صحيفة الجريدة – عدد اليوم الثلاثاء 19/4/2016
سفينة بَوْح – صحيفة الجريدة
الحيرقان ... ؟ !! - - هيثم الفضل
المناسبات في السودان و ما أدراك ما المناسبات ، حصار إجتماعي يحيط بك بلا هوادة و لا مجال للتهرب و الفكاك ، قال لي أحد أقربائي المغتربين في إحدى الدول الخليجية أن ( الحيرقان ) لا يعرف طريقه إلى معدته إلا أثناء عطلته السنويه التي يقضيها بين الأهل و الأحباب ناشداً أياماً من الحبور و راحة البال من هم الغربة و أوجاعها النفسية ، ليحوِّلها غول ( الحيرقان ) إلي أيام من التنغيص البدني و النفسي بسبب آلامه التي لا تهدأ إلا بشربة (عطرون) أو ماء مُحلى .. هذا لمن رحم ربي ، إذ هناك حالات متأخرة من هذا المرض لا تستجيب إلى العلاج إلا بزيارة الطبيب و التداوي بالوصفات الحديثة أو الكيميائية ، و للحقيقة فإن داء الحيرقان و إضطرابات الهضم و ما شابهها من ( عذابات ) هو في نظري مرض ذو مدلول إجتماعي و هو نتيجة لموروثات إجتماعية تاريخية لا ينفك من حولنا يكرِّس لإستمرارها و هم في هذا الإتجاه لا يعتدون بالمبررات المنطقية و لا الوارد من ثقافات و أفكار خارجية ، هي بلا شك من ناحية طبية و صحية أجدى و أكثر أماناً مما نحن عليه ، و بذلك تصبح كثرة العزائم و الدعوات التي يتلقاها الفرد منا في السودان نتيجة ميزة التمازج الإجتماعي و الإمتداد الأسري اللا محدود الأمد و ما تحتويه موائدها من أطعمة هي المنتج الأساسي لسلعة ( الحيرقان ) البغيضة ، خصوصاً و أن عاداتنا و أساليبنا في الطبخ لم تتغير بتغيّر العصر و شكل حياة الإنسان في الحاضرة ، فما زلنا نعتمد في طبخنا على مبدأ ( التسبيكة ) ، المبني على غزارة إستعمال الزيوت و الدهون بأنواعها ، فضلاً عن الإكثار من اللحوم و ملحقاتها ، بالرغم من ما آلت إليه أسعارها ، ثم يُضاف إلى ذلك المبالغة في ذر كل ذلك بحفنات ليست يسيرة من البهارات و ( الشطوط ) ، و لما كانت حياتنا الحضرية المعاصرة تتميز بقلة الحركة و الركون إلى حالة من السكون الجسدي و أحياناً السبات العميق بعد الأكل ، كان من البديهي أن لا يناسبنا تاريخنا في صنع الغذاء الآن ، لأن من سبقونا من السلف كانوا في أغلب الأحيان إما مزارعين أو رعاة و في كلا الصنعتين قدر من الحركة و الرياضة الجبرية اللتان تعملان على حرق الدهون و هضم ما جناه الإنسان من خيرات اللحوم و الدهون ، إن التوغل في هواية مجاملة الناس و تلبية دعواتهم ( خارج نطاق موضة صحن الكوكتيل ) .. هو إذعان تام للدخول في شرك مرض ( الحيرقان ) ، و هو للأسف إرهاص أولي لأمراض أخرى مزمنة و خطيرة أهمها إرتفاع ضغط الدم و داء السكري و القرحة و غيرها ، فأنت مهما تمنعت و أبيت أن تغوص يداك الكريمتان في صحن ( كمونية ) .. أو ( ضلع ) مضرج بالزيت ، لن تعدم من يحلف عليك بالله و الرسول أن ( تلهط ) خاتماً دعوته بجملة ( ما بسوي ليك شي ) .. اللهم صلي و سلم على سيدنا محمد أكرم الخلق أجمعين القائل ( ما ملأ إبن آدم وعاءاً شراً من بطنه ).
سفينة بَوْح – صحيفة الجريدة
الحيرقان ... ؟ !! - - هيثم الفضل
المناسبات في السودان و ما أدراك ما المناسبات ، حصار إجتماعي يحيط بك بلا هوادة و لا مجال للتهرب و الفكاك ، قال لي أحد أقربائي المغتربين في إحدى الدول الخليجية أن ( الحيرقان ) لا يعرف طريقه إلى معدته إلا أثناء عطلته السنويه التي يقضيها بين الأهل و الأحباب ناشداً أياماً من الحبور و راحة البال من هم الغربة و أوجاعها النفسية ، ليحوِّلها غول ( الحيرقان ) إلي أيام من التنغيص البدني و النفسي بسبب آلامه التي لا تهدأ إلا بشربة (عطرون) أو ماء مُحلى .. هذا لمن رحم ربي ، إذ هناك حالات متأخرة من هذا المرض لا تستجيب إلى العلاج إلا بزيارة الطبيب و التداوي بالوصفات الحديثة أو الكيميائية ، و للحقيقة فإن داء الحيرقان و إضطرابات الهضم و ما شابهها من ( عذابات ) هو في نظري مرض ذو مدلول إجتماعي و هو نتيجة لموروثات إجتماعية تاريخية لا ينفك من حولنا يكرِّس لإستمرارها و هم في هذا الإتجاه لا يعتدون بالمبررات المنطقية و لا الوارد من ثقافات و أفكار خارجية ، هي بلا شك من ناحية طبية و صحية أجدى و أكثر أماناً مما نحن عليه ، و بذلك تصبح كثرة العزائم و الدعوات التي يتلقاها الفرد منا في السودان نتيجة ميزة التمازج الإجتماعي و الإمتداد الأسري اللا محدود الأمد و ما تحتويه موائدها من أطعمة هي المنتج الأساسي لسلعة ( الحيرقان ) البغيضة ، خصوصاً و أن عاداتنا و أساليبنا في الطبخ لم تتغير بتغيّر العصر و شكل حياة الإنسان في الحاضرة ، فما زلنا نعتمد في طبخنا على مبدأ ( التسبيكة ) ، المبني على غزارة إستعمال الزيوت و الدهون بأنواعها ، فضلاً عن الإكثار من اللحوم و ملحقاتها ، بالرغم من ما آلت إليه أسعارها ، ثم يُضاف إلى ذلك المبالغة في ذر كل ذلك بحفنات ليست يسيرة من البهارات و ( الشطوط ) ، و لما كانت حياتنا الحضرية المعاصرة تتميز بقلة الحركة و الركون إلى حالة من السكون الجسدي و أحياناً السبات العميق بعد الأكل ، كان من البديهي أن لا يناسبنا تاريخنا في صنع الغذاء الآن ، لأن من سبقونا من السلف كانوا في أغلب الأحيان إما مزارعين أو رعاة و في كلا الصنعتين قدر من الحركة و الرياضة الجبرية اللتان تعملان على حرق الدهون و هضم ما جناه الإنسان من خيرات اللحوم و الدهون ، إن التوغل في هواية مجاملة الناس و تلبية دعواتهم ( خارج نطاق موضة صحن الكوكتيل ) .. هو إذعان تام للدخول في شرك مرض ( الحيرقان ) ، و هو للأسف إرهاص أولي لأمراض أخرى مزمنة و خطيرة أهمها إرتفاع ضغط الدم و داء السكري و القرحة و غيرها ، فأنت مهما تمنعت و أبيت أن تغوص يداك الكريمتان في صحن ( كمونية ) .. أو ( ضلع ) مضرج بالزيت ، لن تعدم من يحلف عليك بالله و الرسول أن ( تلهط ) خاتماً دعوته بجملة ( ما بسوي ليك شي ) .. اللهم صلي و سلم على سيدنا محمد أكرم الخلق أجمعين القائل ( ما ملأ إبن آدم وعاءاً شراً من بطنه ).
Comments
Post a Comment