗﺘﻬﻢ ﺍﻟﺘﻲ ﺷﻬﺪ ﺑﻬﺎ ﺍﻷﻋﺪﺍﺀ ﻗﺒﻞ
ﺍﻷﺻﺪﻗﺎﺀ. ﻭﺃﺟﺒﺮ ﺃﺑﻮﻗﺮﺟﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﺮﺍﺟﻊ ﺇﻟﻰ ﻗﺮﻳﺔ ﻭﺩ
ﺷﻜﺮ ﺍﻟﻠﻪ. ﻭﺑﺪﺃﺕ ﻓﻠﻮﻝ ﺍﻷﻧﺼﺎﺭ ﺍﻟﻤﻨﻬﺰﻣﻴﻦ ﺗﺘﺠﻤﻊ ﻓﻲ
ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻘﺮﻳﺔ. ﺛﻢ ﺃﺧﻄﺮ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ ﺑﻤﺎ ﺣﺪﺙ ﻟﻬﻢ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ
ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﺔ ).
ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﻋﻠﻲ ﻋﻤﺮ ﻋﻠﻲ " ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺼﺎﺩﺭ ﺃﺟﻤﻌﺖ
ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺃﺑﺎﻗﺮﺟﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺮﺍﺟﻊ ﺑﻘﻮﺍﺗﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﻴﻞ ﺍﻷﺑﻴﺾ
ﻛﺘﺐ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ ﻳﺨﺒﺮﻩ ﺑﻤﺎ ﺣﺪﺙ ﻏﻴﺮ ﺃﻧﻲ
ﻟﻢ ﺃﻋﺜﺮ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻮﺛﻴﻘﺔ ﺑﻴﻦ ﻭﺛﺎﺋﻖ ﺍﻷﻣﻴﺮ ﺃﺑﻮﻗﺮﺟﺔ
ﻓﻀﻼً ﻋﻦ ﺩﻓﺎﺗﺮ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭ . ﺭﺑﻤﺎ ﺗﻌﺮﺽ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺨﻄﺎﺏ
ﻟﻠﻀﻴﺎﻉ ﻷﻥ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺣﺮﻛﺔ ﻭﺍﻧﺘﻘﺎﻝ ﻣﻦ
ﺍﻷﺑﻴﺾ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ. ﻭﺗﺘﺠﻠﻰ ﻣﻜﺎﻧﺔ ﺍﻷﻣﻴﺮ ﺃﺑﻮﻗﺮﺟﺔ
ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻳﺮﺩ ﻋﻠﻴﻪ ﻳﻄﻴﺐ ﺧﺎﻃﺮﻩ ﻭﻳﻮﺍﺳﻴﻪ ﻓﻲ
ﺍﻟﻬﺰﺍﺋﻢ ﺍﻟﺘﻲ ﻣﻨﻲ ﺑﻬﺎ ﻓﻲ ﺣﺼﺎﺭ ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ " ﻻ ﺗﺒﺘﺌﺲ
ﺑﻤﺎ ﺣﺼﻞ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺃﺭﺍﺩ ﺃﻥ ﻳﻤﻴﺰ ﺍﻟﺨﺒﻴﺚ ﻣﻦ
ﺍﻟﻄﻴﺐ ( ) ."
ﻛﺎﻥ ﻭﻗﻊ ﺍﻟﻬﺰﻳﻤﺔ ﻗﺎﺳﻴﺎً ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻧﺼﺎﺭ، ﺧﺎﺻﺔ ﻭﻗﺪ ﺍﺑﻠﻮﺍ
ﺑﻼﺀ ﺷﺪﻳﺪﺍً ﻭﻓﻘﺪﻭﺍ ﺃﻋﺰ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ ﻭﺃﺷﺠﻊ ﺍﻟﻔﺮﺳﺎﻥ. ﻭﻟﻜﻦ
ﻛﻠﻤﺎﺕ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ ﺍﻟﺘﻲ ﺑﻌﺚ ﺑﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﻣﻴﺮ ﺃﺑﻮﻗﺮﺟﺔ
ﻓﻲ ﺭﺳﺎﻟﺘﻪ ﺣﻤﻠﺖ ﻛﺜﻴﺮﺍً ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻮﺍﺳﺎﺓ ﻭﺟﺒﺮ ﺍﻟﺨﺎﻃﺮ.
ﻓﻲ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﻌﺮﻛﺔ ﺍﻟﺸﺮﺳﺔ ﺑﻠﻎ ﺃﺑﻮﻗﺮﺟﺔ ﺃﻥ ﺩﺍﻧﺔ
ﺃﺻﺎﺑﺖ ﺑﻴﺘﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻌﺴﻜﺮ ﻭﺍﻧﻄﻠﻖ ﺇﻟﻰ ﻫﻨﺎﻙ ﻳﻤﺘﻄﻲ
ﺟﻮﺍﺩﺍً ﻭﻳﻘﻮﺩ ﺁﺧﺮ ﻓﺘﺼﺎﻳﺢ ﺍﻷﻧﺼﺎﺭ ﺑﺄﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺩﺍﻧﺔ ﺗﺘﺠﻪ
ﺻﻮﺑﻪ ﻓﺎﻧﻘﻠﺐ ﺇﻟﻰ ﻇﻬﺮ ﺍﻟﺠﻮﺍﺩ ﺍﻵﺧﺮ ﻓﺴﻘﻄﺖ ﺍﻟﺪﺍﻧﺔ
ﻋﻠﻰ ﺟﻮﺍﺩﻩ ﺍﻷﻭﻝ ﻓﻘﺘﻠﺘﻪ. ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻇﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺃﻧﻪ ﻗﺪ ﻗﺘﻞ
ﻭﺳﺮﺕ ﺷﺎﺋﻌﺔ ﺍﺳﺘﺸﻬﺎﺩﻩ ﻓﺄﺿﻌﻔﺖ ﻣﻌﻨﻮﻳﺎﺕ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ .
ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻛﺎﻥ ﻗﺪ ﺃﺻﻴﺐ ﺇﺻﺎﺑﺔ ﺧﻔﻴﻔﺔ ﻓﻲ ﻓﺨﺬﻩ .
ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﻭﺻﻞ ﺇﻟﻰ ﺑﻴﺘﻪ – ﺍﻟﻤﺒﻨﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺶ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ –
ﻭﺟﺪﻩ ﺣﻄﺎﻣﺎً ﺗﻠﺘﻬﻤﻪ ﺍﻟﻨﻴﺮﺍﻥ. ﻭﻗﺪ ﻗﻀﺖ ﺟﺎﺭﻳﺔ ﻟﻪ
ﺣﺒﺸﻴﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺣﺒﻠﻰ ﺑﺘﻮﺃﻣﻴﻦ ﺧﺮﺟﺎ ﻣﻦ ﺃﺣﺸﺎﺋﻬﺎ ﺣﻴﻴﻦ
ﻳﺘﺤﺮﻛﺎﻥ .. ﻭﻟﻜﻨﻬﻤﺎ ﺗﻮﻓﻴﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺎﻝ.ﻭﻧﺠﺖ ﺯﻭﺟﺘﻪ ﺍﻟﺤﺮﻡ
ﺑﻨﺖ ﺣﻤﺰﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺣﺒﻠﻰ ﻫﻲ ﺍﻷﺧﺮﻯ، ﻭﻋﺎﺷﺖ ﺣﺘﻰ
ﺭﻭﺕ ﺗﻔﺎﺻﻴﻞ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﻤﺸﻬﻮﺩ. ﻛﻤﺎ ﻋﺎﺷﺖ ﺃﺑﻨﺘﻬﻤﺎ
ﺁﻣﻨﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺟﻨﻴﻨﺎً ﻟﺘﺼﺒﺢ ﺯﻭﺟﺔ ﻟﻮﺍﻟﺪﻧﺎ ( ).
ﻗﺪﻡ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ ﻭﺻﻔﺎً ﻟﻠﻘﻮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻋﺪﻫﺎ
ﻏﺮﺩﻭﻥ ﻟﺪﺣﺮ ﺍﻷﻧﺼﺎﺭ ﻭﻓﻚ ﺍﻟﺤﺼﺎﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺮﻳﻒ. ﻭﻗﺎﻝ
ﺇﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺘﺄﻟﻒ ﻣﻦ ﺧﻤﺴﺔ ﺁﻻﻑ ﺟﻨﺪﻱ ﺑﻴﻦ ﻧﻈﺎﻣﻴﻴﻦ
ﻭﺑﺎﺷﺒﻮﺯﻕ ﺑﻘﻴﺎﺩﺓ ﺍﻷﻣﻴﺮ ﺃﻻﻱ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻲ ﺑﻚ ﺣﺴﻴﻦ
ﺍﻟﺸﻼﻟﻲ، ﻗﺎﺋﺪ ﺍﻟﻠﻮﺍﺀ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻲ ﺍﻷﻭﻝ، ﻳﺼﺤﺒﻪ ﺍﻟﺴﺮ
ﺳﻮﺍﺭﻱ ﺧﺸﻢ ﺍﻟﻤﻮﺱ ﺑﻚ ﺍﻟﺸﺎﻳﻘﻲ. ﺗﻘﺪﻣﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻮﺓ
ﻓﺠﺮﺍً ﻋﻠﻰ ﺧﻤﺲ ﺑﻮﺍﺧﺮ ﻣﺪﺭﻋﺔ ﺑﺼﻔﺎﺋﺢ ﻓﻮﻻﺫﻳﺔ، ﻓﻲ
ﻛﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﻀﻌﺔ ﻣﺪﺍﻓﻊ . ﻓﻬﺎﺟﻤﺖ ﺍﻷﻧﺼﺎﺭ ﺑﻌﺪ ﻓﺮﺍﻏﻬﻢ ﻣﻦ
ﺃﺩﺍﺀ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﺑﺈﻃﻼﻕ ﺍﻟﻤﺪﺍﻓﻊ ﻭﺃﻧﺰﻟﺖ ﺍﻟﺠﻨﻮﺩ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﺸﺎﻃﺊ ﻣﺎ ﻋﺪﺍ ﺍﻟﻄﻮﺑﺠﻴﺔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﺰﺯﻭﻥ ﻫﺠﻮﻡ ﺍﻟﻤﺸﺎﺓ
ﺑﺘﺴﺪﻳﺪ ﻣﻘﺬﻭﻓﺎﺗﻬﻢ ﻣﻦ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﺒﻮﺍﺧﺮ ﻭﻗﺪ ﻗﺎﺑﻠﻬﻢ
ﺍﻷﻧﺼﺎﺭ ﺑﺜﺒﺎﺕ ﻋﺠﻴﺐ. ﻭﺍﺣﺘﺪﻣﺖ ﺍﻟﺤﺮﺏ ﻭﺣﻤﻲ ﺍﻟﻮﻃﻴﺲ .
ﻭﻣﺎ ﺯﺍﻟﻮﺍ ﻳﺘﺒﺎﺩﻟﻮﻥ ﺍﻟﻜﺮ ﻭﺍﻟﻔﺮ ﺣﺘﻰ ﺃﺭﺧﻰ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﺳﺪﻭﻟﻪ
ﻭﺗﺮﺍﺟﻌﺖ ﺍﻟﺠﻴﻮﺵ ﺇﻟﻰ ﻣﻮﺍﻗﻌﻬﺎ. ﻭﻟﻢ ﻳﺴﻔﺮ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻴﻮﻡ
ﻋﻦ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺗﺬﻛﺮ ﺑﻞ ﺑﺎﺕ ﻛﻞ ﻓﺮﻳﻖ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻳﺮﺍﻗﺐ ﺗﺤﺮﻛﺎﺕ
ﻋﺪﻭﻩ ﺑﻌﻴﻦ ﺍﻟﺤﺬﺭ. ﻭﻣﺎ ﻛﺎﺩﺕ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﺗﺒﺮﺯ ﺣﺎﺟﺒﻬﺎ ﺣﺘﻰ
ﺑﺎﺩﺭ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻲ ﺑﻚ ﺑﺎﻟﻬﺠﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻧﺼﺎﺭ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺗﺼﺪﻋﺖ
ﻃﻮﺍﺑﻴﻬﻢ ﺑﻀﺮﺏ ﺍﻟﻤﺪﺍﻓﻊ ﺍﻟﻤﺘﻮﺍﻟﻲ ﻭﺳﻜﺘﺖ ﻣﺪﺍﻓﻌﻬﻢ
ﻭﻓﺘﻚ ﺑﻬﻢ ﺍﻟﻌﺪﻭ ﻭﺍﺳﺘﺸﻬﺪ ﺻﻔﻮﺓ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ ﻭﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﻢ
ﻧﺼﺮ ﻭﻣﺼﻄﻔﻰ ﺃﺧﻮﺍ ﺍﻷﻣﻴﺮ ﺃﺑﻮﻗﺮﺟﺔ ﻭﺃﺻﻴﺐ ﻓﺮﺳﻪ ﺣﺘﻰ
ﺳﻘﻂ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺽ ﻓﺸﺎﻉ ﻓﻲ ﻭﺳﻂ ﺍﻷﻧﺼﺎﺭ ﺃﻥ ﻗﺎﺋﺪﻫﻢ
ﻗﺪ ﻗﺘﻞ . ﻓﺘﺮﺍﺟﻌﻮﺍ ﻣﺨﻠﻔﻴﻦ ﻧﺤﻮ ﺍﻟﻔﻴﻦ ﻭﺧﻤﺴﻤﺎﺋﺔ ﺑﻴﻦ
ﻗﺘﻴﻞ ﻭﺟﺮﻳﺢ . ﻭﺃﺷﺎﺭ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ ﺇﻟﻰ ﺳﻘﻮﻁ
ﺍﻟﺤﺎﺟﺔ ﺳﺖ ﺍﻟﺒﻨﺎﺕ ﺃﻡ ﺳﻴﻒ ﺷﻬﻴﺪﺓ ﻭﻻ ﺗﺰﺍﻝ ﺗﻤﺴﻚ
ﺳﻴﻔﻬﺎ ﺑﻴﺪﻫﺎ.
ﻭﻗﺪ ﻏﻨﻢ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻲ ﺑﺎﺷﺎ ﻣﻘﺎﺩﻳﺮ ﻭﺍﻓﺮﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﺭﺓ ﺑﻠﻐﺖ
ﺳﺘﻤﺎﺋﺔ ﺃﺭﺩﺏ ﻭﺍﻟﻒ ﺑﻨﺪﻗﻴﺔ ﻭ 12 ﺻﻨﺪﻭﻗﺎً ﻣﻦ ﺍﻟﺬﺧﻴﺮﺓ
ﻭﻋﺪﺩﺍً ﻛﺒﻴﺮﺍً ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻴﻮﻑ . ( ﻭﺗﻠﻚ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻛﺎﻧﺖ ﺃﺳﻠﺤﺔ
ﺍﻟﺸﻬﺪﺍﺀ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺗﺴﺎﻗﻄﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺃﺭﺽ ﺍﻟﻤﻌﺮﻛﺔ ). ﺃﺛﻠﺞ ﺫﻟﻚ
ﺍﻻﻧﺘﺼﺎﺭ ﺻﺪﺭ ﺍﻟﺠﻨﺮﺍﻝ ﺍﻟﻤﺤﺎﺻﺮ ﻭﺍﻧﻔﺘﺤﺖ ﺷﻬﻴﺘﻪ ﻟﻠﻤﺰﻳﺪ .
ﻓﺒﻌﺪ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﺃﻳﺎﻡ ﺑﻌﺚ ﺑﻘﺎﺋﺪ ﺟﻴﺸﻪ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻲ ﺑﻚ
ﻟﻤﻬﺎﺟﻤﺔ ﻗﻮﺓ ﺍﻷﻧﺼﺎﺭ ﺑﺎﻟﺤﻠﻔﺎﻳﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺘﺄﻟﻒ ﻣﻦ
ﺃﺷﻴﺎﻉ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻟﻌﺒﻴﺪ ﻭﺩ ﺑﺪﺭ ﺑﻘﻴﺎﺩﺓ ﺍﺑﻨﻪ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﻭﺍﻟﺸﻴﺦ
ﺍﻟﻤﻀﻮﻱ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ ﻓﻬﺰﻣﻬﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻲ ﺑﻚ . ﻓﺘﻀﺎﻋﻔﺖ
ﺑﻬﺠﺔ ﺍﻟﺠﻨﺮﺍﻝ ﻭﻣﻨﺤﻪ ﺭﺗﺒﺔ ﺍﻟﻠﻮﺍﺀ .
ﻗﺪﻡ ﻳﻮﺳﻒ ﻣﻴﺨﺎﺋﻴﻞ ﺍﻟﻘﺒﻄﻲ ( ) ﻭﺻﻔﺎً ﺷﺎﻋﺮﻳﺎً ﻟﺠﻤﺎﻫﻴﺮ
ﺍﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﺰﺍﺣﻔﺔ، ﺍﻟﺘﻲ ﺻﺤﺒﺖ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﻫﺪ
ﻣﺘﻮﺟﻬﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ . ﻫﺎﺟﺮﺕ ﺇﻟﻴﻪ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺑﻘﺎﻉ
ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﺑﻼ ﺍﺳﺘﺜﻨﺎﺀ . ﻭﻗﺎﻝ ﺇﻧﻬﺎ ﺃﻗﻮﺍﻡ ﻻ ﺗﺤﺼﻰ ﻭﻻ
ﺗﻌﺪ. ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺍﻟﺠﻤﻮﻉ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﺗﺘﺤﺮﻙ ﺑﺼﻌﻮﺑﺔ ﺑﺎﻟﻐﺔ
ﻟﻜﺜﺮﺗﻬﺎ. ﻭﻻ ﻳﻌﺮﻑ ﻟﻬﺎ ﺃﻭﻝ ﻭﻻ ﺁﺧﺮ. ﻭﻛﺄﻧﻬﺎ ﻗﺮﻋﺔ
ﺗﺘﺄﺭﺟﺢ ﻋﻠﻰ ﺳﻄﺢ ﺍﻟﻤﺎﺀ. ﺭﺟﺎﻻً ﻭﻧﺴﺎﺀً.. ﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ
ﻳﻤﺸﻮﻥ ﺭﺍﺟﻠﻴﻦ ﻭﺑﻌﻀﻬﻢ ﻳﺮﻛﺒﻮﻥ ﺍﻟﺨﻴﻞ ﻭﺍﻹﺑﻞ، ﻭﺁﺧﺮﻭﻥ
ﻳﺮﻛﺒﻮﻥ ﺍﻟﺜﻴﺮﺍﻥ ﻭﺍﻟﺤﻤﻴﺮ . ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻈﺎﻫﺮﺓ ﻣﺴﻠﺤﺔ ﻟﻢ ﻳﺸﻬﺪ
ﻣﺜﻴﻠﻬﺎ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ . ﻭﻗﺎﻝ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﻴﻮﺍﻧﺎﺕ ﺍﻟﻮﺣﺸﻴﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻻ ﺗﺠﺪ
ﻟﻬﺎ ﻣﻬﺮﺑﺎً . ﻓﺄﻳﻨﻤﺎ ﺗﻔﺮ ﺗﺠﺪ ﺃﻣﺎﻣﻬﺎ ﺍﻟﻨﺎﺱ . ﻓﺎﻟﻐﺰﻻﻥ
ﻭﺩﺟﺎﺝ ﺍﻟﻮﺍﺩﻱ ﺗﻠﻮﺫ ﺑﺎﻷﺭﺟﻞ ﻭﺳﺮﻋﺎﻥ ﻣﺎ ﻳﺘﺨﻄﻔﻬﺎ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ
ﺫﺑﺤﺎً ﻭﺗﻘﻄﻴﻌﺎً ﻟﻸﻭﺻﺎﻝ. ﻭﻗﺎﻝ ﺇﻧﻪ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎﻥ ﻳﺘﻮﻗﻒ
ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺴﻴﺮ ﺗﻘﺎﻡ ﺍﻷﺳﻮﺍﻕ ﻭﻳﺸﺮﻋﻮﻥ ﻓﻲ
ﺍﻟﺒﻴﻊ ﻭﺍﻟﺸﺮﺍﺀ . ﻭﻛﺎﻥ ﻻ ﻣﻨﺎﺹ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺗﻔﺘﺮﻕ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺠﻤﻮﻉ
ﻓﺘﺴﻠﻚ ﻃﺮﻗﺎً ﺛﻼﺛﺔ .
ﻛﺎﻥ ﻳﻮﺳﻒ ﺍﻟﻘﺒﻄﻲ ﻳﺤﻤﻞ ﻗﺮﺑﺔ ﻟﻠﻤﺎﺀ ﻟﻴﺴﻘﻲ ﻣﺠﻤﻮﻋﺘﻪ
ﺣﻴﻦ ﺭﺃﻯ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ ﻳﻤﺘﻄﻲ ﻫﺠﻴﻨﺎً ﻭﺗﺤﻒ ﺑﻪ ﻛﻮﻛﺒﺔ
ﻣﻦ ﺍﻷﻧﺼﺎﺭ ﻳﺘﻨﺎﻭﺑﻮﻥ ﺣﻤﻞ ﺭﺟﻠﻴﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻛﺘﺎﻑ ﺣﺘﻰ ﻻ
ﺗﺘﻮﺭﻡ ﻗﺪﻣﺎﻩ ( ). ﻭﻭﺻﻒ ﺍﻟﺤﻤﺎﺱ ﺍﻟﻄﺎﻏﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﻠﻎ
ﺑﺎﻷﻧﺼﺎﺭ ﺣﻴﻦ ﻭﺻﻠﻮﺍ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﻴﻞ ﻭﺍﺧﺘﻄﻒ ﺍﻟﺘﻤﺴﺎﺡ ﻭﺍﺣﺪﺍً
ﻣﻨﻬﻢ ﻓﺎﺳﺘﺒﺸﺮﻭﺍ ﻭﺍﺧﺬﻭﺍ ﻳﺘﺼﺎﻳﺤﻮﻥ ﻓﻲ " ﺷﺎﻥ ﺍﻟﻠﻪ ..
ﻓﻲ ﺷﺎﻥ ﺍﻟﻠﻪ ." ﻭﺃﺧﺬﻭﺍ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻳﻮﻡ ﻳﺘﻌﺮﺿﻮﻥ ﻋﻤﺪﺍً
ﻟﻠﺘﻤﺎﺳﻴﺢ ﺍﻟﻤﺘﺮﺑﺼﺔ ﻃﻠﺒﺎً ﻟﻠﺸﻬﺎﺩﺓ ﻓﻴﺠﺪﻭﻥ ﻣﺎ ﻳﺒﺘﻐﻮﻥ،
ﺣﺘﻰ ﻋﻠﻢ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ ﺑﺬﻟﻚ ﻓﺄﺻﺪﺭ ﺃﻣﺮﺍً ﺑﻤﻨﻊ ﺗﻠﻚ
ﺍﻟﺒﺪﻋﺔ ﺍﻟﻘﺎﺗﻠﺔ .
ﻇﻞ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ ﺛﺎﺑﺘﺎً ﻋﻠﻰ ﻣﻨﻬﺠﻪ . ﻟﻢ ﺗﺒﻄﺮﻩ ﺍﻟﺠﻤﻮﻉ
ﺍﻟﺰﺍﺣﻔﺔ ﻭﻻ ﺍﻟﻔﺮﺳﺎﻥ ﺍﻟﻤﺪﺟﺠﻴﻦ ﺑﺎﻟﺴﻼﺡ ﺍﻟﻤﺴﺘﻌﺪﻳﻦ
ﻟﻠﻘﺎﺀ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻟﺤﻈﺔ ﻛﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﺒﻄﺮﻩ ﺍﻟﺤﻤﺎﺱ ﺍﻟﺬﻱ
ﻳﻔﻮﻕ ﺍﻟﻮﺻﻒ ﻭﺍﻹﺟﻤﺎﻉ ﺍﻟﺸﻌﺒﻲ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﺴﺒﻮﻕ. ﻓﺄﺧﺬ
ﻳﺮﺍﺳﻞ ﻏﺮﺩﻭﻥ ﻣﺠﺪﺩﺍً ﻭﺑﺈﻟﺤﺎﺡ ﻳﺪﻋﻮﻩ ﻟﻠﺴﻼﻡ. ﻟﻢ ﻳﻜﺘﻒ
ﺑﺘﻠﻚ ﺍﻟﺨﻄﺎﺑﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺑﻌﺚ ﺑﻬﺎ ﺇﻟﻴﻪ ﻫﻮ ﻭﻗﻴﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﺤﺼﺎﺭ .
ﻛﺎﻥ ﻳﻄﻠﺐ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﺘﺴﻠﻴﻢ ﻟﺤﻘﻦ ﺩﻣﺎﺀ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﺗﺠﻨﺐ ﻭﻳﻼﺕ
ﺍﻟﺤﺮﺏ. ﻭﻋﺮﺽ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻥ ﻳﻌﻴﺪﻩ ﺇﻟﻰ ﻭﻃﻨﻪ ﺳﺎﻟﻤﺎً ﺇﺫﺍ
ﺭﻏﺐ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ . ﻭﻟﻜﻦ ﻏﺮﺩﻭﻥ ﺃﺻﻢ ﺑﺄﺫﻧﻴﻪ . ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻥ
ﻗﺪﺭﻩ ﻧﺎﻓﺬﺍً. ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﻌﺚ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ ﺇﻟﻰ
ﻗﻮﺍﺗﻪ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﺎﺻﺮ ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ ﻭﺩﻋﺎﻫﻢ ﺇﻟﻰ ﺗﺸﺪﻳﺪ ﻗﺒﻀﺘﻬﻢ
ﻭﺃﺑﻠﻐﻬﻢ ﺃﻥ ﻭﺻﻮﻟﻪ ﺇﻟﻴﻬﻢ ﺑﺎﺕ ﻭﺷﻴﻜﺎً. ﻭﺍﺗﻀﺢ ﺟﻠﻴﺎً ﺃﻥ
ﻗﻮﺍﺕ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ ﺃﺩﺭﻛﺖ ﺗﻤﺎﻣﺎً ﺃﻥ ﻻ ﻣﺤﻴﺪ ﻋﻦ ﺍﻟﺤﺮﺏ .
ﻛﺎﻥ ﻋﺪﺩ ﺍﻟﻤﺤﺎﺭﺑﻴﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻭﺻﻠﻮﺍ ﻓﻲ ﺭﻛﺎﺏ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ
ﺣﻮﺍﻟﻲ ﻣﺎﺋﺘﻲ ﺃﻟﻒ ﻣﻘﺎﺗﻞ ﻓﻀﻼً ﻋﻦ ﺯﻋﻤﺎﺀ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﻞ ﺍﻟﺬﻱ
ﻫﺮﻋﻮﺍ ﺇﻟﻴﻪ ﻗﺒﻞ ﻣﻐﺎﺩﺭﺓ ﺍﻟﺮﻫﺪ ﻭﺍﻧﻀﻤﻮﺍ ﺇﻟﻴﻪ ﻣﻊ
ﻋﺎﺋﻼﺗﻬﻢ .
ﻭﺻﻞ ﻭﺩ ﺍﻟﻨﺠﻮﻣﻲ ﺇﻟﻰ ﺿﻮﺍﺣﻲ ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ ﻭﺍﺳﺘﻨﻔﺮ
ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻟﻤﺴﺎﻧﺪﺓ ﻗﻮﺍﺕ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﻭﻋﺴﻜﺮ ﻗﺒﺎﻟﺔ ﻃﺎﺑﻴﺔ
ﺍﻟﻜﻼﻛﻠﺔ . ﻭﺃﻗﺎﻡ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﻣﻌﺴﻜﺮﻩ ﻗﺒﺎﻟﺔ
ﻃﺎﺑﻴﺔ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﺔ، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﻤﺮﻛﺰﺕ ﻗﻮﺍﺕ ﺍﻷﻣﻴﺮﻳﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ
ﻭﺩ ﺍﻟﻨﻮﺭ ﻭﻋﺒﺪ ﺍﻟﺤﻠﻴﻢ ﻣﺴﺎﻋﺪ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺑﺮﻱ ﻟﻠﺴﻴﻄﺮﺓ
ﻋﻠﻰ ﺣﺮﻛﺔ ﺍﻟﻤﻼﺣﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻴﻞ ﺍﻷﺯﺭﻕ ﻭﻣﻨﻊ ﺗﺤﺮﻛﺎﺕ
ﺑﻮﺍﺧﺮ ﻏﺮﺩﻭﻥ . ﻭﺑﻌﺪ ﺍﺳﺘﺸﻬﺎﺩ ﺍﻷﻣﻴﺮ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺩ ﺍﻟﻨﻮﺭ
ﻭﺟﻪ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ ﺑﺎﻧﺘﻘﺎﻝ ﺍﻟﻨﺠﻮﻣﻲ ﺇﻟﻰ ﻣﻌﺴﻜﺮ ﺑﺮﻱ
ﻭﺣﻞ ﺍﺑﻮﻗﺮﺟﺔ ﻣﻜﺎﻧﻪ ﻗﺒﺎﻟﺔ ﻃﺎﺑﻴﺔ ﺍﻟﻜﻼﻛﻠﺔ.
ﻭﻓﻲ ﻧﺪﺍﺀ ﺍﻟﻔﺮﺻﺔ ﺍﻷﺧﻴﺮﺓ ﻛﺘﺐ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ ﻷﻫﺎﻟﻲ
ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﻳﺤﺬﺭﻫﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﻳﺪﻋﻮﻫﻢ ﻟﻠﻨﺠﺎﺓ ﺑﺄﺭﻭﺍﺣﻬﻢ
( ) " ﺍﻟﻢ ﻳﺄﻥ ﻟﻜﻢ ﺃﻥ ﺗﻤﻴﻞ ﻗﻠﻮﺑﻜﻢ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻳﻨﻔﻌﻜﻢ ﻓﻲ
ﺁﺧﺮﺗﻜﻢ ﻭﻳﺠﻠﺐ ﻟﻜﻢ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﻭﻳﺼﺮﻑ ﻋﻨﻜﻢ ﺍﻟﺸﺮ ﻭﺍﻟﻀﻴﺮ .
ﺃﻭ ﺗﺮﻏﺒﻮﻥ ﺍﻟﻨﺠﺪﺓ ﻭﺍﻟﻔﺮﺝ ﻋﻨﺪ ﺍﻻﻧﻜﻠﻴﺰ ﻭﺗﺼﺮﻓﻮﻥ ﻧﻈﺮﻛﻢ
ﻋﻦ ﺧﺎﻟﻘﻜﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﻴﺪﻩ ﺃﻣﻮﺭﻛﻢ ﻭﻗﻮﺍﻣﻜﻢ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻘﻮﻱ
ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ. ﻓﻤﺎ ﺍﻻﻧﻜﻠﻴﺰ ﻭﻏﻴﺮﻫﻢ ﺃﺿﻌﺎﻓﺎً ﻣﻀﺎﻋﻔﺔ ﺑﺸﻲﺀ
ﻓﻲ ﺟﻨﺐ ﻗﺪﺭﺓ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻌﺠﺰ ﻋﻦ ﻭﺻﻒ ﻛﻨﻬﻬﺎ ﻛﻞ
ﻟﺒﻴﺐ ﻭﻧﺠﻴﺐ . ﻭﻣﺎ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﺇﻻ ﻣﻦ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻘﺮﻳﺐ
ﺍﻟﻤﺠﻴﺐ ."
ﺃﺣﻜﻤﺖ ﻗﻮﺍﺕ ﺍﻷﻧﺼﺎﺭ ﺍﻟﺤﺼﺎﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ ﻭﻃﻮﻗﺘﻬﺎ
ﻣﻦ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺠﻬﺎﺕ. ﻭﺍﺳﺘﻤﺮ ﺗﺒﺎﺩﻝ ﺍﻟﻨﻴﺮﺍﻥ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻄﺮﻓﻴﻦ
ﺣﺘﻰ ﺳﻘﻄﺖ ﺣﺎﻣﻴﺔ ﺃﻣﺪﺭﻣﺎﻥ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺑﺴﻘﻮﻃﻬﺎ ﺑﺎﺕ
ﻣﻮﻗﻒ ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ ﺿﻌﻴﻔﺎً ﺣﺘﻰ ﻧﻀﺞ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ ﻭﺻﺪﺭ
ﺑﺎﻗﺘﺤﺎﻣﻬﺎ ﻭﺗﺤﺮﻳﺮﻫﺎ. ﻭﻓﻲ ﺻﺒﻴﺤﺔ ﺍﻻﺛﻨﻴﻦ 9 ﺭﺑﻴﻊ ﺛﺎﻧﻲ
1302 ﻩ ( 26 ﻳﻨﺎﻳﺮ 1885 ﻡ ) ﻓﻮﺟﺌﺖ ﻗﻮﺍﺕ ﻏﺮﺩﻭﻥ
ﺑﺠﺤﺎﻓﻞ ﺍﻷﻧﺼﺎﺭ ﺗﺪﻙ ﺍﺳﺘﺤﻜﺎﻣﺎﺗﻬﺎ ﻭﺗﻠﺞ ﻣﺪﺍﺧﻞ ﺍﻟﻌﺎﺻﻤﺔ
ﻭﺗﻨﺘﺸﺮ ﻓﻲ ﺷﻮﺍﺭﻋﻬﺎ ﺑﻴﻦ ﻣﻬﻠﻞ ﻭﻣﻜﺒﺮ . ﻭﺍﻧﻔﺘﺤﺖ ﺻﻔﺤﺔ
ﺃﻭﻝ ﺩﻭﻟﺔ ﻭﻃﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﺃﻗﺎﻣﺘﻬﺎ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ
ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﺑﺤﺪ ﺍﻟﺴﻴﻒ ﻭﺑﻘﻴﺎﺩﺓ ﻣﻠﻬﻤﺔ ﻣﺎ ﺯﻟﻨﺎ ﻻ ﻧﺪﺭﻙ ﻟﻬﺎ
ﻛﻨﻬﺎً ﻭﻻ ﻧﺴﺒﺮ ﻟﻬﺎ ﻏﻮﺭﺍً .
ﺍﻷﻣﻴﺮ ﺃﺑﻮﻗﺮﺟﺔ ﻭﺇﺧﻮﺗﻪ ﺍﻟﺸﻬﺪﺍﺀ
ﺃﻭ
ﺻﻮﻟﺔ ﺑﻨﻲ ﻋﺜﻤﺎﻥ ﺍﻟﺴﺒﻌﺔ
( ﻛﺘﺎﺏ ﻗﻴﺪ ﺍﻹﻋﺪﺍﺩ ﻭﺍﻟﻄﺒﻊ )
( 3 – 3 )
ﺃﺑﻮﻗﺮﺟﺔ ﺃﻣﻴﺮ ﺍﻟﺒﺮﻳﻦ ﻭﺍﻟﺒﺤﺮﻳﻦ
ﺣﺼﺎﺭ ﻭﺗﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ
ﻣﻜﻲ ﺃﺑﻮﻗﺮﺟﺔ
ﻏﺮﺩﻭﻥ ﺳﻠَﻢ ﻣﺎ ﺗﺮﺟﻰ
ﺩﻱ ﺣﺮﺍﺑﺔ ﺍﻟﺤﺎﺝ ﺃﺑﻘﺮﺟﺔ
"ﻣﻦ ﺃﻫﺎﺯﻳﺞ ﺍﻷﻧﺼﺎﺭ "
ﺃﺩﻭﻧﺎ ﺍﻟﺒﻜﺴﻤﺎﺕ ﻳﺎ ﺑﻨﻴﺔ ﻧﺘﻐﺪﻯ
ﻭﺍﻟﺮﺻﺎﺹ ﻋﻮﻯ ﻭﻓﻮﻕ ﺍﻟﻌﺮﻳﺐ ﻗﺠﻪ
ﻳﺎ ﺭﺏ ﻛﺮﻳﻢ ﺗﺨﺬﻝ ﺃﺏ ﻗﺮﺟﺔ ( )
ﺣﺘﻰ ﻳﻮﻡ ﺍﻷﺣﺪ /25 ﻳﻨﺎﻳﺮ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺠﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﻤﻐﻨﻴﺔ ﻓﺪﻟﻢ
ﺑﻨﺖ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ ﻻ ﺗﻜﻒ ﻋﻦ ﺗﺮﺩﻳﺪ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻏﻨﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﻔﺎﺋﻠﺔ .
ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻘﻠﻬﺎ ﺳﻔﻴﻨﺔ ﺗﻐﺺ ﺑﺎﻟﺠﻮﺍﺭﻱ ﺣﺎﻣﻼﺕ ﺍﻟﺪﻓﻮﻑ .
ﺗﺠﻮﺏ ﻋﺮﺽ ﺍﻟﻨﻴﻞ ﺍﻷﺯﺭﻕ ﻗﺒﺎﻟﺔ ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ ﻟﺮﻓﻊ ﻣﻌﻨﻮﻳﺎﺕ
ﺍﻟﺠﻨﻮﺩ ﻭﺍﻟﺴﻜﺎﻥ .
ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﺠﺎﻫﺪﻭﻥ ﺍﻷﻧﺼﺎﺭ ﺍﻟﻤﺤﺎﺻﺮﻭﻥ
ﻟﻠﺨﺮﻃﻮﻡ ﻭﻣﻦ ﺧﻠﻔﻬﻢ ﻧﺴﺎﺀ ﻣﺘﺤﺰﻣﺎﺕ ﻳﺤﻤﻠﻦ ﺍﻟﻌﺼﻲ
ﺍﻟﻐﻠﻴﻈﺔ ﻳﺤﻤﻴﻦ ﻇﻬﻮﺭ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ ﻭﻳﺮﺩﺩﻭﻥ ﺟﻤﻴﻌﻬﻢ
ﻏﺮﺩﻭﻥ ﺳﻠﻢ ﻣﺎ ﺗﺮﺟﻰ
ﻭﺩﻱ ﺣﺮﺍﺑﺔ ﺍﻟﺤﺎﺝ ﺃﺏ ﻗﺮﺟﺔ
ﺃﻣﺎ ﻓﻲ ﺿﺤﻰ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﻘﺪ ﺃﺻﺒﺢ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﻣﺨﺘﻠﻔﺎً
ﺣﻴﺚ ﺳﻘﻄﺖ ﺍﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﻓﻲ ﻳﺪ ﺍﻟﺜﻮﺍﺭ ﻧﻬﺎﺋﻴﺎً ﻭﺍﻧﺘﺸﺮﻭﺍ
ﻓﻲ ﺷﻮﺍﺭﻋﻬﺎ ﻣﻬﻠﻠﻴﻦ ﻣﻜﺒﺮﻳﻦ. ﻛﺎﻧﺖ ﻻ ﺗﺰﺍﻝ ﺃﺻﻮﺍﺕ
ﺍﻟﺮﺻﺎﺹ ﺗﺌﺰ ﻭﻳﺘﺠﺎﻭﺏ ﺻﺪﺍﻫﺎ ﻭﺻﻴﺤﺎﺕ ﺍﻟﻨﺼﺮ ﺗﺘﺮﺩﺩ
ﻭﺃﻫﺎﺯﻳﺞ ﺍﻟﻔﺮﺡ ﻳﺮﺩﺩﻫﺎ ﺍﻟﺠﻨﻮﺩ ﺍﻟﻤﺰﻫﻮﻭﻥ ﺑﻨﺼﺮﻫﻢ. ﻭﻛﺎﻥ
ﺍﺳﻢ ﺃﺑﻮﻗﺮﺟﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻟﻤﺘﺪﻓﻘﻴﻦ ﻣﻦ ﺑﻮﺍﺑﺔ
ﺑﺮﻱ. ﻛﺎﻥ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻗﺪ ﺍﻧﺸﻐﻞ ﻓﻌﻼً ﺑﺎﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺍﻟﻐﻨﺎﺋﻢ
ﻭﺍﻟﺒﻌﺾ ﺍﻵﺧﺮ ﺑﺪﺍ ﻭﻛﺄﻧﻪ ﻣﻜﻠﻒ ﺑﻤﻬﻤﺎﺕ ﻣﺤﺪﺩﺓ ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﺎ
ﺃﺳﺮ ﺷﺨﺼﻴﺎﺕ ﻣﺴﺆﻭﻟﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻮﺕ. ﻭﻛﺎﻥ
ﻗﺪ ﺗﺄﻛﺪ ﻣﻘﺘﻞ ﻏﺮﺩﻭﻥ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺭﻓﻌﺖ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﺭﺃﺳﻪ ﻋﻠﻰ
ﺳﻨﺎﻥ ﺭﻣﺢ ﻃﻮﻳﻞ ﻟﻴﺘﻮﻗﻒ ﺟﻨﻮﺩﻩ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻘﺎﻭﻣﺔ. ﺑﻴﻨﻤﺎ
ﻛﺎﻧﺖ ﺟﺜﺘﻪ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻘﺼﺮ ﻣﻠﻘﺎﺓ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﻛﺘﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﺤﻢ
ﻭﺍﻟﺪﻡ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻣﺰﻗﺘﻬﺎ ﺭﻣﺎﺡ ﺍﻟﺜﻮﺍﺭ.
ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻠﺤﻈﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﻘﺐ ﻓﺘﻮﺡ ﺍﻟﺒﻠﺪﺍﻥ ﻭﺍﻟﺪﻣﺎﺀ ﻻ
ﺗﺰﺍﻝ ﺗﻘﻄﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻴﻮﻑ ﻭﻏﺒﺎﺭ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻙ ﻳﺤﺠﺐ ﺿﻮﺀ
ﺍﻟﺸﻤﺲ ﺣﻴﺚ ﻳﺨﺘﻠﻂ ﺍﻟﺤﺎﺑﻞ ﺑﺎﻟﻨﺎﺑﻞ ﻭﺗﺮﺗﺨﻲ ﻗﺒﻀﺔ
ﺍﻟﻘﻴﺎﺩﺓ ﻭﺗﻌﺠﺰ ﻋﻦ ﺍﻟﺴﻴﻄﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﻨﻮﺩ ﺍﻟﻤﻨﺪﻓﻌﻴﻦ ﻓﻲ
ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻣﺴﺘﺒﺎﺣﺔ ﺍﻗﺘﻴﺪ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﻓﻮﺯﻱ ﺑﺎﺷﺎ ﻣﺤﺎﻓﻆ
ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ ﻭﺭﺋﻴﺲ ﺃﺭﻛﺎﻥ ﺣﺮﺏ ﺍﻟﺤﻜﻤﺪﺍﺭﻳﺔ ﻭﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ
ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﻧﻬﺎﺭﺕ ﺟﺮﻳﺤﺎً ﻣﺼﻔﺪﺍً ﺑﺎﻟﻘﻴﻮﺩ ﻣﻤﺰﻕ
ﺍﻟﺜﻴﺎﺏ ﻳﺎﺋﺴﺎً ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻳﺪﻓﻌﻪ ﺟﻨﻮﺩ ﺃﺷﺪﺍﺀ ﺃﺑﻄﺮﻫﻢ
ﺍﻟﻨﺼﺮ ﻭﺍﻟﻈﻔﺮ ﺑﻌﺪﻭﻫﻢ ﺑﻌﺪ ﻃﻮﻝ ﺣﺼﺎﺭ.
ﻛﺎﻥ ﺍﻷﻣﻴﺮ ﺃﺑﻮﻗﺮﺟﺔ ﺍﻟﻘﺎﺋﺪ ﺍﻟﻔﺎﺗﺢ ﻓﻲ ﻛﺎﻣﻞ ﻋﺪﺗﻪ ﻭﺯﻳﻪ
ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ .. ﻭﺍﻗﻔﺎً ﺑﻘﺎﻣﺘﻪ ﺍﻟﻔﺎﺭﻋﺔ ﻭﺳﻤﺘﻪ ﺍﻟﻤﻬﻴﺐ ﻭﻟﻤﺎ
ﻳﺰﻝ ﻓﻲ ﻋﻨﻔﻮﺍﻥ ﺍﻟﺮﺟﻮﻟﺔ ﺣﻴﺚ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻗﺪ ﺗﺠﺎﻭﺯ
ﺍﻟﺨﺎﻣﺴﺔ ﻭﺍﻷﺭﺑﻌﻴﻦ ﻣﻦ ﻋﻤﺮﻩ ﺇﻻ ﺑﻘﻠﻴﻞ .. ﻛﺎﻥ ﻳﻌﺘﻤﺮ
ﺧﻮﺫﺓ ﻭﻳﺮﺗﺪﻱ ﺩﺭﻋﺎً ﺧﻔﻴﻔﺎً ﻭﻳﺘﻤﻨﻄﻖ ﺳﻴﻔﺎً ﻭﻳﻨﺘﻌﻞ ﻧﻌﻠﻴﻦ
ﺧﻔﻴﻔﻴﻦ ﻭﻳﺤﻴﻂ ﺑﻪ ﻋﺪﺩ ﻣﻦ ﺍﻷﻣﺮﺍﺀ ﻭﻛﺒﺎﺭ ﺍﻟﻘﻮﺍﺩ ﻋﻨﺪﻣﺎ
ﺍﺩﺧﻞ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﺒﺎﺷﺎ ﻣﺪﻳﺮ ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ .. ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺃﻧﺒﺎﺀ ﻣﻘﺘﻞ
ﻏﺮﺩﻭﻥ ﺗﺮﺩﺩﻫﺎ ﺍﻷﻟﺴﻦ، ﻭﺍﻷﻫﺎﺯﻳﺞ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﺨﻠﻮ ﻣﻨﻬﺎ –
ﺍﺳﻢ ﺍﻷﻣﻴﺮ ﺃﺑﻮﻗﺮﺟﺔ ﺗﺘﺮﺍﻣﻰ ﺇﻟﻰ ﻣﺴﺎﻣﻊ ﺍﻟﻘﺎﺋﺪ ﻭﻣﻦ
ﺣﻮﻟﻪ .. ﻭﺍﻟﻬﺮﺝ ﻭﺍﻟﻤﺮﺝ ﻳﺴﻮﺩﺍﻥ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ.
ﺩﻓﻊ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﺠﻨﻮﺩ ﺑﺎﻷﺳﻴﺮ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﻓﻮﺯﻱ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻘﺎﺋﺪ
ﻓﻮﺻﻒ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻠﺤﻈﺎﺕ ﺍﻟﺤﺎﺳﻤﺔ ﻓﻲ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻓﻲ
ﻛﺘﺎﺑﻪ "ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻱ ﻏﺮﺩﻭﻥ ﻭﻛﺘﺸﻨﺮ " ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺎﻡ
ﺑﺘﺄﻟﻴﻔﻪ ﺑﻌﺪ ﻋﻮﺩﺗﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ﻓﻲ ﺃﻋﻘﺎﺏ ﺃﺳﺮ ﻃﺎﻝ
ﻭﺍﺳﺘﻐﺮﻕ ﻋﻤﺮ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﻤﻬﺪﻳﺔ ﺑﺄﻛﻤﻠﻪ .
ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺒﺎﺷﺎ ﺍﻷﺳﻴﺮ ﺃﻧﻪ ﺍﺑﺘﺪﺭ ﺍﻷﻣﻴﺮ ﺍﻟﻔﺎﺗﺢ ﺑﺎﻟﺘﺤﻴﺔ ﻓﺮﺩ
ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺄﺣﺴﻦ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﻤﺎ ﺑﻌﺚ ﺍﻻﻃﻤﺌﻨﺎﻥ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻪ . ﻛﻤﺎ
ﻛﺎﻧﺖ ﻟﺒﺸﺎﺷﺘﻪ ﺍﻟﺒﺎﺩﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺤﻴﺎﻩ ﺭﻏﻢ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻠﺤﻈﺎﺕ
ﺍﻟﻨﺎﺩﺭﺓ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻟﻘﺎﺩﺓ ﺍﻟﻔﺎﺗﺤﻴﻦ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﺴﺤﺮ ﻓﻲ ﻧﻔﺲ
ﺍﻷﺳﻴﺮ ﺍﻟﻤﻀﻄﺮﺑﺔ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺍﺳﺘﻴﻘﻨﺖ ﺩﻧﻮ ﺍﻷﺟﻞ. ﺍﻟﺘﻔﺖ
ﺍﻷﻣﻴﺮ ﺃﺑﻮﻗﺮﺟﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﻨﻮﺩ ﺍﻟﺤﺮﺍﺱ ﻭﺍﺳﺘﻔﺴﺮﻫﻢ ﻋﻦ
ﺷﺨﺼﻴﺔ ﺍﻷﺳﻴﺮ . ﺗﻘﺪﻡ ﺇﻟﻴﻪ ﺭﺋﻴﺴﻬﻢ ﻭﺃﺳﺮ ﺇﻟﻴﻪ ﻗﻮﻻًُ
" ﻓﺎﻟﺘﻔﺖ ﺇﻟﻰَ ﻓﻲ ﺳﻜﻴﻨﺔ ﻭﺣﻨﺎﻥ ﻓﺄﻣﺮ ﺑﻔﻚ ﻭﺛﺎﻗﻲ ﻓﻔﻌﻠﻮﺍ
ﺛﻢ ﺃﻣﺮﻧﻲ ﺑﺎﻟﺠﻠﻮﺱ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺽ ﻓﻔﻌﻠﺖ ﻭﻛﻨﺖ ﻓﻲ ﺃﺷﺪ
ﺣﺎﻻﺕ ﺍﻟﻈﻤﺄ ﻭﺁﻻﻣﻪ. ﻓﻘﻠﺖ ﻟﻪ ﻳﺎ ﺳﻴﺪﻱ ﺃﺃﺗﺠﺎﺳﺮ ﺑﻄﻠﺐ
ﺷﺮﺑﺔ ﻣﺎﺀ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻤﻤﺎﺕ . ﻓﺮﺩ ﻋﻠﻲَ ﻗﺎﺋﻼً " ﺃﺑﺸﺮﻙ ﺑﻜﻞ
ﺧﻴﺮ ." ﻭﺃﻣﺮ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﻐﻠﻤﺎﻥ ﺑﺈﺣﻀﺎﺭ ﺷﺮﺍﺏ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺴﻞ
ﺍﻟﻤﻤﺰﻭﺝ ﺑﺎﻟﻤﺎﺀ " ﻓﻘﺪﻣﻪ ﺇﻟﻰَ ﺇﻻَ ﺃﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻄﻔﺊ ﻇﻤﺄﻱ
ﻭﺍﺷﺘﺪﺕ ﺣﺎﺟﺘﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﻓﺄﻋﺪﺕ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﺮﺟﺎﺀ ﺑﻄﻠﺐ
ﺍﻟﻤﺎﺀ ﻓﺄﻣﺮ ﻟﻲ ﺑﺸﺮﺍﺏ "ﺍﻵﺑﺮﻳﻪ " ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻐﺬﻱ ﻭﻳﺰﻳﻞ
ﺍﻟﻈﻤﺄ ﻓﺘﻨﺎﻭﻟﺖ ﻣﻨﻪ ﻗﺪﺭ ﺣﺎﺟﺘﻲ .. ﻭﺑﻌﺪ ﺑﺮﻫﺔ ﺍﻟﺘﻔﺖ ﺇﻟﻰَ
ﻣﺨﺎﻃﺒﺎً: ﺃﻥ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻓﺎﻧﻴﺔ ﻭﺯﻣﺎﻥ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ ﻟﻴﺲ ﻛﻤﺎ ﺗﻘﺪﻣﻪ
ﻣﻦ ﺍﻷﺯﻣﺎﻥ ﻭﺍﻟﻤﺎﻝ ﺃﺻﺒﺢ ﻣﻠﻜﺎً ﻟﻪ ﻭﻣﻦ ﺃﺧﻔﺎﻩ ﻭﻗﻊ ﻓﻲ
ﻣﻌﺼﻴﺔ ﺍﻟﻠﻪ ."
ﺃﻧﻜﺮ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﻓﻮﺯﻱ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﺪﻳﻪ ﻣﺎﻝ ﻳﺆﺧﺬ ﻟﺒﻴﺖ ﻣﺎﻝ
ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻓﺼﺪﻗﻪ ﺍﻷﻣﻴﺮ ﺃﺑﻮﻗﺮﺟﺔ ﻭﺃﻃﻠﻖ ﺳﺮﺍﺣﻪ
ﻭﺍﺳﺘﻀﺎﻓﻪ ﻓﻲ ﻣﻨﺰﻟﻪ ﻟﻴﻠﺘﻴﻦ ﻭﺑﺎﻟﻎ ﻓﻲ ﺇﻛﺮﺍﻣﻪ ﺇﻻ ﺃﻧﻪ ﻟﻢ
ﻳﺴﻤﺢ ﻟﻪ ﺑﻤﺸﺎﺭﻛﺘﻬﻢ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﺭﻏﻢ ﺃﻥ ﻣﺎﺋﺪﺗﻪ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻀﻢ
ﺛﻼﺛﻴﻦ ﺭﺟﻼً. ﻗﺎﻝ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﻓﻮﺯﻱ ﺃﻥ ﺍﻷﻣﻴﺮ ﺃﺑﻮﻗﺮﺟﺔ
ﺍﻋﺘﺬﺭ ﺇﻟﻴﻪ ﻋﻦ ﻋﺪﻡ ﺗﻨﺎﻭﻝ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﻣﻌﻪ ﻷﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺒﺎﻳﻊ
ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ ﺑﻌﺪ ﻭﻟﻢ ﻳﻨﺨﺮﻁ ﻓﻲ ﺯﻣﺮﺓ ﺍﻷﻧﺼﺎﺭ.
ﻗﺒﻴﻞ ﺳﺎﻋﺎﺕ ﻣﻦ ﺃﺳﺮﻩ ﻛﺎﻥ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﻓﻮﺯﻱ ﺍﻟﻤﺮﺍﻓﻖ
ﺍﻟﻮﺣﻴﺪ ﻟﻠﺠﻨﺮﺍﻝ ﻏﺮﺩﻭﻥ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻓﻲ
ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ ﻭﻛﺎﻧﺖ ﻻ ﺗﺰﺍﻝ ﺃﺻﻮﺍﺕ ﺍﻟﻤﺪﺍﻓﻊ ﺍﻟﺘﻲ
ﻭﺟﻬﺖ ﻗﺬﺍﺋﻔﻬﺎ ﻧﺤﻮ ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ ﻣﻦ ﺣﺎﻣﻴﺔ ﺃﻣﺪﺭﻣﺎﻥ ﺑﺰﻋﺎﻣﺔ
ﺍﻷﻣﻴﺮ ﺣﻤﺪﺍﻥ ﺃﺑﻮ ﻋﻨﺠﺔ ﺗﺮﻥ ﻓﻲ ﺃﺫﻧﻴﻪ. ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ
ﻗﺪ ﻭﺟﻪ ﺑﺈﻃﻼﻗﻬﺎ ﺣﺘﻰ ﻳﺘﺴﻨﻰ ﻟﺠﻴﺸﻪ ﻋﺒﻮﺭ ﺍﻟﻨﻴﻞ
ﺍﻷﺑﻴﺾ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻠﻴﻠﺔ ﻷﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻗﺪ ﺍﺗﺨﺬ ﻗﺮﺍﺭﻩ ﺑﻔﺘﺢ
ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ ﺻﺒﻴﺤﺔ ﺍﻻﺛﻨﻴﻦ 8 ﺭﺑﻴﻊ ﺛﺎﻧﻲ ﻭﺍﻟﻤﻮﺍﻓﻖ 26
ﻳﻨﺎﻳﺮ.
ﺭﻭﻱ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﻓﻮﺯﻱ ﺃﻧﻪ ﻓﻲ ﻟﻴﻠﺔ ﺍﻟﻔﺘﺢ ﺻﺤﺐ ﻏﺮﺩﻭﻥ
ﻗﻨﺎﺻﻞ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻷﻭﺭﺑﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺳﻄﺢ ﻗﺼﺮ ﺍﻟﺤﻜﻤﺪﺍﺭﻳﺔ
ﻭﺍﺧﺬﻭﺍ ﻳﺘﻄﻠﻌﻮﻥ ﺑﺎﻟﻨﻈﺎﺭﺓ ﺍﻟﻤﻜﺒﺮﺓ ﺇﻟﻰ ﺃﻣﺪﺭﻣﺎﻥ ﻟﺘﻘﺼﻲ
ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﺘﻲ ﺩﻓﻌﺖ ﺍﻟﺜﻮﺍﺭ ﺇﻟﻰ ﺇﻃﻼﻕ ﺍﻟﻘﺬﺍﺋﻒ ﻧﺤﻮ
ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ ﻓﻠﻔﺖ ﺃﻧﻈﺎﺭﻫﻢ ﻋﺒﻮﺭ ﺣﻮﺍﻟﻲ 15 ﺃﻟﻒ ﻓﺎﺭﺱ
ﻣﻦ ﻣﻌﺴﻜﺮ ﺃﺑﻮ ﺳﻌﺪ . ﻭﻛﺎﻧﺖ ﻣﻘﺪﻣﺘﻬﻢ ﻗﺪ ﻭﺻﻠﺖ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ
ﺇﻟﻰ ﻣﻌﺴﻜﺮ ﺍﻷﻣﻴﺮ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ ﺍﻟﻨﺠﻮﻣﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﺎﻧﺐ
ﺍﻟﺸﺮﻗﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻴﻞ ﺍﻷﺑﻴﺾ.
ﺗﺒﺎﺩﺭ ﺇﻟﻰ ﺫﻫﻦ ﺍﻟﺠﻨﺮﺍﻝ ﻏﺮﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ ﻋﺒﺮ
ﺍﻟﻨﻴﻞ ﻟﻴﺘﻮﻟﻰ ﺍﻟﻘﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺟﻴﻮﺷﻪ ﻟﻴﻬﺎﺟﻢ
ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ. ﺍﻣﺘﻄﻰ ﻏﺮﺩﻭﻥ ﺻﻬﻮﺓ ﺟﻮﺍﺩﻩ ﻭﺧﺮﺝ ﺇﻟﻰ ﻣﻮﺍﻗﻊ
ﻗﻮﺍﺗﻪ ﻳﺼﺤﺒﻪ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﻓﻮﺯﻱ ﻭﺃﻣﻀﻰ ﺃﺭﺑﻊ ﺳﺎﻋﺎﺕ ﻳﺤﺎﻭﻝ
ﺃﻥ ﻳﺒﺚ ﺍﻟﺸﺠﺎﻋﺔ ﻭﺍﻟﺜﺒﺎﺕ ﻓﻲ ﻧﻔﻮﺳﻬﻢ.
ﻟﻢ ﺗﺠﺪ ﻛﻠﻤﺎﺕ ﻏﺮﺩﻭﻥ ﺻﺪﻯ ﻓﻲ ﻧﻔﻮﺱ ﺟﻨﻮﺩﻩ ﺍﻟﻴﺎﺋﺴﻴﻦ
ﻓﺄﻳﻘﻦ ﺑﺴﻘﻮﻁ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻭﻃﻠﺐ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻨﺎﺻﻞ ﺃﻥ ﻳﺴﺘﻘﻠﻮﺍ
ﺑﺎﺧﺮﺓ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻌﺪﺓ ﻟﻠﻬﺮﻭﺏ ﺇﻻَ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﻨﺎﺻﻞ ﺃﺣﺴﻮﺍ
ﺑﺎﺳﺘﺤﺎﻟﺔ ﺗﻨﻔﻴﺬ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺨﺮﻭﺝ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺣﻴﻂ
ﺑﻬﺎ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺟﺎﻧﺐ.
ﻭﺻﻒ ﻓﻮﺯﻱ ﺍﻟﻠﺤﻈﺎﺕ ﺍﻷﺧﻴﺮﺓ ﻟﻠﺠﻨﺮﺍﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺮﺍﺟﻊ ﻋﻦ
ﻓﻜﺮﺓ ﺍﻻﻧﺘﺤﺎﺭ ﻭﺑﺪﺃ ﻣﺘﻤﺎﺳﻜﺎً ﺭﻏﻢ ﺍﻹﺣﺴﺎﺱ ﺑﺄﻥ ﺃﻣﺮﺍً
ﺟﻠﻼً ﻭﺷﻴﻚ ﺍﻟﺤﺪﻭﺙ ﻭﻣﻦ ﺛﻢ ﺃﻣﺮ ﺑﺈﻗﺎﻣﺔ ﻋﺮﺽ ﻟﻸﻟﻌﺎﺏ
ﺍﻟﻨﺎﺭﻳﺔ ﻟﺘﻬﺪﺋﺔ ﺍﻟﺨﻮﺍﻃﺮ ﻭﻓﻲ ﻣﺤﺎﻭﻟﺔ ﻹﺭﻫﺎﺏ ﺍﻟﺜﻮﺍﺭ .
ﻭﻗﺪ ﺭﺃﻯ ﺍﻟﻤﺆﺭﺥ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺑﻴﻦ
ﺍﻟﻤﺤﺎﺻﺮﻳﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻷﻟﻌﺎﺏ ﺗﺒﺪﻭ ﻓﻲ ﺍﻷﻓﻖ ﻓﻲ ﺷﻜﻞ ﺑﻬﻴﺞ
ﺑﻴﻀﺎﺀ ﺣﻤﺮﺍﺀ ﺧﻀﺮﺍﺀ ﻓﻈﻦ ﻫﻮ ﻭﺭﻓﺎﻗﻪ ﺃﻥ ﺛﻤﺔ ﻣﻬﺮﺟﺎﻧﺎً
ﺃﻗﻴﻢ ﺍﺑﺘﻬﺎﺟﺎً ﺑﻘﺪﻭﻡ ﺣﻤﻠﺔ ﺍﻹﻧﻘﺎﺫ ﺍﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ .
ﺃﻣﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻌﺴﻜﺮ ﺍﻵﺧﺮ ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ ﻣﺎﺿﻴﺎً ﻓﻲ
ﻋﺰﻣﻪ ﻏﻴﺮ ﻣﻜﺘﺮﺙ ﺑﻤﺎ ﺷﺎﻉ ﻋﻦ ﻗﺮﺏ ﻭﺻﻮﻝ ﺍﻹﻧﺠﻠﻴﺰ
ﻓﺎﺳﺘﺪﻋﻰ ﺧﻠﻔﺎﺀﻩ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﻭﻣﺎﺋﺘﻴﻦ ﻣﻦ ﺃﻣﺮﺍﺀ ﺍﻟﺤﺼﺎﺭ
ﻭﺃﺑﺮﺯﻫﻢ ﺃﺑﻮﻗﺮﺟﺔ ﻭﺍﻟﻨﺠﻮﻣﻲ ﻭﺷﻴﺦ ﻓﻀﻠﻮ ﺃﺣﻤﺪ ﻭﺷﺎﻳﺐ
ﻭﻣﻜﻴﻦ ﻭﺩ ﺍﻟﻨﻮﺭ. ﺍﺟﺘﻤﻊ ﺑﻬﻢ ﻭﺍﺭﺗﺠﻞ ﺧﻄﺒﺔ ﻗﺼﻴﺮﺓ ﺑﻴﻦ
ﻓﻴﻬﺎ ﻓﻀﻞ ﺍﻟﺠﻬﺎﺩ ﻭﺗﺤﺪﺙ ﻋﻦ ﺍﻟﺒﺸﺎﺭﺓ ﺍﻟﻤﺤﻤﺪﻳﺔ ﺑﻔﺘﺢ
ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ ﺻﺒﻴﺤﺔ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻠﻴﻠﺔ، ﻭﺟﺪﺩ ﻣﻌﻬﻢ ﺍﻟﺒﻴﻌﺔ ﺛﻢ ﺍﻟﺘﻔﺖ
ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ ﻭﻛﺒﺮ ﺛﻼﺙ ﻣﺮﺍﺕ ﻭﺃﻣﺮﻫﻢ ﺑﺎﻻﻧﺼﺮﺍﻑ ﺑﻌﺪ
ﺃﻥ ﺣﺬﺭﻫﻢ ﻣﻦ ﻗﺘﻞ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺎﺕ ﻭﻓﻲ ﻣﻘﺪﻣﺘﻬﻢ
ﻏﺮﺩﻭﻥ ﺑﺎﺷﺎ ﻭﺍﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻟﺴﻘﺎ ﻭﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻷﻣﻴﻦ
ﺍﻟﻀﺮﻳﺮ. ﻟﻢ ﻳﻠﺒﺚ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ ﺃﻥ ﺍﺳﺘﺪﻋﻰ ﺍﻷﻣﻴﺮ
ﻣﺤﻤﺪ ﻭﺩ ﻧﻮﺑﺎﻭﻱ ﺯﻋﻴﻢ ﻗﺒﻴﻠﺔ ﺑﻨﻲ ﺟﺮﺍﺭ ﻭﺃﻭﺻﺎﻩ ﺑﻘﻮﻟﻪ
"ﻟﺪﻯ ﺩﺧﻮﻟﻚ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﺗﺘﻮﺟﻪ ﻧﺤﻮ ﺳﺮﺍﻱ ﻏﺮﺩﻭﻥ
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻮﺭ ﻭﺗﺒﻠﻐﻪ ﺗﺤﻴﺘﻲ ﺛﻢ ﺗﺤﺎﻓﻆ ﻋﻠﻰ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻭﻻ ﺗﺪﻉ
ﺃﺣﺪﺍً ﻳﻌﺘﺪﻱ ﻋﻠﻴﻪ ﺣﺘﻰ ﺗﻮﺻﻠﻪ ﺇﻟﻴﻨﺎ ﺳﺎﻟﻤﺎً ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﺼﻴﺒﻪ
ﻣﻜﺮﻭﻩ. ﻭﻗﺪ ﺭﺩﺩﺕ ﻋﺪﺓ ﻣﺼﺎﺩﺭ ﺍﻥ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ ﻛﺎﻥ ﻳﺮﻳﺪ ﺃﻥ
ﻳﻔﺪﻱ ﺑﻪ ﺃﺣﻤﺪ ﻋﺮﺍﺑﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﻔﺎﻩ ﺍﻻﻧﺠﻠﻴﺰ ﺇﻟﻰ ﺟﺰﻳﺮﺓ
ﺳﻴﻼﻥ ﺑﻌﺪ ﻫﺰﻳﻤﺘﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻞ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ .
ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺨﻼﻑ ﻗﺪ ﺑﻠﻎ ﺫﺭﻭﺗﻪ ﺑﻴﻦ ﺍﻷﻣﻴﺮ ﺃﺑﻮﻗﺮﺟﺔ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ
ﻭﺑﻘﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﺩﺓ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﻴﻦ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﺣﻮﻝ
ﺍﻟﻬﺠﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ ﻓﻜﺘﺐ ﺃﺑﻮﻗﺮﺟﺔ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻹﻣﺎﻡ
ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ ﺗﺘﻀﻤﻦ ﺍﺳﺘﻘﺎﻟﺘﻪ ﻭﺗﻨﺎﺯﻟﻪ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﻴﺎﺩﺓ ﻭﺫﻟﻚ ﺑﻌﺪ
ﺃﻥ ﺭﻓﺾ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﺍﻗﺘﺮﺍﺣﻪ ﺑﻤﻬﺎﺟﻤﺔ ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ. ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ
ﻓﻲ ﻳﻮﻡ 24 ﻳﻨﺎﻳﺮ 1885 ﻗﺒﻞ ﻳﻮﻣﻴﻦ ﻓﻘﻂ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺘﺢ .
ﻛﺎﻥ ﺃﺑﻮﻗﺮﺟﺔ ﻳﺮﻯ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺍﻟﻬﺠﻮﻡ ﺍﻟﻔﻮﺭﻱ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺎﺻﻤﺔ
ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺿﻨﺎﻫﺎ ﺍﻟﺤﺼﺎﺭ، ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻫﻮ ﻣﻬﻨﺪﺳﻪ ﺍﻷﻭﻝ ﺑﻼ
ﺟﺪﺍﻝ . ﻭﺿﺮﺏ ﻣﺜﻼً ﺑﻐﺰﺍﻝ ﺃﻧﻬﻜﻪ ﺍﻟﺼﻴﺎﺩ ﺑﺎﻟﻤﻄﺎﺭﺩﺓ ﺣﺘﻰ
ﺃﻭﺷﻚ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻈﻔﺮ ﺑﻪ ﺃﻳﺘﺮﻛﻪ ﻭﻳﻄﺎﺭﺩ ﻏﻴﺮﻩ ﺃﻡ ﻳﺠﻬﺰ ﻋﻠﻴﻪ
ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻫﺪَﻩ ﺍﻟﺘﻌﺐ .
ﻧﺴﺐ ﻧﻌﻮﻡ ﺷﻘﻴﺮ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺜﻞ ﻟﺮﺟﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺎﺿﺮﻳﻦ ﻓﻲ
ﺍﻟﻤﺠﻠﺲ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﻴﻦ ﻭﻧﻘﻠﻪ ﻋﻦ ﻣﺼﺪﺭ ﻣﻐﻤﻮﺭ .
ﺇﻻ ﺃﻥ ﺍﺑﺎﺀﻧﺎ ( ) ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﺆﻛﺪﻭﻥ ﺃﻥ ﺃﺑﻮﻗﺮﺟﺔ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ
ﺿﺮﺏ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺜﻞ. ﻭﻻ ﻏﺮﻭ ﻓﻬﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻳﻤﺴﻚ ﺑﺨﻴﻮﻁ
ﺍﻟﺤﺼﺎﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﻇﻞ ﻳﻤﺎﺭﺳﻪ ﺑﺠﺪﺍﺭﺓ ﻛﺮﺍً ﻭﻓﺮﺍً ﺣﺘﻰ
ﺗﻜﺎﻣﻠﺖ ﺍﻟﺠﻴﻮﺵ. ﻭﻟﻮﻻ ﺍﻧﻀﺒﺎﻃﻪ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ﺍﻟﺼﺎﺭﻡ
ﻻﻗﺘﺤﻢ ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ ﻓﻲ ﻭﻗﺖ ﺟﺪ ﺑﺎﻛﺮ .
ﻭﻗﺪ ﻛﺎﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺭﺃﻳﺎﻥ ﺁﺧﺮﺍﻥ ﺍﻷﻭﻝ ﻫﻮ ﺭﻓﻊ ﺍﻟﺤﺼﺎﺭ
ﻭﺍﻻﻧﺴﺤﺎﺏ ﺇﻟﻰ ﻛﺮﺩﻓﺎﻥ ﻻﺳﺘﺪﺭﺍﺝ ﺣﻤﻠﺔ ﺍﻹﻧﻘﺎﺫ ﺍﻟﻘﺎﺩﻣﺔ
ﻭﻗﺪ ﺍﺳﺘﺒﻌﺪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ. ﻭﺍﻟﺮﺃﻱ
ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻛﺎﻥ ﻫﻮ ﺍﻟﺘﻘﺪﻡ ﺷﻤﺎﻻً ﻟﻤﻼﻗﺎﺓ ﺍﻟﺤﻤﻠﺔ ﻗﺒﻞ
ﻭﺻﻮﻟﻬﺎ .
ﺭﺩ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ ﻋﻠﻰ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺍﻷﻣﻴﺮ ﺃﺑﻮﻗﺮﺟﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻢ
ﻳﻌﺜﺮ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﻤﺆﺭﺧﻮﻥ – ﻓﻲ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻴﻮﻡ. ﻳﺮﻓﺾ ﻓﻴﻬﺎ
ﺍﺳﺘﻘﺎﻟﺘﻪ ﺑﺼﻮﺭﺓ ﺿﻤﻨﻴﺔ. ﻭﻳﺬﻛﺮﻩ ﻛﻤﺎ ﺟﺎﺀ ﻓﻲ ﻣﺘﻦ
ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﺒﻠﻮﻯ ﺑﺄﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻣﺘﺤﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ
ﻟﻌﺒﺎﺩﻩ ﺍﻟﺼﺎﻟﺤﻴﻦ. ﻭﻳﺸﻴﺮ ﺇﻟﻰ ﺭﻓﺾ ﻃﻠﺒﻪ ﺑﺎﻟﺘﻨﺎﺯﻝ ﻋﻦ
ﺍﻟﻘﻴﺎﺩﺓ ﻭﺍﻟﺮﺋﺎﺳﺔ ﻟﻠﺘﻔﺮﻍ ﻟﻠﻌﺒﺎﺩﺓ . ﺛﻢ ﻳﺨﻄﺮﻩ ﺑﺄﻧﻪ ﻣﺮﺿﻲ
ﻋﻨﻪ ﻭﺃﻥ ﻟﻪ ﻣﻜﺎﻧﺔ ﻋﻈﻴﻤﺔ ﻋﻨﺪﻩ ﻭﻋﻨﺪ ﺍﻟﺨﻠﻔﺎﺀ ﻭﻳﺒﻠﻐﻪ ﺑﺄﻧﻪ
ﺍﺧﺘﺎﺭﻩ ﻟﻘﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻘﻮﺍﺕ ﺍﻟﻤﺮﺳﻠﺔ ﻟﻤﻼﻗﺎﺓ ﺍﻟﺠﺮﺩﺓ ﺍﻻﻧﺠﻠﻴﺰﻳﺔ
ﻭﺣﺼﺮﻫﺎ . ﻭﻗﺪ ﺍﺳﺘﺤﺴﻨﺎ ﻣﻊ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ
ﺷﺮﻳﻒ ﻭﺑﻘﻴﺔ ﺍﻷﺻﺤﺎﺏ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻮﺍﺏ ﻭﻏﻴﺮﻫﻢ ﺗﻮﺟﻬﻚ ﺇﻟﻰ
ﺍﻟﺠﺮﺩﺓ ﻣﺘﻮﻟﻴﺎً ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻳﺴﻴﺮ ﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻭﻣﻦ ﻫﻨﺎﻙ ﺗﻨﻈﺮﻭﺍ
ﻓﻴﻬﺎ ﺇﻥ ﻟﺰﻡ ﻣﺤﺎﺻﺮﺗﻬﺎ ﻭﺗﺤﺎﺻﺮﻭﻧﻬﺎ ﻛﻬﻜﺲ ﻓﺘﺤﺼﺮﻭﻫﺎ
ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺼﺮﻑ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻼﻝ ﺣﺘﻰ ﺗﺼﻞ ﺇﻟﻴﻨﺎ ﺃﻭ ﻣﺎ ﺗﺮﻭﻩ
ﻓﻴﻬﺎ. ﻓﻘﺪ ﻳﺮﻯ ﺍﻟﺤﺎﺿﺮ ﻣﺎ ﻻ ﻳﺮﺍﻩ ﺍﻟﻐﺎﺋﺐ، ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ ."
ﺇﻻَ ﺃﻥ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ ﻟﻢ ﻳﻠﺒﺚ ﺃﻥ ﻋﺎﺩ ﺇﻟﻰ ﻣﻘﺘﺮﺡ ﺍﻷﻣﻴﺮ
ﺃﺑﻮﻗﺮﺟﺔ ﺑﺎﻟﻬﺠﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ ﻭﻓﺘﺤﻬﺎ ﻋﻨﻮﺓ . ﻭﺫﻟﻚ ﺑﻌﺪ
ﺃﻥ ﻭﺟﻪ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﻟﻠﺨﻠﻴﻔﺔ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﺨﻼﻑ ﺑﻴﻦ
ﺃﺑﻮﻗﺮﺟﺔ ﻭﺑﻘﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﺩﺓ ﺑﺪﻳﻢ ﺍﻟﻬﻮﻯ ﺑﺎﻟﺨﺮﻃﻮﻡ . ﻭﻳﺮﺟﻮ
ﻣﻨﻪ ﺃﻥ ﻳﻔﺾ ﺍﻟﻨﺰﺍﻉ. ﻭﻳﺒﺪﻭ ﻭﺍﺿﺤﺎً ﺃﻥ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ
ﻛﺎﻥ ﻳﻤﻴﻞ ﻟﻠﺮﺃﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﺎﺭﺿﻪ ﺍﻷﻣﻴﺮ ﺃﺑﻮﻗﺮﺟﺔ.
ﻓﺄﻣﺎ ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻋﺰﺯ ﺭﺃﻱ ﺍﻷﻣﻴﺮ ﺍﺑﻮﻗﺮﺟﺔ ﻫﻮ ﻓﺮﺍﺭ
ﺳﻨﺠﻖ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺎﺷﺒﻮﺯﻕ ﻳﺪﻋﻲ ﻋﻤﺮ ﺑﻚ ﻭﺩ ﺍﻟﻔﻘﻴﻪ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ
ﺍﻟﻤﻠﻘﺐ ﺑﻐﺮﺓ ﺍﻟﻌﻴﻨﻴﻦ ( ) ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ ( ) ﺍﻟﺬﻱ
ﻛﺎﻥ ﻣﻄﻠﻌﺎً ﻋﻠﻰ ﺃﺣﻮﺍﻟﻬﺎ. ﻓﺪﻝ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻭﺧﺎﺻﺔ ﻧﻘﺎﻁ
ﺍﻟﻀﻌﻒ ﻓﻲ ﺍﺳﺘﺤﻜﺎﻣﺎﺗﻬﺎ. ﻓﺠﻤﻊ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ ﻣﺠﻠﺲ ﺍﻟﺸﻮﺭﻯ
ﻓﻲ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻴﻮﻡ - ﺍﻟﺴﺒﺖ 24 ﻳﻨﺎﻳﺮ - ﻭﺃﻃﻠﻌﻬﻢ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﺘﻄﻮﺭ ﺍﻷﺧﻴﺮ ﺛﻢ ﻟﻢ ﻳﻠﺒﺚ ﺃﻥ ﻭﺻﻞ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﻬﺠﺎﻧﺔ ﻣﻦ
ﺍﻟﻤﺘﻤﺔ ﻓﻲ ﻳﻮﻡ ﺍﻷﺣﺪ 25 ﻳﻨﺎﻳﺮ ﻭﺃﺧﺒﺮ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ ﺑﺄﻥ
ﻭﺍﺑﻮﺭﺍﺕ ﺍﻹﻧﺠﻠﻴﺰ ﺧﺮﺟﺖ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺒﺔ ﻓﺠﺮ ﺍﻟﺴﺒﺖ ﻣﺘﺠﻬﺔ
ﻧﺤﻮ ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ ﻓﻘﺮﺭ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ ﺍﻟﻬﺠﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻮﺭ .
ﺍﻧﻘﺮ ﻫﻨﺎ ﻟﻘﺮﺍﺀﺓ ﺍﻟﺨﺒﺮ ﻣ

Comments

Popular posts from this blog

Mona Farouk reveals scenes of "scandalous video"Egyptian actress Mona Farouk appeared on

Mona Farouk reveals scenes of "scandalous video"Egyptian actress Mona Farouk appeared on Monday in a video clip to discuss the details of the case she is currently facing. She recorded the first video and audio statements about the scandalous video that she brings together with Khaled Youssef.Farouk detonated several surprises, on the sidelines of her summons to the Egyptian prosecution, that Khalid Youssef was a friend of her father years ago, when she was a young age, and then collected a love relationship with him when she grew up, and married him in secret with the knowledge of her parents and her father and brother because his social status was not allowed to declare marriage .Muna Farouk revealed that the video was filmed in a drunken state. She and her colleague Shima al-Hajj said that on the same day the video was filmed, she was at odds with Shima, and Khaled Yusuf repaired them and then drank alcohol.She confirmed that Youssef was the one who filmed the clips whil

الحلقة 20 هنادي المطلقة والمحلل (ماذا قال كتاب العرب في هنادي)-----------Khalid Babiker

• الجنس شعور فوضوي يتحكم في الذات والعقل . وله قوة ذاتية لا تتصالح إلا مع نفسها . هكذا قال أنصار المحلل الحلقة 20 هنادي المطلقة والمحلل (ماذا قال كتاب العرب في هنادي) أول طريق عبره الإنسان هو طريق الذكر . بعدها شهق وصرخ . تمرغ في الزيت المقدس . وجرب نشوة الأرغوس . عاجلا أم آجلا سيبحث عن هذا الطريق ( كالأسماك تعود إلى أرض ميلادها لتبيض وتموت ) . وسيعبره . سيعبره بحثا عن الديمومة . وسيشهق وسيضحك . لقد جاء إليه غريبا . سيظل بين جدرانه الدافئة غريبا . وحالما يدفع تلك الكائنات الحية الصغيرة المضطربة في الهاوية الملعونة سيخرج فقيرا مدحورا يشعر بخيانة ما ( ..... ) . لن ينسى الإنسان أبدا طريق الذكر الذي عبره في البدء . سيتذكره ليس بالذاكرة وإنما بالذكر . سيعود إليه بعد البلوغ أكثر شوقا وتولعا . ولن يدخل فيه بجميع بدنه كما فعل في تلك السنوات التي مضت وإنما سيدخل برأسه . بعد ذلك سيندفع غير مبال بالخطر والفضيحة والقانون والدين . الله هناك خلف الأشياء الصغيرة . خلف كل شهقة . كل صرخة مندفعا في الظلام كالثور في قاعة المسلخ . الله لا يوجد في الأشياء الكبيرة . في الشرانق . في المح . ينشق فمه . تن

Trusting Liar (#5) Leave a reply

Trusting Liar (#5) Leave a reply Gertruida is the first to recover.  “Klasie… ?” “Ag drop the pretence, Gertruida. You all call me ‘Liar’ behind my back, so why stop now? Might as well be on the same page, yes?” Liar’s face is flushed with anger; the muscles in his thin neck prominently bulging. “That diamond belongs to me. Hand it over.” “What are you doing? Put away the gun…” “No! This…,” Liar sweeps his one hand towards the horizon, “…is my place.  Mine!   I earned it! And you…you have no right to be here!” “Listen, Liar, we’re not the enemy. Whoever is looking for you with the aeroplane and the chopper….well, it isn’t us. In fact, we were worried about you and that’s why we followed you. We’re here to help, man!” Vetfaan’s voice is pleading as he takes a step closer to the distraught man. “Now, put down the gun and let’s chat about all this.” Liar hesitates, taken aback after clearly being convinced that the group  had hostile intentions. “I…I’m not sure I believe