Skip to main content

رسائل إلى زينب 30---- منصور الصويم

لا يتوفر نص بديل تلقائي.
رسائل إلى زينب 30---- منصور الصويم
خرجت من بوابة مستشفى "الدايات" للولادة مجموعة من النسوة الباكيات. كن في الحقيقة يصرخن ويطلقن نواحا جماعيا مفعما بالأسى أصاب كل من كان حاضرا بالحزن وذكره بصورة ما بفقد عزيز عليه. في البداية ظننت إنهن فقدن أما مع جنينها، أو فقدن الأم ونجا الجنين لذا تضاعف صراخهن وعويلهن، لكني بعد فترة قصيرة لمحت امرأة تبدو عليها إمارات الولادة تخرج من بوابة المستشفى، وبجوارها أخرى باكية بيدها لفافة وردية اللون تحمل الطفل الوليد بداخلها، كانت منهن، أخذنها إلى عربة "أمجاد" وهن يطوقنها بالبكاء والنواح. رجال قلائل كانوا برفقتهن، عملوا سريعا على توزيع النسوة - بعد ذهاب "الأمجاد" - على بقية العربات و"الركشات" الموجودة بالمكان، كان من نصيبي أن رافقني أحد هؤلاء الرجال؛ وحيدا وحزينا وعيناه محمرتين من أثر البكاء. دون أن أسأله أخبرني أن والد الطفل المولود حديثا "استشهد" قبل ساعات قلائل من مولده، هناك في حرب الغرب.
يعد انتهاء مشوار الرجل الباكي حزنا على والد الطفل الوليد، عدت مباشرة إلى البيت في الموردة. أصابتني عدوى الحزن ولم يعد بي رغبة لمواصلة العمل في ما تبقى من ليل هذا اليوم. في باحة المنزل وجدت سارة قد سبقتني وأخرجت "سريري" ونصبته تحت قبة السماء. كانت مستلقية وبين يديها كتاب "روضة المحبين" لابن قيم الجوزية. أخبرتني أنها تواصل هذه الأيام قراءتها عن العشق في التراث العربي، وفي الكتب الحديثة عربية وأجنبية. لم يكن – بالطبع – لدي رغبة في مناقشتها حول قراءاتها الأخيرة وما توصلت إليه بخصوص نظريتها حول "عاشق زينب" وعلاقة ذلك بنسائه الكثيرات. كنت حزينا كما قلت، وروحي مثقلة بذكرى كل أموات حياتي الفانية. ولما لم تجد مني كثير اهتمام بما تقول، أخرجت من حقيبتها ورقة واحدة لوحت بها أمامي وقالت:
لدي مفاجأة.
ابتسمت لها مشجعا، وقلت:
-هاتي ما عندك يا ستي.
جلست سارة على حافة السرير، واتخذت سمتا جادا بعد أن وضعت نظارتها الصغيرة على أرنبة أنفها الجميل، تنحنحت بصورة كوميدية ثم بدأت القراءة:
"عادت المرأة، تلك المرأة، هل حدثتك عنها يوما يا زينب؟ المرأة ذات "الشلوخ" الدقيقة على خديها، المرأة التي تلبس ثياب "لندن" المشغولة بحبوب قطنية صغيرة؛ زرقاء، وبنفسجية، وبلون خنفساء الخريف، المرأة التي كانت ترتدي وقتها فساتين قصيرة فترى من تحت أثوابها اللندينة الشفافة فخذيها البديعين، المرأة التي تبدو الحناء المنقوشة على ساقيها ويديها وكأنها خلقت هكذا منها وفيها وضمن هندسة وبهاء جسدها مكتمل الجمال، لم أخبرك، لكني أحدثك الآن يا زينب. عادت تلك المرأة إلى البيت، أبي خرج لتوه، يبدو سعيدا وممتلئا بالحياة، فقد كانت ترافقه ذات الشلوخ الدقيقة قبل أقل من ساعة ويبدو أنها زودته بكل طاقات السعادة التي تحتاجها روحه ذلك العام. عادت وهي لا تعلم بوجودي في المنزل، وبأنني كنت طوال ساعات وجودها السابق مختبئا أسفل فراش أمي وأبي، أحسها واستمع إليها وهي تهبه – أبي – عصارة حنانها، وتسقيه بلطف كؤوس السعادة.. كنت هناك".
تشكيل – سيف لعوتة

Comments

Popular posts from this blog

Mona Farouk reveals scenes of "scandalous video"Egyptian actress Mona Farouk appeared on

Mona Farouk reveals scenes of "scandalous video"Egyptian actress Mona Farouk appeared on Monday in a video clip to discuss the details of the case she is currently facing. She recorded the first video and audio statements about the scandalous video that she brings together with Khaled Youssef.Farouk detonated several surprises, on the sidelines of her summons to the Egyptian prosecution, that Khalid Youssef was a friend of her father years ago, when she was a young age, and then collected a love relationship with him when she grew up, and married him in secret with the knowledge of her parents and her father and brother because his social status was not allowed to declare marriage .Muna Farouk revealed that the video was filmed in a drunken state. She and her colleague Shima al-Hajj said that on the same day the video was filmed, she was at odds with Shima, and Khaled Yusuf repaired them and then drank alcohol.She confirmed that Youssef was the one who filmed the clips whil...

الحلقة 20 هنادي المطلقة والمحلل (ماذا قال كتاب العرب في هنادي)-----------Khalid Babiker

• الجنس شعور فوضوي يتحكم في الذات والعقل . وله قوة ذاتية لا تتصالح إلا مع نفسها . هكذا قال أنصار المحلل الحلقة 20 هنادي المطلقة والمحلل (ماذا قال كتاب العرب في هنادي) أول طريق عبره الإنسان هو طريق الذكر . بعدها شهق وصرخ . تمرغ في الزيت المقدس . وجرب نشوة الأرغوس . عاجلا أم آجلا سيبحث عن هذا الطريق ( كالأسماك تعود إلى أرض ميلادها لتبيض وتموت ) . وسيعبره . سيعبره بحثا عن الديمومة . وسيشهق وسيضحك . لقد جاء إليه غريبا . سيظل بين جدرانه الدافئة غريبا . وحالما يدفع تلك الكائنات الحية الصغيرة المضطربة في الهاوية الملعونة سيخرج فقيرا مدحورا يشعر بخيانة ما ( ..... ) . لن ينسى الإنسان أبدا طريق الذكر الذي عبره في البدء . سيتذكره ليس بالذاكرة وإنما بالذكر . سيعود إليه بعد البلوغ أكثر شوقا وتولعا . ولن يدخل فيه بجميع بدنه كما فعل في تلك السنوات التي مضت وإنما سيدخل برأسه . بعد ذلك سيندفع غير مبال بالخطر والفضيحة والقانون والدين . الله هناك خلف الأشياء الصغيرة . خلف كل شهقة . كل صرخة مندفعا في الظلام كالثور في قاعة المسلخ . الله لا يوجد في الأشياء الكبيرة . في الشرانق . في المح . ينشق فمه . تن...

Trusting Liar (#5) Leave a reply

Trusting Liar (#5) Leave a reply Gertruida is the first to recover.  “Klasie… ?” “Ag drop the pretence, Gertruida. You all call me ‘Liar’ behind my back, so why stop now? Might as well be on the same page, yes?” Liar’s face is flushed with anger; the muscles in his thin neck prominently bulging. “That diamond belongs to me. Hand it over.” “What are you doing? Put away the gun…” “No! This…,” Liar sweeps his one hand towards the horizon, “…is my place.  Mine!   I earned it! And you…you have no right to be here!” “Listen, Liar, we’re not the enemy. Whoever is looking for you with the aeroplane and the chopper….well, it isn’t us. In fact, we were worried about you and that’s why we followed you. We’re here to help, man!” Vetfaan’s voice is pleading as he takes a step closer to the distraught man. “Now, put down the gun and let’s chat about all this.” Liar hesitates, taken aback after clearly being convinced that the group  had hostile intentions. “I…I’m ...