Skip to main content

عن الادب والحرب في جنوب السودان--------- ترجمة وتقديم: يدجوك آقويت

عن الادب والحرب في جنوب السودان
ترجمة وتقديم: يدجوك آقويت
النص أدناه، ترجمة لمقدمة مجموعة قصصية لكُتاب من جنوب السودان بدول الشَتات. نُشرت في العام 2014 عن "دار سويني للنشر" بالولايات المتحدة الامريكية بمبادرة من الناشط الثقافي والقاص: نيول لويط تونق. رأيت ضرورة ترجمتها للعربية نسبة لاهمية الاسئلة المطروحة في مُتنها عن الادب بجنوب السودان، سؤال لغة الادب في افريقيا، مكانة الادب في عالم اليوم وقدرته على تشكيل الوعي الثقافي و الهوية.
النص:
عندما يعلم البعض انني من جنوب السودان، يمطرونني بوابلٍ من الاسئلة. ليس فقط عن الحرب الاهلية الطويلة ومقترحاتي عن السُبل الممكنة لتحقيق السَلام والاستقرار، بل ايضاً عن الطُرق التي يمكن من خلالها فهم الامة الجديدة وطبيعتها. غالبآ ما يُطلب مني وصف التراث الادبي لدولتي، واقتراح اعمالاً تُمثل الثقافة والادب فيها. اتفهم لما قد يلجأ البعض للادب، بدلاً عن الاعلام لتكوين خلفية معرفية جيدة عن جنوب السودان. القصة، الرواية والشعر طالما تتمتعوا بمقدرة مُذهلة على خلق حس بالمكان بطريقة تفوق تصور القاريء - ئة.
بامكاني تسمية بعض روائع الادب الامريكي التي غزت معرفتي عن اميركا، موبي ديك (Moby Dick) على سبيل المثال، برغم صعوبتها بالنسبة لي لاسباب تعود لصعوبات في اللغة الانجليزية انذاك، الا انها مثلت لي على مدار السنوات الاخيرة ما سماه المؤرخ: ناثانيل فيلبرك بـ "الشفرة الجينية لكل الامريكان، كل الوعود، المشاكل، الصراعات والمٌثل". (الرجل الخفي) – (المحبوبة) – (زَوال الدم) وغيرها من الروايات، اسهموا في تشكيل خلفيتي عن اميركا وتاريخها.
على القارة الافريقية، هنالك كتاب عالميين، من يمكن اعتبارهم كممثلين لدولهم، ثقافاتهم، وبيئاتهم الاجتماعية. شِيماندا اِديشي (نصف شمس صفراء) نجيب محفوظ (الثُلاثيات) شينوا اشيبى (الاشياء تتداعى) ج.م. كوتيو (العار) تينداي هوشي (حلاق هيراري)، هذه الاعمال عبارة عن معابر لدخول دولهم، عوالمهم وفهمها بطريقة افضل مما قد تتيحه المصادر التاريخية المتعارف عليها.
ولان جنوب السودان حديثة جدآ لادعاء امتلاك ارثاً ادبي. لذا عندما يطلب مني بعض الاصدقاء ترشيح اعمالاً ادبية من جنوب السودان اجد نفسي ارشدهم لكتابات ابناء جنوب السودان بالشتات من اللاجئين السابقين واطفال الحرب. اوجههم لكتابات مثل (ماذا هو ماذا) للروائي ديف ايغرس، رواية مستلهمة من حياة فالنتينو اشييك دينق، (امطروا علينا النار من السماء)، بينسون دينق، الفونسيو دينق، بنجامين اجاك وجودي بيرنستين، (قد تعب منا الاله) جون بول داو و مايكل سويني، (هروبي من العبودية) فرانسيس بول و ادوارد تيفنان، (العبد: قصة حقيقية) مندا نزار و دامين لويس. هذه الاعمال السردية التراجيدية، تحكي قصص مروعة عن الصراع من اجل البقاء، وتصور فظائع الحرب، المأسي و الفقر. مرونة، نعمة وقوة الروح الانسانية في مواجهة الاحباط والشر. برغم نجاح هذه الاعمال الادبية في رفع الوعي بقضية جنوب السودان وكسبُ الدعم والتأييد ايضاً، وتقديمها شهاداتٍ دامغة عن العدائيات التي حدثت في النصف قرن الماضي، الا نني اجد نفسي مترددآ لوصفها بالادب الجُنوسوداني. فماهو اذن، الادب الجُنوسوداني؟
الاجابة على هذه السؤال تتطلب بالضرورة، طرح تساؤلات عن طبيعة الادب الافريقي، منبعها، لغاتها وامكاناتها. حيث ان كتاب بقامة شينوا اشيبى و نغُوجي وا ثينغوا في مسعاهم لتفكيك الارث الاستعماري، تناولوا مسألة لغة الادب الافريقي منذ سنوات. هنا، ضرورة ايجاد وسيلة للتعبير تناسب الثقافات الافريقية ، تطفو للسطح ، بالاضافة لاختلاف السياق الاستعماري لجنوب السودان و التحولات التاريخية الحالية.
في كتابه "صراع الرؤى والهوية في السودان" 1995، زعم دكتور: فرانسيس دينق ان المؤرخون ذهبوا الى انه بلا شمال، لا يوجد جنوب، و ان الصراع مع الشمال، وتاريخ الغرو الشمالي للجنوب وتجارة الرق، وصولآ الى محاولات حكومات مابعد الاستقلال لاخضاع الجنوبيين، لما تكون كتلة اجتماعية سياسية في الجنوب. اليوم، وفقآ للاستاذ الجامعي: جوك مادوت جوك، التوتر مع الشمال لا زال "الموحد الرئيس للِاثنيات الجنوبية المُتعددة".
صُبغ الشمال كاسلامي عروبي، والجنوب كمسيحي افريقي وجزء من شرق افريقيا. هذه هي التعميمات التي شكلت خِطاب الصراع في السودان وقادت للطلاق الحتمي. في الحقيقة، مئات اللغات والِاثنيات موجودة بالشمال، وبالجنوبِ ايضآ اكثر من ستين لُغة. برغم تعايُش الاِسلام والمسيحية بالجنوب، الا ان المُعتقدات التقليدية تُسيطر على الحَقل الروحي بجنوبِ السودان. علاوةٍ على ذلك، نتيجة للحرب في العقود الاخيرة هرب ملايين الجنوبيين من ديارهم ليصبحوا لاجئين بالدول المجاورة ومعظمهم يعيشون الان في الاحياء العشوائية والمعسكرات على امتداد شمال السودان بما فيها الخرطوم العاصمة.
الثقافة الجنوسودانية عصية على التعريف، ولتعقيد اعمق، كل القصص المنشورة هنا كتبت باللغة الانجليزية. كما يمكن ان يعبرها عنها نغُوجي "اليس هذا تاكيد على انتصار الاستعمار؟" او بلغة اشِيبى "هل يعقل ان يترك الانسان لغته ويستخدم لغة الغير؟". اللغة الانجليزية ليست لغة التخاطب بين غالبية الجنوسودانيين، وخصوصآ في القرى، مما يجعل صدور مجموعة قصصية تحمل اسم الامة الجديدة باللغة الانجليزية، لغة استعمارية، واقعة تتطلب التوضيح.
الحقيقة هي ان معظم الافارقة يتحدثون لغات استعمارية. في مجموعة مقالاته "صباح الخليقة"، زعم شينوا اشيبى ان " الاستعمار عرقل اشياء عديدة بافريقيا، لكنها بالمقابل، خلقت وحدات سياسية كبيرة، بديلة للصغيرة والمشتتة التي كانت سائدة". هذه الوحدات السياسية، وحدتها تجربتها المشتركة في ظل الاستعمار. اللغات الاستعمارية اسهمت في توحيد هذه التكتلات عبر فرضها للغة الانجليزية كوسيلة بين هذه الاثنيات، كما ادت ايضآ الى بزوغ هوية وطنية وفرص تمثيل عادل للاثنيات المُتعددة. اللغة الانجليزية ايضآ مكنت العديد من الكتاب الاحتكاك بالادب من جغرافيات اخرى. الوقائع المذكورة اعلاه، تبدو كمبرر منطقي لاستخدام الانجليزية كوسيط لعكس ثقافاتنا للعالم الخارجي.
هذه المجموعة، تُمثل محاولة لعكس جنوب السودان للعالم عبر نصوص بعض كُتابه. الحصول على هذه النصوص كانت مهمة من الصعوبةِ بمكان، وقد تحصلت على معظم النصوص المنشورة هنا على شبكة الانترنت. باستثناء الشاعر، القاص والناقد الضجة: تعبان لو ليونق، اشهر كتاب جنوب السودان، والشاعر: عارف جمال، مؤلف الملحمة الشعرية "صباح في سيرا موتا"، كل الاعمال المنشورة هنا اعمال شابة، لكتاب مقيمون بدول مختلفة، من جوبا، نيويورك، القاهرة، نيروبي، سيدني، لندن وكالجيري.
تم اختيار النصوص المنشورة هنا من ضمن العشرات، لانها اعمالٍ تعكس الوضعُ الحالي لدولتنا التي تتسم بالتمزُق. عانت امتنا مرارة الترقب واللهفة للسلام والاستقرار. سيطرت الحرب على المشهد بجنوب السودان لعقودٍ، لدرجة ان ارثها هو الذي شكل الحياة والادب، باتت وجه الحرب مألوفة لنا، اكثر من السلام والاستقرار. هذه المجموعة، تتضمن الكثيرُ من ارث الحرب، وأامل ان تتمكن من اعطاء القراء صورة عن جنوب السودان.
 من الفيس بوك حساب الاستاذ
Yedjowk Agwetربما تحتوي الصورة على: ‏‏شخص واحد‏، و‏يبتسم‏‏

Comments

Popular posts from this blog

Mona Farouk reveals scenes of "scandalous video"Egyptian actress Mona Farouk appeared on

Mona Farouk reveals scenes of "scandalous video"Egyptian actress Mona Farouk appeared on Monday in a video clip to discuss the details of the case she is currently facing. She recorded the first video and audio statements about the scandalous video that she brings together with Khaled Youssef.Farouk detonated several surprises, on the sidelines of her summons to the Egyptian prosecution, that Khalid Youssef was a friend of her father years ago, when she was a young age, and then collected a love relationship with him when she grew up, and married him in secret with the knowledge of her parents and her father and brother because his social status was not allowed to declare marriage .Muna Farouk revealed that the video was filmed in a drunken state. She and her colleague Shima al-Hajj said that on the same day the video was filmed, she was at odds with Shima, and Khaled Yusuf repaired them and then drank alcohol.She confirmed that Youssef was the one who filmed the clips whil

الحلقة 20 هنادي المطلقة والمحلل (ماذا قال كتاب العرب في هنادي)-----------Khalid Babiker

• الجنس شعور فوضوي يتحكم في الذات والعقل . وله قوة ذاتية لا تتصالح إلا مع نفسها . هكذا قال أنصار المحلل الحلقة 20 هنادي المطلقة والمحلل (ماذا قال كتاب العرب في هنادي) أول طريق عبره الإنسان هو طريق الذكر . بعدها شهق وصرخ . تمرغ في الزيت المقدس . وجرب نشوة الأرغوس . عاجلا أم آجلا سيبحث عن هذا الطريق ( كالأسماك تعود إلى أرض ميلادها لتبيض وتموت ) . وسيعبره . سيعبره بحثا عن الديمومة . وسيشهق وسيضحك . لقد جاء إليه غريبا . سيظل بين جدرانه الدافئة غريبا . وحالما يدفع تلك الكائنات الحية الصغيرة المضطربة في الهاوية الملعونة سيخرج فقيرا مدحورا يشعر بخيانة ما ( ..... ) . لن ينسى الإنسان أبدا طريق الذكر الذي عبره في البدء . سيتذكره ليس بالذاكرة وإنما بالذكر . سيعود إليه بعد البلوغ أكثر شوقا وتولعا . ولن يدخل فيه بجميع بدنه كما فعل في تلك السنوات التي مضت وإنما سيدخل برأسه . بعد ذلك سيندفع غير مبال بالخطر والفضيحة والقانون والدين . الله هناك خلف الأشياء الصغيرة . خلف كل شهقة . كل صرخة مندفعا في الظلام كالثور في قاعة المسلخ . الله لا يوجد في الأشياء الكبيرة . في الشرانق . في المح . ينشق فمه . تن

Trusting Liar (#5) Leave a reply

Trusting Liar (#5) Leave a reply Gertruida is the first to recover.  “Klasie… ?” “Ag drop the pretence, Gertruida. You all call me ‘Liar’ behind my back, so why stop now? Might as well be on the same page, yes?” Liar’s face is flushed with anger; the muscles in his thin neck prominently bulging. “That diamond belongs to me. Hand it over.” “What are you doing? Put away the gun…” “No! This…,” Liar sweeps his one hand towards the horizon, “…is my place.  Mine!   I earned it! And you…you have no right to be here!” “Listen, Liar, we’re not the enemy. Whoever is looking for you with the aeroplane and the chopper….well, it isn’t us. In fact, we were worried about you and that’s why we followed you. We’re here to help, man!” Vetfaan’s voice is pleading as he takes a step closer to the distraught man. “Now, put down the gun and let’s chat about all this.” Liar hesitates, taken aback after clearly being convinced that the group  had hostile intentions. “I…I’m not sure I believe