Skip to main content

قنبلة هاموند وكاميرون.. لماذا تستبق لندن وواشنطن نتائج التحقيقات في كارثة الطائرة الروسية؟

قنبلة هاموند وكاميرون.. لماذا تستبق لندن وواشنطن نتائج التحقيقات في كارثة الطائرة الروسية؟


هاموند وكاميرون
منذ وقوع كارثة طائرة الركاب المملوكة لشركة روسية خاصة في الأجواء المصرية، لم يدل أي مسؤول كبير في أي دولة من دول العالم بتصريحات مثيرة، إلا في بريطانيا.
لقد التزم الطرف الروسي بالعقلانية وضبط النفس، بل ودعا إلى عدم التعامل بجدية مع التصريحات والفرضيات التي يطلقها غير الخبراء والمتخصصين. وأجمعت كل التصريحات الروسية الرسمية على توجيه رسائل إنسانية ومهنية لوسائل الإعلام بعدم الانجرار وراء السبق الصحفي الذي لا يمتلك أي جذور في الواقع، للحفاظ على ذكرى الضحايا وحقوقهم، وعلى مشاعر وأحاسيس ذويهم وأقاربهم. وكذلك من أجل التوصل إلى أسباب الكارثة، ومن ثم التعامل معها بما يتطلبه الموقف.
ومع كل ذلك، دفع وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند، في أول تصريح لأول مسؤول في العالم بهذا الحجم، بفرضية الإرهاب وإمكانية انفجار قنبلة على متن الطائرة المنكوبة. وقال إن "هناك احتمالا قويا بأن يكون تنظيم داعش ضالعا في تحطم الطائرة الروسية". وأوضح أن الاستخبارات البريطانية أخذت بعين الاعتبار ما أعلنه التنظيم عن تبني الهجوم، كما أنها درست معلومات كثيرة أخرى حتى وصلت إلى هذا الاستنتاج.
وعلى الفور التقط رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون كلمات وزير خارجيته المثيرة للجدل، وقال هو الآخر إنه "يرجح وقوع تفجير قنبلة وراء كارثة الطائرة الروسية فوق شبه جزيرة سيناء المصرية فرضية ذات مصداقية". ولكنه عاد ليقول إن "بريطانيا لا يمكن أن تكون على يقين ثابت بأن الهجوم الإرهابي هو الذي أدى إلى كارثة الطائرة الروسية، لكن ما دام احتمال وقوع ذلك كبيرا، كان علينا أن نتصرف بسرعة".
هذه التصريحات الملتبسة من مسؤولين كبيرين في دولة كبرى، أثارت الكثير من الجدل، خاصة وأن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يقوم بزيارة لبريطانيا تزامنا مع هذه التصريحات. وبالتالي، قد تكون هناك حسابات سياسية ما بين لندن والقاهرة، أو أن بريطانيا تمارس نوعا من الضغوط على مصر لأسباب سياسية أو أمنية. إذ أن كلا من رئيس الوزراء البريطاني ووزير خارجيته أشارا إلى موضوع السياح البريطانيين، ومنع تحليق الطائرات البريطانية فوق شبه جزيرة سيناء.
الولايات المتحدة تسير تقريبا على نفس المسار، إذ نقلت وسائل إعلامها الكبرى عن "مصدر مسؤول طلب عدم الكشف عن اسمه" قوله أن الاستخبارات الأمريكية حصلت على معلومات جديدة تعزز فرضية انفجار قنبلة على متن الطائرة المنكوبة، وأن فرضية انفجار قنبلة على متن طائرة الركاب الروسية التي سقطت فوق شبه جزيرة سيناء يوم السبت الماضي، تعتمد على نتائج اعتراض مكالمات بين عناصر إرهابية. ولكن نفس المصدر "الذي طلب عدم ذكر اسمه" أكد أن الـ "سي آي إيه" أو وكالات الاستخبارات الأخرى لم تتوصل بعد إلى أية استنتاجات نهائية، علما بأن المكالمات المعترضة تدفع بالتحقيق في حالات عديدة إلى اتجاه غير صحيح. لكن هذه المعلومات الجديدة عززت رأي الاستخبارات أن تنظيم "ولاية سيناء" وهو فرع لتنظيم "داعش" ينشط في شبه جزيرة سيناء، تمكن من نقل عبوة ناسفة إلى متن الطائرة.
إذا نظرنا إلى التصريحات الروسية، وروسيا هي التي دفعت ثمن هذه الكارثة من أرواح مواطنيها، سنجد أنها تتسم بالاتزان والعقلانية وضبط النفس، بل وبالحكمة. إذ رد الكرملين بشكل قاطع على "الحملة الإعلامية الصفراء" القائلة بأن وقوع الكارثة مرتبط بالإجراءات الروسية في سوريا لمكافحة الإرهاب. ونفى الكرملين هذه الفرضيات التي تتسم بالهستيريا السياسية.
وفي لقائه مع وزير النقل الروسي، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إنه من المهم الآن مواصلة العمل على استقصاء وبحث كل الروايات والفرضيات، ومعرفة الأسباب الحقيقية لهذه الكارثة، لكي نعرف كيف نتعامل معها. وأكد الكرملين أيضا أنه يجري بحث كل الفرضيات، بما فيها فرضية العمل الإرهابي. ومع ذلك، تركت وسائل الإعلام التصريحات الرسمية عموما، والروسية الرسمية على وجه الخصوص، وأفسحت المجال للمصادر المجهولة، أو المصادر التي رفضت عدم ذكر اسمها، أو المصادر القريبة من فرق البحث أو مجموعات التحقيق. والأخطر أنه تم إفساح المجال أيضا للخيال والفنتازيا السياسية والتقنية للصحفيين والساسة الهواة والمحللين الذين ليس لهم علاقة لا بالطيران، ولا بلجان وفرق البحث والتقصي.
الكرملين يواصل ضبط النفس والتعامل بحكمة سياسية ومهنية مع كارثة الطائرة التي أودت بحياة ٢٢٤ شخصا. وكانت الأولوية للجانب الإنساني للحفاظ على حقوق الضحايا، ومشاعر وأحاسيس ذويهم. كل ذلك بالتوازي مع العمل الجدي لاستقصاء كل ما يحيط بالحادث، بعيدا عن الهستيريا أو توجيه الاتهامات. وفي هذا الصدد بالذات قال رئيس هيئة الطيران المدني الروسية إن "هذا ليس وقت توجيه الاتهامات والبحث عن مذنب وإلقاء التهم جزافا، وإنما وقت البحث عن الأسباب الحقيقية لسقوط الطائرة".
من الواضح أن واشنطن ولندن تدفعان في اتجاه روايات محددة، ولا تجزمان في الوقت نفسه بتلك الروايات. وتواصلان إلقاء ظلال الشك ليس فقط على الروايات الأخرى، بل على أي إمكانية للتعامل بحكمة وعقلانية مع الحادث الذي يمثل أهمية قصوى بالنسبة لروسيا ولمصر على حد سواء. علما بأن الولايات المتحدة وبريطانيا تغمضان عيونهما تماما عن الهلوسات السياسية التي يروج لها بعض وسائل الإعلام بشأن ارتباط الحادث بالإجراءات الروسية لمكافحة الإرهاب في سوريا.
هذا التسخين المتعمد لوسائل الإعلام، وتضليل الرأي العام قبل ظهور نتائج البحث والتحقيق، دفع الكرملين مجددا للتقليل من أهمية الفرضيات التي أعلنتها واشنطن ولندن حول أسباب تحطم الطائرة، بل واعتبر الكرملين أن أي تصريحات تصدر عن جهات غير مرتبطة بالتحقيق، هي تصريحات غير جديرة بالثقة. وكان من الواضح أن تصريحات الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف هي للرد على تصريحات هاموند الذي سمح لنفسه باستباق نتائج التحقيقات، وأعلن من نفسه خبيرا في مجال سقوط الطائرات هو ورئيس وزرائه.
لقد كرر الكرملين مرة أخرى تصريحاته السابقة: "قلنا ذلك في السابق ونكرر مرة أخرى.. لا يحق لأحد، باستثناء فريق التحقيق، تقديم أية فرضيات أو التخمين بشأن أسباب الحادث.. إننا لم نسمع حتى الآن أي تصريحات من جانب فريق التحقيق. أما بالنسبة للتخمينات الأخرى بهذا الشأن، فنعتبرها معلومات غير مؤكدة". وأضاف أنه إذا كانت هناك جهات ما تملك بيانات ذات قيمة، فإن موسكو تأمل في تسليم هذه البيانات للتحقيق. بل وبعث بيسكوف برسالة موسكو المهمة، مؤكدا على أن "الطائرات الروسية تواصل التحليقات من وإلى شرم الشيخ".
أما وزارة الخارجية الروسية فقد أعربت عن دهشتها من تصريحات الشركاء البريطانيين الذين يتحدثون عن معلومات، ويتجاهلون التعاون في مثل هذه الأمور، مفضلين استخدامها إعلاميا، بدلا من تبادلها في إطار مكافحة الإرهاب، في حال إذا كانت هذه المعلومات موجودة بالفعل. وإذا كانت المتحدثة الرسمية باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا قد وصفت ذلك بأنه "أمر صادم"، فقد أبدت دهشتها من أن تصريحات كهذه تصدر من مسؤولين على أعلى مستوى، وليس من خبراء ومهنيين في المجال المعني.
في ضوء كل ذلك، جري اتصال هاتفي بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، حيث كان الأخير قد أعلن أنه سوف يقوم بالاتصال مع بوتين لمناقشة كارثة الطائرة الروسية. وأفاد الكرملين بأن الطرفين الروسي والبريطاني تبادلا الآراء بهذا الصدد، فيما أشار بوتين لكاميرون إلى أنه في تقييم أسباب الكارثة "ينبغي الاعتماد على المعلومات الصادرة في سياق التحقيق الرسمي الجاري".
الرئيس الروسي بوتين يلتزم الحكمة والمهنية وعدم الانزلاق إلى "سقطات سياسية" أو "أمنية" في ظل الهستيريا السياسية التي لم تصب فقط وسائل الإعلام، بل وأيضا كبار الساسة والمحللين "الاستراتيجيين" الهواة، ومحترفي شخصنة الأمور وتصفية الحسابات الشخصية والسياسية على حساب أرواح الناس.
في كل الأحوال، من الصعب دفع الطرف الروسي إلى مصيدة الانفعال أو ارتكاب أخطاء سياسية وأمنية، أو جره إلى طرق فرعية قد تخفي الأسباب الحقيقية للكارثة، أو إلى اصطفافات تتعارض مع مصالح موسكو. وتبقى عبارة بوتين لوزير النقل الروسي: "المهم الآن هو البحث عن الأسباب الحقيقية لكارثة الطائرة لكي يتسنى لنا التعامل بشكل مناسب معها". هذه الرسالة المهمة، موجهة إلى وسائل الإعلام "الصفراء"، وإلى أطراف تمارس هواية خلط الأوراق لأهداف سياسية معينة، وإلى من هم وراء الكارثة في حال جاءت التحقيقات لترجح رواية على أخرى.
 أشرف الصباغ

Comments

Popular posts from this blog

Mona Farouk reveals scenes of "scandalous video"Egyptian actress Mona Farouk appeared on

Mona Farouk reveals scenes of "scandalous video"Egyptian actress Mona Farouk appeared on Monday in a video clip to discuss the details of the case she is currently facing. She recorded the first video and audio statements about the scandalous video that she brings together with Khaled Youssef.Farouk detonated several surprises, on the sidelines of her summons to the Egyptian prosecution, that Khalid Youssef was a friend of her father years ago, when she was a young age, and then collected a love relationship with him when she grew up, and married him in secret with the knowledge of her parents and her father and brother because his social status was not allowed to declare marriage .Muna Farouk revealed that the video was filmed in a drunken state. She and her colleague Shima al-Hajj said that on the same day the video was filmed, she was at odds with Shima, and Khaled Yusuf repaired them and then drank alcohol.She confirmed that Youssef was the one who filmed the clips whil

الحلقة 20 هنادي المطلقة والمحلل (ماذا قال كتاب العرب في هنادي)-----------Khalid Babiker

• الجنس شعور فوضوي يتحكم في الذات والعقل . وله قوة ذاتية لا تتصالح إلا مع نفسها . هكذا قال أنصار المحلل الحلقة 20 هنادي المطلقة والمحلل (ماذا قال كتاب العرب في هنادي) أول طريق عبره الإنسان هو طريق الذكر . بعدها شهق وصرخ . تمرغ في الزيت المقدس . وجرب نشوة الأرغوس . عاجلا أم آجلا سيبحث عن هذا الطريق ( كالأسماك تعود إلى أرض ميلادها لتبيض وتموت ) . وسيعبره . سيعبره بحثا عن الديمومة . وسيشهق وسيضحك . لقد جاء إليه غريبا . سيظل بين جدرانه الدافئة غريبا . وحالما يدفع تلك الكائنات الحية الصغيرة المضطربة في الهاوية الملعونة سيخرج فقيرا مدحورا يشعر بخيانة ما ( ..... ) . لن ينسى الإنسان أبدا طريق الذكر الذي عبره في البدء . سيتذكره ليس بالذاكرة وإنما بالذكر . سيعود إليه بعد البلوغ أكثر شوقا وتولعا . ولن يدخل فيه بجميع بدنه كما فعل في تلك السنوات التي مضت وإنما سيدخل برأسه . بعد ذلك سيندفع غير مبال بالخطر والفضيحة والقانون والدين . الله هناك خلف الأشياء الصغيرة . خلف كل شهقة . كل صرخة مندفعا في الظلام كالثور في قاعة المسلخ . الله لا يوجد في الأشياء الكبيرة . في الشرانق . في المح . ينشق فمه . تن

Trusting Liar (#5) Leave a reply

Trusting Liar (#5) Leave a reply Gertruida is the first to recover.  “Klasie… ?” “Ag drop the pretence, Gertruida. You all call me ‘Liar’ behind my back, so why stop now? Might as well be on the same page, yes?” Liar’s face is flushed with anger; the muscles in his thin neck prominently bulging. “That diamond belongs to me. Hand it over.” “What are you doing? Put away the gun…” “No! This…,” Liar sweeps his one hand towards the horizon, “…is my place.  Mine!   I earned it! And you…you have no right to be here!” “Listen, Liar, we’re not the enemy. Whoever is looking for you with the aeroplane and the chopper….well, it isn’t us. In fact, we were worried about you and that’s why we followed you. We’re here to help, man!” Vetfaan’s voice is pleading as he takes a step closer to the distraught man. “Now, put down the gun and let’s chat about all this.” Liar hesitates, taken aback after clearly being convinced that the group  had hostile intentions. “I…I’m not sure I believe