مسيحيو المشرق برعاية من؟ (أمين أبوراشد)
أصدرت وزارة الخارجية الأميركية مؤخراً تقريراً يبدي القلق على مصير
الأقليات في الشرق، رغم أن مسألة الوطن البديل على حساب المسيحيين كأقليات
بدأت بجريمة أميركية من لبنان، لكن مشروع كيسنجر القاضي بـ "شحن"
المسيحيين اللبنانيين على بواخر أميركية وتوطين اللاجئين الفلسطينيين
مكانهم، ساهم المسلمون اللبنانيون في إجهاضه، ليس فقط لأن ثقافة الإنفتاح
وقبول الآخر متوفِّرة لدى المسلم اللبناني، بل أولاً، لأهمية الوجود
المسيحي الذي يُضفي شيئاً من التنوّع ويُعتبر كما "المادة الغضروفية"
العازلة بين المذاهب الإسلامية، وثانياً كي لا يؤدي توطين الفلسطينيين الى
ترجيح مذهب إسلامي على آخر، بما معناه، أنه رغم العلاقة التي نعتبرها أكثر
من ممتازة بين المسيحيين والمسلمين في لبنان، فإن المصلحة الإسلامية هي
التي اقتضت الحفاظ على وجود المسيحيين، ومن يدَّعي أن المسيحيين قد صمدوا
في لبنان بقوتهم الذاتية دون الإعتماد على المسلمين فهو من جيل "أمجاد
الماضي" ومفصول عن الواقع، ومن يدَّعي أيضاً أن "الأم الحنون" أو سواها من
دول الغرب تستطيع ضمانة المسيحيين فيي لبنان والشرق فهو لا يرغب بمواجهة
الحقيقة، بدليل أن أقصى ما تستطيعه فرنسا هو منح اللجوء للمسيحيين
المشرقيين، وكما عَرَض ساركوزي اللجوء على مسيحيي لبنان كذلك يفعل هولاند
اليوم مع مسيحيي العراق.
"الوطن البديل" ليس بالضرورة تهجير المسيحيين من أرضهم بهدف إسكان سواهم، بل باتت هذه العبارة أشبه بلعنة تلاحق المسيحيين في الشرق، وباتت هناك ثقافة غريبة سادت في العراق ومصر وفلسطين وسوريا وحتى في لبنان، أن المسيحيين أقليات في هذا الشرق ويجب التعامل معهم ومعاملتهم على هذا الأساس، وباتوا مواطني درجة ثالثة ورابعة في تلك البلدان باستثناء لبنان حتى إشعارٍ آخر، وربما اكتملت اللعنة على المسيحيين مع بزوغ فجر "الربيع العربي"، ودفعوا أثمان ثقافة التكفير والشيطنة قبل سواهم في كل مكان، وبات المسلم في مصر والعراق يغدو مسلماً أكثر ويستحق مفتاح الجنَّة قبل سواه متى اعتدى على مسيحي!
رغم هذه الصورة القاتمة، نقول لمن يستعدُّ من المسيحيين المشرقيين للهجرة: لسنا مكانك في فلسطين والعراق وسوريا لنفكِّر عنك ونملي عليك ما يجب أن تفعله لتحمي إبنك من النحر وزوجتك وإبنتك من قذارة الشياطين، إنما نرغب التذكير بما قاله النائب السويدي المشرقي الأصل "روبيرت خلف" على هامش مشاركته في المؤتمر العام الأول لمسيحيي المشرق الذي عُقِد في بيروت خلال الفترة من 28 وحتى 30 من تشرين أول/ أكتوبر من عام 2013، ونذكُر كلامه بتصرُّف للإختصار: أن تجربته الشخصية وانسلاخه عن الشرق جعلا منه ناشطاَ في خدمة مسيحيي هذا الشرق، وأن السويد كما سائر الدول الغربية بحاجة سنوياً الى خمسين ألف مهاجر لإستخدامهم في مِهَن يدوية لا تتطلَّب مهارة عالية، وأن اللجوء الذي يُعرَض على المسيحيين يأتي في سياق الحاجة إليهم كأيدي عاملة وليس من منطلق إنساني أو ديني، ولأن المسيحيين يعيشون القهر في أوطان الشرق فإن مغريات الهجرة تجذبهم وعندما يصِلون الى مهاجرهم تبدأ مسيرة الذلّ!
وكي نصمد ضمن الحدِّ الأدنى على الأرض التي مشاها السيِّد المسيح، لسنا نطلب من رجال الدين المسيحيين عِظَات، ولا من السياسيين المسيحيين خطابات، بل نسأل نحن كمسيحيين في لبنان: إذا كانت ظروف وجودنا في وطننا أفضل من باقي مسيحيي الشرق وستبقى كذلك لإعتبارات ذكرناها في بداية المقالة، فماذا تفعل الكنائس والجمعيات والإرساليات المسيحية لمساعدة الشباب المسيحي على البقاء؟
أديرة وأراضٍ شاسعة واسعة، وداخل كل ديرٍ بضعة رهبان كما "مطارنة مكَّة"، والشباب المسيحي عاجز عن اقتناء قطعة أرض أو امتلاك شقّة، فماذا ينتظر رؤساء كنائس لبنان وفي طليعتهم البطريرك الماروني لإحتضان المسيحيين ليس من أموال الوقف لا سمح الله، بل من مصادر كنسية غربية نحن ندرك جيداً أنها لا تتردَّد في المساعدة وتوأمة القرى وبناء المجمّعات السكنية عبر استثمارات لا تهدف الربحية الكافرة، كي نزرع الأمل بشباب كَفَر بالوطن ويكاد يكفُر...أستغفر الله، ونحن لا نبتدع شيئاً جديداً، لأن كل "حفلات" السينودس والمؤتمرات وبرامج العمل "الورقية" نصَّت على واجب العمل لضمان صمود المسيحيين، ومن ضمنها على سبيل المثال برنامج الرابطة المارونية الذي تتناقله المجالس المنتخبة عن ضرورة تشجيع المسيحيين للبقاء في الوطن، والأرياف بشكل خاص، ولم نلمس تطبيق واحدٍ من المشاريع التنموية الموعودة.
إذا استمر هذا التمثيل المسيحي على مستوى القيادات الدينية والسياسية بهذا النمط من هزالة التمثيل ومعالجة همومٍ وجودية، فها هي النصيحة نقدِّمها نحن كمسيحيين في لبنان بصفتنا من بقايا المسيحيين المشرقيين، ونقولها لزعاماتنا في الدين والدنيا: إذا كان مصيرنا في الشرق أن نكون مشاريع نواطير ننتظر دورنا في الترحيل وننزف على مهل، فإن مصيركم أن تكونوا كما "نواطير الثلج" و"مطارنة على مكّة"، فاحتضنوا خوفنا ليس على أنفسنا بل على مستقبل أولادنا، قبل أن نفتح على حسابنا ونختار نواطيرنا ومطارنتنا ولو كانوا وثنيين أو مُلحدين وارحلوا عنا كي لا تشهدوا على شهادتنا لأنكم من شهود الزور ...
"الوطن البديل" ليس بالضرورة تهجير المسيحيين من أرضهم بهدف إسكان سواهم، بل باتت هذه العبارة أشبه بلعنة تلاحق المسيحيين في الشرق، وباتت هناك ثقافة غريبة سادت في العراق ومصر وفلسطين وسوريا وحتى في لبنان، أن المسيحيين أقليات في هذا الشرق ويجب التعامل معهم ومعاملتهم على هذا الأساس، وباتوا مواطني درجة ثالثة ورابعة في تلك البلدان باستثناء لبنان حتى إشعارٍ آخر، وربما اكتملت اللعنة على المسيحيين مع بزوغ فجر "الربيع العربي"، ودفعوا أثمان ثقافة التكفير والشيطنة قبل سواهم في كل مكان، وبات المسلم في مصر والعراق يغدو مسلماً أكثر ويستحق مفتاح الجنَّة قبل سواه متى اعتدى على مسيحي!
رغم هذه الصورة القاتمة، نقول لمن يستعدُّ من المسيحيين المشرقيين للهجرة: لسنا مكانك في فلسطين والعراق وسوريا لنفكِّر عنك ونملي عليك ما يجب أن تفعله لتحمي إبنك من النحر وزوجتك وإبنتك من قذارة الشياطين، إنما نرغب التذكير بما قاله النائب السويدي المشرقي الأصل "روبيرت خلف" على هامش مشاركته في المؤتمر العام الأول لمسيحيي المشرق الذي عُقِد في بيروت خلال الفترة من 28 وحتى 30 من تشرين أول/ أكتوبر من عام 2013، ونذكُر كلامه بتصرُّف للإختصار: أن تجربته الشخصية وانسلاخه عن الشرق جعلا منه ناشطاَ في خدمة مسيحيي هذا الشرق، وأن السويد كما سائر الدول الغربية بحاجة سنوياً الى خمسين ألف مهاجر لإستخدامهم في مِهَن يدوية لا تتطلَّب مهارة عالية، وأن اللجوء الذي يُعرَض على المسيحيين يأتي في سياق الحاجة إليهم كأيدي عاملة وليس من منطلق إنساني أو ديني، ولأن المسيحيين يعيشون القهر في أوطان الشرق فإن مغريات الهجرة تجذبهم وعندما يصِلون الى مهاجرهم تبدأ مسيرة الذلّ!
وكي نصمد ضمن الحدِّ الأدنى على الأرض التي مشاها السيِّد المسيح، لسنا نطلب من رجال الدين المسيحيين عِظَات، ولا من السياسيين المسيحيين خطابات، بل نسأل نحن كمسيحيين في لبنان: إذا كانت ظروف وجودنا في وطننا أفضل من باقي مسيحيي الشرق وستبقى كذلك لإعتبارات ذكرناها في بداية المقالة، فماذا تفعل الكنائس والجمعيات والإرساليات المسيحية لمساعدة الشباب المسيحي على البقاء؟
أديرة وأراضٍ شاسعة واسعة، وداخل كل ديرٍ بضعة رهبان كما "مطارنة مكَّة"، والشباب المسيحي عاجز عن اقتناء قطعة أرض أو امتلاك شقّة، فماذا ينتظر رؤساء كنائس لبنان وفي طليعتهم البطريرك الماروني لإحتضان المسيحيين ليس من أموال الوقف لا سمح الله، بل من مصادر كنسية غربية نحن ندرك جيداً أنها لا تتردَّد في المساعدة وتوأمة القرى وبناء المجمّعات السكنية عبر استثمارات لا تهدف الربحية الكافرة، كي نزرع الأمل بشباب كَفَر بالوطن ويكاد يكفُر...أستغفر الله، ونحن لا نبتدع شيئاً جديداً، لأن كل "حفلات" السينودس والمؤتمرات وبرامج العمل "الورقية" نصَّت على واجب العمل لضمان صمود المسيحيين، ومن ضمنها على سبيل المثال برنامج الرابطة المارونية الذي تتناقله المجالس المنتخبة عن ضرورة تشجيع المسيحيين للبقاء في الوطن، والأرياف بشكل خاص، ولم نلمس تطبيق واحدٍ من المشاريع التنموية الموعودة.
إذا استمر هذا التمثيل المسيحي على مستوى القيادات الدينية والسياسية بهذا النمط من هزالة التمثيل ومعالجة همومٍ وجودية، فها هي النصيحة نقدِّمها نحن كمسيحيين في لبنان بصفتنا من بقايا المسيحيين المشرقيين، ونقولها لزعاماتنا في الدين والدنيا: إذا كان مصيرنا في الشرق أن نكون مشاريع نواطير ننتظر دورنا في الترحيل وننزف على مهل، فإن مصيركم أن تكونوا كما "نواطير الثلج" و"مطارنة على مكّة"، فاحتضنوا خوفنا ليس على أنفسنا بل على مستقبل أولادنا، قبل أن نفتح على حسابنا ونختار نواطيرنا ومطارنتنا ولو كانوا وثنيين أو مُلحدين وارحلوا عنا كي لا تشهدوا على شهادتنا لأنكم من شهود الزور ...
Comments
Post a Comment