الأخبار الجيّدة هي أنّ تفكيك
السلاح الكيميائي يتقدّم كما خُطّط له، ومع ذلك هناك استخدام متكرّر للنظام
بالسلاح الكيميائي، ولم يرد ذكره في الاتفاقات الدولية، ضد المدنيّين.
يتجاهل المجتمع الدولي ذلك، لأنّ هذا مريح له، ولكن الطريقة التي يتعامل
فيها الأسد مع حظر استخدام السلاح الكيميائي "المعياري" هي بواسطة استخدام
علماء من أجل إنتاج مركّبات كيميائية غير واردة في الاتفاقات الدولية لحظر
استخدام أسلحة الدمار الشامل.
رغم حقيقة أن نحو 90% من مخزون السلاح
الكيميائي الذي كان بيد النظام السوري تم تسليمه، يستمرّ الأسد بمساعدة
الإيرانيين في تنفيذ هجمات بواسطة الكلور والغازات غير المميتة الأخرى،
لتحقيق إنجازات وانتصارات تكتيكية في مناطق استراتيجية.
ووفقًا للتقارير المختلفة، فقد نفّذ نظام الأسد
14 هجمة بواسطة السلاح الكيميائي منذ شهر تشرين الأول 2013. ولكن من الصعب
معرفة عدد الهجمات المؤكّد، بسبب التبخّر السريع لغاز الكلور الذي يتبخّر
سريعًا. وقد ادّعى مسؤولون أمنيّون غربيّون أنّ إيران نقلت لنظام الأسد
10,000 أسطوانة غاز مليئة بالكلور، مصنوعة في الصين.
بالإضافة إلى ذلك، تشير التقارير
القادمة من سوريا (والتي مصدرها القوات المعارضة للأسد، كما يمكن القول)
إلى استخدام أساليب التجويع والحرمان من العلاج الطبّي لإخضاع الثوار.
أحيانًا، يكون الحديث عن قرى بأكملها تعاني من ذلك.
حاليًّا تمكّن الأسد، بمساعدة مكثّفة
جدّا من إيران وحزب الله، من تحقيق سيّطرته على "قلب الدولة" (منطقة
الساحل، القصير، حمص، دمشق)، ولكنه يفقد سيطرته على ضواحيها، بحيث يمكننا
القول إنّ الدولة السورية، بصورتها المعروفة، لم تعد موجودة.
ومن المثير للاهتمام أن نشير إلى أنّه
داخل إيران نفسها، تنقسم الآراء بخصوص الاستمرار بدعم بشّار الأسد. في هذه
اللحظة، فإنّ مركز الدعم لصالح الوقوف إلى جانب الدكتاتور السوري هو فيلق
القدس داخل الحرس الثوري (وهو المسؤول عن عمليات إيران خارج حدود الدولة)
وبشكل أساسي قائده، قاسم سليماني.
ومقابل ذلك، هناك معسكر مؤيّدي الرئيس
روحاني، الذين لا يوافق على استمرار المشاركة، ويرجع ذلك أساسًا إلى الضرر
الذي تسبّبه لموقف إيران في المجتمع الدولي .
تعمل في سوريا المئات من التنظيمات
المختلفة والمتنوّعة، بعضها صغير جدّا. والميزة الأساسية في معظمها هي
"الراية السوداء"، كنوع من التماهي مع القاعدة. ومع ذلك، فلا يعني هذا أنّ
معظم الثوّار ينتمون حقّا إلى الفكر المتطرّف، وإنّما ينضمّون إلى هذه
التنظيمات رغبة منهم في إسقاط نظام الأسد، ولأنّ هذه التنظيمات تتمتّع
بتمويل يمكّنهم من الوجود الاقتصادي.
وبخصوص الأسد نفسه، على خلاف الماضي
القريب، حيث ذكر أن بقاءه في السلطة أمر لازم لاستكمال عملية نزع السلاح
الكيميائي، فالآن يجري النزع بشكل يشير إلى رغبة في واقع الأمر، وكان من
الممكن وضع حلّ حتّى من دونه. ولكن يبدو أن لا أحد في الدول الغربية
"متعجّل" لطلب تغييره وهو يتقدّم بأمان للفوز بولاية ثانية كرئيس لسوريا،
في الانتخابات التي نظّمها بنفسه.
وتشير التقديرات إلى أنّ عدم الاستقرار في سوريا
لن يُحلّ خلال سنوات معدودة، ولكن من المرتقب أن يرافق الشرق الأوسط على
مدى عشرات السنين، وحتّى أكثر من ذلك. إنّ الآثار على المدى الطويل للحرب
الأهلية السورية من الممكن أن تفكّك في الواقع الدولة القومية العربية كما
عرفناها، وأن ترسم حدود دول المنطقة من جديد.
Comments
Post a Comment