لشواهد في إيرلندا الشمالية تظهر نجاح جهود المصالحة بلا محاكمات
جنوب السودان يحتاج لجنة حقيقة ومصارحة
بناء دولة من الدول ليس بالمهمة السهلة، ونحن نعلم ذلك، لأن هذا كان أهم مسعى في حياتنا، والذي أعطيناه الكثير من الجهد والوقت.
لقد حاربنا معاً كإخوة في وقت من الأوقات لنيل استقلال جنوب السودان عن شماله. وعندما ولد بلدنا الجديد في عام 2011، كان ملؤنا الأمل. واعتقدنا أنه بإمكاننا أن نتقدم إلى الأمام كدولة واحدة. لكننا أدركنا بعد ذلك أن ما يربط شعبنا في سعيه للحرية كان الكفاح بنفسه، وما شدّ أزرنا معاً في القتال لا يمكن الحفاظ عليه بسهولة في أيام السلم.
وقد سقط جنوب السودان في صراع دام أكثر من سنتين. وبحلول نهايته، كان عشرات ألوف الأشخاص قد لقوا حتفهم، وأكثر من مليون ونصف المليون قد نزحوا عن ديارهم.
ونحن ملتزمان بالعمل معاً لضمان ألا تشهد بلادنا حرباً أهلية مرة أخرى. وبعد توقيع اتفاق السلام في أغسطس 2015، التقينا كشقيقين مرة أخرى في الحكومة، كرئيس ونائب رئيس أول. ونحن مصممان حتى في ظل خلافاتنا، بل بسببها في الواقع، على المصالحة بين مجتمعاتنا وبناء الوحدة.
مسار واحد
لكن جمع شمل جنوب السودان يمكن أن يكفله حقاً السير في مسار واحد لا غير، في عملية سلام ومصالحة منظمة مع دعم دولي. وفي ظل هذه العملية، فإن الجميع في جنوب السودان قد ينخرط في استذكار ما حصل من خلال الحوار، وبذلك نؤكد حقيقة ما حصل خلال حربنا الأهلية الدامية.
ونحن عازمان على إيجاد لجنة وطنية للحقيقة والمصالحة على غرار اللجنة الموجودة في جنوب إفريقيا وإيرلندا الشمالية. وستكون لهذه اللجنة سلطات واسعة النطاق للتحقيق مع أشخاص في جنوب السودان وعقد المقابلات معهم، من أفقر مزارع إلى أكثر السياسيين قوة، لمراكمة شهادات حية عن الأحداث خلال الحرب. ومن يقول الحقيقة بشأن ما رآه أو قام به سوف يُمنح عفواً من الملاحقة القانونية، حتى لو أنه لم يعبر عن الندم.
الغاية من مثل تلك العملية ليس السعي وراء الغفران، بل إعداد سكان جنوب السودان للمهمة الهائلة الملقاة عليهم، في بناء دولة إلى جانب أولئك الذين اقترفوا الجرائم بحقهم، وبحق عائلاتهم ومجتمعاتهم.
ونحن ندرك أن هذا الدرب لن يكون مستقيماً، لكنه سوف يضمن أكثر من أن شيء آخر سلاماً دائماً، ويقلل من مخاطر أن يتصور أحد الأطراف نفسه أنه ساوم، أو أنه سيُحمل مسؤولية أكبر من غيره عن الأحداث التي جرت.
وعلى نقيض المصالحة، فإن العدالة التأديبية حتى لو تم توفيرها في ظل قانون دولي، سوف تزعزع جهود توحيد دولتنا من خلال إبقاء مشاعر الغضب والكراهية حية بين أبناء شعب جنوب السودان.
ولهذا السبب ندعو المجتمع الدولي، وتحديداً الولايات المتحدة وبريطانيا، لإعادة النظر في عنصر واحد في اتفاق السلام، اللذين كانا من الموقعين عليه، وهو دعم محكمة دولية معد لها، المحكمة المختلطة لجنوب السودان، وندعوهم بدلاً من ذلك إلى الالتزام بدعم دولي لجهود الوساطة من أجل عملية السلام والحقيقة والمصالحة.
سابقة حديثة
لكن باتخاذنا هذا المسار فإننا نكون قد أدركنا العواقب. ونعلم أن هذا قد يعني أن بعض سكان جنوب السودان المذنبين بارتكاب جرائم حرب قد يجري ضمهم إلى الحكومة، وأنهم قد لا يواجهون العدالة في قاعة محكمة أبداً. لكن هناك شواهد سابقة حديثة تظهر أن هذا المسار هو أكبر ضمانة للاستقرار.
في إيرلندا الشمالية، جلبت عملية السلام أعداء لدودين إلى طاولة المفاوضات تحت تعهد بالعفو من الملاحقة القانونية، ومن ثم إلى مناصب عليا. الآن بات للبلاد سلام مضمون، والأمر نفسه ممكن حدوثه في جنوب السودان.
لا نرغب في نسيان ما حصل خلال الصراع الأهلي. بالتأكيد، استذكار الكارثة التي أطلق العنان لها خلال تلك الأشهر الرهيبة ينبغي أن يبقى في ذاكرتنا كتحذير. ولم يفز أي من الطرفين بحربنا. لكنّ الجانبين معاً يتعين عليهما أن يفوزا بالسلام. وهذا ما يهم، وفي هذا المسعى، ولتلك الأسباب، فإن أي شيء بإمكانه أن يقسم بلادنا يعتبر ضد مصالح شعبنا.
إجراءات
ينبغي على المجتمع الدولي أن يدرس الأوضاع الحالية لجنوب السودان، إذ إن سنوات من الحروب في جنوب السودان تركت البلاد بأعلى مستوى من الإنفاق العسكري نسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي في العالم. ويحتاج الجيش وخصمه السابق إلى أن يندمجا معاً الآن. ومع الوقت، ينبغي تسريح عشرات ألوف الجنود وإدخالهم في الحياة المدنية.
ونخشى أن تتعرض هذه المهمة للخطر، إذا وجد أعضاء من القوات المتخاصمة في وقت من الأوقات أنفسهم مستهدفين بتحرك قانوني، من ضابط إلى أصغر جندي
لقد حاربنا معاً كإخوة في وقت من الأوقات لنيل استقلال جنوب السودان عن شماله. وعندما ولد بلدنا الجديد في عام 2011، كان ملؤنا الأمل. واعتقدنا أنه بإمكاننا أن نتقدم إلى الأمام كدولة واحدة. لكننا أدركنا بعد ذلك أن ما يربط شعبنا في سعيه للحرية كان الكفاح بنفسه، وما شدّ أزرنا معاً في القتال لا يمكن الحفاظ عليه بسهولة في أيام السلم.
وقد سقط جنوب السودان في صراع دام أكثر من سنتين. وبحلول نهايته، كان عشرات ألوف الأشخاص قد لقوا حتفهم، وأكثر من مليون ونصف المليون قد نزحوا عن ديارهم.
ونحن ملتزمان بالعمل معاً لضمان ألا تشهد بلادنا حرباً أهلية مرة أخرى. وبعد توقيع اتفاق السلام في أغسطس 2015، التقينا كشقيقين مرة أخرى في الحكومة، كرئيس ونائب رئيس أول. ونحن مصممان حتى في ظل خلافاتنا، بل بسببها في الواقع، على المصالحة بين مجتمعاتنا وبناء الوحدة.
مسار واحد
لكن جمع شمل جنوب السودان يمكن أن يكفله حقاً السير في مسار واحد لا غير، في عملية سلام ومصالحة منظمة مع دعم دولي. وفي ظل هذه العملية، فإن الجميع في جنوب السودان قد ينخرط في استذكار ما حصل من خلال الحوار، وبذلك نؤكد حقيقة ما حصل خلال حربنا الأهلية الدامية.
ونحن عازمان على إيجاد لجنة وطنية للحقيقة والمصالحة على غرار اللجنة الموجودة في جنوب إفريقيا وإيرلندا الشمالية. وستكون لهذه اللجنة سلطات واسعة النطاق للتحقيق مع أشخاص في جنوب السودان وعقد المقابلات معهم، من أفقر مزارع إلى أكثر السياسيين قوة، لمراكمة شهادات حية عن الأحداث خلال الحرب. ومن يقول الحقيقة بشأن ما رآه أو قام به سوف يُمنح عفواً من الملاحقة القانونية، حتى لو أنه لم يعبر عن الندم.
الغاية من مثل تلك العملية ليس السعي وراء الغفران، بل إعداد سكان جنوب السودان للمهمة الهائلة الملقاة عليهم، في بناء دولة إلى جانب أولئك الذين اقترفوا الجرائم بحقهم، وبحق عائلاتهم ومجتمعاتهم.
ونحن ندرك أن هذا الدرب لن يكون مستقيماً، لكنه سوف يضمن أكثر من أن شيء آخر سلاماً دائماً، ويقلل من مخاطر أن يتصور أحد الأطراف نفسه أنه ساوم، أو أنه سيُحمل مسؤولية أكبر من غيره عن الأحداث التي جرت.
وعلى نقيض المصالحة، فإن العدالة التأديبية حتى لو تم توفيرها في ظل قانون دولي، سوف تزعزع جهود توحيد دولتنا من خلال إبقاء مشاعر الغضب والكراهية حية بين أبناء شعب جنوب السودان.
ولهذا السبب ندعو المجتمع الدولي، وتحديداً الولايات المتحدة وبريطانيا، لإعادة النظر في عنصر واحد في اتفاق السلام، اللذين كانا من الموقعين عليه، وهو دعم محكمة دولية معد لها، المحكمة المختلطة لجنوب السودان، وندعوهم بدلاً من ذلك إلى الالتزام بدعم دولي لجهود الوساطة من أجل عملية السلام والحقيقة والمصالحة.
سابقة حديثة
لكن باتخاذنا هذا المسار فإننا نكون قد أدركنا العواقب. ونعلم أن هذا قد يعني أن بعض سكان جنوب السودان المذنبين بارتكاب جرائم حرب قد يجري ضمهم إلى الحكومة، وأنهم قد لا يواجهون العدالة في قاعة محكمة أبداً. لكن هناك شواهد سابقة حديثة تظهر أن هذا المسار هو أكبر ضمانة للاستقرار.
في إيرلندا الشمالية، جلبت عملية السلام أعداء لدودين إلى طاولة المفاوضات تحت تعهد بالعفو من الملاحقة القانونية، ومن ثم إلى مناصب عليا. الآن بات للبلاد سلام مضمون، والأمر نفسه ممكن حدوثه في جنوب السودان.
لا نرغب في نسيان ما حصل خلال الصراع الأهلي. بالتأكيد، استذكار الكارثة التي أطلق العنان لها خلال تلك الأشهر الرهيبة ينبغي أن يبقى في ذاكرتنا كتحذير. ولم يفز أي من الطرفين بحربنا. لكنّ الجانبين معاً يتعين عليهما أن يفوزا بالسلام. وهذا ما يهم، وفي هذا المسعى، ولتلك الأسباب، فإن أي شيء بإمكانه أن يقسم بلادنا يعتبر ضد مصالح شعبنا.
إجراءات
ينبغي على المجتمع الدولي أن يدرس الأوضاع الحالية لجنوب السودان، إذ إن سنوات من الحروب في جنوب السودان تركت البلاد بأعلى مستوى من الإنفاق العسكري نسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي في العالم. ويحتاج الجيش وخصمه السابق إلى أن يندمجا معاً الآن. ومع الوقت، ينبغي تسريح عشرات ألوف الجنود وإدخالهم في الحياة المدنية.
ونخشى أن تتعرض هذه المهمة للخطر، إذا وجد أعضاء من القوات المتخاصمة في وقت من الأوقات أنفسهم مستهدفين بتحرك قانوني، من ضابط إلى أصغر جندي
Comments
Post a Comment