Skip to main content

طارق الهاشمي -من يسمي رئيس وزراء العراق القادم؟

 طارق الهاشمي -من يسمي رئيس وزراء العراق القادم؟

النسخة: الورقية - دولي الجمعة، ٢٣ مايو/ أيار ٢٠١٤ (٠١:٠ - بتوقيت غرينتش)
أحيت نتائج انتخابات الثلاثين من نيسان (أبريل) الماضي، التي فازت فيها -كما كان متوقعاً- قائمة نوري المالكي، آماله بالترشح لولاية ثالثة. ولكن على رغم الفوز، يبدو ذلك مستبعداً، ليس فقط لأن عدد المقاعد لا يكفي لتشكيل حكومة أغلبية كما يحلم، بل لأسباب أخرى، منها ان النخبة الشيعية المؤتلفة في إطار التحالف الوطني لن توافق على تلبية رغبة نوري المالكي هذه المرة بسهولة كما فعلت في الدورتين السابقتين، لا إرضاء للأكراد الغاضبين ولا إنصافا للسنّة المضطهدين، بل لأسباب أخرى، من بينها الامتعاض من حزب «الدعوة» وهو يستأثر بالسلطة ويهمش حلفاءه الشيعة بل ويعمل على إضعافهم أو حتى استهدافهم إن اقتضى الأمر للانفراد بقيادة البيت الشيعي. إلى جانب ذلك، لحلفاء المالكي أسباب أخرى أكبر للرفض تتعلق بمستقبل الشيعة في العراق وبسمعتهم وهم في سدة الحكم، حيث ألحق بهم نوري المالكي ضرراً تاريخياً غير مسبوق، ما دفع بالمرجعية في النجف إلى أن تنتقده بشدة وتحرم التصويت لقائمته بشكل علني، وهي سابقة نادرة في سجل المرجعية، التي تعودت القليل من الكلام والكثير من العمل.
على مدى التاريخ، ينفرد الخطاب الشيعي بالتركيز على المظلومية من جهة والتعفف من جهة أخرى والثورة من جهة ثالثة. وفي هذا الإطار تمضي معاني الحق والعدالة والثورة في إيقاع روحاني تغترف من معين إرث الإمام علي بن أبي طالب في روعة بيانه وبلاغته. يكرر الشيعة مقولة «طريق الحق موحش لقلة سالكيه»... والقصد أن تميّز الشيعة عن بقية الملل والنحل وتفردهم إنما هو تحصيل حاصل، لشعورهم بأنهم يختلفون عن الآخرين، معتبرين أنفسهم حملة تاريخيين لمشاعل الحق والعدل.
لكن نوري المالكي كان مختلفاً، وعلى رغم ذلك حاول على مدى سنوات أن يعوض فشله في إدارة الدولة مرتكزاً إلى خطاب مذهبي سعى من خلاله لأن يدغدغ عواطف البسطاء من عامة الشيعة، وبلغ فيه الغلو مبلغه عندما فسر ظاهرة العنف في العراق بأنها «صراع بين جيش الحسين وجيش يزيد»! بل ذهب إلى أبعد من ذلك عندما نادى باستبدال الكعبة المشرفة بكربلاء كقبلة للمسلمين! بل حاول أن يسوق نفسه باعتباره المنقذ والمدافع عن المذهب عندما روجت بطانته أن سيرته تليق بأن يكون «مختار العصر» في إشارة إلى المختار بن محمد الثقفي الذي تعهد بالقصاص من قتلة الحسين. لكن المراقبين، ومنهم المراجع الشيعية في النجف الأشرف، يعلمون قبل غيرهم أن حقيقة نوري المالكي غير ذلك، بل هو يمثل ظاهرة فريدة في التقية، لجهة ولائه لسيرة آلِ البيت قولاً وبراءة وعزوفه عنهم عملاً، لهذا أفتت المراجع بضرورة تغييره، بعد أن تأكد لديها أن حقيقة تمسك نوري المالكي بالسلطة لا يعبر عن رغبة في خدمة المذهب كما يدّعي، بل هي استجابة لنزعة نفسية وتلبية لغريزة التطلع للسلطة والجاه، بصرف النظر عن مصلحة المذهب، وسواء رضي الأتباع من الشيعة عن ذلك أم غضبوا.
الظلم والتمييز والفساد والتخلف، إلى جانب تضييع السيادة، هي أبعاد الصورة التي حكم بها نوري المالكي على مدى ثماني سنوات، والمستفيد في المقام الأول لا شك هو شخصياً والبطانة المحيطة به، أما عموم الشيعة، فحالهم البائس لا يختلف كثيراً عن حال شركائهم في الوطن من السنّة.
الشيعة، حتى النخبة منهم، غاضبون ويسعون لاستبدال المالكي بأي ثمن، وعلى رغم ذلك هم مترددون في تسمية المرشح البديل، خوفاً وإشفاقاً عليه من منافس يؤمن حتى النخاع بأن الغاية تبرر الواسطة، وحتى لو كانت التضييق والاغتيال والاتهام، ولهذا فهؤلاء ينتظرون السنّة والأكراد ليقولوا كلمتهم النهائية بصدد رغبة المالكي في ولاية ثالثة كي يبادر التحالف الشيعي ويرشح رئيس الوزراء القادم بعد أن تعارف العراقيون على ذلك على مدى الدورات السابقة، وهذا العرف بالمناسبة غير دستوري وغير ملزم. فعلياً كأن الأدوار موزعة، الشيعة يرشحون والسنة والأكراد إما يقبلون أو يرفضون.
الأكراد والعرب السنّة قالوا كلمتهم بالرفض القاطع لولاية ثالثة للمالكي حتى قبل الإعلان عن نتائج الانتخابات، والتي لن تغير من موقفهم مهما كان عدد المقاعد التي فاز بها ائتلاف المالكي، والكرة باتت في ملعب التحالف الشيعي.
من المتوقع أن تنطلق قريباً المفاوضات الهادفة لتشكيل الحكومة القادمة، ويبدو التاريخ يعيد نفسه، عندما رفض العرب السنّة (جبهة التوافق) والأكراد (التحالف الكردستاني) التجديد لإبراهيم الجعفري لولاية ثانية عام 2006، إذ من دون اتفاق أو تنسيق مسبق، قرر الطرفان رفض التجديد له، على رغم أن لكل منهما أسبابه الخاصة. الشاهد أن الأكراد والعرب السنّة في الوقت الذي لا يعترضون على أن يكون منصب رئيس مجلس الوزراء من حصة الشيعة، فإن على الشيعة الحرص في تقديم المرشح المقبول لهم. ولهذا من المتوقع في هذه الدورة ألاّ يقف الطرفان الكردي والعربي السنّي عند حد رفض المالكي، بل أن يتواصلا في التفاوض حتى قبول المرشح البديل. بمعنى أن رفض المالكي ليس غاية في حد ذاته إنما هو وسيلة يراد منها فسح المجال أمام مرشح آخر مقبول من جميع الأطراف.
البعض قد يعترض ويعتبر أن تغييب دور دول نافذة في القرار السياسي العراقي إنما هو تبسيط مخل بالحقائق الماثلة على الأرض. لا يمكن إنكار دور إيران والولايات المتحدة، لكن هذا التأثير ليس مطلقاً بل هو نسبي ويتوقف على مدى تماسك الجبهة الداخلية. لم يتدخل أحد -حتى ايران- في قرار عام 2006 برفض تجديد الولاية للجعفري، واكتشفنا لاحقاً أن الولايات المتحدة كانت راغبة هي الأخرى في التغيير لكن موافقتها لم تضف شيئاً. أما عام 2010، فقد كان بالإمكان إجهاض رغبة الولايات المتحدة وإيران معاً لو أمكن الإصرار على الموقف الرافض للمالكي من جانب «العراقية» والتحالف الكردستاني، أي العرب السنّة والأكراد، وأنا على ثقة من أن اجتماع ممثلي المكونين هذه المرة على مبدأ الرفض القاطع لنوري المالكي سوف يقطع الطريق أمام ولاية ثالثة له مهما ناور وساوم وأرهب. ولا شك في أن موقف جبهة الرفض سيتعاظم عندما ينضم إليها الرافضون من الشيعة، وأقصد كتلتي «الأحرار» و «المواطن».
لدينا تجربة عام 2006 وتجربة عام 2010، ومن كليهما لا بد أن نستخلص الدروس والعبر وأن نعمل على هديهما لإسناد المهمة لمن هو أهل لها غير المالكي، وفي هذا الصدد لا بد أن يستند قبول العرب السنّة والأكراد لمرشح التحالف الشيعي البديل إلى استعداد هذا المرشح (بناء على ضمانات دولية كالأمم المتحدة كشاهد وضامن) للمضي في برنامج تغيير متكامل يخضع لخريطة طريق ننطلق من خلالها في بناء دولة المؤسسات والعدل، أي دولة المواطنة، بعد أن حولها حزب «الدعوة» منذ عام 2005 إلى دولة مكونات.
إن العراق مقبل على مرحلة انتقالية جديدة لا بد لها من نهج جديد، وهي مهمة يعتمد نجاحها على التوافق وتبقى بحاجة إلى دعم دولي ينشط فيه العرب. وبالتأكيد لا بد من مساهمة واسعة من جانب مجلس النواب والصحافة ومنظمات المجتمع المدني.


*

Comments

Popular posts from this blog

Mona Farouk reveals scenes of "scandalous video"Egyptian actress Mona Farouk appeared on

Mona Farouk reveals scenes of "scandalous video"Egyptian actress Mona Farouk appeared on Monday in a video clip to discuss the details of the case she is currently facing. She recorded the first video and audio statements about the scandalous video that she brings together with Khaled Youssef.Farouk detonated several surprises, on the sidelines of her summons to the Egyptian prosecution, that Khalid Youssef was a friend of her father years ago, when she was a young age, and then collected a love relationship with him when she grew up, and married him in secret with the knowledge of her parents and her father and brother because his social status was not allowed to declare marriage .Muna Farouk revealed that the video was filmed in a drunken state. She and her colleague Shima al-Hajj said that on the same day the video was filmed, she was at odds with Shima, and Khaled Yusuf repaired them and then drank alcohol.She confirmed that Youssef was the one who filmed the clips whil

الحلقة 20 هنادي المطلقة والمحلل (ماذا قال كتاب العرب في هنادي)-----------Khalid Babiker

• الجنس شعور فوضوي يتحكم في الذات والعقل . وله قوة ذاتية لا تتصالح إلا مع نفسها . هكذا قال أنصار المحلل الحلقة 20 هنادي المطلقة والمحلل (ماذا قال كتاب العرب في هنادي) أول طريق عبره الإنسان هو طريق الذكر . بعدها شهق وصرخ . تمرغ في الزيت المقدس . وجرب نشوة الأرغوس . عاجلا أم آجلا سيبحث عن هذا الطريق ( كالأسماك تعود إلى أرض ميلادها لتبيض وتموت ) . وسيعبره . سيعبره بحثا عن الديمومة . وسيشهق وسيضحك . لقد جاء إليه غريبا . سيظل بين جدرانه الدافئة غريبا . وحالما يدفع تلك الكائنات الحية الصغيرة المضطربة في الهاوية الملعونة سيخرج فقيرا مدحورا يشعر بخيانة ما ( ..... ) . لن ينسى الإنسان أبدا طريق الذكر الذي عبره في البدء . سيتذكره ليس بالذاكرة وإنما بالذكر . سيعود إليه بعد البلوغ أكثر شوقا وتولعا . ولن يدخل فيه بجميع بدنه كما فعل في تلك السنوات التي مضت وإنما سيدخل برأسه . بعد ذلك سيندفع غير مبال بالخطر والفضيحة والقانون والدين . الله هناك خلف الأشياء الصغيرة . خلف كل شهقة . كل صرخة مندفعا في الظلام كالثور في قاعة المسلخ . الله لا يوجد في الأشياء الكبيرة . في الشرانق . في المح . ينشق فمه . تن

Trusting Liar (#5) Leave a reply

Trusting Liar (#5) Leave a reply Gertruida is the first to recover.  “Klasie… ?” “Ag drop the pretence, Gertruida. You all call me ‘Liar’ behind my back, so why stop now? Might as well be on the same page, yes?” Liar’s face is flushed with anger; the muscles in his thin neck prominently bulging. “That diamond belongs to me. Hand it over.” “What are you doing? Put away the gun…” “No! This…,” Liar sweeps his one hand towards the horizon, “…is my place.  Mine!   I earned it! And you…you have no right to be here!” “Listen, Liar, we’re not the enemy. Whoever is looking for you with the aeroplane and the chopper….well, it isn’t us. In fact, we were worried about you and that’s why we followed you. We’re here to help, man!” Vetfaan’s voice is pleading as he takes a step closer to the distraught man. “Now, put down the gun and let’s chat about all this.” Liar hesitates, taken aback after clearly being convinced that the group  had hostile intentions. “I…I’m not sure I believe