Skip to main content

الإسلاميون ودولة الأغنياء .. خلاصات مؤلمة .. ومراجعات ضرورية-----د. محمد المجذوب

الإسلاميون ودولة الأغنياء .. خلاصات مؤلمة .. ومراجعات ضرورية-----د. محمد المجذوب
 
بعد أكثر من ربع من الزمان ينتهي الإسلاميون في السودان الى بناء دولة الأغنياء لتبنيهم نموذج التنمية الرأسمالية المتوحش بعكس ما يخاطبهم به الله سبحانه في القران بقوله: ... كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاء مِنكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {الحشر/6-7}.
ولا يكون علاج ذلك وعلى المستوي الوجودي والعقدي، الا بإعادة بناء النموذج المعرفي في التحليل المعاشي في إطار توحيدي جامع لمعني الكفاءة الإنتاجية وقيم العدالة الاجتماعية، مبني على طبيعة الرؤية الإسلامية كرؤية أخلاقية واجتماعية حاوية للحياة المعاشية، باعتبارها تعطي الدافعية وتعطي معنى الحياة المعاشية ومقاصدها الإنسانية، لكون الرهان على مؤشرات التنمية الرأسمالية المادية والكفاءة الإنتاجية لوحدها فحسب، انحراف عن معني الحياة الطيبة في المعاش، وهو الأمر الذي يتطلب صياغة النموذج العلمي فضلاً عن السياسات المعاشية وفلسفتها في المعاش الإسلامي، لتنتظم وحركة الإنسان في الكون كله، بجميع نواحيه وأبعاده سواء الأخلاقية أو المعرفية أو السياسية أو الثقافية أو الاجتماعية، صياغة تنطلق في أساسها من مبدأ التوحيد الإسلامي ومقاصده المعاشية المتمثلة في الإيمان والاستخلاف والإنماء والعدالة والربحية والإعمار الذي كلف بها الله تعالى خلقه الإنسان، والذي معناه إتباع الهداية الإلهية وإقامة الحياة الخيرة على الأرض عليه.
وعلى المستوي العملي يكون ذلك بتبني النموذج التجاري العامد الى شرح طبائع التجارة ومقصدها في الرؤية الإسلامية لعالم المعاش، بوصفها ترتبط كل الارتباط بمقاصد الكفاءة الإنتاجية والعدالة والإعمار والإنتاج الحقيقي للبضائع والمنافع، وهي ظاهرة اجتماعية ومعاشية مرتبة بمستوى تطور القوى المنتجة وعلاقات وفنون الإنتاج السائدة في المجتمع السوداني، ودلالة ذلك إن السياسات التجارية، بتلك المكانة التي تحتلها في النموذج المعاشي الإسلامي، تأتي حاكمة لسائر السياسات الأخرى في الاقتصاد، اعني السياسات المالية والسياسات النقدية، إلى الحد الذي يجعل موقف الفكر الإسلامي من هاتين السياستين الأخيرتين مرتبطتان كل الارتباط بموقفه من تعظيم دور السياسات التجارية ومكانتها في المعاش، باعتبار إن جوهر السياسة المعاشية في الرؤية الإسلامية هي السياسة التجارية، بوصفها الأقدر على تحقيق مقاصد الاستخلاف وإعمار الأرض والابتلاء الإنسان في تصرفه بالمال المستخلف فيه، فضلاً عن إنها السياسة الأقدر على تحقيق مقاصد الكفاءة الإنتاجية والعدالة والتراحم الاجتماعي وحفظ الحقوق، كمقاصد سامية في النموذج المعاشي الإسلامي، متجاوزة ومستوعبة بذلك السياسات المالية والنقدية القائمة على المنافسة والمزاحمة والدعاية والإعلان في النظام الرأسمالي، وسياسات التخطيط وقضاء الحاجات العامة في النظام الاشتراكي.

د. محمد المجذوب

Comments

Popular posts from this blog

Mona Farouk reveals scenes of "scandalous video"Egyptian actress Mona Farouk appeared on

Mona Farouk reveals scenes of "scandalous video"Egyptian actress Mona Farouk appeared on Monday in a video clip to discuss the details of the case she is currently facing. She recorded the first video and audio statements about the scandalous video that she brings together with Khaled Youssef.Farouk detonated several surprises, on the sidelines of her summons to the Egyptian prosecution, that Khalid Youssef was a friend of her father years ago, when she was a young age, and then collected a love relationship with him when she grew up, and married him in secret with the knowledge of her parents and her father and brother because his social status was not allowed to declare marriage .Muna Farouk revealed that the video was filmed in a drunken state. She and her colleague Shima al-Hajj said that on the same day the video was filmed, she was at odds with Shima, and Khaled Yusuf repaired them and then drank alcohol.She confirmed that Youssef was the one who filmed the clips whil...

الحلقة 20 هنادي المطلقة والمحلل (ماذا قال كتاب العرب في هنادي)-----------Khalid Babiker

• الجنس شعور فوضوي يتحكم في الذات والعقل . وله قوة ذاتية لا تتصالح إلا مع نفسها . هكذا قال أنصار المحلل الحلقة 20 هنادي المطلقة والمحلل (ماذا قال كتاب العرب في هنادي) أول طريق عبره الإنسان هو طريق الذكر . بعدها شهق وصرخ . تمرغ في الزيت المقدس . وجرب نشوة الأرغوس . عاجلا أم آجلا سيبحث عن هذا الطريق ( كالأسماك تعود إلى أرض ميلادها لتبيض وتموت ) . وسيعبره . سيعبره بحثا عن الديمومة . وسيشهق وسيضحك . لقد جاء إليه غريبا . سيظل بين جدرانه الدافئة غريبا . وحالما يدفع تلك الكائنات الحية الصغيرة المضطربة في الهاوية الملعونة سيخرج فقيرا مدحورا يشعر بخيانة ما ( ..... ) . لن ينسى الإنسان أبدا طريق الذكر الذي عبره في البدء . سيتذكره ليس بالذاكرة وإنما بالذكر . سيعود إليه بعد البلوغ أكثر شوقا وتولعا . ولن يدخل فيه بجميع بدنه كما فعل في تلك السنوات التي مضت وإنما سيدخل برأسه . بعد ذلك سيندفع غير مبال بالخطر والفضيحة والقانون والدين . الله هناك خلف الأشياء الصغيرة . خلف كل شهقة . كل صرخة مندفعا في الظلام كالثور في قاعة المسلخ . الله لا يوجد في الأشياء الكبيرة . في الشرانق . في المح . ينشق فمه . تن...

Trusting Liar (#5) Leave a reply

Trusting Liar (#5) Leave a reply Gertruida is the first to recover.  “Klasie… ?” “Ag drop the pretence, Gertruida. You all call me ‘Liar’ behind my back, so why stop now? Might as well be on the same page, yes?” Liar’s face is flushed with anger; the muscles in his thin neck prominently bulging. “That diamond belongs to me. Hand it over.” “What are you doing? Put away the gun…” “No! This…,” Liar sweeps his one hand towards the horizon, “…is my place.  Mine!   I earned it! And you…you have no right to be here!” “Listen, Liar, we’re not the enemy. Whoever is looking for you with the aeroplane and the chopper….well, it isn’t us. In fact, we were worried about you and that’s why we followed you. We’re here to help, man!” Vetfaan’s voice is pleading as he takes a step closer to the distraught man. “Now, put down the gun and let’s chat about all this.” Liar hesitates, taken aback after clearly being convinced that the group  had hostile intentions. “I…I’m ...