في الصحافة:
""الأطلسي التائه" سيرة حياة واحد من أشهر رجال التصوف في المغرب"
بقلم فايز علام
"يقدّم "مصطفى لغتيري" في روايته الأخيرة "الأطلسي التائه" سيرة حياة واحد من أشهر رجال التصوف في المغرب هو الولي الصالح "أبو يعزى الهسكوري"، الذي عرف باسم "مولاي بوعزة"، وعاش في القرن الثاني عشر الميلادي. ورغم قلة المصادر التي تتحدث عن هذا الولي، فإن الكاتب استطاع لملمة هذا النزر اليسير من المعلومات المتناثرة هنا وهناك، ليعتمد عليها في بناء روايته التي يحكيها على لسان الشيخ نفسه، منطلقاً من طفولته التي عانى فيها من تسلط أبيه وقسوته، سارداً نزوعه الغامض إلى أمه، وجدته التي علّمته على أنواع الأعشاب واستخداماتها الطبية. من بين ما تحفل به المصادر العربية عن هذا الشيخ، يستقي الكاتب الصفات الجسدية له، ليوثقها في الرواية "في غفلة مني ومن جميع الناس من حولي، اختطفني الطول فجأة، وطوّح بي نحو المجهول... في كل نهار وليلة، أنمو باطراد ملحوظ، حتى بززتُ أقراني طولاً، وأصبحت لا أعرف إلا به بين الناس، فينادونني "أبو يعزا الطويل"... من بعيد، أبدو كنخلة سامقة تتطلع بافتتان نحو زرقة السماء مترامية الأطراف، وبفعل هبّات الريح المتوالية، يتمايل سعفها ذات اليمين وذات الشمال، فلا يزيد النخلة غير خيلاء بالذات".
هذا النزوع إلى السماء الذي يمكن قراءته أيضاً كنزوع إلى الله يحرك في داخل "أبو يعزى" مشاعر غريبة، تدفعه إلى التنقّل في البلاد سعياً وراء العلم والتتلمذ على يد الفقهاء والمتصوفة في بقاع مختلفة من الأراضي المغربية. تدور أحداث الرواية في فترة مهمة من تاريخ المغرب العربي، إذ عاش "الهسكوري" في الفترة التي شهدت انتفاضة الموحّدين ضد دولة المرابطين، والصراع الذي نشأ على السلطة والذي دام فترة طويلة، وانتهى بانتقال السلطة إلى دولة الموحّدين. تقدّم الرواية تلك الحقبة التاريخية كخلفية لحياة "أبو يعزى" الذي كان يعمل في يفاعته راعياً لأغنام "الشريف الشرقاوي"، ويتعرف إلى "إبراهيم" الذي يشارك في النشاط الثوري، والذي ينقل له مجريات الواقع السياسي، بعد موت يوسف بن تاشفين وانتقال الحكم إلى ابنه. "إننا نعدّ العدة للهجوم على مراكش وإسقاط الأمير الذي يحكمها، فقط ننتظر الوقت المناسب الذي لن يتأخر طويلاً، وأنا ضمن المجموعة الضيقة التي ستحكم البلاد بعد سقوط حكم المرابطين. ابن الشريف الشرقاوي اسمه مولاي علي، وهو أحد رجالنا الأقوياء، يتلقى العلم في فاس، وسيعود قريباً إلى هنا. أخبرك بذلك لأنني أتوقع أن أغادر هذا المكان قريباً. سأعود إلى موطني لتجنيد الناس ونشر الدعوة الجديدة فيهم"..."
""الأطلسي التائه" سيرة حياة واحد من أشهر رجال التصوف في المغرب"
بقلم فايز علام
"يقدّم "مصطفى لغتيري" في روايته الأخيرة "الأطلسي التائه" سيرة حياة واحد من أشهر رجال التصوف في المغرب هو الولي الصالح "أبو يعزى الهسكوري"، الذي عرف باسم "مولاي بوعزة"، وعاش في القرن الثاني عشر الميلادي. ورغم قلة المصادر التي تتحدث عن هذا الولي، فإن الكاتب استطاع لملمة هذا النزر اليسير من المعلومات المتناثرة هنا وهناك، ليعتمد عليها في بناء روايته التي يحكيها على لسان الشيخ نفسه، منطلقاً من طفولته التي عانى فيها من تسلط أبيه وقسوته، سارداً نزوعه الغامض إلى أمه، وجدته التي علّمته على أنواع الأعشاب واستخداماتها الطبية. من بين ما تحفل به المصادر العربية عن هذا الشيخ، يستقي الكاتب الصفات الجسدية له، ليوثقها في الرواية "في غفلة مني ومن جميع الناس من حولي، اختطفني الطول فجأة، وطوّح بي نحو المجهول... في كل نهار وليلة، أنمو باطراد ملحوظ، حتى بززتُ أقراني طولاً، وأصبحت لا أعرف إلا به بين الناس، فينادونني "أبو يعزا الطويل"... من بعيد، أبدو كنخلة سامقة تتطلع بافتتان نحو زرقة السماء مترامية الأطراف، وبفعل هبّات الريح المتوالية، يتمايل سعفها ذات اليمين وذات الشمال، فلا يزيد النخلة غير خيلاء بالذات".
هذا النزوع إلى السماء الذي يمكن قراءته أيضاً كنزوع إلى الله يحرك في داخل "أبو يعزى" مشاعر غريبة، تدفعه إلى التنقّل في البلاد سعياً وراء العلم والتتلمذ على يد الفقهاء والمتصوفة في بقاع مختلفة من الأراضي المغربية. تدور أحداث الرواية في فترة مهمة من تاريخ المغرب العربي، إذ عاش "الهسكوري" في الفترة التي شهدت انتفاضة الموحّدين ضد دولة المرابطين، والصراع الذي نشأ على السلطة والذي دام فترة طويلة، وانتهى بانتقال السلطة إلى دولة الموحّدين. تقدّم الرواية تلك الحقبة التاريخية كخلفية لحياة "أبو يعزى" الذي كان يعمل في يفاعته راعياً لأغنام "الشريف الشرقاوي"، ويتعرف إلى "إبراهيم" الذي يشارك في النشاط الثوري، والذي ينقل له مجريات الواقع السياسي، بعد موت يوسف بن تاشفين وانتقال الحكم إلى ابنه. "إننا نعدّ العدة للهجوم على مراكش وإسقاط الأمير الذي يحكمها، فقط ننتظر الوقت المناسب الذي لن يتأخر طويلاً، وأنا ضمن المجموعة الضيقة التي ستحكم البلاد بعد سقوط حكم المرابطين. ابن الشريف الشرقاوي اسمه مولاي علي، وهو أحد رجالنا الأقوياء، يتلقى العلم في فاس، وسيعود قريباً إلى هنا. أخبرك بذلك لأنني أتوقع أن أغادر هذا المكان قريباً. سأعود إلى موطني لتجنيد الناس ونشر الدعوة الجديدة فيهم"..."
يقدّم
"مصطفى لغتيري" في روايته الأخيرة "الأطلسي التائه" سيرة حياة واحد من
أشهر رجال التصوف في المغرب هو الولي الصالح "أبو يعزى الهسكوري"، الذي
عرف…
raseef22.com
Comments
Post a Comment