الصادق المهدي : لماذا حدث ما حدث؟ محجوب محمد صالح
ما يزال إلقاء القبض على السيد الصادق المهدي رئيس حزب الأمة وأمام طائفة الأنصار وإيداعه سجن كوبر يثير الكثير من الأسئلة التي لا تجد جواباً شافياً ويشغل الناس بحسبانه تطوراً مفاجئاً لم يجد الناس له تبريراً منطقياً رغم محاولات الحكومة أن تضفي على الحدث صورة قانونية بحتة وتبعد عنه الصفة السياسية – فالحدث حدث سياسي بامتياز والقضايا القانونية تحرك بقرار سياسي في المكان الأول والحدث مكان الاتهام لا يرقى لمستوى توجيه تهمة بهذه الخطورة تفتح المجال للحبس حتى نهاية نظر القضية – والقضية حركت في أجواء سياسية غير مواتية لآي عمل قمعي من حكومة تطرح مشروعاً لحوار يستوجب توفر كامل حرية التعبير.
السيد الصادق المهدي متهم بأنه في تصريحات علنية اتهم قوات التدخل السريع بارتكاب انتهاكات في حق المواطنين ولم يكن في الحديث جديد، فقد قال به من قبل والي كردفان عندما تصاعدت احتجاجات أهل كردفان ضد تلك الممارسات كما قالت به قوات إقليمية ودولية موجودة على الأرض في دارفور وكان من الممكن أن ترد الحكومة على الحديث بتصريح يدافع عن تلك القوات أو ترد على الاتهامات ببينات لكنها منذ البداية آثرت اللجوء للقانون وفق مواد في قانون العقوبات لالتزام النيابة بحبس المتهم ثم ما لبثت أن أضافت مواد جديدة مغلظة تتهمه بالعمل على تقويض نظام الحكم والدستور وهى تهمة عقوبتها الإعدام وتلزم النيابة بحبس المتهم منذ فتح البلاغ وحتى نهاية التقاضي – وهذا هو ما أحدث نقلة نوعية في القضية فوضعت السيد الصادق خلف القضبان واستفزت حزب الأمة وطائفة الأنصار وانفعلت بها كافة القوى السياسية.
هذه التطورات حدثت في وقت يطرح فيه الحزب الحاكم مشروعاً لحوار جامع ويتعهد بإتاحة حرية التعبير وحرية النشاط السياسي وحرية الصحافة، ولذلك كان يجب أن يتوقع تعليقات وتصريحات ناقدة من الكافة وأن يكون مستعداً لذلك ولا يتعامل بالانفعال عندما يبدأ المعارضون في ممارسة حقوقهم الطبيعية في تقويم أداء الحكومة وأداء كافة أجهزتها ولا بأس أن يكون للقانون كلمة الفصل عندما يكون هناك مبرر لذلك والمهدي نفسه قال بذلك عند استجوابه بداية هذه القضية، فما هو المبرر لإضافة مادة جديدة يصل سقف حكمها للإعدام وتلزم النيابة بحبس المتهم منذ بداية التحقيق وحتى انتهاء المحاكمة، مواد الاتهام الأولى كانت كافية لمواجهة هذه القضية دون إضافة جديدة لو كانت القضية قانونية بحتة.
ولذلك فإن السؤال المركزي يصبح هو لماذا لجأت الحكومة لهذا الأسلوب الغليظ في التعامل مع سياسي هو الداعم الأول لمشروع الحوار وظل ينادي به حتى بعد أن فشلت محاولاته السابقة ويدفع ثمناً سياسياً غالياً لتمسكه بالحوار الذي يرفضه حتى بعض أعضاء حزبه مما خلق توترا وانقساماً حاداً في الرأي داخل الحزب نفسه إضافة لتوتر علاقته مع أحزاب المعارضة؟ هل تريد الحكومة أن ترسل إشارة بأنها قد غيرت رأيها في مشروع الحوار الذي نادت به من قبل؟ أم أن لدى الحكومة أسباب أخرى للتعامل بكل هذه الحدة مع معارض ظل هو الأقرب إليها في مشروع الحوار؟ أم أن تطورت داخلية في أوساط الحزب الحاكم غائبة عنا هي التي دفعت بهذا الاتجاه؟ أم أن السيد الصادق بحديثه عن قوات التدخل السريع تجاوز خطوطاً حمراء رسمتها الحكومة ولا يعرف أحد عنها شيئاً؟
هذه الأسئلة وغيرها ما زالت هي الموضوع الأثير لحديث المجالس في السودان وقد دفع بها إلى المقدمة قرار صدر مؤخراً بنشر ثلاثة ألوية من قوات الدعم السريع حول العاصمة لحمايتها من خطر قادم لا نعرف كنهه ولم يحدثنا أحد عن إبعاده ولكن المنطق يقول: إن مثل هذا الخطر لابد أن يكون كبيراً لدرجة تبرر -للحكومة- التي تتوفر لها أعداد كبيرة من قوات الجيش والشرطة والدفاع الشعبي في الخرطوم - أن تسعى لجلب قوة تشكلت أساساً حسب البيانات الرسمية لمواجهة التمرد وليس لحماية العاصمة.
كل هذه القضايا آثارها حبس السيد الصادق المهدي على ذمة قضية عدلية سياسية دفعت بحزب الأمة لوقف تعاونه مع الحكومة في مشروع الحوار وتعبئة قواعده وأصبح الرابح الأول هو السيد الصادق المهدي بحجم التعاطف الذي وجده حتى من معارضيه والخاسر الأكبر هو الحزب الحاكم بمقدار ما لحق بمشروع الحوار الذي يتبناه من أضرار أقلها فقدان المصداقية وسنظل موعودين بمزيد من التطورات في هذا الإطار.
محجوب محمد صالح
ما يزال إلقاء القبض على السيد الصادق المهدي رئيس حزب الأمة وأمام طائفة الأنصار وإيداعه سجن كوبر يثير الكثير من الأسئلة التي لا تجد جواباً شافياً ويشغل الناس بحسبانه تطوراً مفاجئاً لم يجد الناس له تبريراً منطقياً رغم محاولات الحكومة أن تضفي على الحدث صورة قانونية بحتة وتبعد عنه الصفة السياسية – فالحدث حدث سياسي بامتياز والقضايا القانونية تحرك بقرار سياسي في المكان الأول والحدث مكان الاتهام لا يرقى لمستوى توجيه تهمة بهذه الخطورة تفتح المجال للحبس حتى نهاية نظر القضية – والقضية حركت في أجواء سياسية غير مواتية لآي عمل قمعي من حكومة تطرح مشروعاً لحوار يستوجب توفر كامل حرية التعبير.
السيد الصادق المهدي متهم بأنه في تصريحات علنية اتهم قوات التدخل السريع بارتكاب انتهاكات في حق المواطنين ولم يكن في الحديث جديد، فقد قال به من قبل والي كردفان عندما تصاعدت احتجاجات أهل كردفان ضد تلك الممارسات كما قالت به قوات إقليمية ودولية موجودة على الأرض في دارفور وكان من الممكن أن ترد الحكومة على الحديث بتصريح يدافع عن تلك القوات أو ترد على الاتهامات ببينات لكنها منذ البداية آثرت اللجوء للقانون وفق مواد في قانون العقوبات لالتزام النيابة بحبس المتهم ثم ما لبثت أن أضافت مواد جديدة مغلظة تتهمه بالعمل على تقويض نظام الحكم والدستور وهى تهمة عقوبتها الإعدام وتلزم النيابة بحبس المتهم منذ فتح البلاغ وحتى نهاية التقاضي – وهذا هو ما أحدث نقلة نوعية في القضية فوضعت السيد الصادق خلف القضبان واستفزت حزب الأمة وطائفة الأنصار وانفعلت بها كافة القوى السياسية.
هذه التطورات حدثت في وقت يطرح فيه الحزب الحاكم مشروعاً لحوار جامع ويتعهد بإتاحة حرية التعبير وحرية النشاط السياسي وحرية الصحافة، ولذلك كان يجب أن يتوقع تعليقات وتصريحات ناقدة من الكافة وأن يكون مستعداً لذلك ولا يتعامل بالانفعال عندما يبدأ المعارضون في ممارسة حقوقهم الطبيعية في تقويم أداء الحكومة وأداء كافة أجهزتها ولا بأس أن يكون للقانون كلمة الفصل عندما يكون هناك مبرر لذلك والمهدي نفسه قال بذلك عند استجوابه بداية هذه القضية، فما هو المبرر لإضافة مادة جديدة يصل سقف حكمها للإعدام وتلزم النيابة بحبس المتهم منذ بداية التحقيق وحتى انتهاء المحاكمة، مواد الاتهام الأولى كانت كافية لمواجهة هذه القضية دون إضافة جديدة لو كانت القضية قانونية بحتة.
ولذلك فإن السؤال المركزي يصبح هو لماذا لجأت الحكومة لهذا الأسلوب الغليظ في التعامل مع سياسي هو الداعم الأول لمشروع الحوار وظل ينادي به حتى بعد أن فشلت محاولاته السابقة ويدفع ثمناً سياسياً غالياً لتمسكه بالحوار الذي يرفضه حتى بعض أعضاء حزبه مما خلق توترا وانقساماً حاداً في الرأي داخل الحزب نفسه إضافة لتوتر علاقته مع أحزاب المعارضة؟ هل تريد الحكومة أن ترسل إشارة بأنها قد غيرت رأيها في مشروع الحوار الذي نادت به من قبل؟ أم أن لدى الحكومة أسباب أخرى للتعامل بكل هذه الحدة مع معارض ظل هو الأقرب إليها في مشروع الحوار؟ أم أن تطورت داخلية في أوساط الحزب الحاكم غائبة عنا هي التي دفعت بهذا الاتجاه؟ أم أن السيد الصادق بحديثه عن قوات التدخل السريع تجاوز خطوطاً حمراء رسمتها الحكومة ولا يعرف أحد عنها شيئاً؟
هذه الأسئلة وغيرها ما زالت هي الموضوع الأثير لحديث المجالس في السودان وقد دفع بها إلى المقدمة قرار صدر مؤخراً بنشر ثلاثة ألوية من قوات الدعم السريع حول العاصمة لحمايتها من خطر قادم لا نعرف كنهه ولم يحدثنا أحد عن إبعاده ولكن المنطق يقول: إن مثل هذا الخطر لابد أن يكون كبيراً لدرجة تبرر -للحكومة- التي تتوفر لها أعداد كبيرة من قوات الجيش والشرطة والدفاع الشعبي في الخرطوم - أن تسعى لجلب قوة تشكلت أساساً حسب البيانات الرسمية لمواجهة التمرد وليس لحماية العاصمة.
كل هذه القضايا آثارها حبس السيد الصادق المهدي على ذمة قضية عدلية سياسية دفعت بحزب الأمة لوقف تعاونه مع الحكومة في مشروع الحوار وتعبئة قواعده وأصبح الرابح الأول هو السيد الصادق المهدي بحجم التعاطف الذي وجده حتى من معارضيه والخاسر الأكبر هو الحزب الحاكم بمقدار ما لحق بمشروع الحوار الذي يتبناه من أضرار أقلها فقدان المصداقية وسنظل موعودين بمزيد من التطورات في هذا الإطار.
محجوب محمد صالح
Comments
Post a Comment