صحيفة الجريدة – عدد اليوم الإثنين 30/5/2016
سفينة بَوْح – صحيفة الجريدة
المنعطف الثقافي الخطير ... ؟ !! - - هيثم الفضل
لو كنت المسئول عن حالة الحِراك الثقافي في هذه البلاد ، لأرجعت أمر إجازة الأعمال الغنائية و الشعرية و الدرامية و التشكيلية و غيرها من أنواع الفنون للجنة عليا مختصة بتقصي أمر الجودة و إرتفاع مستوى المادة التي يتم تقديمها عبر المنافذ الإعلامية لمستوى ذائقة المجتمع السوداني الذي شهد له الكثير من النقاد بقدرته الفائقة على غربلة الجيد من الضحل في مجال الآداب و الفنون بالقدر الذي جعله شاهداً رئيسياً على كل تواثيق الفنون التي نعتبرها حازت على قمة ما يمكن أن يكون جيداً و مبهراً من أعمال ، و من ناحية أخرى فإن إهتمام الجانب الرسمي ممثلاً في الدوله بإستهداف تنقية الفنون الإبداعية السودانية من الشوائب التي قد تسيء إليه و إلى تاريخه و ثقافته و قيِّمه الإجتماعية ، يُعتبر واحدة من أدوات بناء الهوية الثقافية و الوطنية ، و هو أيضاً نمطاً من أنماط التخطيط الثقافي الذي يُعوَّل عليه في توجيه الفكر و الثقافة في إتجاهات تفيد المصالح القوميه البحته ، و كذلك الحول دون إنحراف القيِّم الثقافية و الإبداعية لخدمة الإتجاهات السلبية التي تفرضها بالضرورة طبيعة التعدد الثقافي و الفكري و السياسي في السودان ، إذ يمكن على الأقل عزل كل ما يُعضد الإتجاهات القبلية و العنصرية من فنون عن الإنتشار بواسطة المنافذ الإعلامية ، و قصر ما يتم إنتاجه في هذا المضمار في حدود إجتماعية ضيقة ، مع إعمال أدوات أخرى كالتعليم و الإرتقاء الحضري و التوعية عبر شتى المؤسسات التي تقوم عليها الدولة أو التي تدار بواسطة المجتمع المدني ، إن الثقافة و الإبداع لا يصح توجيههما ، لكن يمكن صناعتهما عبر توفير بيئة فكرية محايدة و متطلعة إلى تقديس قيِّم كلية يتفق حولها المجتمع ، فضلاً عن قيِّم سلبية أخرى توصف بأنها مضادة للمصلحة القومية العامة ليتم الإتفاق على نبذها ، و إستهداف إستشراء مفرداتها و إشاراتها في تكوين البناء الثقافي و الإبداعي ، ليت القائمين على أمر هذا البلاد يرفعون من مستوى إيمانهم بقضية الثقافة في السودان و ليتهم يعون الحجم الحقيقي لتأثيرها على التوجهات الإستراتيجية للأمة و كذلك دعمها العام لحركة التنمية الإقتصادية و السياسية و الإنسانية ، حين يفعلون ذلك بصدق و إيمان حقيقي لا أظنهم سيترددون أبداً في تفعيل و ( تمويل ) المشاريع ( المحايدة ) للبناء الثقافي عبر الأجهزة الرسمية المختصة و عبر منظمات المجتمع المدني ، كما أن ما يمكن أن نطلق عليه مبدئياً الهيئة القومية الوطنية لرعاية الثقافة و الآداب و الفنون سيكون أولوية ملحة بالنسبة إليهم إذا ما نظرنا إلى مخاطر الإستلاب الثقافي الذي بات يهدد الدول الثالثية لضعف إمكانياتها التكنولوجية و الصناعية الإعلامية ، مما ينذر عما قريب عن إندثار الكثير من الثقافات المحليه و إندحارها أمام ما تفرضه صناعات ثقافية ضخمة مصدرها العالم الغربي بكل إمكانيات آلته الإعلامية الجبارة ... يا أهل الحل و العقد إن هذا المنعطف خطير فإنتبهوا و إنقذوا تاريخ و ثقافة و قيِّم هذه الأمة التي بذل فيها أسلافنا الغالي و النفيس .
سفينة بَوْح – صحيفة الجريدة
المنعطف الثقافي الخطير ... ؟ !! - - هيثم الفضل
لو كنت المسئول عن حالة الحِراك الثقافي في هذه البلاد ، لأرجعت أمر إجازة الأعمال الغنائية و الشعرية و الدرامية و التشكيلية و غيرها من أنواع الفنون للجنة عليا مختصة بتقصي أمر الجودة و إرتفاع مستوى المادة التي يتم تقديمها عبر المنافذ الإعلامية لمستوى ذائقة المجتمع السوداني الذي شهد له الكثير من النقاد بقدرته الفائقة على غربلة الجيد من الضحل في مجال الآداب و الفنون بالقدر الذي جعله شاهداً رئيسياً على كل تواثيق الفنون التي نعتبرها حازت على قمة ما يمكن أن يكون جيداً و مبهراً من أعمال ، و من ناحية أخرى فإن إهتمام الجانب الرسمي ممثلاً في الدوله بإستهداف تنقية الفنون الإبداعية السودانية من الشوائب التي قد تسيء إليه و إلى تاريخه و ثقافته و قيِّمه الإجتماعية ، يُعتبر واحدة من أدوات بناء الهوية الثقافية و الوطنية ، و هو أيضاً نمطاً من أنماط التخطيط الثقافي الذي يُعوَّل عليه في توجيه الفكر و الثقافة في إتجاهات تفيد المصالح القوميه البحته ، و كذلك الحول دون إنحراف القيِّم الثقافية و الإبداعية لخدمة الإتجاهات السلبية التي تفرضها بالضرورة طبيعة التعدد الثقافي و الفكري و السياسي في السودان ، إذ يمكن على الأقل عزل كل ما يُعضد الإتجاهات القبلية و العنصرية من فنون عن الإنتشار بواسطة المنافذ الإعلامية ، و قصر ما يتم إنتاجه في هذا المضمار في حدود إجتماعية ضيقة ، مع إعمال أدوات أخرى كالتعليم و الإرتقاء الحضري و التوعية عبر شتى المؤسسات التي تقوم عليها الدولة أو التي تدار بواسطة المجتمع المدني ، إن الثقافة و الإبداع لا يصح توجيههما ، لكن يمكن صناعتهما عبر توفير بيئة فكرية محايدة و متطلعة إلى تقديس قيِّم كلية يتفق حولها المجتمع ، فضلاً عن قيِّم سلبية أخرى توصف بأنها مضادة للمصلحة القومية العامة ليتم الإتفاق على نبذها ، و إستهداف إستشراء مفرداتها و إشاراتها في تكوين البناء الثقافي و الإبداعي ، ليت القائمين على أمر هذا البلاد يرفعون من مستوى إيمانهم بقضية الثقافة في السودان و ليتهم يعون الحجم الحقيقي لتأثيرها على التوجهات الإستراتيجية للأمة و كذلك دعمها العام لحركة التنمية الإقتصادية و السياسية و الإنسانية ، حين يفعلون ذلك بصدق و إيمان حقيقي لا أظنهم سيترددون أبداً في تفعيل و ( تمويل ) المشاريع ( المحايدة ) للبناء الثقافي عبر الأجهزة الرسمية المختصة و عبر منظمات المجتمع المدني ، كما أن ما يمكن أن نطلق عليه مبدئياً الهيئة القومية الوطنية لرعاية الثقافة و الآداب و الفنون سيكون أولوية ملحة بالنسبة إليهم إذا ما نظرنا إلى مخاطر الإستلاب الثقافي الذي بات يهدد الدول الثالثية لضعف إمكانياتها التكنولوجية و الصناعية الإعلامية ، مما ينذر عما قريب عن إندثار الكثير من الثقافات المحليه و إندحارها أمام ما تفرضه صناعات ثقافية ضخمة مصدرها العالم الغربي بكل إمكانيات آلته الإعلامية الجبارة ... يا أهل الحل و العقد إن هذا المنعطف خطير فإنتبهوا و إنقذوا تاريخ و ثقافة و قيِّم هذه الأمة التي بذل فيها أسلافنا الغالي و النفيس .
Comments
Post a Comment