سفينة بَوْح – صحيفة الجريدة
فلتوفِّروا ما تبقى من دموع .. !! - هيثم الفضل
الوزير السابق والذي على ما يبدو ما زال ينتظر نفحة من نفحات السلطان ، الأستاذ عبد الباسط سبدرات يزرف الدمع الذي أيضاً على ما يبدو لم يعُد نفيساً في زماننا الحالك هذا ، والسبب أنه شاهد ما أسماه (تلاحماً وجدانياً) بين الشعب والحكومة ممثلة في جهاز الأمن والمخابرات ، حيث إنطلق في تفجير (قنبلته الموقوته) هذي من منطق شعور المواطنين بالأمان والثقة وعدم الخوف وهم يركبون عربات الجهاز بلا وجل ولا توجس بعد أن صدرت تعليمات عُليا من قيادة الجهاز تأمُر بالدفع بعربات الجهاز لنقل المواطنين في ظل ما تعانيه البلاد والعباد من أزمات و(ورطات) كان آخرها أزمة الوقود وإنعدام المواصلات ، ورغم (جهنمية) الفكرة ومنطقية إخراجها الدرامي الذي بلا شك سيسَعد به القائمون على أمر السلطة ومصير سبدرات مِن ما تبقى من كعكة المصلحة التي باتت في طريقها إلى الزوال الأبدي ، إلا أن الحُصفاء من أبناء هذا الوطن الصامد ربما تمنَّوا لو كان سبدرات قد زرف دموعه (الغالية) على حال البلاد الذي وصلت إليه والذي لا يمكن أن يناسبه وصف سوى (الإنهيار الكبير) ، لماذا غلت دموعه ولم يبكي على الإنهيار الإقتصادي للسودان وعجز الحكومة عن إدارة الأساسيات مثل توفير الوقود ودفع مرتبات دبلوماسييها بالخارج الذي أودى بوزير الخارجية غندور عبر تصريحٍ حزين في طيَّاته أيضاً (بعض الدموع والشجن) إلى خارج أسوار السلطة وقد كان من عرابيها وقادتها ومهندسيها ، لماذا يا سبدرات لم تزرف دمعك النفيس وأنت ترى أطفال الشوارع والنساء والعجزة يسألون الناس لقمة العيش المتواضعة في الإشارت المرورية والأسواق وعلى عتبات آلات الصرف الآلي الخاوية من مال وهم ضحايا الحرب في دارفور وضحايا الفقر في أطراف العاصمة وضحايا المرض الذي إستحال إتقاءه والإستشفاء منه لغير الذين تدنَّست أيديهم في مستنقع الفساد والثراء الحرام ، كان حقاً عليك أن تزرف الدموع على إنهيار الخدمة المدنية وهوان الناس على مؤسسات الدولة وقنواتها الرسمية إلا مَن أذعن ورفع راية الإستسلام والخضوع وإستعد لرفع راية الباطل ، كنا ننتظر دموعك على الآلاف من شرفاء وشريفات بلادي الذين خرجوا يوم تقرَّرت زيادة أسعار الخبز إلى ضعفين فإعتقلهم نفس رجالات الأمن الذين تمدحهم اليوم وأودعوهم السجون والمعتقلات والعالم كله يشهد ولا مجيب لأصوات الحق في غابة الباطل التي تمددت سوحها وعمت القاصي والداني ، لماذا لم تبكي على ضياع مؤسساتنا الوطنية والتي كانت على ما يبدو آخر ما يُعبِّر عن سمو وسيادة هذا الوطن ، غير كونها كانت (السند) الصامد لإقتصادنا وقت الأزمات وجور الزمان ، مشروع الجزيرة والنقل النهري وسكك حديد السودان وسودانير وشركة الصمغ العربي والنقل الميكانيكي ، وممتلكات السودان وعقاراته في لندن وخط هيثرو وجنوب السودان الجريح ، ولماذا لم تبكي ما دخل جيوب القطط السمان (إسم الدلع الذي أطلقه عليهم رئيس الجمهورية) من أموال السودان الطائلة وموارده الزاخرة وحقوق شعبه الصابر بلا حدود ، وإذا بقيت في المُقل بعض قطراتٍ من دموع أدعوك سبدرات أن تزور المستشفيات وترى بأم عينك كيف منع الفقر البسطاء من أن يتمسكوا بحبل الحياة ، وكيف يعجز الأباء والأمهات عن الوفاء بمستلزمات علاج وتعليم أبناءهم ، ما يدعو إلى البكاء كثيرٌ في بلادنا ، فليوفِّر من بقيت لديه بضع قطراتٍ من دموع ليوم الفرح الكبير .. العِزة لله وللشعب والوطن.
المصدر:صحيفة الجريدة - عدد اليوم الأحد 29 أبريل 2018
Comments
Post a Comment