سفينة بَـــوْح – هيثم الفضل
لا أؤمن بسياسة الأحلاف لكني أتخبَّط .. !!
وزير خارجيتنا الموَّقر غندور يواصل سلسلة التصريحات الرسمية لحكومة المؤتمر الوطني والتي طالما كانت مثاراً لإستغراب وإندهاش الحصيفين من الذين على الدوام تفترض فيهم الحكومة أنهم من طينة الأغبياء ، يقول غندور (السودان لم يكن يوماً طرفاً في حِلف ولا نؤمن بسياسة الأحلاف) يقول هذا و أن سياسة الأحلاف وِزر من عمل الشيطان ، ولا أدري في الحقيقة ما المغزى المراد إيصاله إلى عامة الناس والمراقبين على المستوى الداخلي والدولي من هكذا تصريح ، ثم ما ضرورته على صعيد توجيه الإستراتيجيات الدبلوماسية فيما يُفترض أن يكون (أدوات) تعمل على جلب مصالح آنية أو متوقعة للبلاد والعباد ، ما يؤلمني دائماً فيما يقوله المسئولون في حكومة الإنقاذ أو ما تنُم عنه الشعارات خصوصاً تلك المُتعلِّقة بحالة (الهاشمية) أو فرط الإنفعال والحماس الذي يعتري أقطاب النظام وأحياناً قواعده الدُنيا فيما يترى من مهرجانات ومسرحيات سياسية أغلبها لا تُعبِّر عن الحال الحقيقي ولا الوقائع الإستراتيجية أو إن شئنا فلنقُل المنعطفات التاريخية التي يمُر بها هذا الوطن ، على غندور أن يعلم أن أمر تحديد إنتماء بلدٍ ما إلى حِلف أو منظومة دولية ذات بُعد سياسي أو إقتصادي أو إستراتيجي لا يكون أبداً بالتصريحات التي تفيد الإيجاب أو النفي فيما يتعلَّق بحقيقة الإنتماء إلى هذه المنظومة أو تلك ، بل يكون تحديد ذلك بمجموعة السياسات والتوجهات العامة التي تمارسها الدولة على صعيد علاقاتاا الخارجية ثم مواقفها من الأحداث والصراعات الإقليمية ، وذلك عبر ما تُعبِّر عنه أدواتها المؤسسية المتاحة والتي يكون من بينها بالتأكيد التصريحات التي تُشير إلى مواقف الحكومة ومشاركاتها العسكرية والأمنية والإستخبارتية في الحروب الإقليمية والدولية ، فضلاً عن تفاعلاتها مع الأحداث الدولية بما يواكب تناقض الآراء الذي يكتنف الصراعات المُعلنة والخفية بين هذا الحِلف أو ذاك ، بالإضافة إلى الحجم النوعي والكمي الذي تتيحه من فُرص لصالح دول لا يمكن الإختلاف حول إنتماءاتها القطبية وتعبيرها عن أحلاف دولية معروفة منذ الأذل ، وللحقيقة المحضة التي لا تقبل الجِدال فإن ما يحدث في أمر توجهات السودان الدولية وإنتماءاته هو بالفعل لا يفيد الإنتماء إلى حلف مُعيَّن ، ولكن ليس بتلك الصيغة التي أراد إيصالها السيد وزير الخارجية عبر تصريحه المُريب ، ولكن بمفهوم آخر ما يحدث في توجهاتنا الخارجية هو مجرد (تخبُّط) يفيد عدم قدرة السياسات الخارجية والإتجاهات الدبلوماسية لحكومة المؤتمر الوطني على الثبات في حالة (الإستقرار) بسبب ما تعانية الحكومة من مشكلات متواترة أغلبها مُنصبة في الملف الأمني والعسكري والإقتصادي ، فإتجاهاتنا العلائقية على المستوى الدولي ليست إلا مجرد حالة صيَّاد يرمي شبكته في البحر وهو لا يعلم ما سيكون في باطنها خيراً كان أم شر ، هي سياسة (حق اليوم باليوم) ، والغريق يتعلَّق بأي قشة أياً كان نوعا ولونها و شكلها ، أرحمونا يا هؤلاء من تصريحاتكم التي تشير دائماً إلى أننا مجرد قومٌ أغبياء .
صحيفة الجريدة - عدد أمس الجمعة 29 ديسمبر 2017
Comments
Post a Comment