صحيفة الجريدة - عدد اليوم الإثنين 16/12/2016
صحيفة الجريدة
سفينة بَـــوْح – هيثم الفضل
الله غالب .. !!
صحيفة الجريدة
سفينة بَـــوْح – هيثم الفضل
الله غالب .. !!
آخر و أحدث و أغرب تصريحات السيد / وزير ماليتنا الغريب الأطوار ( على المستوى المهني ) أنه قال أن البلاد شهدت نمواً بلغ 5.3 % ، و قد أجاز المجلس الوطني كعادته الميزانية على هذا النسق ، علماً بأن سعر صرف الجنيه السوداني الذي إنتقل من مرحلة الغيبوبة إلى حالة الوفاة السريرية يعادل الآن 18 جنيهاً ويزيد أمام الدولار ، و في حقيقة الأمر فإن النمو بفهومه العلمي الدقيق لن أخوض في تفسيره ، و لكن ربما سمح لي القاريء بالنظر إلى مؤشرات ما يمكن أن نستقرأ به نمواً في السودان ، فإن كان عجز الدولة و مؤسساتها و مشروعاتها و مخططاتها الواردة في ميزانية العام 2016 عن تحقيق موازنة الإيرادات مع المنصرفات بالقدر الذي دفع بها للدخول في مجازفة سياسية كبرى ما زالت تدور رحاها حتى الآن إلى رفع الدعم عن الوقود و الدواء و بعض السلع الإستهلاكية الضرورية كغاز الطعام يمكن أن يُعد في صف مؤشرات النمو فلا نستطيع إلا نقول لها ( الله غالب ) ، و إن كانت تقارير المراجع العام و المشاهدات الإستقصائية الأخرى على المستوى الإعلامي و التنظيمي الدولي و المحلي تؤكد أن فاقد المال العام بدواوين الدولة و مشاريعها و مؤسساتها المختلفة قد بلغ بضع مئات من ملايين الدولارات كانت عبارة عن إختلاسات مباشرة و عمولات غير شرعية و مشاريع وهمية ، أيضاً من الممكن إعتبارها مؤشراً إيجابياً لحاةو النمو العام في الناتج الوطني فلا مناص لنا غير أن نقول مرةً ثانية ( الله غالب ) ، و إذا كانت شواهد عدم مقدرة بنك السودان و وزارة المالية وعجزهما التام عن السيطرة على سقوفات سعر الصرف الأجنبي أمام الجنيه ماثلة و بائنة بينونة لا يمكن الإختلاف حولها بالقدر الذي أدى إلى قرار تعويم سعر الجنيه و العمل بسياسة الحوافز الذي على ما يبدو لم يؤت أُكله و لم يُبشِّر بأيي نتائج إيجابية حتى الآن ، فليكن أيضاً مُجمل قولنا ( الله غالب ) .. طالما إعتبرنا ذلك ( إجباراً )أيضاً من مؤشرات النمو الإيجابي ، و حينما يبدو واضحاً للعيان أن الدولة لم تزل تعاني كل يوم من ضوائق سيولة نقدية أوقفت العمل في الكثير من المشاريع التنموية الكبرى كالكباري و المطار الجديد و المدينة الرياضية و إمتدات المشاريع الزراعية المختلفة و ما يبدو عليه حال التردي في تشييد و صيانة البنية التحتية بالعاصمة ، ثم يُطلب منا إعتباره مؤشراً يُعضِّد من مقولة حدوث إر تفاع في مستوى النمو العام في البلاد فليس لأمثالي من ( المشدوهين و المندهشين ) غير أن يردِدوا ( الله غالب ) ، و إذا كانت منظومة الضريبة العامة بكافة مسمياتها و سائر الجبايات ما زالت في سقوفاتها العصية و مرشحة في كل لحظة للزيادة مما أعاق حركة السوق في منظومة الإقتصاد الحر الذي تتبناه الدولة ، فيه شيء مما يشير إلى إنفراج يمكن أن نسميه نمواً عاماً فما عليكم إلا أن تقولوا معي ( الله غالب ) .. المحور الأساسي لمؤشر النمو الإيجابي و ميدانه الحقيقي هو حركية السوق و إرتفاع مستوى الإنتاج العام على النطاق الكمي و الكيفي ، بشرط أن تكون أغلبية التداول النقدي من نصيب القطاع الخاص و ليس الدولة ، و في هذا المضمار لكم أن تسألوا التجار و الشركات و المصدرين و المستوردين ( من غير أصحاب الحظوة و المدعومين بقوى السلطة و النفوذ )عن حجم المشكلات التي تواجهها أعمالهم ، لتستطيعوا الإطلاع على ضآلة حركية السوق و إنحصاره لدى فئة معينة لا يمكن تجاوزها بمجرد المنافسة الشريفة و الإجتهاد و المثابرة ، أقول للسيد الوزير .. هذا النمو نموُّك أنت وحدك و من يقعون في مدى رؤيتك المحدودة .. ( الله غالب ).
Comments
Post a Comment