الدولة الإسلامية: رحيل إلى المستقبل
Khaled Ayasrh
#خالدعياصرة
ذات مقال كتب وزير الخارجية الأمريكي الأسبق ( ١٩٧٣ - ١٩٧٧ ) هنري كسينجر قائلاً: قبل كل شيء تقدم الكارثة قناعة بأن بعض افتراضات العالم المعولم التي تؤكد قيم التوافق والانسجام والمزايا النسبية لا تنطبق على ذلك الجزء من العالم الذي يلجأ إلى الإرهاب” هذا الجزء انحصر في منطقتنا التي عدت مكاناً موائما لتفريخ المنظمات الإرهابية، التي تهدد الغرب بحضارته وثقافته.
Khaled Ayasrh
#خالدعياصرة
ذات مقال كتب وزير الخارجية الأمريكي الأسبق ( ١٩٧٣ - ١٩٧٧ ) هنري كسينجر قائلاً: قبل كل شيء تقدم الكارثة قناعة بأن بعض افتراضات العالم المعولم التي تؤكد قيم التوافق والانسجام والمزايا النسبية لا تنطبق على ذلك الجزء من العالم الذي يلجأ إلى الإرهاب” هذا الجزء انحصر في منطقتنا التي عدت مكاناً موائما لتفريخ المنظمات الإرهابية، التي تهدد الغرب بحضارته وثقافته.
إذن، نحن شعوب إرهابية !
لكن، كسينجر نسي أو تناسى، أن سياسة القوى العظمى، قبل أن تأت المنظمات الراديكالية لتهدد حياة الناس في الشرق الأوسط، شرعت لأنظمة المنطقة مواجهة شعوبها بواسطة متوالية منهجية من اساليب الاستبداد، والعنصرية، والطائفية، والعشائرية، والإرهاب، ومنع الحريات، وحرمان الشعوب من أقل حقوقها، ما أسهم في اسقاط آمالها وتطلعاتها، لحياة أفضل، فهم في نظر انظمتهم غير قادرين على حكم أنفسهم.
الميزة هذه شملت الجميع، وإن بصورة متفاوتة بعض الشيء، فمن المغرب إلى باكستان، ابتدعت الأنظمة مشاريع وبرامج لا لتنمية المجتمعات، بل للحفاظ على كراسيها ومكتسباتها، بالاعتماد على اجهزة أمنية إرهابية، وأسر حاكمة تابعة. ففي كل بلد هناك العشرات من الأجهزة الأمنية والمخابراتية، تحاصر المواطنون حتى في عقر بيوتاتهم، وفي كل دولة ثمة أسر حاكمة تعتمد عليها الأنظمة لفرض سيطرتها، ما جعل الدول تصير أشبه بمستعمرات أسرية، تخضع للقوانين الأمنية، هذا المنهج لم تختلف تفاصيله، منذ تأسيس هذه الدول، فالخطط والأهداف قد تخضع لتبديل، لكن، تبقى السياسة ثابتة لا تخضع للتغيير، هذه الاساليب عملت على تعطيل سبل التطوير والتقدم والاصلاح، بالمقابل احلال مشاريع عدمية تخضع الشعوب، وآخرى تسلحية وجهت فوهات بنادقها صوب الشعوب لا الاعداء، منذ ذك الحين توالت المحن الواحدة تلو الأخرى، ولم تنتهي إلى الأن.
أليس من الغرابة بمكان رؤية دول مثل قطر أو السعودية أو الأردن تكريس جهودها لتأسيس ودعم منظمات راديكالية متعصبة، ومن ثم شيطنتها، ومحاربتها، فاتورة تاسيس هذه المنظمات، تخطت ميزانيات المشاريع التنموية لشعوب المنطقة. أذكر أننا في أواسط ثمانينات القرن الماضي، اعتبرت دولنا الحليفة للحزب الناشيء ضد الاتحاد السوفيتي على هامش الحرب الباردة بين واشنطن وموسكو، والتي اعتمدت سياسة استدراج الخصوم بعد تفعيل سياسة حروب الإنابة التي اشعلها دول الأطراف، بما توافر لها من السبل بداية من المنابر المسيسة إلى الحمير القبرصية، ارضاء للقوى العظمى. مع أن الانظمة لم تقل أن جهادها كان في سبيل الدولار، وونيابة عن أميركا، وحماية لكراسيها، وفي سبيل الثروة لا الثورة، ما استطاعت اليه سبيلا. هنا، أنلوم رجال الدين بفتوايهم أم الساسة بأكاذيبهم، واسهامتهما في تأسيس تلك التيارات، مع أن كلاهما ينكر صلته بها.
بعد حين من الزمن، تحول المجاهدون إلى إرهابيين. بدون مقدمات، نُقل هؤلاء من خانة الولاء المطلق إلى خانة العداء المطلق، وبات استئصال شآفتهم واجب ديني، فهم تهديدٍ للأمن والسلم العالمي.
فما الذي حصل ؟ الأسلوب الذي اتبعته أنظمة المنطقة آنذاك، آثمرت نتائجه خلال السنوات والعقود التالية، إذ وجدت المنظمات نفسها أمام خطط ومناهج قاتلة، تعتمد أسس التهميش، والنبذ المجتمعي لهم، وثمة خطط ترى ان التخلص منهم ضرورة حتمية، بدورها لم تجد المنظمات امامها خيارات، إذ قبلت التحدي، وواجهت الحكومات، لتشهد المنطقة سلسلة من الأحداث الدامية، لم تنتهي إلى الان. دعوة هؤلاء لقيت ترحيباً كبيراً من قبل أطياف واسعة شكلت حواضن مجتمعية وفكرية لهم، تتقبل وجودهم، وتنظر إلى اعمالهم بعين من القبول الرضا.
لننظر مثلاً إلى استطلاع الرأي الكارثي، الذي خلص إلى أن ٩٢٪ من الشباب السعودي، يؤيدون فكر الدولة الاسلامية التي اعلنها أبو بكر البغدادي في العراق والشام يوم ٢٩ حزيران / يونيو من العام الجاري. الاستطلاع يذكرنا بتصريح وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون عام ٢٠٠٩، من أن “المملكة العربية السعودية لا تزال قاعدة الدعم المالي الحرجة، لتنظيم القاعدة وحركة طالبان وغيرها من الجماعات الإرهابية”. وعلية، أتستطيع واشنطن التخلي عن الدول الممولة للأرهاب، وفي عين الوقت التغاضي عن مواطني تلك الدول، ومؤسساتها، الممولة لأصحاب الفكر المتشدد في المنطقة والعالم.
فالأنظمة التي استعبدت الشعوب ونكلت بها ودُعمت من قبل الدول العظمى، هي ذاتها التي أسست الدولة الإسلامية، وجبهة النصرة وشقيقاتها، من المنظمات الردايكالية الجهادية القتالية.
إن كان الحل السحري يكمن في قصف الدولة الاسلامية والتوقف عند حدودها، دون طرح السؤال عن البديل القادم بعدها وأين؟ وهل ستنطلق شبيهات داعش من قلب الدول التي أسستها ودعمتها مثلاً، أم تراها تظهر في دول الاطراف!
لكن، ماذا لو خرج تهديد حقيقي شبيه بالدولة الاسلامية من قلب السعودية،، سيما أن الرياض حسب الكثير من التقارير والدراسات الدولية تعتبر الممول الأكبر، وحاضنة الفكر الراديكالي الأكثر تشدداً، لهذه المنظمات ؟ أيتشكل تحالف دولي خمسيني، للتخلص من خطرها لإعتبارات تتعلق بالأمن الانساني الاخلاقي ؟ يا ترى ما هو السيناريو الأسوا، المتوقع في هذه الحالة ؟
عاجلاً أم آجلاً لأبد أن تنتهي العمليات الحربية المكانية التي تقودها واشنطن وحلفائها ضد الدولة الاسلامية، بحكم أن “ المهمة قد أنجزت “ لكن الحقيقة تقول: إن واشنطن وحلفائها يعملون على ترحيل المشكلة للمستقبل الزماني.
إن أرادت واشنطن التخلص من الدولة الاسلامية، لابد لها أن تتخلص في عين الوقت من دعمها المتصل لأنظمة المنطقة، فالأرهاب لا يتجزأ، وليس هناك وجه أرهاب جميل وآخر قبيح.
لكن، كسينجر نسي أو تناسى، أن سياسة القوى العظمى، قبل أن تأت المنظمات الراديكالية لتهدد حياة الناس في الشرق الأوسط، شرعت لأنظمة المنطقة مواجهة شعوبها بواسطة متوالية منهجية من اساليب الاستبداد، والعنصرية، والطائفية، والعشائرية، والإرهاب، ومنع الحريات، وحرمان الشعوب من أقل حقوقها، ما أسهم في اسقاط آمالها وتطلعاتها، لحياة أفضل، فهم في نظر انظمتهم غير قادرين على حكم أنفسهم.
الميزة هذه شملت الجميع، وإن بصورة متفاوتة بعض الشيء، فمن المغرب إلى باكستان، ابتدعت الأنظمة مشاريع وبرامج لا لتنمية المجتمعات، بل للحفاظ على كراسيها ومكتسباتها، بالاعتماد على اجهزة أمنية إرهابية، وأسر حاكمة تابعة. ففي كل بلد هناك العشرات من الأجهزة الأمنية والمخابراتية، تحاصر المواطنون حتى في عقر بيوتاتهم، وفي كل دولة ثمة أسر حاكمة تعتمد عليها الأنظمة لفرض سيطرتها، ما جعل الدول تصير أشبه بمستعمرات أسرية، تخضع للقوانين الأمنية، هذا المنهج لم تختلف تفاصيله، منذ تأسيس هذه الدول، فالخطط والأهداف قد تخضع لتبديل، لكن، تبقى السياسة ثابتة لا تخضع للتغيير، هذه الاساليب عملت على تعطيل سبل التطوير والتقدم والاصلاح، بالمقابل احلال مشاريع عدمية تخضع الشعوب، وآخرى تسلحية وجهت فوهات بنادقها صوب الشعوب لا الاعداء، منذ ذك الحين توالت المحن الواحدة تلو الأخرى، ولم تنتهي إلى الأن.
أليس من الغرابة بمكان رؤية دول مثل قطر أو السعودية أو الأردن تكريس جهودها لتأسيس ودعم منظمات راديكالية متعصبة، ومن ثم شيطنتها، ومحاربتها، فاتورة تاسيس هذه المنظمات، تخطت ميزانيات المشاريع التنموية لشعوب المنطقة. أذكر أننا في أواسط ثمانينات القرن الماضي، اعتبرت دولنا الحليفة للحزب الناشيء ضد الاتحاد السوفيتي على هامش الحرب الباردة بين واشنطن وموسكو، والتي اعتمدت سياسة استدراج الخصوم بعد تفعيل سياسة حروب الإنابة التي اشعلها دول الأطراف، بما توافر لها من السبل بداية من المنابر المسيسة إلى الحمير القبرصية، ارضاء للقوى العظمى. مع أن الانظمة لم تقل أن جهادها كان في سبيل الدولار، وونيابة عن أميركا، وحماية لكراسيها، وفي سبيل الثروة لا الثورة، ما استطاعت اليه سبيلا. هنا، أنلوم رجال الدين بفتوايهم أم الساسة بأكاذيبهم، واسهامتهما في تأسيس تلك التيارات، مع أن كلاهما ينكر صلته بها.
بعد حين من الزمن، تحول المجاهدون إلى إرهابيين. بدون مقدمات، نُقل هؤلاء من خانة الولاء المطلق إلى خانة العداء المطلق، وبات استئصال شآفتهم واجب ديني، فهم تهديدٍ للأمن والسلم العالمي.
فما الذي حصل ؟ الأسلوب الذي اتبعته أنظمة المنطقة آنذاك، آثمرت نتائجه خلال السنوات والعقود التالية، إذ وجدت المنظمات نفسها أمام خطط ومناهج قاتلة، تعتمد أسس التهميش، والنبذ المجتمعي لهم، وثمة خطط ترى ان التخلص منهم ضرورة حتمية، بدورها لم تجد المنظمات امامها خيارات، إذ قبلت التحدي، وواجهت الحكومات، لتشهد المنطقة سلسلة من الأحداث الدامية، لم تنتهي إلى الان. دعوة هؤلاء لقيت ترحيباً كبيراً من قبل أطياف واسعة شكلت حواضن مجتمعية وفكرية لهم، تتقبل وجودهم، وتنظر إلى اعمالهم بعين من القبول الرضا.
لننظر مثلاً إلى استطلاع الرأي الكارثي، الذي خلص إلى أن ٩٢٪ من الشباب السعودي، يؤيدون فكر الدولة الاسلامية التي اعلنها أبو بكر البغدادي في العراق والشام يوم ٢٩ حزيران / يونيو من العام الجاري. الاستطلاع يذكرنا بتصريح وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون عام ٢٠٠٩، من أن “المملكة العربية السعودية لا تزال قاعدة الدعم المالي الحرجة، لتنظيم القاعدة وحركة طالبان وغيرها من الجماعات الإرهابية”. وعلية، أتستطيع واشنطن التخلي عن الدول الممولة للأرهاب، وفي عين الوقت التغاضي عن مواطني تلك الدول، ومؤسساتها، الممولة لأصحاب الفكر المتشدد في المنطقة والعالم.
فالأنظمة التي استعبدت الشعوب ونكلت بها ودُعمت من قبل الدول العظمى، هي ذاتها التي أسست الدولة الإسلامية، وجبهة النصرة وشقيقاتها، من المنظمات الردايكالية الجهادية القتالية.
إن كان الحل السحري يكمن في قصف الدولة الاسلامية والتوقف عند حدودها، دون طرح السؤال عن البديل القادم بعدها وأين؟ وهل ستنطلق شبيهات داعش من قلب الدول التي أسستها ودعمتها مثلاً، أم تراها تظهر في دول الاطراف!
لكن، ماذا لو خرج تهديد حقيقي شبيه بالدولة الاسلامية من قلب السعودية،، سيما أن الرياض حسب الكثير من التقارير والدراسات الدولية تعتبر الممول الأكبر، وحاضنة الفكر الراديكالي الأكثر تشدداً، لهذه المنظمات ؟ أيتشكل تحالف دولي خمسيني، للتخلص من خطرها لإعتبارات تتعلق بالأمن الانساني الاخلاقي ؟ يا ترى ما هو السيناريو الأسوا، المتوقع في هذه الحالة ؟
عاجلاً أم آجلاً لأبد أن تنتهي العمليات الحربية المكانية التي تقودها واشنطن وحلفائها ضد الدولة الاسلامية، بحكم أن “ المهمة قد أنجزت “ لكن الحقيقة تقول: إن واشنطن وحلفائها يعملون على ترحيل المشكلة للمستقبل الزماني.
إن أرادت واشنطن التخلص من الدولة الاسلامية، لابد لها أن تتخلص في عين الوقت من دعمها المتصل لأنظمة المنطقة، فالأرهاب لا يتجزأ، وليس هناك وجه أرهاب جميل وآخر قبيح.
Comments
Post a Comment