ليبيا بعد لعنة القذافي بانتظار عودة عمر المختار
RT
447
قلة من الناس تعرف ماذا يجري في ليبيا؟ أو من هي الفصائل المسلحة المتعاقدة فيما بينها؟ ومن هي المتناحرة؟
بل يمكن القول إنه لا يوجد سبب منطقي يمنح تلك المجموعات
المتصارعة التراخيص الكافية لكل هذا القتال. وبشكل عام، فإن الحالة الليبية
تشكل الوجه الأقبح لفوضى السلاح وضياع الدولة وتغييب المواطنة. واذا كان
العقيد القذافي يعدُّ مسؤولا مباشرا عما اعترى ليبيا بعيد أفول ثورته، فإن
من حمل السلاح لإسقاط نظامه يقاسمه النصيب نفسه من الجحيم الذي ابتلع
ليبيا.لا يخفى على أحد أن العقيد، وعلى مدار عقود حكمه، غيَّب معارضيه وأذاق خصومه أهوال السجون، وبرمج إعداماته في العلن، كأسلوب ساطع لشراسته في الحكم. ثم نشط في إدراج فلسفته المضحكة والمبكية في آن معا؛ فلا أحد يفقهها، ولا أحد في ليبيا يتجاسر على البوح بذلك.
أما وقد أُسقط نظام ثورة الفاتح من أيلول، فإن حمَلة السلاح ورايات الحرية والديمقراطية فشلوا في تقديم الحد الأدنى من الأهداف التي رفعوها قبيل إزاحة القذافي.
وبنظرة سريعة، تجد أن ليبيا متخمة بأسباب الرفاهية والاستقرار والمستقبل الواعد. شواطئ ممتدة على المتوسط وصحارى شاسعة تدنو بها من أواسط إفريقيا، وفي جوفها مكامن نفط تنتظر مضخات الخروج، لينعم ستة ملايين شخص بما اقتسموه.
لكن، وربما، كما أصاب الطمع جحا عندما وُهب له نصف الارض فسأل عن مالك النصف الآخر: كانت كتائب حاملي السلاح في ليبيا تريد إما كل شيء أو لا شيء، وعلى طريقة أنا أو لا أحد!
لقد مضى وقت طويل نسبيا على مقتل القذافي، وكان من المفترض أن تكون ليبيا نموذجا صارخا للتغيير الخلاق. ولعلنا نجانب الصواب إذا ما قارنا ما حل بالعراق إبان الغزو الامريكي له بما تعيشه ليبيا اليوم، إلا من ناحية الأخوة بين صدام حسين ومعمر القذافي في الاستبداد.
إذ، على الرغم من أنهما سقطا نتيجة للتدخل الخارجي، فإن حالة العراق تختلف بنيويا عن ليبيا. ففي العراق، لم يكن هناك أسلحة دمار شامل، كما اقسمت واشنطن بأغلظ الأيمان، كي تبرر فعلتها. وفي العراق، استجلبت الإدارة الامريكية، كما قيل لاحقا، الدزينة القذرة كي تخلف صدام حسين على كرسي الرئاسة.
أما في ليبيا، فكان هناك مجلس وطني مؤقت برئاسة القاضي مصطفى عبد الجليل مارس مهماته على مرأى من القذافي. كما أن التحالف، الذي أطاح القذافيَ، لم يشكل صيغة للحكم داخل ليبيا، كما كان بول بريمر مندوبا للباب العالي الأمريكي في بغداد. بل على العكس من ذلك: لقد كان القذافي قريبا للغاية من دحر الثوار، وكانت كتائبه تحتشد عند بنغازي من كل حدب وصوب، وأصبحت السيطرة على المدينة أمرا في حكم المنتهي. لكن، وفي ربع الساعة الأخير قلب الناتو الطاولة وفر القذافي الى أن لقي مصرعه.
فشل الثوار في ليبيا على اختلاف مشاربهم في تقديم ما وعدوا به الليبيين، وانقسموا على أنفسهم، وانشغلوا بحروب صغيرة لا تنتهي من أجل مكاسب رخيصة أنهكت البلاد. وفي غضون ذلك، خرجت منظمة اليونيسيف قبل أشهر بنتائج مرعبة عن الأطفال في ليبيا، وقالت إنهم يحملون السلاح ويساقون إلى الجبهات وينتشرون في مقدمة طلائع القوات، وهم منقطعون عن الدراسة ويتعرضون لاعتداءات منظمة في مراكز الإيواء. قسم كبير منهم ليس لديه أوارق ثبوتية، وهو ما قد يعني عند بعضٍ أنهم ليسوا ليبيين.
نعم! لم تخيِّب الفصائل المسلحة فأل القذافي. لقد تحققت لعنته، فانقلبت ليبيا إلى جمر متقد، لكن ليس على الغريب أو الغزاة، كما بشَّر هو من باب العزيزية، بل على أبنائها وبأيديهم. بيد أنها خيبت أمل شيخ الشهداء عمر المختار عندما كان شامخا في برهة الإعدام وعلى مقربة من رودولفو غراستياني قائد القوات الإيطالية في إفريقيا و المسؤول الأول و المباشر عن إبادة آلاف الأثيوبيين والليبيين المدنيين قبل و أثناء الحرب العالمية الثانية .
ولعلها تحتاج إليه اليوم أكثر فكما فعلها عمر المختار من قبل ووحد القبائل ضد الغازي الإيطالي لابد أن يصحو المختار من سباته فيوحد الليبيين ضد أطماعهم وشرورهم
وسام حمدان
Comments
Post a Comment