Skip to main content

*أساطير صغيرة--- منصور الصُويّم------ دِيالُوج

*أساطير صغيرة
منصور الصُويّم
دِيالُوج

 
في المدى المثقل بالصمت بينهما، انحنى الآخر على موبايله الجلاكسي يكتب رسائل لأصدقاء غير منظورين ويفعِّل تطبيقات متباينة الجدوى، بينما الأول يحرك قدميه سهوا باهتزازات رتيبة وكفاه متضامان بين فخذيه. قال وهو يحدق في ذلك الصهد البعيد:
*لماذا دائما حين نورد الأمثال والحكم، يكون أبطالها من التاريخ العربي القديم، ألم يحدث شيء هنا؟
رفع الآخر رأسه عن الموبايل، وبدا كأنه في حالة تأمل لحظوية عميقة قبل أن يجيب عن سؤال الأول:
- لأنها ثقافتنا، تراثنا أيضاً.
بحركة سريعة سحب الأول يده اليمنى من بين فخذيه، ولوح بها أمام وجهه، ودون أن يلتفت إلى الآخر، قال:
*أعني، ألا يوجد تراث هنا، تاريخ، حكايات، حكم، قصص طريفة.. شيء ما نستدل به وقت الحاجة، أو نحقن به كتب المطالعة البائسة للمراحل التعليمية، أو نبرزه دراميا؛ يعني أين هؤلاء الناس، الأجداد أقصد، وما حكايتهم بالضبط؟
مرة أخرى أوقف الآخر مراسلته على الجلاكسي، ومثل السابقة تفكر قليلا قبل أن يجيب على الأول:
- هناك مرويات كثيرة وتُحكى شعبيا، وبعضها متداول بصورة رسمية، نعم قد تكون قليلة لكنها إلى حد ما موجودة.
في هذه المرة لوح الأول بيديه الاثنتين، والتفت صوب الآخر، وإن تجاوزه بنظراته إلى ثلة بنات متحجبات يمضين بعيدا؛ قال له:
*هذا الكلام غير صحيح، ويجافي الحقيقة، وأنت تعرف ذلك. ذلك الرجل التاريخي، بعانخي، ماذا تذكر عنه الآن سوى أنه غزا مملكة أخرى بسبب الجياد، مسألة تتعلق بـ(شغف شخصي) على ما يبدو!! لماذا لا يذكر التاريخ الذي تسميه رسمي أحداثا أخرى، يتجاوز تاريخا آخر، ممالك امتدت لقرون تحكم النيل.. أين هذا التاريخ: حكاياته، حكمه، بطولاته، أشعاره، أزياءه وتلك الدراما التي تخلو من (ويحك).
بدا الآخر جادا قليلا وهو يزيح جهاز الجلاكسي جانبا ويواجه الأول بعينين متفكرتين، قال:
- حتى نكون أكثر وضوحا يا صديقي، التاريخ الذي تتحدث عنه طمرته الهزيمة، ومن انتصر سادت ثقافته، وهي ما نجده الآن ونقرأه ونتعلمه ونشاهده، وربما ما يمثلنا بالفعل.
ربما. ربما!! قال الأول وهو يهش من أمام وجهه صورة شبحية لذيول عباءات البنات المحجبات بعد أن مضين بعيدا. أضاف:
*لكنني – مثلا – لا أحس بأن قصة أكرم من في الأرض التي تدور في صحراء لا تخصني أو تمثلني، أحن إلى شيء آخر أجد انعكاسي وروحي فيه، يحقق امتدادي ويؤكد وجودي.
تمتم الآخر:
- هذا تراث إنساني مشترك، لمَ الاحتجاج.
قال الأول:
أتساءل فقط.
أمسك الآخر بموبايله الجلاكسي، بينما ضم الأول يديه بين فخذيه وبدا – من جديد – كأنه يتأمل الصهد البعيد.

*اللوحة - انترنت

Comments

Popular posts from this blog

Mona Farouk reveals scenes of "scandalous video"Egyptian actress Mona Farouk appeared on

Mona Farouk reveals scenes of "scandalous video"Egyptian actress Mona Farouk appeared on Monday in a video clip to discuss the details of the case she is currently facing. She recorded the first video and audio statements about the scandalous video that she brings together with Khaled Youssef.Farouk detonated several surprises, on the sidelines of her summons to the Egyptian prosecution, that Khalid Youssef was a friend of her father years ago, when she was a young age, and then collected a love relationship with him when she grew up, and married him in secret with the knowledge of her parents and her father and brother because his social status was not allowed to declare marriage .Muna Farouk revealed that the video was filmed in a drunken state. She and her colleague Shima al-Hajj said that on the same day the video was filmed, she was at odds with Shima, and Khaled Yusuf repaired them and then drank alcohol.She confirmed that Youssef was the one who filmed the clips whil...

الحلقة 20 هنادي المطلقة والمحلل (ماذا قال كتاب العرب في هنادي)-----------Khalid Babiker

• الجنس شعور فوضوي يتحكم في الذات والعقل . وله قوة ذاتية لا تتصالح إلا مع نفسها . هكذا قال أنصار المحلل الحلقة 20 هنادي المطلقة والمحلل (ماذا قال كتاب العرب في هنادي) أول طريق عبره الإنسان هو طريق الذكر . بعدها شهق وصرخ . تمرغ في الزيت المقدس . وجرب نشوة الأرغوس . عاجلا أم آجلا سيبحث عن هذا الطريق ( كالأسماك تعود إلى أرض ميلادها لتبيض وتموت ) . وسيعبره . سيعبره بحثا عن الديمومة . وسيشهق وسيضحك . لقد جاء إليه غريبا . سيظل بين جدرانه الدافئة غريبا . وحالما يدفع تلك الكائنات الحية الصغيرة المضطربة في الهاوية الملعونة سيخرج فقيرا مدحورا يشعر بخيانة ما ( ..... ) . لن ينسى الإنسان أبدا طريق الذكر الذي عبره في البدء . سيتذكره ليس بالذاكرة وإنما بالذكر . سيعود إليه بعد البلوغ أكثر شوقا وتولعا . ولن يدخل فيه بجميع بدنه كما فعل في تلك السنوات التي مضت وإنما سيدخل برأسه . بعد ذلك سيندفع غير مبال بالخطر والفضيحة والقانون والدين . الله هناك خلف الأشياء الصغيرة . خلف كل شهقة . كل صرخة مندفعا في الظلام كالثور في قاعة المسلخ . الله لا يوجد في الأشياء الكبيرة . في الشرانق . في المح . ينشق فمه . تن...

Trusting Liar (#5) Leave a reply

Trusting Liar (#5) Leave a reply Gertruida is the first to recover.  “Klasie… ?” “Ag drop the pretence, Gertruida. You all call me ‘Liar’ behind my back, so why stop now? Might as well be on the same page, yes?” Liar’s face is flushed with anger; the muscles in his thin neck prominently bulging. “That diamond belongs to me. Hand it over.” “What are you doing? Put away the gun…” “No! This…,” Liar sweeps his one hand towards the horizon, “…is my place.  Mine!   I earned it! And you…you have no right to be here!” “Listen, Liar, we’re not the enemy. Whoever is looking for you with the aeroplane and the chopper….well, it isn’t us. In fact, we were worried about you and that’s why we followed you. We’re here to help, man!” Vetfaan’s voice is pleading as he takes a step closer to the distraught man. “Now, put down the gun and let’s chat about all this.” Liar hesitates, taken aback after clearly being convinced that the group  had hostile intentions. “I…I’m ...