Skip to main content

أيها الداعشيون استفيقوا!- سوسن الابطح

أيها الداعشيون استفيقوا!

السبت 29 شهر رمضان 1435 هـ - 27 يوليو 2014 مـ , الساعة: 22:35 رقم العدد [13025]
انتهت المسيحية في الموصل بعد ألفي سنة من وجودها هناك. وهي في طريقها إلى الانقراض في فلسطين أيضا. لم يبقَ في مهد المسيح أكثر من 200 ألف مسيحي، يعضّون على الجرح ويناضلون من أجل البقاء. في مصر حيث التجمع المسيحي العربي الأكبر، شهدنا تنكيلا وتفجير دور عبادة وإرعابا. وفي سوريا كنائس تحطم، وراهبات ورهبان منهم من يُخطف ومن يُقتل، ومقابر جماعية يند لها الجبين. ثمة من يسأل: لماذا هذا الاستشراس على المسيحيين في المنطقة المحيطة بفلسطين؟ والسؤال الأهم: لماذا يتواطأ المسلمون أنفسهم، إن لم يكن بالفعل الشائن، فبالصمت المريب والمعيب على أكبر عمليات «تطهير ديني» عرفتها منطقتهم في التاريخ الحديث؟
«داعش» ليس تنظيما أرعن، يوزع الموت والخراب في صحراء معزولة، لولا البيئات الحاضنة والسكوت المطبق، وأحيانا الدعم المحلي. أحد الفارين من الموصل يبكي قهرا أمام الكاميرا وهو يتحدث عن جيرانه الذين فرحوا بنبأ إخلاء المنزل: «أسعدهم أن يستولوا على بيتنا». كاتب من الموصل سطر رسالة مبكية يخاطب فيها المسلمين قائلا: «نغادر الموصل مطرودين وقد أذلنا حاملو راية الإسلام الجديد، نغادرها لأول مرة في التاريخ، لا بد لنا أن نقدم شكرنا لأهلنا فيها، الذين كنا نعتقد أنهم سيحموننا كما كانوا يفعلون، وسيقفون بوجه عتاة مجرمي القرن الحادي والعشرين ويقولون لهم إن هؤلاء هم الأصلاء وهم الذين أسسوا هذه المدينة. كنا نطمئن النفس في أن لنا جارا عزيزا، وابن محلة شهما، وإخوانا تبرز أخلاقهم يوم الشدة... لكننا خُذلنا».
أشعر بالعار والخزي، أمام هذه الكلمات النازفة، التاريخ لن يرحم الذين تفرجوا، وبقوا غير مبالين. إن كان لنا من قيمة بقيت أمام البشرية، فهو أننا مهد الحضارات والأديان، التي ننسفها عن بكرة أبيها. بيع للآثار، تحطيم للمقامات، تدمير للكنائس والمساجد، تصفية للمسيحيين، تحقير للنساء، ذبح للطفولة، وصمت الموات.
لا شيء سيعيد عقارب الساعة إلى الوراء. الدول الغربية تفتح أبوابها للمسيحيين، لا بل اشترطت سفاراتهم لدى لبنان أن تستقبل النازحين منهم دون غيرهم من السوريين. هذا ليس بجديد، وهو ما سنراه يتكرر مع العراقيين أيضا. ليس في الأمر مصادفة أو سوء طالع. هناك من يستثمر الحمق العربي، يلعب على أوتار فيروس الطائفية المستشري كالوباء. جاب رئيس المؤسسة الدولية لوحدة الشعوب الأرثوذكسية فاليري ألكسيف، عددا من الدول الغربية لاستطلاع وجهة نظرهم بشأن ما يتعرض له مسيحيو الشرق، فجاءه الجواب مفاجئا في كل مرة: «يجب تشجيع مسيحيي الشرق على الهجرة إلى أوروبا».
طبيعي أن تفعل إسرائيل المستحيل لتنهي كل وجود مسيحي في فلسطين، منطقي من دولة عنصرية أن تحاول محو أي أثر غير يهودي على أرض فلسطين، أن تسعى دول أوروبا للعبث بديموغرافيا المنطقة، لتنزع عنها تعدديتها وتحرمها من فسيفسائها الديني، ولو بثمن دموي باهظ، لكن لماذا نتآمر نحن على هويتنا وثقافتنا، وتعايشنا؟ لماذا نتعاون مع كل شياطين الأرض كي نكتب على جبين كل منا وصمة عار لن تنسى أو تمحى؟
يتساءل ممثل الكنيسة الكلدانية في المملكة المتحدة، الأب نظير دكو: «لماذا قامت الدنيا ولم تقعد بسبب مقتل ثلاثة من اليهود المراهقين ولم يهتم العالم بتهجير 500 ألف عراقي، في أسبوع واحد، تاركين وطنهم وبيوتهم؟». للتذكير فإن عدد المسيحيين في العراق كان بحدود مليون و400 ألف قبل الاحتلال الأميركي، الذي لم يرحمهم ولم يعبأ بأمرهم، وتواصل التنكيل بهم منذ ذلك الوقت، حتى وصل عددهم اليوم إلى نصف مليون فقط، لتأتي «داعش» وتتوج الكارثة بتخييرهم بين دفع الجزية أو الرحيل. «نموت ولا نغير ديننا» يردد هؤلاء. أمن أجل المزيد من الاستبداد ثار العرب على الطغيان؟ هل المطلوب أن نترحم على ديكتاتورياتنا البائدة؟ هل هذا هو الهدف النهائي من كل التخريب الممنهج الذي يمارس؟
أين اختفت منظمات وجمعيات حقوق الإنسان العربية التي دوختنا بمندوبيها الذين كانوا يملأون الشاشات حين يحاسب ناشط على تغريدة؟ ألم يسمع هؤلاء أن 12 مليون مسيحي في المنطقة مهددون بالطرد أو القتل؟ ماذا حصل لجمعيات حقوق المرأة؟ لم نسمع لها حسا في أي بلد عربي أمام قرار «داعش» ختن كل النساء بين 11 و46 عاما، ألا يدخل هذا ضمن اختصاص عملهم؟ ألم يسمعوا مثلا عن جهاد النكاح أو إغلاق عيادات الأطباء النسائيين؟
«داعش» لم يفعل غير تظهير الصورة، توضيح المشهد، إزالة الغبار عن نوايا تخفت طويلا بستر النفاق. «داعش» كشفنا وعرّى بشاعتنا، أظهرنا على حقيقتنا، من دون ماكياج مخادع وعبارات منمقة، وواجهات ملمعة. «داعش» مهما تكن الخطط المخابراتية التي نمته وضخمته بالقوة، ليس مقطوعا من شجرة، ولا تنظيما يتيما ومنبوذا كما يحلو لنا أن نقول. ولمن يعترض ويحتج ويتباكى، فلينهض قبل فوات الأوان، وليرجم «داعش وأخواتها» بحجر.

Comments

Popular posts from this blog

Mona Farouk reveals scenes of "scandalous video"Egyptian actress Mona Farouk appeared on

Mona Farouk reveals scenes of "scandalous video"Egyptian actress Mona Farouk appeared on Monday in a video clip to discuss the details of the case she is currently facing. She recorded the first video and audio statements about the scandalous video that she brings together with Khaled Youssef.Farouk detonated several surprises, on the sidelines of her summons to the Egyptian prosecution, that Khalid Youssef was a friend of her father years ago, when she was a young age, and then collected a love relationship with him when she grew up, and married him in secret with the knowledge of her parents and her father and brother because his social status was not allowed to declare marriage .Muna Farouk revealed that the video was filmed in a drunken state. She and her colleague Shima al-Hajj said that on the same day the video was filmed, she was at odds with Shima, and Khaled Yusuf repaired them and then drank alcohol.She confirmed that Youssef was the one who filmed the clips whil

الحلقة 20 هنادي المطلقة والمحلل (ماذا قال كتاب العرب في هنادي)-----------Khalid Babiker

• الجنس شعور فوضوي يتحكم في الذات والعقل . وله قوة ذاتية لا تتصالح إلا مع نفسها . هكذا قال أنصار المحلل الحلقة 20 هنادي المطلقة والمحلل (ماذا قال كتاب العرب في هنادي) أول طريق عبره الإنسان هو طريق الذكر . بعدها شهق وصرخ . تمرغ في الزيت المقدس . وجرب نشوة الأرغوس . عاجلا أم آجلا سيبحث عن هذا الطريق ( كالأسماك تعود إلى أرض ميلادها لتبيض وتموت ) . وسيعبره . سيعبره بحثا عن الديمومة . وسيشهق وسيضحك . لقد جاء إليه غريبا . سيظل بين جدرانه الدافئة غريبا . وحالما يدفع تلك الكائنات الحية الصغيرة المضطربة في الهاوية الملعونة سيخرج فقيرا مدحورا يشعر بخيانة ما ( ..... ) . لن ينسى الإنسان أبدا طريق الذكر الذي عبره في البدء . سيتذكره ليس بالذاكرة وإنما بالذكر . سيعود إليه بعد البلوغ أكثر شوقا وتولعا . ولن يدخل فيه بجميع بدنه كما فعل في تلك السنوات التي مضت وإنما سيدخل برأسه . بعد ذلك سيندفع غير مبال بالخطر والفضيحة والقانون والدين . الله هناك خلف الأشياء الصغيرة . خلف كل شهقة . كل صرخة مندفعا في الظلام كالثور في قاعة المسلخ . الله لا يوجد في الأشياء الكبيرة . في الشرانق . في المح . ينشق فمه . تن

Trusting Liar (#5) Leave a reply

Trusting Liar (#5) Leave a reply Gertruida is the first to recover.  “Klasie… ?” “Ag drop the pretence, Gertruida. You all call me ‘Liar’ behind my back, so why stop now? Might as well be on the same page, yes?” Liar’s face is flushed with anger; the muscles in his thin neck prominently bulging. “That diamond belongs to me. Hand it over.” “What are you doing? Put away the gun…” “No! This…,” Liar sweeps his one hand towards the horizon, “…is my place.  Mine!   I earned it! And you…you have no right to be here!” “Listen, Liar, we’re not the enemy. Whoever is looking for you with the aeroplane and the chopper….well, it isn’t us. In fact, we were worried about you and that’s why we followed you. We’re here to help, man!” Vetfaan’s voice is pleading as he takes a step closer to the distraught man. “Now, put down the gun and let’s chat about all this.” Liar hesitates, taken aback after clearly being convinced that the group  had hostile intentions. “I…I’m not sure I believe