سفينة بَوْح – صحيفة الجريدة
فوبيا الدقة و الإهتمام بالتفاصيل – هيثم الفضل
بقدر ما نطلب في كثير من المواقف ، الدقة الصارمة و الإلتزام و التخطيط المُحكم ، إلا أن علماء الطب النفسي أوردوا كثرة طلب الدقة و الإهتمام بالتفاصيل في قائمة الأمراض النفسية التي يُطلق عليها ( الفوبيات ) ، و هي تعني إنقلاب الشيء الإيجابي إلى ضِده ، فإن تعدى الإهتمام بالدقة حده و أصبح هاجساً يهدَّد الإستقرار النفسي للإنسان و يجعله فريسة لويلات الشك و الحذر من كل شيء و لو كان آمناً أصبح بلا شك على مستوى التصنيف العلمي ( مرضاً نفسياً ) ، و قديماً قال المثل ( البِفوت حدو بِنقلب لي ضِدو ) .. و هذا بالفعل ما يحدث في أمر فوبيات نفسية كثيرة تتعلق بأشياء و ممارسات إنسانية عادية إلا أن الخوف منها أو من الوقوع فيها يتعدى حدوده الطبيعية مما يعرِّض حياة الشخص إلى حالة من ما يشبه الهذيان أو التماهي خارج دائرة الوعي ومن الفوبيات المشهورة ( فوبيا الخوف من الأماكن العالية ) و ( فوبيا الأماكن المغلق أو المفتوحة ) .. أحد فكهاء المدينة عندما تجاذبنا أطراف الحديث حول فوبيا الدقة ، قال ليت حكومتنا و مؤسساتنا الإدارية يصيبها هذا المرض ، حتى يستفيد الوطن من جماليات الدقة في تنفيذ المشاريع و متعة الإهتمام بالتفاصيل ، و كما يعلم الجميع نحن قوم إشتهرنا بإهمالنا للتفاصيل و بعدنا عن الدقة ، و قد ظهر ذلك في كثير من أدبياتنا و ثقافتنا و خصوصاً تلك المتعلقة بتقديس الدواخل و المضامين و نبذ كل ما هو شكلي و خارجي ، وهذا ما يفسر ضعف مقدراتنا الإعلامية في التسويق لكثير من فنوننا و إبداعاتنا إذ أنها في الغالب الأعم رغم تأكيدنا لدسامة مضامينها إلا أنها تحتاج إلى قالب ( شكلي ) جاذب و برّاق لا يمكن صنعه و إنجازه إلى بمزيد من الإهتمام بعنصري الدقة و الإهتمام بالتفاصيل ، كما أن بعض موروثاتنا الأخلاقية كانت ذات علاقة بإضعاف الواقع التأثيري للكثير من شخصياتنا التي نبغت و تفوقت في كثير من المجالات لتبنيها مساحات من التواضع الشكلي و المظهري ، الذي كان و ما زال يُعتبر عندنا نوعاً من التواضع و التسامي عن ( صغائر ) الأمور و التي حسب إعتقادنا يأتي في مقدمتها التركيز و الإهتمام بتفاصيل الشكل الخارجي ، لذا كم كنت أتمنى أن تصيب فوبيا الدقة و الإهتمام بالتفاصيل التي نعتبرها نوعاً من المبالغة أو الشيفونية الكثير من إنجازاتنا الفكرية و الإبداعية ، و كذلك مبدعينا و نوابغنا و علمائنا ، الذين و حسب إعتقادي الخاص أضر بهم كثيراً داء المبالغة في التواضع و عدم الإهتمام بالجانب الشكلي في شخصياتهم أو ما يسمى في بعض دول الجوار التي تُحسن تفعيل ذلك المنحي بـ ( البرستيج ) .. و لايفوت علينا أن نشير أن علم البروتوكول هو إتجاه عملي يُعبِّر عن أهمية الشكليات في إخراج الفعاليات السياسية و الفنية و الثقافية .. ليت فوبيا الدقة و الإهتمام بالتفاصيل تصيب حكومة السودان و عامة الشعب السوداني حتى ينعم هذا الوطن بالنظام و الجمال و ليعلم الجميع أن الجمال ليس له أيي علاقة لا من قريب ولا من بعيد بالإمكانيات المادية ، فكل فقير و بسيط و متواضع يمكن تجميله بالنظافة و الترتيب و النظام و الإهتمام بالتفاصيل.
فوبيا الدقة و الإهتمام بالتفاصيل – هيثم الفضل
بقدر ما نطلب في كثير من المواقف ، الدقة الصارمة و الإلتزام و التخطيط المُحكم ، إلا أن علماء الطب النفسي أوردوا كثرة طلب الدقة و الإهتمام بالتفاصيل في قائمة الأمراض النفسية التي يُطلق عليها ( الفوبيات ) ، و هي تعني إنقلاب الشيء الإيجابي إلى ضِده ، فإن تعدى الإهتمام بالدقة حده و أصبح هاجساً يهدَّد الإستقرار النفسي للإنسان و يجعله فريسة لويلات الشك و الحذر من كل شيء و لو كان آمناً أصبح بلا شك على مستوى التصنيف العلمي ( مرضاً نفسياً ) ، و قديماً قال المثل ( البِفوت حدو بِنقلب لي ضِدو ) .. و هذا بالفعل ما يحدث في أمر فوبيات نفسية كثيرة تتعلق بأشياء و ممارسات إنسانية عادية إلا أن الخوف منها أو من الوقوع فيها يتعدى حدوده الطبيعية مما يعرِّض حياة الشخص إلى حالة من ما يشبه الهذيان أو التماهي خارج دائرة الوعي ومن الفوبيات المشهورة ( فوبيا الخوف من الأماكن العالية ) و ( فوبيا الأماكن المغلق أو المفتوحة ) .. أحد فكهاء المدينة عندما تجاذبنا أطراف الحديث حول فوبيا الدقة ، قال ليت حكومتنا و مؤسساتنا الإدارية يصيبها هذا المرض ، حتى يستفيد الوطن من جماليات الدقة في تنفيذ المشاريع و متعة الإهتمام بالتفاصيل ، و كما يعلم الجميع نحن قوم إشتهرنا بإهمالنا للتفاصيل و بعدنا عن الدقة ، و قد ظهر ذلك في كثير من أدبياتنا و ثقافتنا و خصوصاً تلك المتعلقة بتقديس الدواخل و المضامين و نبذ كل ما هو شكلي و خارجي ، وهذا ما يفسر ضعف مقدراتنا الإعلامية في التسويق لكثير من فنوننا و إبداعاتنا إذ أنها في الغالب الأعم رغم تأكيدنا لدسامة مضامينها إلا أنها تحتاج إلى قالب ( شكلي ) جاذب و برّاق لا يمكن صنعه و إنجازه إلى بمزيد من الإهتمام بعنصري الدقة و الإهتمام بالتفاصيل ، كما أن بعض موروثاتنا الأخلاقية كانت ذات علاقة بإضعاف الواقع التأثيري للكثير من شخصياتنا التي نبغت و تفوقت في كثير من المجالات لتبنيها مساحات من التواضع الشكلي و المظهري ، الذي كان و ما زال يُعتبر عندنا نوعاً من التواضع و التسامي عن ( صغائر ) الأمور و التي حسب إعتقادنا يأتي في مقدمتها التركيز و الإهتمام بتفاصيل الشكل الخارجي ، لذا كم كنت أتمنى أن تصيب فوبيا الدقة و الإهتمام بالتفاصيل التي نعتبرها نوعاً من المبالغة أو الشيفونية الكثير من إنجازاتنا الفكرية و الإبداعية ، و كذلك مبدعينا و نوابغنا و علمائنا ، الذين و حسب إعتقادي الخاص أضر بهم كثيراً داء المبالغة في التواضع و عدم الإهتمام بالجانب الشكلي في شخصياتهم أو ما يسمى في بعض دول الجوار التي تُحسن تفعيل ذلك المنحي بـ ( البرستيج ) .. و لايفوت علينا أن نشير أن علم البروتوكول هو إتجاه عملي يُعبِّر عن أهمية الشكليات في إخراج الفعاليات السياسية و الفنية و الثقافية .. ليت فوبيا الدقة و الإهتمام بالتفاصيل تصيب حكومة السودان و عامة الشعب السوداني حتى ينعم هذا الوطن بالنظام و الجمال و ليعلم الجميع أن الجمال ليس له أيي علاقة لا من قريب ولا من بعيد بالإمكانيات المادية ، فكل فقير و بسيط و متواضع يمكن تجميله بالنظافة و الترتيب و النظام و الإهتمام بالتفاصيل.
Comments
Post a Comment